ã

وانغ باو تشيانغ

من السقالات إلى البلاتوهات

وو يويه مينغ

وانغ باو تشيانغ في فيلم ((عالم بدون لصوص))

وانغ باو تشيانغ في المسلسل التلفزيوني ((غارة الجنود))

 

عشرات من البشر يتسكعون كل يوم أمام البوابة الرئيسية لأستوديو السينما ببكين، وفي عيونهم شوق وحيرة. من بينهم فلاحون جاءوا إلى المدينة بحثا عن عمل ومتعطلون وشباب. البعض ينتظر هنا فرصة لكسب الرزق من المشاركة في مشهد بفيلم أو مسلسل أو مسرحية، والبعض يحلم بأن يصير ممثلا محترفا ذات يوم.

بين هؤلاء، كان ينتظر فتى فلاح قصير القامة نحيف وذو بشرة داكنة. إضافة إلى ملامحه البعيدة تماما عن الوسامة، لم يكن وانغ باو تشيانغ ينطق جيدا اللغة الصينية الفصحى التي تسمى بوتونغهوا. وانغ باو تشيانغ حاليا نجم معروف للجميع، فهل كان الحظ حليفه؟

 

حلم فتى فلاح

ولد وانغ باو تشيانغ في قرية بمقاطعة خبي عام 1984. كان طفلا عنيدا رأسه أنشف من الحجر، ولذلك كان يتعرض للضرب من أبيه دائما. ذات ليلة، شاهد الفتى فيلم ((معبد شاولين)) في عرض مفتوح بقريته. جذب الفيلم الذي يلعب بطولته نجم أفلام الكونغ فو، جت لي (لي ليان جيه) انتباه وانغ باو تشيانغ، ومن يومها وقع في غرام أفلام الكونغ فو، وأصبح جت لي مثله الأعلى.

بعد مشاهدة الفيلم، اعتقد وانغ باو تشيانغ أنه يستطيع أن يذهب إلى معبد شاولين كي يصير مخرجا. يتذكر وانغ باو تشيانغ ذلك، ويقول مازحا: "كنت غبيا، فقد اعتقدت أن الرهبان في معبد شاولين يتدربون على الووشو لإخراج الأفلام وأن المعبد ذاته ليس إلا شركة لإنتاج أفلام الكونغ فو."

إعجابه بالكونغ فو، لقي هوى عند والديه، فالتدرب على هذه الرياضة يقوي بنيته، والقوة البدنية أمر هام بالنسبة للفلاحين. ذهب وانغ باو تشيانغ، وكان عمره ثماني سنوات، إلى معبد شاولين بمقاطعة خنان. كان يومه في المعبد يبدأ مع الفجر، حيث يتدرب على الووشو في الفترة الصباحية، ويدرس المواد الثقافية بعد الظهر، ويراجع ليلا ما درسه وتدرب عليه. لم يكن وانغ باو تشيانغ يعود إلى أهله إلا في عيد الربيع، ولم يكن والداه يذهبان لزيارته في المعبد لضيق ذات اليد.

أمضى الفتى وانغ باو تشيانغ ست سنوات في معبد شاولين. ولم ينس حلمه، ظن أنه، بعد التدريب الشاق في المعبد، يستطيع أن يمثل في أفلام الكونغ فو. ودع وانغ باو تشيانغ معلميه وراح يبحث عن حلمه. سمع أن أستوديو السينما ببكين يستأجر دائما كثيرا من الكومبارس، فقرر التوجه فورا إلى عاصمة البلاد، لينضم إلى قافلة المشردين بها. لم يكن في جيبه غير خمسمائة يوان (الدولار الواحد يساوي 3ر7 يوان).

أمام باب الأستوديو، كان يقف لا يثنيه برد شتاء أو حرارة صيف. وعندما ابتسم له الحظ وأتيحت له فرصة المشاركة في عمل، ابتهج كثيرا، وظن أنه اخترق الوسط السينمائي. بيد أن الأيام كشرت له عن أنيابها، فقد تضاءلت الفرص يوما بعد يوم، وأوشكت النقود التي في جيبه على النفاد. شعر أنه يعيش حياة بلا أمل، فما كان منه إلا أن اشتغل عامل بناء. في الحقيقة، نظرا لصغر سنه، لم يكن يسمح له إلا بأعمال مساعدة للعمال الآخرين، بأجر شهري مائة يوان. العوز جعله يعيش على الخبز والمُخللات ويشارك أربعة أفراد في سرير واحد في غرفة تنهشها الرطوبة. لم يكن شظف العيش هو ما يؤلم الفتى وانغ، إنما العذاب النفسي  والذهني. لم ير بصيص أمل لتحقيق حلمه، وراح الآخرون يهزءون منه: "أتيت إلى بكين لتكون نجما سينمائيا، فلماذا تعمل في البناء؟" كان وانغ باو تشيانغ يرد دائما: "انسحبت من السينما مؤقتا، سأعود إليها من جديد!"

