القطاع الخاص العماني يلعب دورا كبيرا في دفع وتعزيز العلاقات
ندعو للتعاون مع الصين على المستوى الإسلامي والعربي
نجاح الصين في تنظيم الأولمبياد ليس لها وحدها وإنما لكل آسيا
بعد عشرين عاما من إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، تتطلع الصين وسلطنة عمان إلى مرحلة جديدة من التعاون المتعدد المجالات والانطلاق إلى آفاق رحبة في ظل ظروف دولية وإقليمية متغيرة. لاستعراض العلاقات الصينية العمانية، التقت ))الصين اليوم(( مع سفير سلطنة عمان لدى بكين عبد الله بن صالح بن السعدي وأدارت معه هذا الحوار.
الصين اليوم: كيف تلخصون مسيرة العلاقات الصينية العمانية خلال الفترة منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى اليوم؟
السفير: تعود العلاقات العمانية الصينية إلى العصور القديمة. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 1978، شهدت هذه العلاقات قفزات متنوعة في كثير من المجالات. في المجال السياسي لا شك نحن نهتمون جدا بما وصلت إليه العلاقات العمانية الصينية من التفاهم الكامل في كافة القضايا والتنسيق الكامل بيننا في هذا الجانب. وهناك تشاور إستراتيجي بين وزارتي الخارجية في البلدين. في المجال الاقتصادي والتجاري، العلاقات عميقة الجذور ومتأصلة بأصالة أهل البلدين وحضارتيهما العظيمتين منذ أمد طويل. واليوم وعلى هذه الخلفية، تنمو هذه العلاقات العمانية الصينية في شتى القطاعات وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من خمسة مليارات دولار أمريكي، وعمان هي ثالث أكبر شريك تجاري عربي للصين. وهناك زيارات مستمرة للوفود التجارية بين السلطنة والصين. ولا شك أن القطاع الخاص العماني يلعب دورا كبيرا في دفع وتعزيز هذه العلاقات. كما أن جمعية الصداقة العمانية الصينية وجمعية الصداقة الصينية العمانية وصندوق التبادل الودي الصيني العماني تشكل روافد كبيرة في دفع العلاقات، وخاصة العلاقات الاقتصادية، إلى آفاق أرحب. ونحن نقوم بدور كبير في هذا المجال آملين أن نرى نتائج ملموسة. الحقيقة أن العلاقات مبشرة بالخير وتنمو نموا سريعا وهذا ما كان ليحدث لولا سياسة البلدين وعلاقتهما السياسية المتميزة الداعمة لهذا التوجه. وأنا لدي نظرة إيجابية كبيرة بأن هذه العلاقات ستنمو نموا كبيرا. وهناك عوامل لهذا النجاح، أولها أن سلطنة عمان أنشأت مصنعا للبتروكيماويات في مدينة تشينغداو في مقاطعة شاندونغ، وتم تأسيس شركة مشتركة بين شركة نفط عمان وشركة نفط الصين في مقاطعة قوانغتشو، وهذه الشركات ستعمق وستساعد هذا التبادل الاستثماري. وأيضا هناك استثمارات كبيرة من قبل الجانب العماني سترى طريقها إن شاء الله إلى الصين. والجانب الصيني والمستثمرون الصينيون مدعوون بكل ترحاب للاستثمار في سلطنة عمان.
الصين اليوم: سعادة السفير، الروابط الثقافية بين الصين وعمان قديمة، وسفينة صحار شاهد على عراقة تلك الروابط. إلى أي مدى تنعكس هذه العلاقات الثقافية على مجمل علاقات البلدين؟ وما هي الجهود التي بُذلت أو تُبذل لاستثمار تلك الروابط؟
السفير: العلاقات العمانية الصينية قديمة، بما فيها العلاقة الحضارية مع الصين. سلطنة العمان كانت سباقة في التبادل التجاري مع الصين، ومن هنا كانت فكرة سفينة صحار، التي أعطيت هذا الاسم بأمر من جلالة السلطان قابوس تيمنا باسم مدينة صحار، عاصمة عمان وأهم موانئها في القرن العاشر الميلادي .انطلقت سفينة صحار في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح الثالث والعشرين من نوفمبر 1980 وعلى ظهرها عشرون بحارا معظمهم من العمانيين تحت قيادة المغامر الأيرلندي تيم سيفرن. وواصلت السفينة صحار إبحارها وتغلب من في السفينة على كل الصعوبات التي يصعب وصفه، وهى تواصل تحديها للمستحيل الذي اضطر أن ينحني أمام عبقرية الإنسان العمانى الذي لا يعرف المستحيل .وعند وصول السفينة إلى ميناء قوانغتشو الصينية بعد أن قطعت 6000 ميل بحري في مركب بدون محرك لقيت السفينة ترحيبا حارا من قبل الشعب الصيني. وأقيمت مراسم ترحيب رسمية في يوم 11 يوليو عام 1981. وبقيت سفينة صحار بعض أيام في قوانغتشو، ثم أبحرت إلى هونغ كونغ ومن هناك نقلت إلى مسقط حيث وضعت في مكان قريب من فندق بستان الجميل. وقد انتهت مهمة سفينة صحار كسفينة بمجرد انتهاء الرحلة ولكن مهمتها كسفيرة ورمز للصداقة لم تنته وهى ستظل تؤدى دورها. احتفالا بنجاح الرحلة وإحياء لها أقيمت احتفالات في قوانغتشو بمناسبة مرور عشر سنوات على وصول سفينة صحار إلى ميناء قوانغتشو كما أقيمت نشاطات تذكارية في مسقط بمناسبة مرور 20 سنة على انطلاق سفينة صحار من مسقط إلى قوانغتشو. حيث نظمت حكومة سلطنة عمان محاضرة في يوم 25 ديسمبر عام 2001 بمسقط حضرها كبار المسئولين العمانين وشخصيات هامة لمختلف الأوساط. وألقى السفير الصيني تشاو شيوي تشانغ كلمة تحت عنوان العلاقات الطيبة بين الصين وسلطنة عمان من التاريخ الزاهر إلى المستقبل الباهر.
جدير بالذكر انه أقيم نصب تذكاري للسفينة صحار في قوانغتشو بتبرع من جلالة السلطان قابوس، وفى يوم 1 أكتوبر عام 2001 وبمناسبة الذكرى الـ 52 للعيد الوطني الصيني أهدى جلالة السلطان قابوس نموذجا للسفينة صحار إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية السابق جيانغ تسه مين بواسطة السفير العمانى لدى الصين عبد الله بن زاهر الحوسنى. ويمكن القول إن سفينة صحار هي بمثابة التقدير العالي من جلالة السلطان قابوس للتبادلات التاريخية بين الصين والسلطنة وتطلعاته لآفاق مستقبلية للعلاقات الحديثة بين البلدين.
الصين اليوم: عقد في شهر مايو المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، ما هو موقع عمان على خريطة التعاون الصيني العربي الشامل؟
السفير: نحن نشجع وندعو دائما للتعاون مع الصين على مستوى الدول الإسلامية وعلى مستوى الدول العربية. الصين بلد مهم للدول العربية التي تحرص جميعا على تعزيز العلاقات العربية الصينية. ونحن بدورنا دائما ندعم هذا التوجه.
الصين اليوم: تشهد الصين تنمية اقتصادية واجتماعية منذ نحو ربع قرن، ما هو تقييمكم للتجربة الصينية في التنمية وما هي إمكانيات الاستفادة منها عربيا أو عمانيا؟
السفير: نجاح تجربة التنمية في هذا البلد الصديق مثال جيد، فتنمية الصين تنمية شاملة، ليست محدودة في العاصمة، وإنما تمتد في جميع المقاطعات. ولا شك أن التجربة الصينية هي تجربة ناجحة، ونتمنى مزيدا من التقدم لحكومة وشعب الصين الصديقة.
الصين اليوم: تستضيف الصين دورة الألعاب الأولمبية التاسعة والعشرين في شهر أغسطس هذا العام. خلال وجودك في الصين، كيف ترى الاستعدادات الصينية للأولمبياد وكيف ستكون المشاركة العمانية؟
السفير: استضافة دورة الألعاب الأولمبية ليست أمرا سهلا بالنسبة إلى أي بلد، لأنها تحتاج إلى جهد كبير، والأصدقاء الصينيون أكملوا الاستعداد، وأعتقد أن الصين قادرة على اجتياز هذا الاختبار بجدارة وأن تقيم دورة أولمبية ناجحة بكل المعايير. ولا شك أن هذا النجاح في تنظيم هذا الحدث الرياضي الكبير ليس للصين وحدها، وإنما لكل دول آسيا، ومنها سلطنة عمان، التي تشرفت بمرور الشعلة الأولمبية بها. وقد رأيت ذلك الاستقبال الحار في عمان عند نقل الشعلة من قبل أبناء عمان، مما يدل على المحبة والسلام والود بين العمانيين والصينيين. كل هذا يدل بوضوح على أننا نؤيد أولمبياد بكين، وسلطنة عمان لها شرف المشاركة في الألعاب الأولمبية القادمة حيث تلتقي كل الدول في ضيافة بكين. وأتمنى مشاهدة حفلة الافتتاح، وأتمنى كل النجاح لأولمبياد بكين عام 2008.
الصين اليوم: ما هو الجوانب السلبية، إن وجدت، في العلاقات الصينية العمانية وكيف يمكن تلافيها في أريكم؟
السفير: الحمد لله، لا توجد جوانب سلبية. العلاقات الصينية العمانية ستنمو نموا كبيرا وأعتقد أن الفرصة موجودة لتعزيز التبادلات التجارية، لا سيما في الجانب الاقتصادي وتعزيز النمو الاقتصادي في بلدينا وسأركز على دور القطاع الخاص في هذا الجانب فأنا أشجع القطاع الخاص في البلدين بأن يتخذوا المبادرات وسيجدون كل العون والمساعدة من جانبنا. لدينا في السفارة خطة لوضع تدابير معينة ومحددة للارتقاء بهذه العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وأنا سأقوم بإعداد دراسة مفصلة في كيفية تفعيل هذه العلاقات وسأقوم بزيارة بعض المقاطعات من أجل الإطلاع على البيانات وتبادل المعلومات مع الأصدقاء الصينيين وأصحاب الشأن. وذلك للارتقاء بهذه العلاقات.
الصين اليوم: ما هي الرسالة التي توجهها من الصين، لكل مواطن عربي عموما، وعماني على وجه الخصوص؟
السفير: هي رسالة محبة، يمكن أن أقول إن الصين صديق للعرب وحليف لكل القضايا العربية، فلا شك أن هذه العلاقات المميزة بين الصين والدول العربية علاقات قديمة، ونحن دائما نشجع مثل هذا التقارب العربي الصيني في كافة المجالات، ونتمنى مزيدا من التقدم للصينيين والعرب.