في السبع
مقاطعات التي
يمر بها من
منبعه بهضبة
تشينغهاي-
التبت حتى
مصبه في البحر
بشانغهاي،
كون نهر اليانغتسي
على ضفافه
جزرا رملية
سكنها الصينيون
وعمروها في
فترة وان تونغ
لأسرة تانغ
(618- 907م).
وتذكر سجلات التاريخ، أن حكومة أسرة تانغ أقامت محافظة سنة 705، واختارت لها اسم "تشونغمينغ"، وهي كلمة مكونة من مقطعين، الأول، "تشونغ" ويعني المكان المرتفاع، والثاني "مينغ" ويعني المكان الواسع المنير، وهكذا فإن "تشونغمينغ" يقصد بها الأرض المنبسطة الواسعة الهادئة النظيفة. في مصب نهر اليانغتسي بتشونغمينغ ثلاث جزر رسوبية، تشكل معا أكبر جزيرة رسوبية في العالم، وجزيرة تشونغمينغ نفسها التي تزداد مساحتها بمعدل أكثر من ثلاثين هكتارا سنويا، هي ثالث أكبر جزيرة في الصين، الموقع الجغرافي المتميز والبيئة الإيكولوجية الرائعة لمحافظة تشونغمينغ التابعة لمدينة شانغهاي، يجعلها تكتسب مزيدا من الشهرة.
حديقة على البحر
تتكون محافظة تشونغمينغ من جزر تشونغمينغ وتشانغشينغ وهنغشا، وتبلغ مساحتها الإجمالية 1411 كيلومترا مربعا. جزيرة تشونغمينغ، التي يوجد بها مقر حكومة المحافظة، تقع في منتصف الساحل الغربي للمحيط الهادي، وهي ثالث أكبر جزيرة في الصين، بعد جزيرتي تايوان وهاينان. إضافة إلى ذلك، تكون جزر تشونغمينغ وتشانغشينغ وهنغشا معا أكبر جزيرة رسوبية في العالم. وإذا اعتبرنا نهر اليانغتسي تنينا ودلتاه رأس هذا التنين، فإن الجزر الثلاث بتشونغمينغ هي اللؤلؤة التي تتوج عرف التنين. لا ترى فيها بناية عالية، ولا زحاما وضوضاء، ولا تسمع إلا زقزقة العصافير ولا تشم إلا أريج الزهور.
عندما زار الرئيس الصيني هو جين تاو محافظة تشونغمينغ في السابع والعشرين من يوليو سنة 2004، حث أبناء المحافظة على الاسترشاد بمفهوم التنمية العلمي والحفاظ على التفوق البيئي وتحديد هدفهم بوضوح، ومواصلة بذل الجهود، مما شجعهم على فتح صفحة جديدة لبناء جزيرة إيكولوجية في المجالات البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
قال سون لي، أمين لجنة الحزب في تشونغمينغ: "علينا أن نتخلى عن النمط التقليدي في التنمية الصناعية، المتمثل في معالجة التلوث بعد وقوعه. ينبغي أن تكون خطواتنا الحثيثة لتنمية الجزيرة إيكولوجيا ملتزمة بحماية البيئة. الآن، ندفع التنمية بخطوات جبارة وجديدة لتحقيق التحول إلى جزر إيكولوجية حديثة، من المؤكد أننا سنواجه تحديات شاقة، ولكنها حقا عملية مفعمة بالحيوية والسعادة."
تشونغمينغ منطقة استراتيجية للتنمية المستدامة بشانغهاي، وتنمية جزر تشونغمينغ الثلاث تعتبر أساسا استراتيجيا للتنمية الكبرى بتشونغمينغ في القرن الجديد. تشونغمينغ حديقة على البحر تجذب الناس من مختلف الأنحاء لزيارتها أو الإقامة فيها.
تشونغمينغ الإيكولوجية
الإمبراطور تشو يوان تشانغ لأسرة مينغ (1368- 1644م) هو من أطلق على تشونغمينغ لقب "ينغتشو بحر الصين الشرقي". في الأساطير الصينية القديمة، ينغتشو مكان مطل على بحر الصين الشرقي وتقيم فيه إلهة، ولكن أحدا لم ير هذا المكان قط. وقد فشلت الوفود التي أرسلها الإمبراطور تشين شي هوانغ لأسرة تشين (221- 207 ق.م) والإمبراطور هان وو دي لأسرة هان (206 ق.م- 220م) إلى بحر الصين الشرقي للبحث عن ينغتشو في العثور عليها. ثم جاء الإمبراطور تشو يوان تشانغ ومنح تشونغمينغ لقب "ينغتشو بحر الصين الشرقي".
مشاهدة شروق الشمس فوق سطح البحر والطيور المحلقة فوق الماء في محمية دونغتان الطبيعية بتشونغمينغ، متعة لا تدانيها متعة. هذه المنطقة التي تشهد على تقلبات الدهر، تتمدد إلى الشرق بمعدل 80- 100 متر سنويا. وهنا أيضا يستمتع الزائر بالسير على الجسور ومواجهة الشمس واحتضان نسمات البحر واستنشاق الهواء النقي ومشاهدة القصب المتمايل مع الريح.
محمية دونغتان الطبيعية محطة مشهورة للطيور المهاجرة في منطقة آسيا والمحيط الهادي. يوجد بالمحمية أكثر من 130 نوعا من الطيور النادرة المحمية، ويقضي الشتاء فيها أكثر من ثلاثة آلاف من طيور البجع، المحمية على مستوى الدولة من الدرجة الثانية، ويعبرها أكثر من مليون طائر كل سنة. جين وي قوه، كان يعيش على قنص الطيور من قبل، ولكن عمله حاليا هو حماية الطيور، قال: "كثير من الطيور تأتي من أستراليا إلى هذه المنطقة، ويقل وزن الطائر إلى النصف تقريبا بعد الرحلة الطويلة، ولهذا يكون لزاما علينا تزويد الطيور بالطعام حتى تستطيع مواصلة رحلتها إلى سيبيريا".
في حديقة غابات الدولة بتشونغمينغ تتمتع بهدوء الطبيعة، وتشارك في النشاطات المحلية الرائعة.
همس الآثار
تشونغمينغ ليست مجرد مجموعة من الجزر الإيكولوجية ذات المناظر الطبيعية الساحرة، فهي ذات تاريخ عريق أيضا. فيها قصر تشونغمينغ، الذي يسمى أيضا "معبد كونفوشيوس" أو "معبد ونميان". كان القصر مدرسة حكومية في العصور القديمة، والآن أصبح مكانا لتقديم القرابين لكونفوشيوس، المعلم الكبير والمفكر الصيني المشهور، ويعتبر أكبر معابد كونفوشيوس بشانغهاي وموقعا للآثار التاريخية والفنية والثقافية.
درس كثير من المسئولين الحكوميين في هذا القصر، ومنهم الأدميرال شن تينغ يانغ، في أواخر أسرة مينغ (1368- 1644م)، والدبلوماسي لي فنغ باو، في أسرة تشينغ (1644-1911م). غطت أفكار كونفوشيوس كافة أوجه الحضارة التقليدية الصينية، فأثرت في الصينيين جيلا بعد جيل واندمجت مع البوذية، مما شكل مزيجا من الحضارة الصينية والحضارات الأجنبية.
يبعد معبد شوآن عن مركز محافظة تشونغمينغ 5ر2 كم شرقا. بني قبل أكثر من سبعمائة سنة، وهو من أكبر أربعة معابد في جزيرة تشونغمينغ، ويضم مجموعة من المباني والأنصاب التذكارية المنقوشة ولفائف لوحات الخط والرسم، ولهذا يقصده الناس لمعرفة تاريخ الصين العريق ومشاهدة الآثار القديمة.
حديقة جبل جينآو، التي تعتبر رمز تشونغمينغ، جديرة بالزيارة لجمالها وعراقة تاريخها. وتقول أسطورة صينية إن شن ون قاو، وهو من مواليد تشونغمينغ في زمن أسرة تشينغ، بعد أن حصل على المركز الثالث في الامتحان الإمبراطوري، استأجر عمالا وشرع يكدس التراب حتى شكل جبل جينآو في ليلة واحدة، تعبيرا عن فرحته بالنجاح.
