ã

النمو المستقر يحمي اقتصاد الصين

قاو هوي تشينغ

رئيس قسم التوقعات الاقتصادية بمركز الدولة للمعلومات

ارتفاع أسعار الأغذية السبب الرئيسي لارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك

ارتفاع متواصل لسعر صرف العملة الصينية

معرض للبنايات الصديقة للبيئة


الاقتصاد الصيني الذي حقق معدل نمو 4ر11% على الأقل العام الماضي، واحد من أكثر الاقتصادات اللافتة للأنظار في العالم، إذ من المتوقع أن يحل محل الاقتصاد الألماني  كثالث أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة واليابان.

بيد أن ارتفاع الأسعار يجعل توسع الاقتصاد الصيني يفقد بريقه، وسيكون تضييق النمو حتميا هذه السنة. لقد طرحت السلطات الصينية قبل عام فكرة  تحقيق نمو اقتصادي "مستقر وسريع"، بدلا عن "السريع والمستقر" سابقا.

في الربع الأول من العام الماضي، كان معدل نمو الاقتصاد الصيني 1ر11%، وكان هذا الرقم موازيا للرقم سنة 2006، في الربع الثاني، ارتفع بسرعة إلى 9ر11%، وهو أعلى كثيرا من متوسط النمو خلال عشر سنوات، وهنا صارت الحكومة قلقة على نحو متزايد من الاقتصاد المحموم. في الربع الثالث عززت السلطات التنظيم الاقتصادي الكلي بالجمع بين الأدوات النقدية والسياسة المالية، وهو ما ساعد في تحقيق استقرار الاقتصاد. في الربع الثالث تراجع معدل النمو إلى 5ر11% وفي الربع الأخير انخفض إلى 2ر11%.

مع توسع الاقتصاد، صارت هياكله أكثر نضوجا، مع نمو صناعة الخدمات والاستهلاك بمعدلات سريعة. وفي نفس الوقت حققت الصين تقدما في تقليل استخدام الطاقة والانبعاثات. وزادت القيمة المضافة من قطاع الخدمات بنسبة 11% على أساس سنوي في الشهور التسعة الأولى لعام 2007، وهي نسبة تزيد 5ر1 نقطة مئوية عن نفس الفترة عام 2006. ويزيد الاستهلاك على نحو يلاحق نمو الاستثمار. من شهر يناير حتى نوفمبر العام الماضي، زادت المبيعات بالمفرق في الصين بنسبة 4ر16%، وهي أعلى نسبة زيادة منذ الأزمة المالية الآسيوية سنة 1997. وقد ضاقت الفجوة بين نمو الاستهلاك والاستثمار من 13 إلى 10 نقاط مئوية سنة 2006. الزيادة في الاستهلاك تدفع جزئيا الارتفاع في الدخول، ففي الشهور التسعة الأولى للعام الماضي زاد متوسط الدخل القابل للتصرف فيه لسكان الحضر بنسبة 2ر13%، بزيادة حقيقية قدرها 2ر3 نقاط مئوية عن نفس الفترة لعام 2006. وزاد متوسط الدخل الصافي لسكان الريف بنسبة 8ر9%، بزيادة حقيقية قدرها 4ر3 نقاط مئوية عن عام 2006.

على صعيد البيئة، يتراجع مؤشر تلوث الماء المعروف اختصارا باسم COD (chemical oxygen demand)، حيث وصل 28ر0% في الشهور التسعة الأولى لعام 2007 على أساس سنوي. وكانت هذه أول مرة ينخفضCOD وانبعاث ثاني أكسيد الكبريت في ذات الوقت.

بلاء التضخم

التضخم هو ما يقلق صانعي القرار، إذ يرتفع مؤشر أسعار الاستهلاك على نحو متواصل مسجلا رقما قياسيا، فوصل في نوفمبر لأول مرة منذ 11 عاما 9ر6%. والعام الماضي كان مؤشر أسعار الاستهلاك 8ر4%، أي أعلى 3ر3 نقاط مئوية عن عام 2006.

أسعار الأغذية هي الدافع الرئيسي للتضخم وهي الأسرع ارتفاعا في الأسعار، ففي شهر نوفمبر الماضي مثلا ساهمت زيادة أسعار الأغذية بنسبة أكثر من 80% من ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك، في حين كانت الأسعار الأخرى إما مستقرة أو تتجه للانخفاض.

وبينما يحوم معدل النمو الاقتصادي حول 4ر11% ويتواصل ارتفاع الأسعار، تنتهج الصين سياسة مالية محكمة لعام 2008 ولكن الاقتصاد سيواصل النمو بخطى سريعة كونه مازال في دورة النمو الاقتصادي الأعلى.

وقد تم تحديد وجهة التنظيم الاقتصادي الكلي بوضوح، مما يوفر توقعا مستقرا للسوق، كما بدأ ظهور تأثير السياسات التي وضعت مسبقا. ولكن الصين تواجه تحديات جديدة، فأزمة القروض العقارية subprime الأمريكية ورفع قيمة الرنمينبي (العملة الصينية) والاحتكاكات التجارية بين الصين ودول أخرى، ربما يقلل الطلب الخارجي على منتجاتها. وتشمل عوامل عدم اليقين الأخرى ما إذا كان بوسع الصين منع ارتفاع الأسعار الهيكلي من التطور إلى تضخم مطوق والحيلولة دون انفجار فقاعات الأصول.

إن الصين، في  سعيها إلى نمو اقتصادي "مستقر وسريع"، مازالت تعاني نقصا عندما يتعلق الأمر باعتبار "مستقر"، مثل تلوث البيئة وارتفاع الأسعار. وقد حان الوقت لوضع "النمو المستقر" قبل "النمو السريع" في استراتيجياتنا. هذا يعني أن نضع مزيدا من التأكيد على توفير الطاقة والبيئة، حفز الطلب الداخلي، تعديل الهيكل الاقتصادي، زيادة الدخول وتعزيز الابتكار وموازنة التنمية الإقليمية.

سياسة محكمة صارمة

علينا أن نواصل هذا العام انتهاج سياسة مالية محكمة صارمة، وعلى السلطات أن تستخدم أدوات فعالة للسيطرة على السيولة وأن تواصل تعزيز إدارة السيولة في النظام المصرفي بينما في نفس الوقت تُدخل تدريجيا دور أذون الخزانة الخاصة في السيطرة على السيولة.

ثانيا، على صانعي السياسة أن يعززوا دور الأسعار في التنظيم الاقتصادي الكلي، ويجب تنسيق أسعار الفائدة وأسعار الصرف للسيطرة على التضخم. ولكن يجب متابعة تحرير سعر الفائدة، ويجب تعميم إنشاء نظام سعر الفائدة الإرشادي في سوق النقد.

أداة سعر الفائدة وأداة سعر الصرف هما الأكثر أهمية من بين تلك السياسات جميعا، من أجل تحقيق اقتصاد متوازن وكبح التضخم.

من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 7ر10% هذا العام. لقد بلغ معدل نمو استثمار الصين في الأصول الثابتة أكثر من 20% لمدة ست سنوات متتالية، ومن المتوقع أن يواصل الزيادة بمعدل كبير.

في الشهور العشرة الأولى للعام الماضي بلغ عدد المشروعات الجديدة في الصين 22518 مشروعا، زاد إجمالي الاستثمار فيها بنسبة 5ر26% على أساس سنوي، أي بزيادة 1ر22 نقطة مئوية عن نفس الفترة سنة 2006.

والصين في سعيها إلى تقليل استخدام الطاقة والانبعاثات الملوثة، سوف تشجع المرافق ذات الانبعاثات الأقل والمقتصدة في الطاقة، كما ستعمم الشقق السكنية الصغيرة والإسكان الاقتصادي للفقراء. 

ومع زيادة قوتها المالية فإن الشركات صار لديها رأس مال متاح للاستثمار، ومن ثم فإن السياسة المالية الصارمة المحكمة لن تؤثر على توجهها الاستثماري بصورة كبيرة. الأكثر، أن عام 2008 سوف يشهد إعادة تشكيل قيادات الحكومات المحلية، وتشير خبرة السنوات الماضية إلى أن الاستثمار في الأصول الثابتة كان يزيد بصورة كبيرة في السنتين الأوليين بعد تغيير الحكومة المحلية. كل هذه العوامل سوف تؤدي إلى نمو سريع للاستثمار في الأصول الثابتة.

وتشمل القيود التي يمكن أن تحجم نمو الاستثمار، تشديد شروط الإقراض، ارتفاع سعر الفائدة، إصلاح تسعير الموارد وإقامة نظام الحد الأدنى للأجور مما سيرفع التكلفة للشركات.

ستفرض الحكومة أيضا معايير بيئية أكثر صرامة عند تقييم جدوى مشروعات الاستثمار الجديدة.

إن سعي الحكومة إلى بناء ريف جديد وتقديم دعم أكبر للتنمية الريفية سوف يزيد دخول الفلاحين. والنظام الذي يشجع العمال على التفاوض الجماعي مع أرباب العمل حول الرواتب والحد الأدنى للأجور، سوف يضمن زيادات مستقرة. كما أن سياسات الصحة والتعليم والتوظيف التفضيلية سوف تعزز توقعات الناس بارتفاع الدخل وهذا بدوره سيدفع الاستهلاك.

على صعيد التجارة، تواجه الصين هذا العام ظروفا غير مواتية. فالسياسات التي اتخذتها الصين في السابق للسيطرة على الصادرات، سوف يبدأ ظهور تأثيرها، وقد تزداد سرعة رفع قيمة الرنمينبي، مما سيرفع أسعار الصادرات وهذا قد يؤدي إلى إبطاء سرعة نمو الصادرات الصينية هذا العام. وإجمالا، ستكون الأسعار مستقرة وقد تنخفض قليلا.

على الرغم من أن الأسعار الدولية للحبوب الغذائية والطاقة سوف تواصل الارتفاع، وأن إصلاح سعر الوقود والطاقة في الصين سوف يرفع الأسعار، إلا أن هناك عوامل سوف تكبح الأسعار الكلية. فمع زيادة إنتاج المنتجات الزراعية، سوف يتم كبح زيادة الأسعار، ومع رفع قيمة الرنمينبي، ستصبح واردات الصين أرخص، مما يخفف من ضغط الأسعار. وفوق هذا وذاك، سوف يدفع فائض الصين من الطاقة الصناعية انخفاض الأسعار.                       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn