ã

في ليلة العمر، العروس حافية القدمين

مها ما جيا

عريس وعروسه يتبادلان الإعراب عن الاحترام

حفل زفاف تحت الماء

 

كان الثامن عشر من نوفمبر للعام السابع بعد الألف الثانية للميلاد، يوما غير عادي في حياة الشاب البكيني تشانغ ليانغ. إنه يوم عرسه. كان الصينيون قديما، يختارون للزفاف أياما محددة وفقا لتقويمهم القمري يحسبونها أياما مباركة. الآن، وبرغم أنهم مازالوا يفضلون تلك الأيام صار الأمر أقل صرامة، فالجيل الجديد يختار في الغالب أن يكون عرسه في عطلة نهاية الأسبوع أو أيام العطلات الرسمية مثل عيد العمال في الأول من مايو أو العيد الوطني في الأول من أكتوبر أو في عيد الربيع الخ. وبشكل عام يفضل الصينيون الأيام ذات الأعداد الزوجية مثل 6، 8، 10، الخ، ولكن أياما محددة لها حظوة خاصة مثل اليوم السادس، اعتقادا منهم بأن الرقم 6 يرمز إلى زوال العوائق، واليوم الثامن، حيث يرى الصينيون أن الرقم 8 يجلب الثراء، واليوم التاسع، لاعتقادهم أن التسعة تمثل الخلود، كما السماء والأرض، وبناء على كل تلك الاعتقادات اختار تشانغ ليانغ يوم 18 من شهر 11، وكان يوم أحد لحفل زفافه.

في البداية أرادت أسرة العروس أن يكون العُرس على طريقة الغرب، وحجتها أن الزفاف الغربي أكثر رومانسية. بيد أن أسرة الفتى تشانغ ليانغ رأت أن الزفاف على الطريقة الصينية القديمة فيه حرارة وحماسة أكثر. بعد أخذ وعطاء، توصل الجانبان إلى حل وسط، بأن يجمع العرس عناصر صينية وأخرى غربية.

في صبيحة يوم زفافه، ارتدى تشانغ ليانغ بدلة غربية وربطة عنق حمراء، قبل أن يقود رتلا من السيارات إلى بيت عروسه، التي كانت قد استعدت جيدا. حسب تقاليد الزفاف في الصين، يضع أقرباء العروس عوائق تحول دون دخول العريس إلى بيت أسرة عروسه، ولا يكون أمام العريس المسكين إلا أن يتوسل بحلو الكلام للعروس وهو على عتبة الباب، عسى أن تتحرك مشاعرها وتأذن له بالدخول. عريسنا تشانغ ليانغ شاب خجول، وقد وجد نفسه في هذا الموقف الحرج، فلاذ إلى أغنية عاطفية رددها بصوت عال كي تسمعها حبيبته. في النهاية، فُتح الباب ودلف تشانغ ليانغ ليرى عروسه في فستانها الأبيض الناصع. المفارقة، أن اللون الأبيض عند الصينيين رمز للموت، فهو اللون الذي يستخدم في الجنازة، ولكن الأبيض في الثقافة الغربية رمز للنقاء والإخلاص. الآن الفستان الأبيض هو لباس العرائس في الصين، ولكن يظل اللون الأحمر هو الغالب في حفل الزفاف؛ في الزينة والستائر والبالونات وملصقات الحوائط التي تحمل مقطع (شي) الذي يعني البهجة، فالأحمر عند الصينيين هو رمز السعادة والبركة.

قدم الفتى تشانغ ليانغ باقة زهور إلى عروسه الحافية القدمين، فمن تقاليد الصينيين يوم العرس أن يخفي الأهل حذاء العروس، وعدم خروجها من بيت أهلها إلا إذا عثر العريس على هذا الحذاء. بعد جهد جهيد، وبمساعدة لا تنكر من الأقارب والأصدقاء عثر تشانغ ليانغ على الحذاء. بعد ذلك رفع العريس قطعة من الطعام الصيني المسمى جياوتسه، وهو عبارة عجائن محشوة على شكل هلال وتسلق في الماء، ووضعها في فم عروسه، وسألها "ناضجة أم نيئة"، فأجابت العروس "نيئة؟". وكلمة نيئة التي تنطق بالصينية "شنغ" تعني أيضا إنجاب الأطفال.

بعد استئذان والديها، حمل العريس عروسه بين ذراعيه حتى السيارة الأولى في موكب السيارات المنتظر. وقد قال العزيز تشانغ ليانغ مازحا: "كنت أتدرب يوميا لتقوية زراعي! استعدادا لحمل حبيبة القلب". أطلقت المفرقعات وسادت أجواء حماسية حارة، قبل أن يتجه الموكب إلى أحد المطاعم.

مأدبة الزفاف ركن هام في العرس عند الصينيين. وفي موسم الزفاف لا بد من حجز المطعم قبل الموعد بفترة قد تصل شهورا. تشانغ ليانغ حجز قبل الموعد بستة شهور.

قاعة الزفاف في المطعم زينها الأصدقاء؛ ففي مدخلها وضعوا صورة كبيرة للعروسين، وجعلوا خلفية المسرح الصغير حمراء بالمطعم ولصقوا مقصوصات ورقية حمراء على الجدران تحمل كلمة "شي". جلس المائة والعشرون مدعوا من الأهل والأصدقاء والزملاء على الاثنتي عشرة مائدة الدائرية المحجوزة. في الصين هذا حجم متوسط. أحيانا يقتصر حفل الزفاف على أهل وأقارب العروسين فقط، وأحيانا تتسع دائرة المدعوين فيبلغ عددهم ألفا أو يزيد.

قبل أن يبدأ عُرس الزين رسميا، يسجل المدعوون أسماءهم في دفتر يوضع بمدخل قاعة حفل الزفاف، فكل مدعو عليه، وفقا للتقاليد، أن يقدم للعروسين "هونغباو". كلمة "هونغباو" تعني الكيس الأحمر، وهو مظروف لونه أحمر داخله فلوس، تتراوح بين مائتي وعدة آلاف يوان حسب العلاقة مع العروسين. "هونغباو"، الذي يشبه ما يسميه المصريون "النُقطة" إما أن يوضع ممهورا باسم صاحبه على منضدة التوقيع أو يقدم إلى العروس والعريس مباشرة. والعرس الصيني ينقسم إلى جزأين، المراسم والمأدبة. وفي حفل الزفاف الصيني لا بد من وجود "عريف"، وهو الشخص المنوط بقيادة الحفل. عريسنا تشانغ ليانغ، استأجر عريفا متخصصا من شركة متخصصة في أعمال الزفاف ليقود مراسم عرسه. في الساعة الحادية عشرة وثماني عشرة دقيقة، بدأ حفل الزفاف رسميا، حيث دخل العروسان على أنغام موسيقى الزفاف، ومن خلفها وصيف العريس وإشبينة العروس، فهتف المدعوون ونشروا الزهور عليهما.

الركن الأكثر أهمية في طقوس العرس الصيني التقليدي هو تقديم الاحترام للسماء والأرض ولوالدي العريس وتبادل العريس وعروس الاحترام، ثم شرب نخب "جياوبيجيو"، إذ يحمل كل من العريس والعروس قدحا ويلف ذراعه بذراع الآخر، ثم يشربان القدحين. الركن الهام الآخر، المأخوذ من العرس الغربي، هو أن يقسم العريس والعروس اليمين ويتبادلان دبلة الزواج، وبعد ذلك يقطعان كعكة الزفاف معا.

الأسرة لها مكانة محورية في الثقافة الصينية، والزواج عند الصينيين ليس أمرا يخص شخصين فقط، بل هو دمج لعائلتين. ولهذا فإن من طقوس الزفاف أيضا أن يقدم العريس الشاي لوالدي عروسه، وأن تقدم العروس الشاي لوالدي عريسها. ويرافق هذه العملية طقس آخر، هو تغيير التسمية، فقبل الزفاف تنادي العروس والدي العريس بعمي وعمتي، وكذلك العريس ينادي والديها بعمي وعمتي، ولكن منذ لحظة تقديم الشاي ينادي كل منهما والدي الآخر بأبي وأمي، تفضل أبي اشرب الشاي، وتفضلي أمي اشربي الشاي. بعد ذلك يقدم كل من والدي العروس ووالدي العريس "هونغباو" للزوجين الجديدين، ويلقي والد، أو والدة العروس كلمة تهنئة، وكذلك والد أو والدة العريس.

بعد مراسم الزفاف، تسرع العروس بتبديل الفستان الأبيض بآخر أحمر صيني، ثم تعود برفقة عريسها فتبدأ المأدبة. غير أن العريس وعروسه لا يتناولان الطعام تقريبا، إذ يدوران على الموائد يوزعان المشروبات والسجائر والحلوى على المدعوين، وهنا تحدث مواقف مضحكة، فقد يطلب أحد المدعوين من العروس مثلا أن تشعل له السيجارة، بينما هو غمس مقدمة السيجارة في الماء فلا تشتعل، وقد يقف مدعو فوق كرسي ويطلب من العروس أن تطعمه قطعة حلوى فلا تستطيع المسكينة وتضطر أن تطلب من عريسها أن يحملها لتصل فم الضيف الكريم. هذا إضافة إلى ألعاب أخرى غرضها إحراج العروسين، مما يشيع البهجة والسرور والدفء في حفل الزفاف.

بانتهاء المأدبة يكون حفل الزفاف قد اختتم، ويتجه العريس وعروسه إلى عشهما الجديد لبدء حياتهما السعيدة.  

 علينا أن نوضح أن عادات وتقاليد الزفاف تختلف من منطقة إلى أخرى في الصين، وليس زفاف تشانغ ليانغ إلا نمطا واحدا منها. إن الصين التي تزداد انفتاحا على العالم يوما بعد يوم والتي يرتفع مستوى معيشة ناسها بشكل لافت تتغير مفاهيم أهلها، وخاصة الشباب، الذين يقبلون الجديد دائما. وهناك أساليب متنوعة للزفاف حاليا، فالبعض يختار إقامة حفل الزفاف تحت الماء، فيما يسمى حفل الزفاف المائي، والبعض يختار إقامة الزفاف في منطاد بالسماء، ويسمونه الزفاف الهوائي، وآخرون يقيمون حفل زفافهم على دراجات نارية، وهناك زفاف الرحلات السياحية الخ.

 

 لمعلوماتك:

خاتم الزواج:

نشأت هذه الفكرة في بلاد الإغريق منذ أجيال بعيدة وكانوا يعنون بها الرمز إلى الارتباط. ولما كان اليونانيون القدماء يعتبرون اليد اليمنى رمز القوة والنفوذ فقد اختاروا لها اليد اليسرى باعتبارها أضعف، وهي بذلك تدل على خضوع الزوجة لزوجها. كما أنها من ناحية أخرى أقرب إلى القلب من اليد اليمنى. وهذا يعني أن الزوجة قد وهبت قلبها وعواطفها لزوجها، وأنه أحق الناس بنبضات الحب المتدفقة. ‏

وجاءت بعد ذلك مشكلة اختيار الإصبع المناسبة فوجدوا أن الإبهام أكثر الأصابع حركة فهو يقوم بدور رئيسي في كل الأعمال، وأن السبابة هي الإصبع التي تعني شارة الاتهام. والوسطى طويلة أكثر من اللازم. والخنصر ليس به عظمة قوية. ولم يبق إلا البنصر. وهو في الوقت نفسه أضعف الأصابع وأقلها حركة. وهذا يرمز إلى اعتماد الزوجة على زوجها دائماً. ‏

 

شهر العسل: ‏

ولدت هذه التسمية في أوروبا في القرون الوسطى ويرجع السبب في ذلك إلى أنهم كانوا يعتبرون احتفالات الزواج استعراضاً للجاه والغنى والنفوذ. وكانت مظاهر هذه المعاني تتبلور في تقديم أنواع فاخرة من الخمور بهذه المناسبة. وتحضر الخمور الفاخرة من مزج العسل والخميرة مدة طويلة. وكانوا يشربون هذا النوع من الخمور مدة شهر كامل، من وقت اكتمال القمر إلى الموعد نفسه من الشهر الذي يليه. وكان أن أطلقوا على هذا الشهر اسم شهر العسل. ‏

 

فستان الزفاف: ‏

يكون فستان العروس غالبا أبيض اللون. وقد نشأت هذه العادة في بريطانيا باعتبار أن هذا اللون رمز الإشراق والنقاء والإخلاص. أما الطرحة فالمقصود بها حماية الزوجة من الأرواح الشريرة، حيث لا تستطيع أن تصل إليها. وكان يُعتقد أن هذه الأرواح لا تنال بالأذى إلا النساء دون الرجال. كذلك فان ارتداء وصيفات الشرف فساتين بيضاء مثل العروس، كان المقصود منه تضليل هذه الأرواح الشريرة. فلا تستطيع أن تميز العروس من بينهن وبذلك لا تصل إليها. وهناك اعتقاد في بعض بلاد العالم بأن استعارة الطرحة من زوجة سعيدة كفيلة بأن تنقل هذه السعادة إلى عش الزوجية الجديد. ‏

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn