السياحة بالسيارة الخاصة، وهو نمط من السفر لم يكن يعرفه الصينيون قبل بضع سنين، صارت موضة لملايين منهم. مع زيادة عدد أصحاب السيارات الخاصة وتحسن شبكة الطرق العامة بالبلاد، يفضل عدد متزايد من أبناء الصين قيادة سياراتهم الخاصة إلى أماكن بعيدة أو قريبة لقضاء العطلات والأعياد. ولا شك أن السفر الفردي له مزايا وفيه حرية أكبر من السياحة ضمن مجموعة، غير أنه بالنسبة لمن يفتقرون إلى خبرة وتجربة السفر والمعرفة بالطرق والمسالك ومتطلبات الخروج في سفر طويل أو قصير، قد يحتاجون رفيقا أو رفاقا، وهنا تبرز أهمية وفائدة أندية السياحة بالسيارة الخاصة.
أنواع الأندية
تنقسم أندية السياحة بالسيارة الخاصة في الصين إلى ثلاثة أنواع، الأول هو الأندية التي يقيمها من لديهم خبرة كبيرة في السياحة والسفر. وهي أندية تعمل بنظام العضوية، وترتب للمنتسبين لها نشاطات سياحية في فترات منتظمة. من هذه الفئة، نادي "سويو"، الذي ينتسب إليه أربعون ألف عضو، وهو أكبر أندية سياحة بالسيارة الخاصة في مقاطعة جيانغسو. مؤسس"سويو"، وانغ شيويه تينغ، قال: "نظمنا في عام 2006 أكثر من أربعين رحلة سياحية لأعضائنا، أقربها إلى نبع "تانغشان" الحار، الذي يبعد 29 كم عن مدينة نانجينغ، عاصمة مقاطعة جيانغسو، وأبعدها إلى مدينة أورومتشي بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم التي تبعد 3800 كم عن نانجينغ. وقيمة الاشتراك السنوي للعضو نحو خمسة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7,1 يوان) سنويا. وجميع الأعضاء يرغبون في المشاركة في كل النشاطات التي ينظمها النادي، لأنهم في الحقيقة أصحاب هذا النادي. نحن أسرة واحدة يساعد بعضنا بعضا ونعتز بكل دقيقة نقضيها معا."
سيارات أعضاء نادي"سويو"، مزودة بجهاز راديو خاص بالنادي يتيح لهم الاتصال ببعضهم بعضا. ويوجد في أنحاء الصين شبكة صيانة وإنقاذ خاصة بالنادي تقدم المساعدة والعون للأعضاء أثناء سفرهم. ويوفر النادي أيضا لأعضائه خدمات صيانة السيارات والخدمات التجارية.
النوع الثاني هو الأندية التي تقيمها شركات السياحة، التي تستفيد في هذا من علاقات التعاون بينها وبين المطاعم والفنادق ومناطق إدارة المناظر الطبيعية. توفر شركات السياحية لعملائها الذين يقودون سياراتهم الخاصة في الرحلات السياحية، الطعام والإقامة بأسعار أرخص مما لو اعتمدوا على أنفسهم في تدبيرها. وكما قالت تشو آي هوا، مديرة التسويق بشركة تشونغتشينغ للسياحة الدولية: "أهم شيء بالنسبة للعميل هو سلامته خلال السفر، ولهذا نوفر لعملائنا كافة المرافق والخدمات الأمنية، ومنها سيارة إرشاد تقود السيارات الأخرى وسيارات احتياطية وحراس ومرشدون وعمال صيانة السيارات. ويقوم النادي بالتأمين على الأعضاء والسيارات قبل السفر ويدفع الاشتراكات، وإذا تعرضوا لحوادث أثناء السفر نطلب تعويضا لهم من شركات التأمين."
النوع الثالث هو الأندية التي تقيمها وكالات بيع السيارات، التي تقتصر عضويتها على أصحاب السيارات من الماركات التي تبيعها، وذلك كخدمة خاصة لعملائها وكترويج لماركة السيارات التي تسوقها. على سبيل المثال، نظمت وكالة "باوله" لسيارات" فولكس فاغن" في عام 2006 رحلة سياحة لعملائها باسم "رحلة أصدقاء باوله إلى هوانغشان"، كان لها صدى كبير في المجتمع. قال دنغ جيان جيون، نائب مدير هذه الوكالة: "في السنوات الأخيرة، لم تعد متطلبات العميل مقتصرة على ماركتها أو مظهرها الخارجي والداخلي، بل تمتد إلى خدمات ما بعد البيع". وقال: "على الرغم أننا ندفع 60% من تكلفة أعضائنا في هذه النشاطات، إلا أننا من خلالها نرفع سمعة ماركتنا ونزيد مبيعات سياراتنا. بالإضافة إلى ذلك، نقدم لهم محاضرات لتعريفهم بأسلوب صيانة السيارة وإصلاح الأعطال البسيطة، وغيرها من الخدمات الأساسية".
أفضل من السياحة التقليدية؟
تشو تاو، البالغ من العمر 28 سنة، عضو بواحد من أندية السياحة بالسيارات الخاصة في بكين، قال إنه شارك منذ أربع سنوات في عشرات الرحلات السياحية بسيارته الخاصة، وإنه يستمتع بالمناظر الطبيعية الفريدة الجميلة في طريقه، ويعايش روح الجماعة والتعاون والحب المتبادل حين يواجهه هو أو أصدقاؤه صعوبات. وأوضح أن أكبر فرق بين رحلات أندية السياحة بالسيارات وأنماط السياحة التقليدية للسياحة هو الاستمتاع بالمناظر على طريق الرحلة، وليس المقاصد النهائية. وقال "يمكننا أن نعدل مسار رحلتنا، ونستطيع أن نصل المناطق النائية ونتمتع بالمناظر التي تمتد إليها يد هناك، وعادات وتقاليد سكانها. نتعلم خلال السفر كيفية حل مشاكلنا بأنفسنا، وإذا نجحنا في الوصول إلى مقصدنا تكون فرحتنا عارمة، وإذا فشلنا لا نشعر بالأسف، فيكفينا شرف المحاولة".
المستقبل
وفقا لأرقام مصلحة الدولة للإحصاء، حتى يونيو عام 2005، بلغ عدد السيارات المدنية في الصين 31 مليونا وستمائة ألف سيارة، منها حوالي 19 مليون سيارة خاصة، مع توقعات بأن هذا العدد وصل 22 مليونا في نهاية عام 2006. في عام 2006 تم بيع نحو سبعة ملايين سيارة في الصين، 60% من مشتريها مواطنون عاديون. ولكن نصيب شركات السياحة في سوق السياحة بالسيارة الخاصة ما زال صغيرا نسبيا، ومع زيادة الطلب على السياحة بقيادة السيارة، سنشهد في المستقبل القريب زيادة في ذلك النوع من الرحلات بترتيب شركات السياحة. من جهة أخرى، ستزدهر أعمال تأجير السيارات لغرض السياحة، وكذلك قطاع التأمين على حوادث السفر وفنادق الخدمة الذاتية. مع اكتشاف مناظر طبيعية جديدة وتحسين المرافق الأساسية وارتقاء بنية الخدمات، هناك مستقبل مشرق لأندية السياحة بقيادة السيارة الخاصة في الصين.
