تزخر بكين، كمدينة عاصمة لمدة مئات السنين، بعدد وافر من المزارات السياحية، يأتي في مقدمتها القصور والحدائق الإمبراطورية والمعابد والأزقة والأسواق القديمة، وكلها مقاصد يجدر بزائر بكين أن يتوقف عندها ويتأملها، فهي جزء من ثقافة وحياة وتاريخ بكين.

القصور والحدائق الإمبراطورية

يتربع على عرش قصور بكين القصر الإمبراطوري، الذي يسمى أيضا "المدينة المحرمة"، ويعتبر أكبر وأكمل مجمع بنايات للقصور في العالم حاليا. هذا القصر الذي سكنه 24 إمبراطورا لأسرتي مينغ (1368-1644) وتشينغ (1644-1911)، يتكون من 9999 غرفة وقاعة وبناية، ويصل طول السور المحيط به نحو ثلاثة كيلومترات، ومن حوله خندق مائي عرضه 52 مترا، ويعد هذا القصر الذي يحمل لقب"كنز الآثار النادر"، معلما بارزا لفن العمارة الصينية، كما يوجد به مجموعة هائلة من الآثار التاريخية الثمينة. أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في قائمة التراث العالمي عام 1987.

 تبلغ المساحة الإجمالية للمدينة المحرمة 720 ألف متر مربع، ومساحة البنايات فيها 150 ألف متر مربع، تضم أكثر من 980 بناية وثمانية آلاف وسبعمائة غرفة، من بينها القاعات الثلاث الرئيسية وهي قاعة تايخه وقاعة تشونغخه وقاعة باوخه، التي ترمز أسماؤها إلى أمان وسلامة البلاد ووحدة أبناء كافة القوميات.

القصر الإمبراطوري مجمع معماري ضخم، أبدع  المعماريون الصينيون في دقة تنظيم بناياته بتوظيف فكرة بوابات الباحات المتلاحقة. القصر به أكثر من تسعين باحة مستقلة. وقد قام بعمل التصميمات وكافة الأعمال، من اختيار المواد إلى عمل الزخارف، أشهر المعماريين والمصممين في ذلك الزمان، فأبدعوا مستوى فنيا راقيا.

أفضل موقع تستمتع منه بمناظر القصر الإمبراطوري هو حديقة جينشان الأنيقة، التي كانت قبلة أباطرة أسرة يوان وتشينغ للاستمتاع بالزهور والرماية وإقامة المآدب ومشاهدة المناظر.

إضافة إلى القصر الإمبراطوري، يُنصح بزيارة القصر الصيفي، الذي يعد أكبر قصر في العالم من حيث الحجم المعماري والقيمة الثقافية.

 

أزقة بكين

الزقاق، أو ما يسمى بالصينية هوتونغ، من أبرز ملامح عاصمة الصين. وأزقة بكين في حد ذاتها فن باق منذ مئات السنين، وقد صقلتها تجارب الزمن وخبرة الحياة. الأزقة في بكين، التي يقال إن عددها ستة آلاف، يعكس كل منها زمانه ومكانه. ويقول البكينيون إنه إذا كانت المدينة المحرمة هي قلب العاصمة النابض، فإن الأزقة هي شرايينها، التي تتشرب فيها ثقافة بكين وحياة أهلها.

من الأزقة الكثيرة التي تستحق الزيارة أزقة منطقة بحيرة شيتشاهاي في وسط المدينة. هذه البحيرة الرئيسية المقسمة إلى ثلاث بحيرات فرعية هي الأمامية و الخلفية والغربية، يربط بينها جسر حجري صغير. من أشهر أزقة شيتشاهاي، زقاق تشيانغجينغ وزقاق بيقونغفانغ وزقاق داجينسي وزقاق تشوتشونغ الخ. كما يوجد بها عدد من الدور الرباعية القديمة التي لا تزال بحالة جيدة وكانت بيوت شخصيات مشهورة، وعدد من قصور أمراء أسرة تشينغ، مثل بيت ممثل أوبرا بكين المشهور مي لان فانغ. ودار سونغ تشينغ لينغ، زوجة رائد ثورة 1911، د. صون يات صن، وقصر الأمير قونغ وانغ لأسرة تشينغ وغيرها من أكثر من أربعين مسكنا موضوعا تحت الحماية. يمكن التجول في الأزقة والدور الرباعية بالريكشا.

في منطقة داشيلان جنوبي تيان آن من أزقة مثل زقاق تشيانشي، أضيق زقاق ببكين بعرض لا يتجاوز 40 سم،  وزقاق جيووان الذي به 13 انعطافا، ويقع بالقرب من هذه المنطقة مطعم تشيوانجيويداه لبط بكين المشوي وشارع ليوليتشانغ الثقافي المشهور.

 

المناظر الطبيعية

تحيط الجبال ببكين ذات الأرض المنبسطة، من كل جانب. جبل شيانغشان، أي الجبل العطري، يقع في شمال شرقي بكين. بسبب ارتفاعه وكثافة الأشجار به، أفضل وقت لزيارة الجبل العطري هو أواخر الخريف، عندما تتحول أوراق الشجر إلى اللون الأحمر. في منطقة الجبل بساتين لأشجار المشمش والكمثرى والخوخ وعطر الزهر التي تفيض عطرا وتكسو الأرض خضرة مهما تغيرت الفصول.

كثير من الجبال بها معابد وقصور ومقابر إمبراطورية، فجبل مياوفانغ، كان بقعة مقدسة في زمن أسرتي مينغ وتشينغ. وبعض الجبال تشتهر بخصائصها الطبيعية، مثل جبل يويتشيوان، المشهور بمنابع المياه النقية وقصوره ومعابده التي يرجع تاريخها إلى أسرة لياو الملكية (907-1125).

يقع جبل لونغقو في تشوكوديان، المكان الذي اكتشفت فيه جمجمة "إنسان بكين" وأحافير"إنسان الكهف العلوي، وقد أدرجت اليونسكو تشوكوديان في قائمة التراث العالمي عام 1987.