ã

قصص من بين أنقاض الزلزال

تسنغ تشينغ

منطقة العزل بمستشفى هواشي

العثور على جثة ضحية

سكان المنطقة المنكوبة ينصبون الخيام

على أنقاض بيته الذي دمره الزلزال، جلس الرجل وقال: "كل شيء يهون، سنعيد بناء بيوتنا بأيدينا". الحقيقة أن الرجل ومعظم أبناء قريتهم محظوظون، فعندما وقع الزلزال كانوا في حفل زفاف في الهواء الطلق، فأفلتوا من الكارثة، حيث قضى 300 فرد من بين الألفين ومائة فرد، هم سكان القرية التي وصلها فريق الإغاثة بعد خمس ساعات من الهزة الأولى.

رجل آخر، من ذات القرية، فقد فلذي كبره، فبعد أن أخذ الزلزال روح ابنه الأول، أسرع إلى المدرسة التي يدرس بها ابنه الثاني، فوجدها قد انهارت فوق رأس الجميع، ومعهم ابنه ذو التسع سنوات.

 

أين ولدي؟

محافظة ميانتشو الواقعة بجنوب شرقي هضبة تشينغهاي- التبت، تبعد عن محافظة ونتشوان ثلاثين كيلومترا، وهي من المناطق الأكثر تضررا بكارثة زلزال 12 مايو، فقد فقدت كثيرا من أبنائها ولحقت بها خسائر اقتصادية فادحة. شركة دونغفانغ للتوربينات البخارية واحدة من أكبر ثلاث مؤسسات في الصين تصنع تجهيزات محطات توليد الكهرباء، ويعمل بها أكثر من سبعة آلاف فرد. الزلزال هدم ثلث ورشها ودفن أكثر من أربعة آلاف من العاملين بها، ومن بينهم ابن سيدة عمرها أكثر من سبعين سنة. كل يوم كانت هذه العجوز تمشي أكثر من ساعة إلى مقر الشركة على أمل أن ترى ابنها المدفون في الأنقاض. لم يكن أمام العجوز إلا أن تنتظر مشيرة إلى دراجة هناك قائلة إنها الدراجة التي كان يذهب بها إلى العمل!

بعد سبعين ساعة من أعمال الإغاثة والإنقاذ بهذه المحافظة، قال مسؤول الشركة إن ثمانين أو تسعين في المائة من العاملين بالشركة تم إنقاذهم، وتم نقل المصابين بإصابات خطيرة إلى المستشفيات في حين تم تسكين المصابين بجروح خفيفة، مع أبناء المحافظة، في الخيام التي نصبت خارج الورش.

في الثلاثة أيام الأولى بعد وقوع الزلزال بدأت ثلاثة فرق إغاثة عمليات الإنقاذ في ثلاث مناطق بمدينة ميانتشو، وتم إخلاء حوالي عشرة آلاف فرد من أبناء ميانتشو إلى الحدائق والميادين والأرض الفضاء. تم نقل كميات هائلة من مياه الشرب والخضراوات والملابس من أنحاء الصين إلى مركز توزيع مواد الإغاثة بمحافظة هانوانغ بمدينة ميانتشو، ولكنهم مازالوا في حاجة شديدة إلى الخيام ومستلزمات المعيشة.

 

مخيمات دافئة بالحب

سوى الزلزال المنطقة الواقعة بين محافظة هانوانغ ومحافظة ينغهوا بمدينة شيفانغ بالأرض، ولكن أبناءها لم يرحلوا عنها، فقد نصبوا الخيام في الأرض الفضاء بمساعدة من السلطات المحلية ومن الحكومة، التي وزعت عليهم الأطعمة والملابس ومياه الشرب لمساعدتهم على البقاء في ذلك المأوى المؤقت.

ليو جين هونغ عاملة في شركة بينغفنغ للكيماويات، وهي من سكان قرية يقطنها أكثر من ثلاثمائة نسمة، قالت إن ضحايا الزلزال بالقرية بلغ أكثر من ثلاثين فردا، من بينهم ابن شقيقها، وأصيبت أمها بكسور في أجزاء متعددة من جسمها. وقالت ليو إن فريق الإغاثة وصل قريتها في اليوم التالي لوقوع الزلزال، وقام بتوزيع الأطعمة ومياه الشرب علي سكان القرية.

بعد الزلزال، أسرعت ليو جين هونغ بالبحث بين أنقاض بيتها، وجمعت ما بقي من أغراضها ثم نصبت خيمة بسيطة بنفسها وغسلت ثيابها ونشرتها فبدت الثياب مثل راية مشرقة ترفرف مع النسيم فوق الأنقاض.

