المخرج
الصيني المشهور
تشانغ يي مو،
الحاصل على
جائزة "أفضل
ممثل" في مهرجان
طوكيو السينمائي
الدولي سنة
1987 عن دوره في
فيلم ((البئر
القديم))، والذي
حصل فيلمه
((فتاة تشيو
جيوي إلى المحكمة))
على جائزة
"أحسن فيلم"
في مهرجان
فينسيا السينمائي
الدولي، والمكلف
بإخراج حفل
افتتاح أولمبياد
بكين، رفض
الإفصاح عن
أي شيء يتعلق
بهذا الحفل.
اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين واللجنة الأولمبية الدولية أجازتا مشروع الحفل الذي لم تعلن تفاصيله، وعندما سُئل تشانغ عنه قال: "سيبدأ في الساعة الثامنة مساء ويستمر حتى الساعة الحادية عشرة والنصف، وستكون مدة العروض الفنية الرائعة ساعة ونصف. ولكن، وفقا لاتفاقي مع اللجنة المنظمة، لا أستطيع الحديث عن تفاصيل الحفل".
الجميع ينتظرون هذه اللحظة، وهم يعلمون أنه برغم أن الحفل ليس فيلما لتشانغ يي مو، لن يخلو من بصمات تشانغ الفنية.
خصوصية
أولمبياد
بكين
قد يكون من الصعب أن يرضي حفل افتتاح الأولمبياد أذواق كل المشاهدين، فذلك الحفل لا يكون موجها لمواطني الدولة المضيفة فقط. وقد شبهت وانغ تشاو قه، التي تشارك في تصميم حفل الافتتاح مع تشانغ يي مو، هذا الأمر بمن يدعو ضيوفا لتناول الطعام في بيته، فيكون السؤال: هل يطهو صاحب البيت الطعام الذي يعجبه هو؟ وتجيب وانغ بالنفي قطعا، إذ يكون على المضيف أن يطهو ما يعجب ضيوفه، ويسعد بثنائهم وتقديرهم. وتدعو وانغ إلى توظيف الخصوصيات الصينية في الحفل. عموما، البعض يرى أن المخرج تشانغ يي مو بارع في توظيف الخصوصيات الصينية ووضعها في مزيج يجعل العروض الصينية تتفق مع أذواق الأجانب. يعتقد تشانغ أن المعيار الرئيسي لإخراج العمل هو أن يكون مفهوما لدى الأجانب، وحسب كلامه: "إذا لم يفهم المشاهد الأجنبي العرض، نكون بذلك بددنا فرصة لإظهار ثقافة الصين".
بعد أن أخرج تشانغ الفيلم القصير الذي تضمنه ملف بكين عندما تقدمت بطلب استضافة أولمبياد 2008، عبر عن رغبته في إخراج حفل افتتاح أولمبياد بكين، فاشترك في إخراج العديد من الأعمال الفنية على سبيل التجربة والاستعداد، ومن بينها عرض باليه ((الفوانيس الحمراء المعلقة)) المقتبس من أحد أفلامه بنفس الاسم، ومسرحية ((الفتاة ليو سان جيه))، وهي أول مسرحية في العالم تعرض بين الجبل والنهر، ومسرحية ((الإمبراطور تشين شي هوانغ))، التي عرضت في الولايات المتحدة. أنجز تشانغ كل هذه الأعمال استعدادا لحفل الافتتاح.
على سطح نهر بمدينة قويلين جنوبي الصين، عُرضت مسرحية ((الفتاة ليو سان جيه)) على خشبة مسرح ومن خلفها اثنا عشر جبلا، فيما يعتبر أكبر مسرح طبيعي في العالم، حيث تمتع أكثر من ألفي مشاهدين بالمسرحية الرائعة والمناظر الساحرة. وقد أشار تشانغ إلى أن حفل افتتاح أولمبياد بكين سيقام في موقع خاص تماما مثل الموقع الذي عرضت به مسرحية ((الفتاة ليو سان جيه))، فيمكن الاستفادة من ((الفتاة ليو سان جيه)) وتوظيف الإستاد الوطني ((عش الطيور)) فنيا. في هذه المسرحية، أجاد تشانغ، الذي بدأ حياته الفنية كمصور سينمائي، استخدام ألوان متعددة، مما أثار إعجاب المشاهدين. وإذا استطاع هذا المخرج المبدع تجسيد مفهوم "الأولمبياد الخضراء" في حفل الافتتاح من خلال توظيف الإضاءة والخلفية فإنه سيثير حورا عميقا بين المتفرجين والطبيعة.
المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ، الذي اختارته لجنة بكين المنظمة للأولمبياد خبيرا فنيا ومستشارا لها، أثنى على قدرات تشانغ يي مو في استخدام الألوان للتعبير عن أفكاره في فيلم ((البطل))، وقال: "تشانغ جعل المشاهد يفهم قصده بدون نطق حرف، فأصبحت الألوان لغة لتبادل الرؤى، وبالمقارنة مع الصوت والحرف، انطباع العين يكون أكثر تأثيرا في المتفرجين، فيجب بذل أقصى الجهود لاستغلال فن انطباع العين".
عندما كان تشانغ يعد الفيلم القصير الذي تضمنه ملف بكين لاستضافة أولمبياد 2008، اجتهد في البحث عن الابتسامات. وقد أمضى سنة كاملة في جمع صور وجوه مبتسمة للأطفال في العالم لاستخدامها في حفلي الافتتاح والختام، إذ يعتقد أن الوجه المبتسم يكسر حواجز التخوم والقوميات بين مختلف الدول، فالابتسامة خير دليل لطبيعة البشر، برغم اختلاف ألسنتهم وألوان بشرتهم.
أكد تشانغ على أهمية المشهد البصري وقال إنه تشاور مع خبراء أجانب حول تقديم أكثر من مشهد بصري قصير، ولكن قالوا إن مجلة مثل ((نيويورك تايمز)) سوف تنشر صورة واحدة لحفل الافتتاح، وأضاف تشانغ قائلا إنه لا يريد أن تكون هناك لحظة رائعة واحدة فقط في افتتاح أولمبياد بكين، بل عدة مشاهد رائعة، ربما ثمانية، على نحو يجعل أجهزة الإعلام الأجنبي لا تستطيع إهمال أي منها.
يرى كثيرون أن نجاح حفل الافتتاح يمثل نصف النجاح للدورة الأولمبية، ويعتقد تشانغ أن نجاح مراسم إشعال الشعلة يمثل نصف التوفيق للدورة الأولمبية، فتلك المراسم لا ينساها المشاهدون.
كونفوشيوس
يحضر الحفل؟
ينبغي أن يجسد حفل الافتتاح الروح الأولمبية المتمثلة في السلام والتعاون والصداقة، والتعبير عن موضوع أولمبياد بكين "عالم واحد، حلم واحد"، ويجب إظهار ثقافة الصين وعاداتها وتقاليدها. وقد اقترح المستشار الفني لأولمبياد بكين جي شيان لين- 97 سنة- على تشانغ يي مو استخدام تمثال كونفوشيوس في الحفل لإظهار ثقافة الصين.
سباق الماراثون الأولمبي اتخذ اسمه من سهل ماراثون، عندما قطع جندي يوناني المسافة من ذلك السهل إلى أثينا سنة 490 ق.م لنشر خبر السلام، وللأسف أنه توفي من الإرهاق. في تلك الفترة الزمنية عاش كونفوشيوس في الشرق حتى بلغ من العمر اثنتين وستين سنة، وقد دعا إلى السلام أيضا. تجري مناقشة اقتراح جي شيان لين، ولا ندري النتيجة، ولكن سواء كان تمثال كونفوشيوس موجودا أو غير موجود لن يكون حفل الافتتاح بعيدا عن أفكاره.
أخرج تشانغ عرضا استغرق ثماني دقائق وتسع وأربعين ثانية في حفل الختام لأولمبياد أثينا عام 2004، ولكنه لم يعجب المشاهدين الصينيين. بالإضافة إلى الفوانيس الحمراء والعناصر الصينية البسيطة، ارتدت العازفات على الآلات الصينية فستان تشيباو القصير المشقوق من الجانبين فظهرت أفخاذهن، فتساءل المشاهدون هل هم يشاهدون التقاليد الصينية أم أنهم في بار أمريكي؟
عندما طُلب من تشانغ إخراج فقرة في حفل الختام لأولمبياد أثينا 2004، أعد مشروعا ضخما ولكن في النهاية تم تقليص الفقرة إلى نحو تسع دقائق، لم تعجب المشاهدين ولم تعجب تشانغ نفسه. ولما سئل عن ذلك، قال: "أنا ضيف وليس من اللائق أن يُعد الضيف شيئا يتفوق على ما يُعده المضيف".
قال سونغ جيان جيون، مدير شركة بايقه تايخه، إن فستان تشيباو رمز لجاذبية المرأة الشرقية، أما تشيباو القصير فيعتبر جمعا غير موفق بين الثقافتين الصينية والغربية. وقال إن كثيرا من الناس لا يعرفون الثقافة الصينية ولذلك يجب بذل الجهود للدمج بين الحضارتين الصينية والغربية.
شركة بايقه تايخه قدمت مشروعا ممتازا لحفل افتتاح أولمبياد بكين بعد أن استعرض العاملون بها أفضل العروض الضخمة التي قدمت خلال السنوات العشر الماضية وحللوا مستوى التكنولوجيا فيها، وقد خلصوا إلى أنهم يمتلكون القدرة على توظيف التكنولوجيا بشكل جيد، ولكن نقطة ضعفهم هي الجمع بين الثقافة الصينية والتكنولوجية العالمية.
كتب سونغ جيان جيون ورقتين، سجل في إحداهما عشرة آلاف نوع من العوامل الصينية، وفي الثانية أكثر من مائتي نوع من الوسائل التكنولوجية، وبحث في إمكانية الجمع بينهما فوجد صعوبات كثيرة.
يوي شيو يوي، العالم المشهور ومستشار الأولمبياد الخاص بشانغهاي، قال إن السمات الثقافية الصينية المشهورة في العالم لا تمثل روح الصين المعاصرة لأنها سمات عصر انحطاط الصين، وهي تثير اهتمام الأجانب ولكنها لا تؤثر فيهم.
تشانغ يي مو يجيد استخدام التكنولوجيا الحديثة، فهل يمكنه جمع العوامل الصينية والتكنولوجيا جيدا؟
وانغ تشاو قه تعهدت بإبراز عناصر صينية عديدة، وقالت إن المشهد الذي نال إعجابها أكثر في حفل افتتاح أولمبياد أثينا هو مشهد الطفل على القارب في بحر إيجه. لأن مشهد الطفل والقارب بدا كأنه تمثال في البحر، وهذا ترك انطباعا لا يمحى للمشاهد.