ã

معونات دولية بلا حدود

تسنغ بينغ وتشانغ هونغ

أمين عام الأمم المتحدة بان كى مون في المنطقة المنكوبة

مواد المعونات من هيئة الصليب الأحمر الألمانية

أعضاء الفريق الطبي الروسي يفحصون عجوزا صينية

في يوم 14 مايو عام 2008، وبينما كان رئيس الحكومة الصينية ون جيا باو، يقوم بجولة تفقدية في المنطقة المنكوبة بمحافظة بيتشوان صادف بعض الأجانب، فسألهم بدهشة: "هل أنتم سياح؟ من أي دولة؟" فأجاب أحد الأجانب بلغية صينية بسيطة: "نحن من الولايات المتحدة، أعضاء منظمة من القلب للقلب الدولية". في مساء ذلك اليوم، بثت محطة التلفزيون الصينية المركزية فقرات من حوار ون جيا باو مع براين روبنسون، ممثل رئيسي منظمة من القلب للقلب الدولية لدى الصين. برونسون، الذي تحدث مع ون، طبيب يحمل درجة الدكتوراه، ويقيم في تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان منذ عشر سنوات. قال روبنسون إنه في نفس اليوم الذي قابل فيه ون جيا باو، أسرع إلى بيتشوان مع 15 أجنبيا وثلاث سيارات، منها سيارة إسعاف وشاحنة مملوءة بالأدوية وغيرها من مواد الإغاثة.

وقال روبنسون إن المسؤولية هي الدافع الرئيسي الذي جعله يتوجه إلى بيتشوان. بعد ظهر يوم 13 مايو، اتصل بجمعية الصليب الأحمر بسيتشوان، وفي اليوم التالي ذهب إلى  بيتشوان مع رفاقه، ليكونوا أول فريق إغاثة أجنبي يصل المنطقة المنكوبة، وقد تبعتها فرق أخرى من المنظمات الإنسانية الدولية من أنحاء العالم.

 

معونات من الأسرة الدولية

تدفقت المعونات ورسائل المواساة إلى الصين بعد وقوع الزلزال. أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش في بيان يوم 12 مايو أن الشعب الأمريكي يهتم بالشعب الصيني، ويصلي من أجلهم. كما توجه العديد من السفراء المعتمدين لدى الصين إلى وزارة الخارجية الصينية للتعبير عن مواساتهم في ضحايا الزلزال.

تجدر الإشارة هنا إلى أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قرر بعد وقوع الزلزال أن يتبرع للصين بخمسين مليون دولار أمريكي ومعونات إغاثة قيمتها عشرة ملايين دولار أمريكي، وهذه أكبر معونة خارجية تلقتها الصين لكارثة الزلزال. كما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون 16 مايو قيام الصندوق المركزي للطوارئ للأمم المتحدة بتمويل عملية الإنقاذ والإغاثة بالصين.

في 18 مايو، بعث الجيش الأمريكي بمعونات إغاثة قدرها سبعمائة ألف دولار أمريكي إلى المناطق المنكوبة، فكانت أول دفعة معونات من جيش أجنبي. في يوم 20 مايو، بلغ عدد الدول التي أعربت عن مواساتها للصين في ضحايا الزلزال 166 دولة، إضافة إلى أكثر من ثلاثين منظمة دولية وإقليمية، وتلقت هيئة الصليب الأحمر الصينية أكثر من عشرين تبرعا دوليا، معظمها من جمعيات الصليب الأحمر في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وأستراليا ودول ومنظمات أخرى.

بعد أيام قليلة من وقوع الزلزال، بدأت إمدادات الإنقاذ تصل إلي المناطق المنكوبة، منها الخيام والأغطية من روسيا وكوريا جنوبية والأقمشة المقاومة للمطر وأدوات الطبخ من فرنسا والمعدات الطبية من اليابان، واستمر وصول المزيد من المعونات الدولية إلى الجمارك الصينية التي تقوم بعمليات الفحص والحجر الصحي لها بسرعة.