باستثناء برج تشنهاي، دمرت كل معالم الحديقة بسبب الحرب في أربعينات القرن الماضي، والمباني الموجودة حاليا بالحديقة شيدت في السنوات الأخيرة. من قمة برج تشنهاي ترى المناظر الجميلة لنهر اليانغتسي ومعالم الحديقة.
ريف تشونغمينغ تحول إلى مقصد سياحي، حيث يجرب السياح ممارسة العمل الزراعي ويتناولون أطعمة الفلاحين ويقيمون في بيوتهم ويستمتعون بلذة الحياة في الريف والتعرف على الثقافة الريفية الصينية.
تشونغمينغ تحمل لقب جزيرة الكابوريا، إذ توجد بها كابوريا لاوماو، التي تحتل قمة أفضل عشرين نوعا من الكابوريا في العالم. يمكن تناول الكابوريا مع سماع حكايات الكابوريا باللهجة العامية لتشونغمينغ.
تشونغمينغ معروفة بالفنون الشعبية الخاصة بفضل موقعها الجغرافي، إذ يسكنها أبناء أكثر من عشر قوميات، ومن ثم تتنوع فنونها، ومنها عروض مودانتينغ المشهورة، حيث يعزف الممثلون الآلات الموسيقية التقليدية الوترية والنقرية ويغنون ويرقصون في الأعياد.
جزيرة تشانغشينغ
ترتبط جزيرة تشانغشينغ بصناعة الماكينات، وقد أصبحت أكبر قاعدة لصناعة ماكينات المواني والسفن في العالم، رغم أن عمر هذه الجزيرة يزيد قليلا على ثلاثمائة عام.
عندما كان الرئيس هو جين تاو، وهو نائب للرئيس، في زيارة للولايات المتحدة سنة 2002، بثت محطة تلفزيون أمريكية خبر عبور سفن الشحن لشركة تشنهوا الصينية، المحملة بأربع رافعات، تحت جسر جولدن جيت، وفي كلمته بحفل استقبال أقيم للسيد هو، وجه عمدة مدينة سان فرانسيسكو الشكر للصين.. على تقديم المنتجات الممتازة.
تأسست شركة تشنهوا لرافعات المواني بجزيرة تشانغشينغ سنة 1992، مؤسس هذه الشركة، قوان تونغ، بدأ المشروع وعمره ستون سنة، وقد حققت الشركة، تحت قيادته، خلال تلك الفترة تطورا استغرق من ثلاثين إلى أربعين سنة في الشركات المناظرة. وقد احتلت شركته أكثر من 50% من السوق الدولي لرافعات لمدة أربع سنوات متتالية.
جزيرة تشانغشينغ، على الرغم من كونها أكبر قاعدة إنتاج لرافعات المواني، تولي أهمية كبيرة لحماية بيئتها الطبيعية.
أحلام النهر
النهر هو الذي كون جزيرة تشونغمينغ، ولكن النهر ذاته هو مصدر قلقها وحيرتها.
على ضفة اليانغتسي المقابلة لتشونغمينغ تقع شانغهاي، بكل ازدهارها وسحرها وجاذبيتها، ولهذا بات عبور النهر حلم أجيال من أهل تشونغمينغ. من أجل تحقيق التنمية السريعة لشانغهاي والإسراع في بناء تشونغمينغ وتعزيز التعاون الاقتصادي بين مدن دلتا نهر اليانغتسي، بدأ في الثامن والعشرين من ديسمبر 2004 العمل في إنشاء نفق تحت اليانغتسي يربط تشونغمينغ بشانغهاي. النفق الجديد، بعد إنشائه سيتيح لتشونغمينغ فرص تنمية هائلة، إذ سيختصر رحلة السفر بين الضفتين من 45 دقيقة بالسفينة إلى 20 دقيقة فقط بالباص.