حسب خريطة كثافة المتانة الزلزالية للدولة (Seismic Fortification intensity map)، تنقسم معايير مقاومة الزلازل في الصين إلى 6-9 درجات، وتلتزم كل بناية بمعايير مقاومة الزلازل المناسبة. تقع بكين في منطقة كثافة المتانة الزلزالية ذات الثماني درجات، وقد بلغت قدرتها على مقاومة الزلازل مستوى انعدام التخريب في الزلازل الخفيفة والقابلية للإصلاح في الزلازل المتوسطة، وعدم الانهيار في الزلازل المدمرة.

أما الملاعب والصالات الأولمبية، فجميعها مؤمنة ضد الزلازل.

 

 

 

عندما كانت الأرض تهتز في ونتشوان يوم 12 مايو، كان لي جيو لين، كبير المهندسين لمشروع الملعب الوطني المعروف باسم عش الطيور في بكين، يعاين جودة بناء "العش". لم يشعر السيد لي ولا العاملون في الموقع بالهزة، ولم يطرأ أي شيء غير طبيعي على "العش".

في اليوم التالي، أعلن لي تشان جيون، رئيس المركز الإعلامي للجنة المنظمة لأولمبياد بكين، أن "كل الملاعب والصالات الأولمبية" سليمة ولم يلحق بها أي ضرر.

 

الاحتياطات اللازمة عند التصميم

بعد شهر أو يزيد من نيل بكين شرف استضافة الأولمبياد، طالب الأكاديمي شيه لي لي، عضو الأكاديمية الصينية للهندسة، الباحث بمعهد علوم الهندسة الميكانيكية التابع للمصلحة الصينية للزلازل، بضرورة التفكير في مسألة تحمل الزلازل عند بناء الملاعب والصالات الأولمبية، وقال، عبر أجهزة الإعلام، إن هذا الأمر لا يقل أهمية عن حل مشكلة التلوث البيئي.

تقع بكين داخل منطقة زلازل بقوة 8 درجات، وتتأثر دائما بالزلازل التي تقع في المناطق المجاورة. وقد أشار المهندس شيه لي لي، في معرض دفاعه عن مطلبه، إلى التأثير الكبير الذي تركه زلزال تانغشان سنة 1976 في أهل بكين. كما أشار إلى الهزة الأرضية الخفيفة التي وقعت أثناء حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية ببكين عام 1990.

تم تبني اقتراح المهندس شيه تماما.

قالت لينغ يان هوي، من قسم الهندسة بمصلحة الزلازل في بكين، إن البنايات في العاصمة حاليا تشمل، المساكن، والبنايات الفائقة الارتفاع، والبنايات ذات الأشكال الخاصة مثل عش الطيور والمكعب المائي (مركز السباحة الوطني)، التي روعي في تصميمها منذ البداية معايير مقاومة الزلازل، مشيرة إلى أنه "عند إقامة هذه الإنشاءات الخاصة مثل سد المضايق الثلاثة على نهر اليانغتسي، روعي في تصميمها إمكانية حدوث الفيضانات والزلازل الخطيرة وغيرها من الكوارث الطبيعية بعد مئات السنين."

وقد أشار قو يونغ شين، المتحدث باسم مصلحة الزلازل في بكين إلى أن كافة الملاعب والصالات الأولمبية ببكين يمكن أن تتحمل هزات زلزالية أعلى من ثمانية درجات بمقياس رختر، وملعب عش الطيور، على سبيل المثال، يستطيع تحمل زلزال بنفس قوة الزلزال الذي ضرب تانغشان في سبعينات القرن الماضي.

أما المكعب المائي، فقد أكد مصمموه أن تصميمه اجتاز الفحص الصارم الخاص لمقاومة الزلازل من قبل الخبراء والعلماء المتخصصين في مكونات البناء.

جدير بالذكر أن الإحدى وثلاثين ملعبا وصالة أولمبية ببكين باستثناء إحدى عشر، أنشئت على أساس ملاعب وصالات قائمة بالفعل تم تطويرها. وقد دشنت لجنة الدولة للتخطيط ووزارة البناء في عام 1997 موضوع بحوث نموذجيا للوقاية من الزلازل والإغاثة أثناء الكوارث، يشمل هذا الموضوع ثلاثة موضوعات فرعية، منها تقييم قدرة الملاعب والصالات القائمة على مقاومة الزلازل، وإجراء بحوث لتكنولوجيا تمتينها وإصلاحها. ومن المنشآت الرياضية التي تم تمتينها إستاد العاصمة وإستاد العمال وإستاد التدريب بجامعة الطيران والفضاء ببكين والمركز الأولمبي.

 

مواجهة الطوارئ

يوجد حول كل ملعب وصالة رياضية أولمبية "منصة زلازل"، تنقل بيانات ومعلومات الأضرار التي تلحق بتلك الملاعب والصالات جراء الزلزال إلى الجهة المعنية بسرعة. بعد حدوث زلزال ونتشوان، قيمت الجهة المعنية تأثير الزلزال على هذه الملاعب والقاعات من خلال هذه المنصات.

أثبت التقييم صمود كل الملاعب والصالات الأولمبية لهذا الاختبار.

ليس ذلك فقط. من أجل ضمان سلامة أولمبياد بكين تماما، وضعت بكين، مشروعا علميا وعمليا للتنبؤ بالزلازل ومواجهة الطوارئ. قال لي قوه جيانغ، كبير المهندسين بمصلحة الزلازل في بكين، إن مشروع مواجهة الطوارئ ينقسم إلى ثلاث درجات، الأولى تتعلق بالزلازل التي تحدث في منطقة بكين والتي يمكن الشعور بها، والثانية تتعلق بالزلازل المتوسطة والقوية التي تسبب التخريب الخفيف، والثالثة تخص الزلازل المدمرة.

إلى جانب الدقة في الأعمال التنظيمية، تُستخدم وسائل المراقبة والفحص ذات العلوم التكنولوجيا العالية. قال لي قوه جيانغ إن منصات الزلازل زودت بأجهزة تحديد الموقع بالقمر الصناعي GPS لمراقبة التغيرات الطوبوغرافية، وتم حفر ست آبار عميقة لمراقبة مستوى سطح الماء ودرجة حرارة الماء في مناطق تصدع الأرض؛ وأنشئ أكثر من عشرين مركز مراقبة وفحص لثاني أكسيد الكربون وأكثر من خمسين محطة لمراقبة الزلازل القوية.

قال قو يونغ شين، إنه فكر منذ بداية بناء الملاعب والصالات في طرق الإيواء والإخلاء، وعلى هذا الأساس أقيمت بجوار كل الملاعب والصالات الأولمبية ببكين ملاجئ مؤقتة لمواجهة الطوارئ، منها حدائق مكشوفة ومناطق للأحزمة الخضراء. في حالات الطوارئ توفر الملاجئ مرافق الإنقاذ ومياه الشرب والأطعمة والخيام. وفي بعض الملاجئ مهابط للطائرات العمودية لضمان نقل الجرحى.

بعد زلزال سيتشوان، قامت بكين بتمتين الجسور والطرق، ومعالجة الأخطار الكامنة للمترو، والوقاية من الكوارث الطبيعية للطرق العامة وغيرها. قبل نهاية يونيو، تم تجديد وإصلاح أجهزة الإبلاغ اللاسلكية للشرطة في 72 مفرقا للسكة الحديد، وتم تمتين 22 جسرا بالمنطقة الحضرية و11 جسرا على الطرق العامة.

بكل هذه الإجراءات أصبحت بكين أكثر متانة.