في اليوم الثالث بعد وقوع الزلزال، سمحت الحكومة الصينية بدخول فرق إنقاذ من روسيا واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة إلى المناطق المنكوبة، غير أن الأمطار الغزيرة والانهيارات الجبلية أعاقت عمليات الإغاثة. وفي يوم 21 مايو، كان عدد فرق الإنقاذ بسيتشوان أكثر من عشرة فرق تضم 355 شخصا.

فريق الإنقاذ الياباني ضم أكثر من ستين فردا تم اختيارهم بعناية من بين أربعة آلاف فرد متخصص في الإنقاذ، وكثير منهم شارك في عمليات الإنقاذ لزلزال كوبي سنة 1995 وزلزال إيران في ديسمبر 2003، وإعصار تسونامي بإندونيسيا في ديسمبر عام 2004. كما كان الفريق الياباني أول مجموعة إنقاذ أجنبية متخصصة تقوم بعملية الإنقاذ والإغاثة بسيتشوان، وأكبر فريق إنقاذ أجنبي عددا جاء إلى الصين منذ تأسيس الجمهورية الشعبية سنة 1949. من بين أنقاض البنايات بمحافظة تشينغتشوان، انتشل الفريق الياباني جثة أم تحتضن ابنتها ذات الثلاثة شهور، فتأثروا بهذا المشهد ووقفوا حدادا على الضحايا.

بعد أن أرسلت أربع دفعات مكونة من 120 طنا من معونات الإغاثة، بعثت روسيا بفريق إنقاذ من خمسين فردا إلى سيتشوان، وقد نجح هذا الفريق في إنقاذ سيدة من بين الأنقاض في مدينة دوجيانغيان في ليلة 17 مايو، بعد 127 ساعة من الزلزال.

من بين الخيام العديدة التي نصبت في محافظة هونباي التابعة لمدينة شيفانغ، كانت خيام فريق الإنقاذ السنغافوري المكون من 55 فردا، من بينهم مهندسون وممرضات وخبراء إغاثة الخ. جاء الفريق مزودا بأربع كلاب بوليسية ومعدات تنقيب وبحث حديثة. تم تقسيم الفريق إلى أربع مجموعات انتشرت في 16 موقعا تشمل البنايات السكنية والمدارس ومحطة توليد الكهرباء، واستطاع الفريق العثور على خمس جثث. قال هوانغ هاو تشيوان، رئيس الفريق إنه متأثر بالإرادة القوية وروح التضامن للشعب الصيني.

الصين شاركت في عمليات الإنقاذ لزلزال الجزائر وزلزال إيران وإعصار تسونامي بإندونيسيا وزلزال باكستان وزلزال إندونيسيا وغيرها. وخلال تلك العمليات أقامت الصين علاقات وثيقة مع الدول ومع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمنظمات غير الحكومية خلالها. زلزال ونتشوان كان المرة الأولى التي تسمح الحكومة الصينية لفرق الإنقاذ الأجنبية بدخول المناطق المنكوبة.

 

عبر الحدود

الفريق الطبي الروسي كان أول فريق أجنبي يصل إلى سيتشوان. أقام الفريق، في مقر مدرسة ثانوية، مستشفى ميدانية تضم عشر خيام ضخمة، ويمكن إجراء خمس عمليات جراحية بها في نفس الوقت، وعلاج 300 مريض يوميا، إضافة إلى 25 سريرا للحالات الحرجة. وسط أجواء سيتشوان الحارة الرطبة في أواسط مايو، عمل الفريق الروسي حامل لقب "قوة الاستجابة في ثلاث ساعات"، بمساعدة عشر مراوح كهربائية حملوها معهم.

بينما كان طبيب روسي يفحص بجهاز أشعة إكس قدم فتاة، ظهر القلق عليها، فقال لها الطبيب: "لا تقلقي، إصابتك خفيفة، وبعد الشفاء ستركضين وتقفزين مثل الأيل". ابتسمت الفتاة ببراءة بعد أن سمعت تلك الكلمات.

في نفس يوم وصول الفريق الروسي، وصل الفريق الطبي الياباني ومعهم خمسة أطنان من المعدات الطبية المطلوبة بإلحاح في المنطقة المنكوبة، بما فيها أجهزة أشعة إكس وجهاز غسل الكلي.

وبعد ذلك بثلاثة أيام، أقيمت بمحافظة شياوده بمدينة ميانتشو المستشفى الإيطالية الميدانية، المزودة بأجهزة جراحية كاملة، حيث تقدم الخدمات الطبية للمصابين وخدمات التدريب للعاملين المحليين، بحيث يمكنهم استخدام تلك الأجهزة بعد مغادرة الإيطاليين. إيطاليا من المجموعة الأولى من الدول التي قدمت معونات الإغاثة للصين، وقد تبرعت بمليون يورو ومعونات إغاثة قيمتها 5ر1 ملايين يورو.

 

الدنيا تغيرت، والسياسة أيضا

من الطبيعي في الصين حاليا أن نتحدث مع الآخرين حول المعونات الدولية عندما تقع كوارث كبيرة. غير أن الحال لم يكن كذلك قبل 32 سنة، عندما ضرب الزلزال مدينة تانغشان الصناعية بشمالي الصين، وراح ضحيته 240 ألف قتيل. في ظل الظروف السياسية لذلك الوقت، رفضت الحكومة الصينية جميع المعونات الدولية، وقررت "الاعتماد على الذات"، فكانت حصيلة الإنقاذ متواضعة، نتيجة للظروف الاقتصادية والفنية المتأخرة وسياسة الانغلاق التي انتهجتها الحكومة.

في كتابه"زلزال تانغشان"، يقول تشيان قانغ: " لم تقبل للصين معونات دولية قبل 32 عاما لأنها كانت في فترة الحرب الباردة، ولكن منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج عام 1978، يزداد انفتاح الصين أكثر مع مرور الأيام، ويتغير تفكيرها إلى حد كبير".

بعد أربع سنوات من زلزال تانغشان، وتحديدا سنة 1980، عندما تعرضت الصين لفيضانات وجفاف شديدين، بعثت الحكومة الصينية بإشارات بأنها تقبل المعونات الدولية، وقد اعتبرت أجهزة الإعلام الغربية ذلك المرة الأولى التي تطلب فيها الحكومة الصينية معونات دولية خلال ثلاثين سنة، وقال الإعلام الغربي إن الصين تمسك يد العالم لمواجهة الكوارث. 

جيا تشينغ قوه، نائب عميد معهد العلاقات الدولية بجامعة بكين، قال معلقا على المعونات الدولية لزلزال ونتشوان: " قبول معونات الإنقاذ والإغاثة من المجتمع الدولي هذه المرة سابقة لا مثيل لها في تاريخ الصين، وزلزال ونتشوان يجسد جيدا مبدأ أن حياة الإنسان أهم من أي شيء."

الصين تتعاون بشكل جيد مع الحكومات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الإقليمية والأمم المتحدة وهيئات الإنقاذ الدولية. وقد أرسلت الصين فرق إنقاذ بعد وقوع زلزال الجزائر وزلزال إيران وإعصار تسونامي بإندونيسيا وزلزال باكستان وزلزال إندونيسيا، وقدمت معونات إنسانية للمناطق المنكوبة. فالعالم، كما يقول الباحث شن جي رو، أسرة متضامنة في مواجهة الكوارث، وكل دولة عضو بتلك الأسرة، وعلى كل فرد أن يمد يد المساعدة للآخرين للتغلب على الكوارث الطبيعية.

لمعلوماتك

المعونة الدولية التي تلقتها الصين في السنوات الأخيرة

في صيف عام 1998، تضرر أكثر من مائة مليون فرد جراء الفيضانات الشديدة في وادي نهر اليانغتسى بجنوبي الصين، ونهر سونغهواجيانغ ونهر ننجيانغ بشمال شرقي الصين. بلغ حجم المعونات الدولية مليار يوان؛ من الولايات المتحدة واليابان وفرنسا. خلال أزمة الالتهاب الرئوي اللانمطي( سارس) سنة 2003، تلقت الصين مساعدات مالية من الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية بلغت 20ر38 مليون دولار أمريكي.

في أوائل عام 2008، بعد وقوع كارثة العواصف الثلجية في جنوبي الصين، قدمت دول مثل سنغافورة وماليزيا واليابان ومنغوليا والولايات المتحدة وسورية معونات من آلاف إلى مئات آلاف من الدولارات، كل على حدة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn