ã

عندما زار بوش الشرق الأوسط

تاو ون تشاو

باحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية 

جورج بوش في زيارته الأخيرة لإسرائيل

جورج بوش في زيارته الأخيرة لفلسطين

                                  

قبل جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الشرق أوسطية من الثامن إلى السادس عشر من يناير، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيريونو، إن الهدف الرئيسي لتلك الجولة هو دفع عملية السلام وتحقيق مزيد من التقدم على أساس مؤتمر آنابوليس. وقال بوش نفسه إن هدف الزيارة هو دفع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية ودفع المصالحة بين الدول العربية وإسرائيل والتأكيد مجددا على التزام الولايات المتحدة بأمن حلفائها في المنطقة، فهل حقق بوش أيا من تلك الأهداف؟

زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جاءت ضمن مساعي إدارته إلى تشكيل "تركة سياسية" إيجابية، غير أن المشاكل تنطلق في وجه إدارة بوش واحدة تلو الأخرى، وعلى رأس تلك المشاكل تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي أكد أن إيران أوقفت منذ عام 2003 خطة تطوير الأسلحة النووية، إضافة إلى قيام السلطات الأمنية الأمريكية بإتلاف أشرطة فيديو لتحقيقاتها مع المشتبه بهم بتهمة الإرهاب. ولعل هذا هو ما دعا صحيفة ((نيويورك ديلي نيوز)) إلى القول بأن بوش لم يعد بطة عرجاء، بل صار بطة ميتة.

منذ مؤتمر أنابوليس في أواخر نوفمبر الماضي، جعلت إدارة بوش عملية السلام الفلسطيني- الإسرائيلي جزءا مهما من حزمة سياساتها الشرق أوسطية، وعبرت مرارا عن أملها في رؤية توصل الطرفين إلى اتفاق سلام هذا العام. بيد أن إدارة بوش تعلم جيدا مدى صعوبة حل قضية فلسطين- إسرائيل. لقد حث بوش، خلال جولته بالشرق الأوسط، كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس على اتخاذ "الاختيار الصعب"، مؤكدا أن بلاده سوف تراقب عن كثب محادثات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، وأنه قد يزور الشرق الوسط مرة ثانية للاحتفال بالذكرى السنوية الستين لإسرائيل.

أكد بوش مجددا الدعم لخريطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط، ولكن بتفسير جديد. كانت خريطة الطريق تتكون في الأصل من ثلاث مراحل: الأولى، أن يقمع الفلسطينيون المتطرفين، في حين تتخلى إسرائيل عن مستوطناتها غير الشرعية (في الضفة الغربية وغزة)؛ الثانية، إقامة دولة فلسطينية؛ والثالثة، تكون عندما يحل الطرفان كافة نزاعاتهما.

بيد أن إدارة بوش تقول حاليا إن تلك المراحل الثلاث يجب أن تسير متوازية، وليس مرحلة بعد أخرى.

أما موقف إسرائيل فهو أن أي اتفاق سلام يجب أن يشمل غزة، وهذا يعني عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام حتى ينجز الفلسطينيون الوحدة الداخلية، بينما الفلسطينيون يقسمون أنهم لا يستطيعون تشكيل دولة مستقلة داخل حدود مؤقتة، وهذا يعني أن الدولة الفلسطينية يمكن أن تقام فقط بعد حل كافة القضايا الشائكة، مثل الأراضي، القدس وحق العودة للاجئين.

في ما يتعلق بقضية إيران النووية، بعد أن سمع الناس حديثا كثيرا في مارس الماضي عن احتمال قيام الولايات المتحدة بمهاجمة إيران، أصدرت 16 وكالة استخبارات أمريكية في نوفمبر تقريرا مشتركا بأن إيران علقت برنامجها للأسلحة النووية عام 2003. وبينما تنفس المجتمع الدولي الصعداء، ذكرت الولايات المتحدة العالم بأن إيران مازالت تمثل خطرا. لأسباب عديدة، تبدو احتمالات توجيه بوش الأوامر بضربات عسكرية لإيران قبل مغادرته البيت الأبيض معدومة، ولكن إدارته تريد أن يواصل العالم الضغط على طهران في ذات الوقت. ولعل هذا هو السبب في أن بوش قال مرارا خلال جولته في الشرق الأوسط، إنه إذا كان المجتمع الدولي لا يستطيع أن يعمل معا لمنع إيران من تطوير تكنولوجيا الأسلحة النووية، فإن إيران تبقى وستبقى خطرا.

توجه دول الخليج إزاء إيران دقيق وحرج. مع هزيمة طالبان التي يقودها السنة المسلمون في حرب أفغانستان، تخلصت إيران من عدو لدود إلى الشرق منها، وبحلول إدارة شيعية محل حكومة صدام حسين السنية كنتيجة للحرب الدائرة في العراق، أدت الولايات المتحدة لطهران خدمة جليلة. قد يكون هذا ما لم يكن في ذهن إدارة بوش عندما شنت الحربين، ولكن الحقيقة هي أن قدرات إيران العسكرية هي الأقوى في منطقة الخليج، ويشعر الآخرون في المنطقة بالقلق من ذلك. لهذا السبب، قليل من دول الخليج أصدقاء مقربون لإيران، على الرغم من أنها جميعا تحافظ على مستويات متنوعة من التعاون معها. الضغط الأمريكي على إيران يخدم مصالح دول الخليج الأخرى إلى درجة معينة، ولكن هذه الدول لا تريد أن – أو لا تجرؤ على-  مناطحة إيران. عندما كانت التقارير الصحفية تعج بالتوقعات عن هجوم أمريكي على إيران الربيع الماضي، أوضحت دول الخليج  أنها ليست على أي جانب من الخلاف الأمريكي الإيراني ولن تكون منصة إطلاق لهجوم أمريكي على إيران.. هذا هو السبب في أنه من غير المحتمل أن تؤيد علانية موقف واشنطن تجاه إيران على الرغم من حاجة تلك الدول إلى الدعم الأمريكي.

لقد أعلنت إدارة بوش عن أنها ستبيع أسلحة ومعدات عسكرية قيمتها 20 مليار دولار أمريكي لمنطقة الخليج، وقال بوش خلال زيارته للشرق الأوسط إن الولايات المتحدة ستبيع قريبا جدا صواريخ وأسلحة أخرى متقدمة قيمتها 130 مليون دولار للسعودية، فكيف لا يكون ذلك طلقة تحذير أخرى لإيران.

إن تقييم جولة بوش الشرق أوسطية مهمة ليست سهلة حيث أن الزيارة كانت جزءا من مسيرة طويلة وليست مجرد طلقة لحل قضية معينة. البعض في أجهزة الإعلام خلصوا إلى أن بوش عاد لبلده بخفي حنين، كونه لم يسمع تعهدات جديدة من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا كلمة تأييد من دول الخليج في مسعاه لاحتواء إيران. ولكن إدارة بوش يمكنها أن تقول إن الجولة حققت هدفها لأنها أضافت حافزا للجهود القائمة.

لقد تجمدت عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية لمدة سبع سنوات عندما أصبح بوش رئيسا، والآن قررت إدارته إحياءها. وبالنسبة للخلاف بين إيران وأمريكا، أخشى أنه سيبقى حتى يسلم بوش الرئاسة لغيره.

هذا هو عام الانتخابات في الولايات المتحدة. على الرغم من أن المتنافسين الديمقراطيين والجمهوريين يقولون كلهم إن إيران خطر، وعد المرشحون المتقدمون الديمقراطيون الثلاثة، أوباما وكلينتون وإدواردز، بالتفاوض مع إيران مباشرة دون تردد، وتطبيق أسلوب العصا والجزرة. هذا يعني أنهم يعتزمون الإبقاء على خيار القوة العسكرية وتشديد العقوبات الاقتصادية، مع التلويح ببعض الجوائز الاقتصادية لإيران لإغرائها بحل القضية النووية، بنفس الطريقة التي اختارتها جمهورية كوريا الديمقراطية.

في ظل هذه الظروف، بالطبع ستنتظر إيران لترى دون تليين لموقفها، ومن هنا فإنه من المحتمل أن تبقى العلاقات الأمريكية- الإيرانية هذا العام كما هي، مع فرص قليلة لتغيرات دراماتيكية.               

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn