ã

الولايات المتحدة مازالت مصرة على الأحادية القطبية

يو سوي

باحث بمركز بحوث العالم المعاصر في الصين

طفل عراقي ينظر إلى الجنود الأمريكيين أمام بيته بنظرة متخوفة

سيدة عراقية تنقد جنديا أمريكيا غاضبة

                                   

منذ بداية هذا العام ونحن نرى مناقشات جديدة حول هيكل النظام العالمي. وقد قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في حفل استقبال للمبعوثين الأجانب بباريس في شهر يناير إن "عالم القطب الواحد" الذي تشكل بعد الحرب الباردة قد انتهى بالفعل وإن كلمة " القوة العظمى" التي شاعت قبل سنوات قليلة مضت صارت مهجورة الآن. سيكون العالم في عصر "القوى الكبرى النسبية" خلال الثلاثين أو الأربعين سنة القادمة. 

تلك الكلمات لا ينبغي أن تؤخذ ببساطة، كونها ترتبط برؤى حول مكانة الولايات المتحدة ونفوذها في عالم اليوم، وكتقييم للخسارة التي تكبدتها الولايات المتحدة في الحرب العراق وتقدير لدور ما يسمى دول "بريك BRIC " أي البرازيل وروسيا والهند والصين، ودول "فيستا VISTA "، أي فيتنام وجنوب أفريقيا وتركيا والأرجنتين.

أيضا في يناير حملت مجلة يابانية محترمة متخصصة في الشئون الخارجية، مقالة عنوانها "العالم اللا قطبي يصبح أكثر تعقدا اليوم"، ونقلت عن جون تشيبمان، مدير عام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، قوله: " إن الافتقار إلى دولة قائدة مرموقة يجعل عالم اليوم عالما بدون أقطاب، عالم اليوم لا يتحرك باتجاه التعددية القطبية وإنما لا قطبية غير مستقرة".

العالم الأحادي القطبية وجد لفترة بعد الحرب الباردة، ولكن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى والعالم يتجه نحو اللا قطبية. تلك المفاهيم متشابكة ولكنها مختلفة وجديرة بدراسة مـتأنية.

ما أقصده بهيكل النظام العالمي هو الهيكل الاستراتيجي الذي يتشكل من قوى فردية (دول) ومجموعات القوى (تحالفات لدول)، قادرة على التأثير بقوة في العالم كله والوضع القائم الهيكلي الذي يحافظون عليه في تفاعلاتهم.

إن مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وصلت قمتها بعد الحرب الباردة مع سعيها، بذهنية فردية، إلى استراتيجية عالمية أحادية وبدا أن هناك قطبا واحدا هو الباقي في العالم، بينما في القواقع كان العالم يمر بمرحلة تحول طويلة من "القطبية الثنائية" إلى التعددية القطبية".

الولايات المتحدة اليوم يلحق بها ضرر، ولكنها مازالت قوة عظمى رغم ذلك. وقد كشف الوضع الدولي عام 2007 أنه العام الذي سعت فيه الولايات المتحدة إلى مخرج من البؤر الساخنة الإقليمية التي أشعلتها، ولكنها حققت نجاحا محدودا وسط تصعيد ضار.

لقد حاولت القوى الكبرى العام الماضي تعديل علاقاتها، بينما الولايات المتحدة الأمريكية السبب الرئيسي في كل شئ خاطئ، عملت على تعقيدها أكثر.

العام الماضي كان المحافظون الجدد في الولايات المتحدة مضطرين إلى إجراء تعديلات تكتيكية لها مضامين استراتيجية معينة، وذلك بعد سلسلة من الإخفاقات الخطيرة وتحت ضغط من السعي إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.

إن الخطورة والتعقد المتزايدين للوضع الدولي العام الماضي بطرق عديدة ودرجة كبيرة، إنما هي رفض لأحادية الولايات المتحدة. هذا الوضع المربك جلي في الحرب على الإرهاب، وأكثر وضوحا في حملة منع الانتشار النووي.

بيد أن هذا الوضع لا يعني بأي شكل أن الولايات المتحدة سوف تقلع عن الأحادية لصالح التعددية، بل أجبرت على السير مع التعددية القطبية. ونفس الشيء يصدق التعددية القطبية، التي لا تريدها الولايات المتحدة ولكنها لا تستطيع التخلص منها. ولأن الفجوة بين "القوة العظمى الوحيدة" و"القوى الكبرى المتعددة" تضيق يوما بعد يوم، تبدو فكرة أن العالم يدخل مرحلة "القوى الكبرى النسبية" خلال الثلاثين أو الأربعين سنة القادمة، تبدو فكرة حقيقية، ولكنها بعيدة كل البعد عن تأكيد أن كلمة "القوة العظمى" قد ماتت بالفعل.

إن الجدل حول هيكل النظام العالمي لم ينقطع منذ اليوم الأول، لأن الوضع الدولي يتعقد ويتغير طوال الوقت. البعض يقول إن التعددية القطبية سوف تسبب عدم استقرار، باعتبار أنه من الأسهل فعل الأشياء وترتيب الأمور في عالم قطب واحد له صوت واحد. إن الدفاع الأمريكي عن الأحادية القطبية يكرر مرارا الدعاية بأن الولايات المتحدة "دولة مهيمنة معتدلة"، قادرة على فرض النظام في المجتمع الدولي بشكل يؤدي إلى الاستفادة المتبادلة. وقد أعطت الولايات المتحدة شرعية لهذا المفهوم مرة بعد مرة من خلال انخراطها في حروب البلقان والشرق الأوسط.     

     

   

  

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn