ã

زوارق تشينغداو تعبر بالأولمبياد إلى بر النجاح

ليو هوان تشي

تشينغداو تسعى لتكون عاصمة الزوارق الشراعية

كنيسة كاثوليكية بنيت عام 1934 في تشينغداو

مركز سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية

                                       عاصمة الزوارق تندمج في العالم

تستضيف مدينة تشينغداو الساحلية بمقاطعة شاندونغ سباق الزوارق الشراعية للدورة الأولمبية التاسعة والعشرين 2008، وتلك فرصة تاريخية لها بدون شك. تشينغداو مدينة مشهورة تحتضن مجموعة من العلامات التجارية المشهورة عالميا مثل هاير وهايسنس وبيرة تشينغداو. تسعى المدينة لتطور نفسها من العلامات الصناعية إلى علامات الخدمات. في عام 2003 عندما تشكلت لجنة الزوارق الشراعية للدورة الأولمبية، كان السؤال الملح على قادة تشينغداو هو: ما هي التركة التي ستخلفها الأولمبياد للمدينة؟ وكانت الإجابة: تشكيل ماركة للمدينة هي "عاصمة الزوارق الشراعية". كانت الفكرة الأساسية هي إقامة مركز للرياضات المائية، يضم مرافق التدريب والمباريات والراحة والعلوم والتعليم، ويكون محوره مركز تشينغداو الدولي للزوارق الشراعية، ومركز ثقل أعماله تدريب المحترفين والهواة على الزوارق و ألواح التزلج على الماء الشراعية لتعميم هذه الرياضة الممتعة.

لكي تصبح عاصمة للزوارق الشراعية، ركزت المدينة على إنجاز الأعمال الأربعة التالية:

أولا، نشر المعلومات حول الزوارق الشراعية، لتعميم هذه الرياضة، حيث نفذت مشروع "انطلاق ألف زورق شراعي 2008"، وبدأت حملة "ألف زورق شراعي في المدارس"، و"خطة الألفين" لحركة الزوارق الشراعية للناشئين، وتعبئة الأوساط الاجتماعية للتبرع بألف زورق، ودعوة متخصصين أجانب لتدريب ألف لاعب ناشئ على رياضة الزوارق الشراعية وإقامة 39 مدرسة لرياضة الزوارق الشراعية، ومائة ناد للزوارق الشراعية لطلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة؛

ثانيا، إقامة علاقات مع الهيئات الدولية ذات العلاقة والاشتراكات في السباقات الكبيرة. حيث اشتركت زوارق "تشينغداو" بنجاح في مسابقة كليبر CLIPPER الدولية للزوارق الشراعية، ونظمت نشاطات محطة تشينغداو التي أصبحت خلالها تشينغداو من محطات السباق، ويتوقع أن تكون محطة دائمة لهذه المسابقة الدولية؛

ثالثا، الترويج لتشينغداو خارج الصين، وتعزيز الدعاية لصورة المدينة حسب مبدأ "الاهتمام بجذب الاستثمار في الإعلام الخارجي، والاهتمام بتهيئة الأجواء في الإعلام المحلي، والاهتمام بتعبئة الجماهير في إعلام تشينغداو"، والجمع بين الدعاية للأولمبياد وجذب الاستثمار والترويج للسياحة في 37 مدينة بالعالم؛

 رابعا، تشكيل فريق تاينتاي للزوارق الشراعية للنساء في تشينغداو، والذي سيمثل الصين في سباق الزوارق الشراعية بالأولمبياد.

 لقد تعمقت صورة تشينغداو باعتبارها "عاصمة الزوارق الشراعية" في قلوب الناس، وانتشر تأثيرها إلى البلدان الأخرى، الأمر الذي يعتبر بداية طيبة للمدينة. نعتقد أنه بعد دورة 2008، وبمزيد من الجهود، ستصبح تشينغداو "عاصمة الزوارق الشراعية" المشهورة بالعالم. إلى جانب ذلك ركزت المدينة قوتها لتكون "المدينة الصينية الأولى في سلامة الأطعمة"، لرفع نوعية الأطعمة ومستوى سلامتها  أكثر على أساس نوعية الأطعمة الممتازة حاليا، ووفقا لأعلى مستوى لسلامة الأطعمة، انطلاقا من المسؤولية تجاه كل مستهلكي الأطعمة، ولتصبح "الأطعمة في تشينغداو أكثر سلامة" بطاقة جديدة للمدينة. لذلك فإن العالم يثق بأن أبناء تشينغدوا ليسوا قادرين فقط على اختراع الأجهزة الكهربائية المنزلية والبيرة الطيبة والأزياء الحديثة الذائعة الصيت في العالم، بل يمكنهم أيضا أن يقدموا الأطعمة العالية النوعية التي ترضي أذواق المستهلكين المحليين والأجانب.

لقد أصبحت تشينغداو أكثر حيوية وجاذبية بسباقات الزوارق الشراعية، وعليها أن تنتهز فرصة الدورة الأولمبية لتوسيع انفتاحها على الخارج، ولتسرع ببنائها مدينة دولية كبيرة حديثة ومتناغمة ولتندمج في العالم بوضع أكثر إيجابية ونشاطا.

 

                                                  لماذا تشينغداو؟

مملكة وانغ تشي مين للزوارق الشراعية

   وانغ شي مين، اسم يعرفه جيدا أهل تشينغداو، فهي السيدة البالغة من العمر 67، التي وضعت تشينغداو على خريطة سباقات الزوارق الشراعية.

هي لاعبة سابقة للزوارق الشراعية، اشتركت في الدورة الأولى للمهرجان الرياضي الوطني الصيني عام 1959، وظلت مرتبطة بالزوارق عشرات السنين، وأنفقت كل ما لديها تقريبا من أجل إقامة سباقات الزوارق الشراعية ونشر رياضة الزوارق في مدينتها.

في عام 1986 أقامت وانغ تشي مين مع زوجها نادي تسوجيا للزوارق الشراعية، وهو أول ناد أهلي في الصين للزوارق، وأقدمت على تجربة تصنيع الزوارق المتقدمة من درجة OP ومن طراز الليزر بالبلاستيك المقوى، وقدم ناديها الزوارق الشراعية التي استخدمت في دورة الألعاب الآسيوية ببكين عام 1990.

في عام 1991، قدمت وانغ تشي مين مع ناديها طلبا للجمعية الآسيوية للزوارق الشراعية لاستضافة الدورة الثانية للبطولة الآسيوية للزوارق الشراعية من درجة OP، وبالفعل استضافت مدينة تشينغداو هذا الحدث الرياضي الكبير، وصارت وانغ تشي مين أول فرد في الصين يستضيف حدثا رياضيا دوليا، وقد تحمل النادي كافة نفقات ومستلزمات الإستضافة، ولم تتحمل خزينة الدولة شيئا. جدير بالذكر أن سبعة أفراد من أسرتها صنعوا 45 زورقا شراعيا من درجة OP، لهذا الحدث.

زيارة غيرت تاريخ مدينة

في أحد أيام شهر أكتوبر سنة 1998، كانت وانغ تشي مين في زيارة لبكين لتتقدم إلى مركز إدارة الألعاب المائية التابع لمصلحة الدولة العامة للرياضة البدنية بطلب لاستضافة البطولة العالمية للزوارق الشراعية من درجة OP لعام 2001. وهناك صادفت 11 شخصا، جاءوا لطلب استضافة سباق الزوارق الشراعية للأولمبياد. اهتز قلبها وقالت في نفسها: هل يمكن لتشينغداو أن تطلب استضافة سباق الزوارق الأولمبي؟ الحقيقة أن تشينغداو هي أنسب مدينة في الصين لسباقات الزوارق الشراعية، من حيث المجال البحري وإنشاءات الميناء، كما أنها تراكمت لديها خبرة بعد استضافة البطولة الآسيوية.

الواقع أنه قبل هذه الصدفة، راودت السيدة وانغ فكرة استضافة سباق الزوارق للأولمبياد في تشينغداو. وفور عودتها من بكين، توجهت مباشرة إلى مقر حكومة المدينة، لإطلاع المسئولين على ما حدث والتعبير عن رغبتها بأن تتقدم تشينغداو لاستضافة هذا السباق. حظيت فكرتها باهتمام بالغ من قبل حكومة المدينة، فوافق عمدة المدينة وطلب من الأجهزة المعنية دعم هذا الطلب. ومنذ ذلك الحين، وضعت مدينة تشينغداو تقديم طلب استضافة سباق الزوارق الشراعية الأولمبية في برنامج عملها.

في فبراير 1999 زار تشينغداو السيد تشانغ تشينغ، الرئيس السابق لمركز إدارة الألعاب المائية التابع لمصلحة الدولة العامة للرياضة البدنية والسيد لي تشيوان هاي، أمين عام الجمعية الصينية للزوارق و ألواح التزلج على الماء الشراعية، وأعربا عن اقتناعهما بأن مشاركة تشينغداو في طلب استضافة هذه السباقات ترفع القدرة التنافسية لهذا الأمر. وبسرعة أنجزت المدينة تقرير طلب الاستضافة وقدمته لمصلحة الدولة العامة للرياضة البدنية يوم 13 مايو 1999، وبعد أن اطلع عليه تشانغ فا تشيانغ ودوان شي جيه، نائبا مصلحة الدولة العامة للرياضة البدنية، أثنيا على مدينة تشينغداو ثناء عظيما.

شرعت الجهات المعنية في تشينغداو تشحذ همتها لهذه المهمة، فوجهت الدعوة إلى مسئولي مركز إدارة الألعاب المائية والجمعية الصينية للزوارق و ألواح التزلج على الماء الشراعية للقيام بزيارة تفقدية لتشينغداو، التي بدأت تروج لنفسها في بكين وتشرح المزايا التي تؤهلها لاستضافة هذا السباق. واقترحت حكومة المدينة إقامة جسر جوي بين تشينغداو وبكين لحل مشكلة بُعد المسافة بين المدينتين، بزيادة عدد الرحلات من 6 رحلات يوميا إلى 15 أو 16 رحلة في فترة الدورة الأولمبية 2008. وقام الفريق المكلف بطلب الاستضافة بجمع معلومات حول حالة الجو وحركة المد والجزر لتشينغداو في فترة الأولمبياد من فرع البحر الشمالي لمصلحة الدولة للشؤون البحرية، وهي معلومات تؤكد أن مدينة تشينغداو تتوفر لها أفضل الشروط الطبيعية لإقامة سباقات الزوارق الشراعية. وفي نهاية يوليو 1999، بدأت تظهر بوادر في المركز الوطني لإدارة الألعاب المائية لاختيار تشينغداو لاستضافة سباقات الألعاب المائية.

عملت تشينغداو على جبهتين، فمن ناحية سعت للحصول على دعم الوحدات ذات العلاقة، ومن ناحية أخرى أطلقت حملة إعلامية قوية في مختلف أجهزة الإعلام الصينية للترويج لنفسها، ففي الثاني من أغسطس سنة 2000 نشرت جريدة "الرياضة الصينية"، مقالا بعنوان "مرحبا بكم في تشينغداو، جاء فيها أن "تشينغداو تمتلك كافة المقومات الطبيعية التي تشبع رغبة الإنسان، من مياه زرقاء، جبال خضراء، سماء صافية، أشجار وارفة، أشعة شمس وهواء مفعم برائحة العشب وأغصان الصنوبر. تشينغداو التي كانت قرية صغيرة للصيادين قبل مائة سنة صارت مدينة حديثة، تتيح للناس إبراز قدراتهم الخلاقة."

وُجدت لتحتضن الزوارق

تتوفر لتشينغداو العديد من المزايا البحرية التي تحسد عليها حقا، فهذه المدينة الواقعة في الساحل الشرقي للصين، مدينة تاريخية وثقافية مشهورة على مستوى الدولة، ومقصدا لسياحة المناظر على مستوى الدولة، ومن أكثر عشر مدن صينية من حيث الحيوية الاقتصادية، ومن العشر مدن التجارية الممتازة، ومن الدفعة الأولى للمدن المتحضرة في الصين، وعاصمة العلامات التجارية الصينية، ومدينة نموذجية لحماية البيئة على مستوى الدولة، ومدينة نظيفة وبستانية على مستوى الدولة، وحاصلة على الجائزة الصينية لبيئة إقامة الإنسان وقد اختارها الصينيون سنة 2005 كأكثر مدينة يرغبون في زيارتها، وحصلت على الجائزة الصينية لبيئة إقامة الإنسان.

لقد دللت الطبيعة تشينغداو حقا، فوهبتها الجبل والبحر جنبا إلى جنب. وقد اختارها الزعيم الإصلاحي في فترة أسرة تشينغ (1644-1911)، كانغ يو وي، لقضاء شيخوخته. وقد وصفها بأنها تتميز بالقراميد الحمراء والأشجار الخضراء والسماء الزرقاء والبحار الخضراء. في القسم الغربي من المدينة، تتمتع بجمال العمارة الأوروبية الكلاسيكية المتجسد في البنايات التي لا تزال قائمة به. وفي الجزء الشرقي منها، تتشبع بالجمال الحديث في المنطقة الجديدة بها. على جانبي شارع تشونغشان، كثير من البنايات القديمة التي تندثر خلف الأشجار الباسقة، ويخيم عليها الهدوء والسكينة. أما جسر تشانتشياو الممتد من الشاطئ إلى داخل البحر وجزيرة شياوتشين وبلاجات البحر فتثلج الصدر وتمتع العين. في منطقة باداقوان، تتداخل الشوارع وتتشابك مثل رقعة الشطرنج، ولكنها رقعة شطرنج لا تنافس ولا تناحر فيها، إذ يسودها الهدوء والوقار، فالفيلات الأوروبية الطراز تبدو مثل بلدة ريفية أوروبية صغيرة، هادئة مريحة، عندما تتمشى صباحا بين أشجار الصنوبر بها وترنو إلى البحر يأتيك منه عطر لا مثيل له.

في ثمانينات القرن الماضي هب نسيم الإصلاح والانفتاح على مدينة تشينغداو حاملا حيوية عظيمة، فنبتت على أرضها شركات هاير وهايسنس وأوكما للأجهزة الكهربائية وشركة بيرة تشينغداو وشركة ييتشونغ للتبغ وشركة شوانغشينغ للأحذية وغيرها من الشركات المنتمية إلى عشرة قطاعات، وخمس علامات تجارية مشهورة بالصين. تتميز تشينغداو بالتجارة والبحوث العلمية البحرية والصناعة الحديثة والسياحة وقضاء العطلات، فلا تباريها مدينة أخرى في ظروف استضافة الألعاب المائية.

تشينغداو هي مهد رياضة الملاحة البحرية في الصين، ففيها أنشئت مدرسة رياضة الملاحة البحرية التابعة لمصلحة الدولة للرياضة البدنية. ومن حيث الشروط الطبيعية، ليس هناك أفضل من تشينغداو، إذ تقع في خليج جياوتشو، فلا تتأثر بالعواصف البحرية الشديدة، والخط الساحلي البحري فيها طويل وعليه 49 خليجا. كل هذا يجعلها تلائم  الألعاب البحرية من حيث قوة الريح والأمواج ودرجة حرارة المياه ودرجة حرارة الجو.

من حيث الإنشاءات، يجري العمل في أربعة موانئ وقواعد مناسبة لإقامة سباقات ومباريات بحرية ضخمة، مثل خليج هويتشيوان البحري وميدان تشونغيوان البحري. وحسب الخطة العامة لتطويرمدينة تشينغداو، يجري حاليا نقل مصنع بيهاي للسفن من موقعه الحالي في خليج فوشان البحري، إذ ثبت أن هذا المكان يناسب بناء قاعدة لسباقات الملاحة وللتدريب، ومركز للألعاب البحرية الشاملة في الصين.

تجدر الإشارة هنا إلى أن المدن التي تقام بها السباقات البحرية، مثل سنغافورة وهونغ كونغ وأوساكا، فيها ميدان سباق واحد، فلا يمكنها أن تستضيف السباقات الشاملة، أما ميدان السباقات في خليج فوشان بتشينغداو فسوف يتميز بتفوق هذا المجال بعد إتمام بنائه، وسيصبح واحدا من عدد قليل لمواقع سباقات الزوارق الشراعية في مركز المدينة بالعالم.

ميدان السباق في تشينغداو لا يتميز فقط  بمجال المياه الواسع ونوعية المياه الممتازة، وإنما أيضا بالبيئة الجميلة والمواصلات السهلة، والبيئة المجاورة ذات خصائص المدينة الكبيرة والأجواء الحديثة الكثيفة، إذ يوجد عدد كبير من الفنادق الفاخرة وعمارات المكاتب تقدم الدعم اللوجستي الممتاز للسباقات، وتعتبر "ساحة رابع مايو" و"ميدان الموسيقى" على شاطئه قواعد طبيعية للمشاهدين.

نجاح في العلاقات العامة

 في أكتوبر 1999، عندما كانت نائبة عمدة مدينة تشينغداو، ذهبت السيدة تسانغ آي مين على رأس الوفد المشارك في المهرجان الرياضي للمدن الصينية بمدينة شيآن، وهناك علمت أن السيد بول هندرسون، رئيس الجمعية الدولية للزوارق الشراعية في ذلك الوقت، سيزور مدينة سانيا بمقاطعة هاينان. كان على مدينة تشينغداو أن تغتنم هذه الفرصة لتحصل على دعم هندرسون والجمعية الدولية للزوارق الشراعية لطلب تشينغداو لاستضافة سباق الزوارق الشراعية.

قررت تشينغداو دعوة هندرسون، وحددت بدقة مسار هذه الزيارة، من جسر تشانتشياو إلى صخرة لاورن. جذبت المناظر الرائعة على الساحل البحري بتشينغداو بول هندرسون، وعندما صعد عمارة الضرائب بتشينغداو ونظر نحو خليج فوشان الذي يجري فيه الاستعداد لبناء مركز الزوارق الشراعية وميدان السباقات، لم يستطع هندرسون إخفاء إعجابه. بعد ذلك تفقد هندرسون الفنادق وإنشاءات الاتصالات في تشينغداو. قبل سفره تحدث لأول مرة عن انطباعه عن تشينغداو قائلا: "تشينغداو أجمل مكان رأيته في آسيا، يمكن إجراء سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية فيها. إذا استطلعت اللجنة الأولمبية الدولية آراء لجان الألعاب، لن أوافق أن تقام سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية إلا في تشينغداو." هندرسون كندي، وكانت دولته من الدول المتقدمة لاستضافة أولمبياد 2008، لكنه أثنى ثناء عظيما على مدينة تشينغداو، بل كتب رسالة خطية إلى الشخصيات المعنية بملف بكين لاستضافة الدورة الأولمبية أوضح فيها انطباعه عن تشينغداو.

أثارت الرسالة ردود فعل قوية. تأثر رئيس الجمعية الدولية للزوارق الشراعية بما رأى في تشينغداو بعد جولاته التفقدية والزيارات المفاجئة والاستطلاعات الميدانية، وأبدت لجنة بكين لطلب استضافة الدورة الأولمبية ميلا لاختيار تشينغداو كموقع لسباقات الزوارق الشراعية الأولمبية.

في 13 يوليو 2001، افتتحت بطولة الزوارق الشراعية من درجة OP التي استضافها نادي وانغ تشي مين، وفي نفس اليوم، أُعلن اختيار بكين لاستضافة الدورة الأولمبية 2008، فأصبحت تشينغداو رسميا المدينة المضيفة لسباق الزوارق الشراعية لأولمبياد 2008. وتحولت هذه الفرصة التاريخية الهامة إلى حقيقة ملموسة، بكل ما يعنيه ذلك من تنمية شاملة للمدينة.

 

مركز سباق الزوارق، فخر تشينغداو

على شاطئ خليج فوشان بالمنطقة الجديدة لمدينة تشينغداو، ترسو كثير من اليخوت وتتحرك مع أمواج البحر، وتنتشر الشراعات الصغيرة على البحر الأزرق، بينما تمنح العمارات العالية القريبة هذا المنظر الطبيعي الرائع نكهة حديثة قوية. هنا مركز تشينغداو لسباق الزوارق، الذي ستقام به سباقات الزوارق ولوحات الإبحار الشراعية للدورة الأولمبية التاسعة والعشرين ودورة المعاقين الأولمبية الثالثة عشر.

حسب داي أي مين، نائب رئيس لجنة سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية، كان هذا المكان موقع مصنع بيهاي للسفن الذي يعود تاريخه إلى خمسين سنة. بسبب الضجيج والتلوث، كان سكان تشينغداو يعتبرونه منطقة  غير صالحة للمعيشة والراحة.

بعد الحصول على حق استضافة سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية، نقلت حكومة مدينة تشينغداو مصنع السفن إلى جزيرة هوانغداو التي تبعد عشرات الكيلومترات عن المنطقة الحضرية. بعد سنة من ذلك، أقيم مركز سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية في هذا المكان، وتم بناء كل المرافق اللازمة للسباقات في 30 يونيو 2006، وأقيمت فيه بنجاح بطولة تشينغداو الدولية للزوارق الشراعية في أغسطس تلك السنة.

أفضل ملاعب وصالات رياضية في آسيا

في بداية طلب استضافة السباقات الأولمبية، تعهدت تشينغداو بإقامة "سباقات زوارق شراعية متميزة وعالية المستوى". بعد نجاح الصين في طلب استضافة الدورة الأولمبية، وباعتبارها المدينة الوحيدة ببر الصين الرئيسي المشاركة في الاستضافة، اتخذت تشينغداو من وضع خطة وتصميم سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية وبناء الملاعب والصالات العالية المستوى العمل الرئيسي لها. بعد تحليل ومناقشة كافة الجوانب، تشكلت الخطة التصورية لموقع السباقات وخطة "3 خلجان وخط ساحلي واحد" المناسبة لها.

موقع مصنع بيهاي للسفن يجاور جبل جزيرة يان آر وخليج فوشان، وهو المكان الأمثل لبناء مرافق الألعاب المائية والسياحة الساحلية والراحة والتسلية، كما أنه أفضل اختيار لسباقات الزوارق الشراعية في تشينغداو. مساحة اليابسة فيه 45 هكتارا، ويبلغ إجمالي طول الخط الساحلي فيها 1300 متر، ومساحة المجال البحري 9ر46 هكتارا. حسب الخطة، يجب أن يلتزم بناء الملاعب والصالات لسباقات الزوارق الشراعية الأولمبية بشروط الجمعية الدولية للزوارق الشراعية، مع ربطه بالخطة العامة لبناء مدينة تشينغداو. مثلا، عند تخطيط وبناء مركز التحكيم والمركز الإداري والقرية الأولمبية، لا ينبغي التفكير فقط في تلبية شروط السباقات، وإنما أيضا في توظيفها بعد السباقات، ويجب التفكير في البيئة الطبيعية والثقافية لمدينة تشينغداو لبناء مجموعات من البنايات والمناظر الرمزية.

روعي في بناء مركز سباقات الزوارق الشراعية بتشينغداو الالتزام بمبادئ "الدورة الخضراء، الدورة العلمية والتكنولوجية، الدورة الإنسانية" و"التنمية المستدامة، التشغيل الكامل بعد السباقات، التركة الثقافية الأولمبية" و"التخطيط من نقطة البدء العالية، التصميم العالي المستوى، البناء حسب المعايير العالية". طبقت سلسلة من التكنولوجيا الحديثة في بناء هذا المركز، الأمر الذي لعب دورا نموذجيا. وروعي في بناء المركز أيضا الاهتمام البالغ بتخطيط البيئة والمناظر، وتشكل منظر على شكل كلمة "" الصينية من خلال ثلاثة محاور: المحور الغربي- محور الثقافة البحرية، المحور الأوسط- محور ثقافة الاحتفالات، المحور الشرقي- محور الثقافة الطبيعية، معنى هذه الكلمة الصينية الأنهار الكثيرة، فيعكس هذا المنظر معنى أن البحر يستوعب مياه كل الأنهار، رمزا إلى أن تشينغداو المنفتحة تفتح أبوابها للعالم بصدرها الواسع.

بدأ بناء مركز تشينغداو لسباقات الزوارق الشراعية بنقل مصنع بيهاي للسفن في فبراير 2003، وأنجزت كل مشروعات السباقات الضرورية في 30 يونيو 2006، وأقيمت فيه بنجاح البطولة الوطنية للزوارق واليخوت الشراعية و"حظا سعيدا، بكين- سباقات تشينغداو الدولية للزوارق الشراعية 2006". حظيت الإنشاءات فيه بتقدير عظيم من داخل الصين وخارجها وأثنى عليه المتخصصون بأنه "أفضل الملاعب والصالات الرئيسية في آسيا".

خضراء، علمية وتكنولوجية، إنسانية

في هذا المركز، لا يمكن إلا أن تعجب للتغيرات التي شهدها الموقع بعد نقل مصنع بيهاي للسفن. احتفظ  النفق الجبلي داخل المركز بالمناظر الطبيعية لجبل جزيرة يان آر، تمنح أشجار الصنوبر الأسود والبارسول الفرنسي الوارفة على الجبل جاذبية فريدة للمركز. نُقل مصنع السفن، لكنه خلف بعض الإنشاءات القديمة مثل رافعة البرج وحوض السفن وعمود تثبيت الزوارق، لا تزال تحكي للناس قصة حضارة ازدهرت في الماضي. بذكاء أبناء تشينغداو تحقق الدمج الرائع بين التاريخ والحقيقة.

يطل المركز على البحر مستفيدا من أشعة الشمس ومياه البحر والريح وغيرها من الطاقات الطبيعية. إلى جانب مركز اللاعبين، تستخدم الطاقة الشمسية في التبريد والتدفئة بالمركز اللوجستي، والمركز به 168 مصباح زينة تعمل بالطاقة الشمسية، و41 مصباحا بطاقة الريح على سد طويل مقاوم للأمواج  بين منطقة رسو الزوارق ومجال مياه السباقات، يوفر كل مصباح 6570 كيلووات/ ساعي من الكهرباء سنويا. بينما تشكل المراوح الهوائية التي لا يتوقف دورانها منظرا جميلا على سد مقاومة الأمواج. هذه المراوح لا تقدم الطاقة فقط وإنما تعتبر أيضا مقياسا لسرعة الريح، لأنها لا تتحرك إلا إذا تجاوزت سرعة الريح 3 أمتار في كل ثانية، وهذه السرعة هي أدنى سرعة ريح لإقلاع الزوارق الشراعية.

أكثر ما يعجب الناس في هذا المركز هو "نظام مضخة مياه البحر". يستخدم هذا النظام مياه البحر المستقرة الحرارة كمصدر للتبريد والتسخين لتقديم  المياه الباردة والساخنة التي يحتاجها المركز في التدفئة وتسخين المياه. يمكن لهذا النظام أن يوفر أكثر من 100 ألف يوان على الأقل سنويا، والأهم أنه يجسد مبدأ حماية البيئة.

أول ما تراه عندما تدخل مركز الزوارق الشراعية سدان ممتدان إلى البحر، هما سد مقاومة الأمواج الرئيسي وسد مقاومة الأمواج الثانوي. يسمى السد الرئيسي أيضا منصة المتفرجين، لأنه المكان الذي يشاهد منه المتفرجون السباقات. طوله 534 مترا، عرضه 47 مترا، يسع لثمانية آلاف فرد، وهذه أول مرة في تاريخ الأولمبياد يتوفر مكان للمتفرجين يشاهدون منه سباقات الزوارق. والحقيقة أن القائمين على دورتي سيدني وأثينا خططوا لإقامة مثل هذه المنصة للمتفرجين، ولكنهم تخلوا عن هذه الفكرة لاعتبارات تتعلق بالميزانية والسلامة وفترة البناء.

تشينغداو شيدت مكانا للمتفرجين الذين سيأتون من أرجاء العالم ولأبناء تشينغداو لمشاهدة سباقات الزوارق الشراعية العالية المستوى عن قرب، وحققت بذلك حلما راود الجمعية الدولية للزوارق واليخوت الشراعية واللجنة الأولمبية الدولية سنوات طويلة.

مركز الزوارق بعد الأولمبياد

     توظيف الملاعب والصالات التي تبني لحدث رياضي كبير بعد انتهاء الحدث مشكلة عامة. كيف ستواجه مدينة تشينغداو هذه المشكلة؟

خططت مدينة تشينغداو لتطوير هذا المكان ليصبح منطقة سياحية للمناظر على مستوى 5A، وتصبح أيضا عاصمة الزوارق الشراعية بتشينغداو، إلى جانب سباقات الزوارق الشراعية الأولمبية، ستصبح هذه القاعدة موقعا رائعا لتطوير رياضة الزوارق الشراعية.

الواقع أن تشينغداو فكرت في استخدام مركز الزوارق الشراعية بعد الدورة الأولمبية، لذلك قللت اللجنة المنظمة بقدر المستطاع مساحة البنايات حسب مبدأ "الاقتصاد في إقامة الدورة الأولمبية". إلى جانب ذلك، توجد في المركز مناظر "جزيرة يانر ومد البحر في الخريف" المشهورة، الأمر الذي يتيح جعل المركز منطقة لتسلية. وسيستضيف المركز سلسلة من سباقات الزوارق الشراعية للشباب والناشئين سنويا وكثيرا من سباقات الزوارق واليخوت الشراعية الدولية، وستجري فيه أنواع كثيرة من رياضة الزوارق الشراعية، الأمر الذي يضمن للمركز مواصلة إظهار دوره بعد دورة بكين الأولمبية.

حسب خطة مركز سباقات الزوارق الشراعية، بعد دورة بكين الأولمبية، ستتحول القرية الأولمبية التي اشترت بعض الشركات حقوق ملكيتها، إلى فندق 5 نجوم، وسيتحول المركز الإداري إلى قاعدة تدريب للمدرسة الوطنية للملاحة البحرية والألعاب المائية، وسيتحول مركز اللاعبين إلى متحف للزوارق الشراعية الأولمبية وموقعا للراحة والاستجمام، وسيتحول المركز الإعلامي إلى ناد كبير لليخوت، بينما سيتحول المركز اللوجستي إلى موقع للتسلية والراحة، وسيتحول مرسى صالة القياس إلى مرسى لسفن البريد الدولية الفاخرة.

وعلى ذلك، نتوقع أن يكون مركز سباقات الزوارق الشراعية في تشينغداو أكثر روعة في فترة ما بعد أولمبياد 2008.

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn