"لا عيد بدون الأكل واللمة"، هذا هو شعار الصينيين في عيد الربيع الذي يبدأ هذا العام عشية السابع من فبراير، إيذانا بدخول عام الفأر، وفقا للتقويم القمري الصيني.

الصينيون يستقبلون عيدهم الأكبر بأوبة الغائبين وتقارب المتباعدين وسداد الدائنين وتزيين الأبواب والنوافذ بالمقصوصات الورقية والشعارات المكتوبة المعبرة عن التمنيات بالسعادة والرخاء وتخليص البيوت، والقلوب أيضا، من الشوائب لتستقبل العام الجديد نقية مستبشرة بسنة أفضل من سابقتها. بيد أن "الطقس" الأهم للترحيب بالعيد يكون حول المائدة، إذ يجتمع أفراد الأسرة، كبارا وصغارا، حول طاولة الطعام، في البيت أو في المطعم، يتناولون معا "وجبة عشية العيد"، التي تتناولها تقريبا كل أسرة صينية، داخل الصين وخارجها.

وجبة العيد لابد أن تشتمل على أطعمة معينة، ذات دلالات رمزية، لا تقل رمزيتها عن اجتماع الأسرة الواحدة حول مائدة واحدة وتناول الطعام من "طبق واحد"، على النحو الذي تبينه مقالتنا "رحلة البحث عن لذيذ الطعام".

والحق أن للطعام مكانة محورية في منظومة الثقافة الصينية، ويكاد يدخل في نسيج كافة أوجه حياة وعمل وعلاقات وصحة وطبيعة وشخصية الصيني، كما نقرأ في "الأكل ثقافة وعلاقات عامة"، بهذا العدد. فمغزى الطعام يتجاوز كثيرا وظيفته الغذائية إلى أدوار اجتماعية وأخلاقية واقتصادية، بل وسياسية.

والصين، صاحبة التنوع المطبخي الهائل، تدهش زائرها بغرائب طعامها الذي يكون داخل حدودها مختلفا عما يقدم من أطعمة صينية خارجها، ولعل هذا ما دفع واحدا من عشاق الطعام الصيني إلى القيام بما اعتبره "مغامرة غذائية ذات خصائص صينية"، ننشر تفاصيلها في هذا العدد من ((الصين اليوم))، الذي يتضمن أيضا إطلالة على إنجازات الدبلوماسية الصينية خلال العام الفائت، ورؤية استراتيجية لدور الحضارتين العربية والصينية في مواجهة تحديات العولمة، إضافة إلى حوار مع نايف حواتمة، أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يستشرف رؤيته لما يجري على الساحة الفلسطينية والدور الصيني في الشرق الأوسط.

إننا، ونحن نستقبل عام الفأر، الذي يأتي في أعقاب السنة الميلادية الجديدة والعام الهجري الجديد، نهنئ قراءنا بعيد الربيع متمنين أن تكون كل أيامهم ربيعا وإشراقا وودا، وطعاما لذيذا.