بعد حوالي عشر ساعات من أعمال الإغاثة، استطاعت القوات المظلية القيام بعمليات إبرار ونصبت الخيام لسكان المنطقة المنكوبة، ومنها عدد كبير في الميدان المركزي بمدينة شيفانغ، كما أقيم 29 مأوى لتوفير الاحتياجات المعيشية لسكان تلك الخيام، ومحطات صحية بسيطة لعلاج الجرحى، والقيام بعمليات رش مطهرات في فترات منتظمة للوقاية من الأوبئة، إضافة إلى قيام رجال الشرطة بدوريات أمنية لحماية أمن وسلامة السكان. وسارعت شركات التأمين وشركات المواصلات السلكية واللاسلكية إلى تقديم الخدمات للسكان على مدار الساعة، في حين كان المتطوعون يستعدون لتقديم المساعدات. قال مسؤول مأوى توفير الاحتياجات المعيشية لسكان الخيام إن أحوال المأوى ممتازة، وسينتقل السكان إلى المناطق المجاورة الآمنة في أسرع وقت ممكن.

لي يانغ جيون، الطالب بمعهد التعليم المهني والتقني بجامعة سيتشوان للزراعة، والذي تطوع لتوزيع الأطعمة ومياه الشرب والحفاظ على النظام، قال إن أكثر من ألفي فرد تهدمت بيوتهم تماما ويقيمون في تلك الخيام. الأطعمة والمياه كافية وتوجد حمامات في الورش الأمامية.

في قلب الميدان وضع تلفزيون بحجم كبير بحيث يمكن متابعة أعمال الإنقاذ والإغاثة، بينما يجلس سكان المنطقة المنكوبة على العشب الأخضر في الميدان، يتجاذبون أطراف الحديث وتنطق عيونهم بالشوق إلى ذويهم.

 

المصابون يبتسمون أيضا

بعد أن نهضت لي ون ينغ، من قيلولة الظهيرة، الساعة الثانية وخمس دقائق دخلت دورة المياه، ثم اهتزت الأرض فدفنت في الأنقاض. ولكن السيدة ابنة محافظة ينغشيو في مدينة دوجيانغيان، كانت حقا محظوظة، فبرغم الإصابات الخطيرة التي لحقت بساقيها وذراعيها تم إنقاذها وإرسالها إلى مستشفى هواشي بمدينة تشنغدو على متن هليكوبتر يوم 15 مايو.

ساحة مبنى الطوارئ بمستشفى هواشي تحولت إلى ميدان عمليات، فبمجرد وصول سيارة إسعاف، يهرع إليها الأطباء والممرضون والمتطوعون، لبدء عمليات تطهير الجروح وغيرها من الإسعافات الأولية قبل نقل المصابين إلى غرف العمليات، ثم يسرع عمال الوقاية من الأوبئة بتطهير سيارات الإسعاف والتعامل مع الثياب الملوثة للمصابين. بعض الجرحى، بعد تلقي العلاج الأولي ينتظرون أمام المستشفى للانتقال إلى مستشفيات أخرى تخصصية.

تانغ وي، ابن السادسة عشرة، أصيب في ظهره، وأجريت له عملية جراحية في ذلك المستشفى، كان يجلس مبتسما وهو ينتظر الانتقال إلى مستشفى أخرى لاستكمال العلاج.

المصابون بإصابات خطيرة في دوجيانغيان وونتشوان وبيتشوان وشيفانغ وغيرها من المناطق المنكوبة كانوا ينقلون إلى هذه المستشفى لإسعافهم ثم بعد ذلك يتم نقلهم إلى مستشفيات أخرى.

ليو تسونغ تشانغ، وهو مدرس بمدرسة إعدادية، في محافظة هانوانغ، نقل بعد إصابته مساء وقوع الزلزال إلى محطة الإسعاف بميانتشو، ثم إلى تشنغدو، حيث وفرت له الحكومة المحلية الأطعمة واللوازم اليومية.

نظم الشباب فرق متطوعين لمساعدة الجرحى وأهاليهم للاتصال ببعضهم. كانوا يتفقدون المصابين واحدا بعد واحد من الطابق الأول إلى الطابق السادس في المستشفى للاطمئنان عليهم وتوفير وسيلة لهم للاتصال بذويهم، وبفضلهم استطاع كثير من سكان المنطقة المنكوبة معرفة أماكن وجود المصابين.

 

المتطوعون

يانغ نا، شابة من مقاطعة جيانغسو تعمل في بكين. بعد وقوع الزلزال، دعت الفتاة ذات الخمسة والعشرين ربيعا، عبر الإنترنت إلى تنظيم فريق متطوعين. خلال يوم واحد تلقت ردودا من ألف مستخدم لشبكة الإنترنت. اتصلت يانغ بمكتب الصليب الأحمر بتشنغدو والصندوق الصيني للأطفال ورتبت معهما دخول المتطوعين إلى المناطق المنكوبة على دفعات.

انطلقت يانغ نا وخمسة آخرون إلى تشنغدو بعد ظهر يوم 15 مايو باعتبارهم الدفعة الثالثة من المتطوعين، ومعهم بعض مواد الإغاثة التابعة للصندوق الصيني للأطفال. لم تنم يانغ غير ساعات قليلة منذ يوم 13 مايو، فهي مشغولة بتلقي مكالمات من كثيرين يريدون المساعدة في عملية الإنقاذ والإغاثة. معظم المتطوعين الذين توجهوا إلى المناطق المنكوبة عسكريون سابقون وأطباء وممرضون. قبل انطلاقهم تم تدريبهم على عمليات الإغاثة.

 

تعلموا من تانغشان

أبناء تانغشان الذين دمر الزلزال مدينتهم قبل 32 سنة، بادروا إلى عرض مساعدتهم. سونغ تشي يونغ، الذي قاد عملية الإغاثة في محافظة آنشيان مع 12 من أبناء تانغشان (ارجع إلى مقالتنا "حدث في الشتاء"، بعدد مايو هذا العام) خلال كارثة العواصف الثلجية هذا الشتاء، قال: "عندما سمعت بوقوع زلزال ونتشوان، قررت الذهاب إلى المنطقة المنكوبة". نظم الرجل فريق سونغ تشي يونغ للخدمات المجانية، وحمل خمسة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات)، وانطلق إلى سيتشوان.

قال سونغ: من واجبي أن أشارك في أعمال الإغاثة في ونتشوان، رغم أنني لست غنيا، ولكن لدي خبرة في أعمال الإغاثة، فنحن أبناء تانغشان عانينا من مأساة الزلزال.

فريق سونغ تشي يونغ قام في البداية بأعمال الإغاثة في مدرسة اعدادية بمحافظة بيتشوان، حيث أنقذ ثلاث فتيات يوم 15 مايو، وبعد أيام، انتقل إلى محافظة آنشيان، وبرغم الهزات التابعة، ظلوا يساعدون في إنقاذ سكان المحافظة.

خرج من مدينة تانغشان فريق إنقاذ آخر مكون من12 فردا، من بينهم يتيمان لضحايا زلزال تانغشان. كانت مهمة هذا الفريق توزيع الأطعمة ومياه الشرب ونقل مواد الإغاثة في مركز لمستلزمات المعيشة بمحافظة هانوانغ.

لم تتوقف مساعدات تانغشان عند فرق الإغاثة، إذ أرسلت سيارتي إسعاف ورافعة وآلات وأجهزة ثقب وغيرها من معدات الإنقاذ إلى المناطق المنكوبة. عامل في منجم كايلوان للفحم قال إن مساعدات أبناء تانغشانغ لسيتشوان ليست إلا رد جميل الصينيين قبل 32 سنة. سيظل أبناء تانغشان جنبا إلى جنب مع أبناء المناطق المنكوبة.

تشانغ تشن هاي، رئيس مجلس إدارة شركة دونغهاي المحدودة للسياحة، وهو أيضا عضو المؤتمر الاستشاري السياسي بتانغشان، قرر تبني عشرة أيتام من ونتشوان، ووفر فيلا مساحتها أكثر من 300 متر مربع لإقامة هؤلاء الأيتام، كما خصصت شركة دونغهاي عشرة آلاف يوان كمعونة سنوية لدراستهم. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم الشركة الرعاية النفسية للأيتام، وتشجعهم على الدراسة. كما تعهدت الشركة بتوفير الرعاية مدى الحياة لذوي العاهات. واتفقت مدينة تانغشان مع جهاز الإدارة المدنية في سيتشوان على تبنى 500 يتيم من سيتشوان، وتطوعت خمسمائة سيدة من تانغشان للقيام بدور الأم البديلة لهم.

تشانغ شيانغ تشينغ، رئيس مجلس إدارة شركة رونغتشنغ ليانخه المحدودة للحديد والصلب، تبرع بمائة مليون يوان لمنطقة ونتشوان. شقيق تشانغ قال: "نحن من أيتام زلزال تانغشان، ونريد أن نرد جميل المجتمع". مساهمات تشانغ شيانغ تشينغ وشركته للأعمال الخيرية عديدة، فالرجل يتبرع باسمه وباسم شركته للمتضررين من الكوارث وللمسنين والأيتام والفقراء وذوي العاهات ولقضايا الثقافة والرياضة وحماية البيئة. وقد بلغ اجمالي تبرعاته أكثر من 5ر38 مليون يوان، ولذا فاز بجائزة المساهمات البارزة للأعمال الخيرية الصينية ومنح لقب "الشخصية الخيرية".

أبناء وحكومة سيتشوان يولون اهتماما خاصا للتعلم من تجربة تانغشان، فقد اتصل ليو تشي باو، أمين لجنة الحزب لمقاطعة سيتشوان، بتشاو يونغ أمين لجنة الحزب لمدينة تانغشان، لاستشارته في سبل تهيئة الظروف المعيشية للأيتام والمسنين الذين لا عائل لهم.

ومن جانب آخر، نصح قادة تانغشان بأهمية الإبقاء على آثار الزلزال، سواء المنهارة التربة أو السيول المحملة بالطين والحجارة وتشققات الأرض، بحجم كبير لتكون شاهدا على تلك المأساة، وضرورة اختيار مواقع الآثار في أسرع وقت ممكن للحفاظ على ملامح آثار الزلزال الأصلية.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn