ربع مليون أجنبي، هو الرقم الذي تتوقعه اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين لزوار العاصمة الصينية يوميا خلال فترة أولمبياد 2008. يرتفع الرقم إلى 550 ألف فرد إذا أضفنا الزوار الصينيين.

 

كلنا في خدمتك

هان رو بينغ، مدرسة في جامعة ببكين تقيم بالقرب من منطقة يايونتسون (قرية الألعاب الآسيوية) ببكين. المسافة من بيتها إلى الإستاد الوطني "عش الطيور" ومجمع السباحة الوطني "المكعب المائي" لا تزيد عن ربع ساعة مشيا. زوجها، الذي يعمل بالمحاماة، عاش فترة في ألمانيا. الزوجان لديهما طفل. في العاشر من إبريل هذه السنة، وقع الاختيار على مسكنهما كبيت أولمبي. يقصد بالبيوت الأولمبية مجموعة من المنازل سوف تستقبل ضيوفا أجانب خلال فترة أولمبياد بكين.

السيدة هان رو بينغ قالت إن موضوع استقبال ضيوف أجانب يشغل كافة أفراد أسرتها وإنهم غيروا بعض عاداتهم من أجل عيون هذا الحدث. الكل يشعر ببهجة الاستعداد لاستقبال الأجانب. ابنها يتدرب على ألعاب الووشو (الكونغ فو) ليستعرض مهاراته أمام الضيوف، والسيدة هان وزوجها يعكفان على دراسة مسرحية صينية، فهما من محبي المسرحيات الصينية القديمة ذات السمات الصينية الخالصة ويودان أن يتعرف الأصدقاء الأجانب عليها.

بعد سنة من الاستعدادات الجادة، صار بيت السيدة هان أنيقا جميلا. المشكلة أن البيت يقع في حي سكني قديم، مبني سنة 1990 وغرفه ضيقة، ولهذا تخشى السيدة هان أن معايير الإقامة لأولمبياد بكين لا تنطبق على بيتها. أسرة هان لا تستطيع تغيير ما تعتبره نقطة ضعف بيتها، ولكنها تسعى بجد لتوفير إقامة مريحة للأصدقاء الأجانب بخلق أجواء أسرية متناغمة واحترام عادات وتقاليد الأجانب في معيشتهم.

عندما كانت هان رو بينغ تدرس في أستراليا أقامت في بيت أسرة أسترالية، وتلك تجربة تركت في ذهنها انطباعا قويا وتعلمت منها كيف تستقبل الأصدقاء الأجانب. شتاء أستراليا بارد، ومن عادة هان رو بينغ الصينية أن تضع قديمها في ماء دافئ قبل النوم. الأستراليون لا يفعلون ذلك، ومع هذا اشترى رب الأسرة طستا للشابة الصينية لتغمر قدميها في الماء الدافئ قبل النوم. بل إن رب الأسرة الأسترالية عندما لاحظ أن هان وزملاءها لا يستسيغون الأطعمة الأسترالية، ساعدهم على شراء الخضراوات واللحوم والتوابل وطبخ معهم الأطعمة الصينية.

عن هذه الأسرة الأسترالية، قالت هان رو بينغ: "أفرادها مخلصون، يعتبرون الأجانب أهلا لهم، ولا يتدخلون في شؤونهم، وذلك يجعل الأجنبي يشعر براحة عند التعامل معهم. نحن الصينيين نتميز بحرارة استقبالنا للضيوف، لكن علينا أن نحترم عادات الأجانب".

 

الاستعدادات كاملة

في نفس الحي السكني الذي تسكن فيه هان رو بينغ، بيوت أولمبية أخرى.

ما يو، ابنة الخمس وستين ربيعا، مهندسة سيارات سابقة. في واحدة من زياراتها العديدة لألمانيا، لم تحجز بفندق قبل وصولها فأقامت في بيت صديقها، وصادف ذلك الكريسماس، فدعاها الصديق للاحتفال به معه وقدم لها هدية، حيث لمست عن قرب أصول وفنون استقبال الضيوف.

بعد الزيارة التي أمضتها في بيت صديقها الألماني، تمنت ما يو أن تقضي كل زيارة إلى ألمانيا في أحد بيوت أهلها. لقد عرفت ألمانيا أكثر من خلال الحديث مع الألمان. بعد أن تقدمت لمسابقة المشاركة في البيوت الأولمبية، بدأت ما يو تجديد بيتها القديم، واشترت مفروشات لغرفة النوم بماركة Simmons.

ما يو تنطق الألمانية مثل أهلها. بيتها أنيق ومطبخها نظيف، ومن ثم فإنها أكثر من يناسب استقبال الأصدقاء الألمان في حيها ومع ذلك ما زالت غير مقتنعة باستعداداتها. لإزالة الريبة من نفسها، دعت صديقا ألمانيا مقيما ببكين إلى بيتها لتعرف رأيه. الصديق الألماني شرح الوضع على النحو التالي: البيت به غرفة ذات طراز صيني وغرفة أخرى ذات طراز أوروبي. البيت به جهاز كمبيوتر. وفي النهاية أكد أن الألمان سوف يسعدون بالإقامة في بيت ما يو.

أصحاب البيوت الأولمبية بعضهم يتكلم الأسبانية وبعضهم دبلوماسيون سابقون، ومنهم من يجيد غناء أوبرا بكين ومن يهوى جمع التحف القديمة. لقد بذلوا ما في وسعهم استعدادا للأولمبياد وإسعاد الضيوف الأجانب.