وضع وانغ باو تشيانغ خطة لمستقبله: "لو لم أنجح قبل أن أصل الثلاثين من العمر، سأعود إلى بلدي لأعمل مدرب ووشو. وقبل نجاحي لن أتصل بأهلي في بلدي."

 

زمن الحلم الجميل

بعد سنتين، تحقق وعد "العودة إلى السينما من جديد".

ذات يوم، جاء بضعة أشخاص إلى موقع البناء الذي يعمل فيه وانغ باو تشيانغ، للتصوير. بعد أيام طلبه مخرج اسمه لي يانغ لمقابلته. كان وانغ باو تشيانغ متوترا عندما قابل المخرج. سأله لي يانغ أسئلة بسيطة، ثم أخبره بأنه سيلعب الدور الرئيسي في فيلم من إخراجه. ظن وانغ باو تشيانغ أن المخرج اختاره لمهارته في الووشو، ولخبرته كممثل كومبارس، لكن الحقيقة أنه اختاره لطباعه البسيطة وصراحته وبساطته، وكونه نموذجا مختلفا تماما عن التمثيل الأكاديمي.

لعب وانغ باو تشيانغ دور عامل منجم في فيلم((المنجم الأعمى))، وكان عليه أن يدخل المنجم دائما خلال فترة التصوير، وأحيانا كان المنجم ينهار، ولم يكن كثير من الممثلين يجرؤ على دخوله. وقد رفضت بطلة الفيلم الاستمرار في أداء دورها لهذا السبب. وانغ باو تشيانغ، بكل صدقه وبراءته، كان يدخل المنجم حسب طلب المخرج. يتذكر تلك الفترة ويقول: "كنت أشتاق إلى أمي وأنا في قاع المنجم، لم أكن رجعت إلى أهلي ولم أتصل بأمي لمدة سنتين، إذا لقيت حتفي هنا، أين ستبحث عني أمي؟"

حصل وانغ باو تشيانغ على جائزة أفضل ممثل جديد في الدورة الأربعين لمهرجان جائزة الحصان الذهبي بتايوان عام 2003، عن دوره في هذا الفيلم، فتشجع واتصل بأمه هاتفيا. وعبر عن شكره للمخرج لي يانغ شاكرا قائلا: "لن أرفض أي دور في أفلامه، حتى بدون أجر".

لم يشاهد كثير من الصينيين فيلم ((المنجم الأعمى)) حيث أنه ممنوع من العرض بدور السينما، لكن المخرج المشهور فنغ شياو قانغ شاهد أداء وانغ باو تشيانغ في هذا الفيلم، ورأى أنه يناسب أحد أدوار فيلمه ((عالم بدون لصوص)) الذي كان يجهز له، فودع وانغ باو تشيانغ حياة الانتظار على باب أستوديو السينما ببكين والعمل في مواقع البناء.

شارك في ((عالم بدون لصوص)) كثير من النجوم، منهم ليو ده هوا، قه يو، لي بينغ بينغ، ولكن بعد مشاهدة الفيلم رأى معظم الجمهور أن أداء وانغ باو تشيانغ هو الأفضل، ربما ليس لقدراته التمثيلية، وإنما لطبيعته غير المتكلفة، التي تجعل المشاهد يشعر بأنه لا يمثل، بل شخص حقيقي في الفيلم. هذا الفيلم جعل الصينيين يعرفونه.

بعد ((عالم بدون لصوص)) أصبح وانغ باو تشيانغ مطلوبا في كثير من الأفلام، وحقق تقدما كبيرا في قدراته الفنية وفي علاقاته مع المخرجين. قال: "كنت أحرص على حفظ الدور عن ظهر قلب وكان هذا صعب عليّ، فكنت لا أنام طوال الليل. ولكن الآن وجدت طريقة أسهل لحفظ الدور، بأن أتخيل المشهد وخصائص الشخصية، وليس مجرد الحفظ كلمة بعد كلمة. في السابق، كنت أنفذ ما يطلبه المخرج، الآن لدي أفكار ووجهات نظر أتبادلها مع المخرج".  

ابتسمت الدنيا للفتى وانغ باو تشيانغ، وصار مشغولا، يطل عليك دائما كلما فتحت التلفزيون. لعب الأدوار الرئيسية في كثير من المسلسلات التلفزيونية، ومنها مسلسلات مشهورة مثل ((مؤامرة ضد)) و((غارة الجنود)).

وعندما يُسأل عن حلمه يقول بصراحة: "أن ألعب دورا في فيلم كونغ فو حقيقي، وأن تتاح لي فرصة مقابلة جت لي!"

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn