مدينة
عريقة
قالوا عنها، "اللؤلؤة الخضراء المتألقة في جنوب شرقي الصين" و"جنة البيئة"، ولا غرابة في ذلك، فالغابات تفترش 8ر76% من مساحة مدينة سانمينغ، التي تبلغ 22 ألفا وتسعين كيلومترا مربعا، تمثل سدس مساحة مقاطعة فوجيان. وسانمينغ، الواقعة شمال غربي فوجيان تحمل لقب "المدينة البستانية على مستوى الدولة" و"المدينة الصحية على مستوى الدولة" و"المدينة السياحية المتفوقة" و"المدينة المتفوقة في الأمن الاجتماعي الشامل" و"المنطقة التجارية التعاونية الحديثة للغابات على الضفة الغربية لمضيق تايوان".
هذه المدينة التي يقطنها ما يقرب من 21 مليون نسمة، وتضم حيين وتسع محفظات، لها ثقافة باهرة وتاريخ عريق يرجع إلى ما قبل عشرة آلاف سنة. في عام 2000، اكتشف الأثريون بها صخرة "وانشو"، التي أدرجت ضمن أكثر عشر استكشافات أثرية متميزة في الصين عام 2000. هذا الاكتشاف يعني أن تاريخ النشاطات البشرية بمقاطعة فوجيان عمرها 180 ألف سنة.
أنجبت سانمينغ كثير من المشاهير، منهم تشو شي ويانغ شي ولوه تسونغ شيان، حكماء أسرة سونغ (960 -1279)، وهوانغ شن، الرسام البارز في زمن أسرة تشينغ (1644-1911). وشجرة الكافور التي غرس فسيلتها في القرن الحادي عشر تشو شي (1130 -- 1200) وهو طفل، مازالت منتصبة الهامة فوق مسكنه القديم. سانمينغ أيضا، من النقاط التي انطلقت منها المسيرة الطويلة للشيوعيين، حيث ترك كثير من مشاهير الثوار الصينيين أقدامهم بها، ومنهم ماو تسي تونغ وتشو ان لاي وتشو ده وغيرهم من مؤسسي الصين الجديدة.
"الانفتاح والنظافة والتحضر" هو الشعار الذي ترفعه سانمينغ. في السنوات الأخيرة، وبفضل وضعها الاستراتيجي الهام، قررت حكومة سانمينغ أن تنشئ بها منطقة للتنمية الاقتصادية وقواعد صناعية هامة، وبخاصة قاعدة الصناعة الخضراء ومنطقة السياحة الأيكولوجية للضفة الغربية لمضيق تايوان.
سانمينغ من المقاصد المفضلة للسياح من أنحاء الصين. ومن أشهر المعالم السياحية بها حديقة تاينينغ الجيولوجية، التي وصفها خبراء اليونسكو بأنها "عجيبة طبيعية نادرة على الأرض"، وكهوف تاويويه بمحافظة يونغآن، وكهوف جيانغله يويهواى، إضافة إلى منظر كهجياتسودي، حيث يبلغ عدد النقاط السياحية بها 34 على مستوى الدولة و59 على مستوى المقاطعة.
الريادة
على الضفة
الغربية
تحث سانمينغ خطواتها لتصبح محور مواصلات شاملا حديثة على الضفة الغربية لمضيق تايوان. بموافقة لجنة الدولة للتنمية والإصلاح، سيقام مطار في محافظة شاشيان باستثمار 490 مليون يوان. هذا المطار الذي يبعد 19 كم عن سانمينغ ستنطلق منه رحلات جوية إلى بكين وشانغهاى وقوانغتشو وشيآن وغيرها من المدن الكبيرة في الصين، إضافة إلى رحلات خاصة إلى منطقتي هونغ كونغ وماكاو. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء العديد من الطرق السريعة والسكك الحديدية، منها طريق "فوين" (من فوتشو إلى ينتشوان) وسكة حديد "تشيوانسان" (من تشيوانتشو إلى سانمينغ) وسكة حديد "يونغوو" (من يونغأن إلى ووبينغ) وسكة حديد "يونغنينغ" (من يونغآن إلى تاينينغ) وسكة حديد "جياننينغ" (من جياننينغ إلى تاينينغ) وسكة حديد "سانشيا" (من سانمينغ إلى شيامن). بعد اكتمال هذه المشروعات في المستقبل القريب، ستصبح سانمينغ مدينة مركزية رئيسية في مقاطعة فوجيان، وسوف تتعاظم تنمية الضفة الغربية لمضيق تايوان، وتتعزز التنمية الاقتصادية في المناطق الداخلية بالصين.
دعت حكومة فوجيان في السنوات الأخيرة إلى "دعم بناء المنطقة الاقتصادية بسانمينغ، وإظهار دورها المتقدم والأساسي والمحوري في تنمية مناطق الضفة الغربية لمضيق تايوان." وقال يه جي قه، أمين لجنة الحزب لمدينة سانمينغ: "علينا أن نلعب دورا حاسما في دفع التنمية الاقتصادية الساحلية وربط المناطق الساحلية بالمناطق الداخلية. هدفنا الرئيسي أن نجعل سانمينغ قطبا رئيسيا للتنمية الاقتصادية على الضفة الغربية لمضيق تايوان."
سانمينغ من أهم القواعد الصناعية بمقاطعة فوجيان، بها أكبر المؤسسات المنتجة لصناعة الحديد والصلب والأسمدة والألياف الكيماوية والأدوية الزراعية الخ بمقاطعة فوجيان. كما أن لها مزايا متعددة في صناعة الصهر والتصنيع العميق للمنتجات المعدنية والأدوات والتجهيزات الآلية وقطع غيار السيارات والأسمنت ومواد البناء وغيرها من الصناعات المتفوقة، بفضل وفرة مواردها وجودة أساسها الصناعي. وقال ليو داو تشي، عمدة مدينة سانمينغ: "ستبذل حكومة سانمينغ أقصى جهودها لتحسين المرافق الأساسية وستغتنم فرصة تنمية المناطق المجاورة، لإظهار مزاياها في الصناعة والغابات، من أجل حث خطى تنمية صناعات الصهر وتصنيع قطع غيار السيارات وتصنيع المنتجات الغابية والتعدين والأدوية.
سانمينغ منطقة زراعية هامة، تنتج ثلث إجمالي المحاصيل الزراعية في فوجيان، وتحتل موقعا متقدما في قائمة إنتاج الفواكه والفطر وأوراق التبغ بفوجيان. وهي منطقة متفوقة لإنتاج أوراق التبغ في الصين. تسعى سانمينغ حاليا لإقامة تكتل للصناعات الزراعية المتميزة فيها وخلق ماركات زراعية ذات تأثير عظيم في أنحاء الصين.
في مجال صناعة الأدوية، اختارت سانمينغ استراتيجية "الاعتماد على تطوير العقاقير الطبية، والتركيز على بحوث الأدوية والمستحضرات الطبية والأطعمة الصحية، وتطوير الأدوية الكيماوية والعقاقير التقليدية الصينية من أجل تأسيس قاعدة لأدوية العقاقير على الضفة الغربية لمضيق تايوان.
وقد أنشأت حكومة سانمينغ في السنوات الأخيرة، شبكة كهرباء وتعمل على تطوير الطاقة الكهربائية وتحسين هيكل إمداد الطاقة وتقوية صناعة الكهرباء. على سبيل المثال، تم إنشاء محطة محولات بسعة 500 كيلوفولت، هي أكبر محطة سعة في شمال غربي مقاطعة فوجيان، والعديد من محطات المحولات بسعة 220 كيلوفولت. فتشكلت بها شبكة كهرباء ترتبط بدلتا نهر اليانغتسي في شمال شرقي الصين، وبدلتا نهر اللؤلؤ (تشوجيانغ) في جنوب غربي الصين.
التعاون
في مجال الغابات
سانمينغ ذات شهرة عظيمة في نسبة الغطاء الغابي، حيث تغطي الغابات 418ر28 مليون مو (الهكتار يساوي 15 مو) بها، أي 5ر82% من مساحة أرضها، وهذا يزيد 13,9 نقطة مئوية عن المعدل في المقاطعة، و3ر60 نقطة مئوية عن المعدل في الصين. من هذه الغابات 115 مليون متر مكعب من احتياطي الأشجار و366 مليون شجرة خيزران. وسانمينغ من عدد قليل من المدن الصينية التي يتجاوز فيها حجم احتياطي الأشجار الحية 100 مليون متر مكعب. أقيمت بها منطقة تشجير تجريبية بموافقة مجلس الدولة الصيني. في يوم 14 يونيو عام 2005، افتتحت بها المنطقة التجريبية الحديثة للتشجير بالتعاون بين ضفتي مضيق تايوان، تتكون من ست مناطق وظائفية هي؛ منطقة معالجة المنتجات الغابية، منطقة تطوير الأدوية البيولوجية والعقاقير التقليدية الصينية، منطقة معالجة الأطعمة الغابية، منطقة حماية تنوع الأحياء وتربية شتلات الزهور والأشجار، منطقة السياحة الترفيهية، ومنطقة تنمية تكنولوجيا التشجير. وبذلك أقيمت منصة بين بر الصين الرئيسي وتايوان للتعاون والحوار واستيراد التكنولوجيا الحديثة من الخارج والإبداع في مجال زراعة الغابات وغيرها من الوظائف المتميزة التي تجعل من سانمينغ قاعدة نموذجية ونافذة هامة للتعاون بين بر الصين الرئيسي وتايوان في مجال التشحير والغابات.
بعد سنوات من جهود أبنائها، تحتل سانمينغ المرتبة الأولى للناتج المحلي في فوجيان في قطاع الغابات، والثانية في الصناعات الغابية، وتنتج ثلث إنتاج فوجيان من المنتجات الغابية. كما تشكلت بها خمسة قطاعات صناعية، منها صناعة الورق والتصنيع الكيماوي لمنتجات الغابات وصناعة معالجة منتجات الغابات وصناعة الأثاث. يبلغ متوسط الدخل السنوي للمزارع من قطاع الغابات أكثر من ألف وثلاثمائة يوان، أي نحو ثلث إجمالي دخل الفرد السنوي للفلاح.
معرض التشجير بسانمينغ من أهم المهرجانات بها. هذا المعرض يقام في الفترة من يوم 6 إلى 9 نوفمبر سنويا، وفي ثالث دورة له عام 2007 تم توقيع اتفاقات 223 مشروعا باستثمارات قدرها 549ر18 مليار يوان (الدولار يساوي 2ر7 يوان)، منها 161 مشروعا باستثمار 911ر11 مليار يوان. وفي الدورتين السابقتين، جذب المعرض استثمارات خارجية قيمتها 3ر3 مليارات يوان، وتم الاتفاق على192 مشروعا، بدأ بالفعل العمل في 126 مشروعا.
ثراء
وتناغم
سانمينغ مدينة مهجرين، فقد جاء ناسها من أنحاء الصين. في خمسينات القرن الماضي، كانت مدينة متخلفة يسكنها 5700 فرد. وعندما دعت حكومة فوجيان إلى بناء قاعدة للصناعة الثقيلة بها عام 1958، تدفق إليها ما يقرب من مائة ألف شاب من أنحاء الصين منهم المهندس والعالم والمثقف الخ، فأقيم بها مصنع للحديد والصلب ومصنع للصناعة الكيماوية ومصنع للماكينات الثقيلة وغيرها من نحو 80 مصنعا للصناعة الثقيلة بجهودهم المشتركة، وحولوها من مدينة صغيرة إلى مدينة صناعية غنية. في نهاية عام 2007، بلغ متوسط الدخل السنوي للفرد بها 9968 يوانا في الحضر، و3886 يوانا في الريف.
نظرا لتضاريسها الجبلية، وحقيقة أن الفلاحين يشكلون 76% من سكانها، تولي حكومة سانمينغ في السنوات الأخيرة اهتماما بالغا لبناء "ريف اشتراكي جديد متناغم" و إقامة "المشروعات الخمسة" بالريف، ألا وهي مشروع إثراء الفلاحين ومشروع المرافق الأساسية ومشروع الإقامة الآمنة ومشروع الضمان المعيشي ومشروع رفع مستوى أبناء المدينة ثقافيا. كما تعهدت الحكومة بتحسين ظروف إمدادات المياه والكهرباء والمواصلات والاتصالات وشبكة الإذاعة بالريف. قال يه جي قه، "علينا أن نركز إدارتنا على خدمة الفلاحين ورفع مستوى خدماتنا الريفية وحل مشاكل الريف والفلاحين والزراعة بشكل دقيق ودفع بناء "الريف الاشتراكي الجديد" وزيادة دخول الفلاحين."
سانمينغ هي أول مدينة في مقاطعة فوجيان تخلصت تماما من البطالة ، وتبذل حكومتها جهودا مستمرة لمعالجة القضايا الاجتماعية، وتحسين نظام الضمان الاجتماعي وزيادة دخول المواطنين وتوسيع قنوات التوظيف من أجل تحقيق تقدم فعلي في مجالات الإبداع التكنولوجي ومستوى التعليم والصحة والطب وتنظيم الأسرة وحماية البيئة والاستقرار الاجتماعي وتقديم مساعدات للمواطنين الفقراء. في عام 2006، حصلت سانمينغ على لقب "المدينة المتفوقة حضريا على مستوى الدولة" و"نموذج بيئة الإقامة البشرية على مستوى الدولة". متوسط العمر بسانمينغ وصل 09ر73 عاما.
كل مواطن ومسئول في المدينة على يقين تام بأن سانمينغ ستتطور على نحو أسرع وأفضل، وأن مستوى معيشة أهلها سيرتفع أكثر في المستقبل.