ã

رئيس مجلس الشعب المصري في حوار مع ((الصين اليوم))

الدكتور فتحي سرور يتحدث إلى الزميلين حسن وانغ ماو هو (اليمين) وعادل صبري

رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وو بانغ قوه مع الدكتور فتحي سرور

 

الصين مستقبل يجمع بين التاريخ والأمل

نخشى أن تتقوقع الصين على ذاتها وتتركنا فريسة للقطب الواحد

القوى الكبرى تسمن دارفور كي تأكلها في غيبة قوة التنين

أجرى الحوار: حسن وانغ وعادل صبري   عدسة: عبد الله

    في زيارة وفد برلماني مصري إلى بكين خلال الفترة من 20 إلى 26 أكتوبر 2007 أطلق الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب المصري ورئيس الوفد، صيحة أعرب فيها عن مخاوفه من هيمنة قطب واحد على مقدرات وقرارات المجتمع الدولي. ووجه سرور نداء للصين بأن لا تتقوقع على ذاتها أو تكتفي بما حققته من تقدم علمي واقتصادي دون أن تمارس دورا سياسيا واسعا على المستوى الدولي. ورغم أن النداء المصري جاء مواكبا لسياسة حثيثة تنتهجها الصين خاصة في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية السمراء، ووضع المنتدى الصيني ـ الأفريقي الذي سيعقد بالقاهرة عام 2009 على قائمة أولويات سياستها الخارجية فإن ((الصين اليوم)) حرصت على محاورة د. فتحي سرور للتعرف منه عن نتائج زيارته للصين وآفاق التعاون بين البلدين في المستقبل.

  • ·      ((الصين اليوم)): ما هي الأسباب التي دفعتكم إلى دعوة الصين لممارسة دور أكبر في الشرق الأوسط وإطلاق مشاعر الخوف التي أبديتموها خلال لقائكم برئيسي مجلس نواب الشعب والمجلس الاستشاري السياسي في الصين؟
  • ·      د. سرور: الصين دولة عظمى من حيث التاريخ والحضارة والتقدم. نحن نعتز بصداقتنا مع الصين، وتاريخ مصر مع الصين دائما تاريخ مزدهر ليس فيه أية مطبات، وبالتالي فالمصريون ليست لديهم تحفظات في حب الصين وتقديرهم لها. عندما زرت الصين بعد عشر سنوات من آخر زيارة لها، وجدت مظاهر مختلفة كثيرا. هناك تقدم في كل النواحي وتعايش سلمي بين الحضارة الصينية والأيدلوجية الصينية ومتطلبات التطور والتقدم. لم يؤد التطور والمتغيرات الحديثة إلى حدوث انقلابات أيدلوجية لدى الصين، بل حافظت الصين على ثوابتها وقدمت نموذجا لعدم جمود الفكر الشيوعي، وأصبحت الشيوعية ليست هدفا في حد ذاته وإنما وسيلة لتحقيق الخير العام. المصريون  بصفة عامة لديهم هوى خاص تجاه الصين، تلك العلاقة نشأت بسبب محافظة الصين على ثوابتها ودورها السياسي في المنطقة خلال العقود الماضية، بالإضافة إلى كونها دولة تمكنت من الجمع بين الأصالة الحضارية والمعاصرة الاقتصادية، وسخرت قانون السوق لتحقيق العدالة الاجتماعية. فالصين تتعايش مع العصر الجديد وتتقدم في كل النواحي، فلديها ذكاء اجتماعي وشعب ومتجاوب. لهذا، رأينا في الزيارة الأخيرة بلدا يتطور ولم يصبح ذكرى من الماضي، بل مستقبل يجمع بين التاريخ والأمل. هذا الجمع الفريد بين الفضائل يحتم علينا أن نقول كلمة مخلصة لإخواننا هناك نؤكد فيها على أن الصين تحتاج إلى دور أكبر على المستوى الدولي، فلا نريد لها أن تتقوقع أو تقبع في ثوبها الجديد، عليها أن تعيش سياسيا مع متطلبات التطور.
  • ·       ((الصين اليوم)): ألا ترى سيادتكم  أن الصين تمارس دورا في حفظ السلام العالمي دون أن تلجأ إلى دفع العالم إلى حرب باردة أو زيادة التوتر في العلاقات بين الدول؟
  • ·        د. سرور: الوقار الصيني يستحق التقدير، ولكن في الوقت الذي تعجبنا شجاعة الصين ووقارها، على المستوى الشخصي، يخيفني أن العالم ذو قطب واحد، ولذلك دعوت القيادة الصينية ألا تترك الحلبة فارغة من أحد الأقوياء في العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط حتى لا تنفرد به قوة واحدة وتتحكم فيه. فالصين تحتاج إلى حفظ التوازن بين الدول التي تريد أن تحرز نفوذا في أفريقيا. فيخطئ من يظن أن أفريقيا (مراجعة كاتب المقال هل أفريقيا أم الصين؟) تقوم بدور سلبي بل لها دور إيجابي في المجتمع الدولي، ولهذا فإن الاهتمام بأفريقيا لا يخلو من ذكاء سياسي. انظر مثلا إلى دارفور هذه الصحراء الشاسعة في السودان، حيث أصبحت محط اهتمام القوى الدولية  فذلك ليس حبا في شعب السودان أو سعيا وراء حقوقه، ولكنه اهتمام يخفي مآرب سياسية يجب أن نضعها في الاعتبار.
  • ·        ((الصين اليوم)): في رأيك كيف تمارس الصين دورا مهما دون أن ينجرف العالم تجاه حرب باردة أو ترك الشرق الأوسط يواجه مصيره بمفرده في عالم ذي قطب واحد؟
  • ·       د.سرور: نحن لا نريد أن تدخل  الصين في مواجهة مع أحد من أجل حماية دول الشرق الأوسط  أو غيرها، بل نطلب منها أن تحدث توازنا مع القطب الوحيد والتوازن لا يعني المواجهة، لأننا في نهاية الأمر لا نريد الخلافات أو تأجيج الحروب، فإذا لم يحدث هذا التوازن قد يفقد التقدم الصيني بريقه إذا غابت عن الساحة السياسية الدولية. فقد تكون دولة متقدمة ولكنها ستصبح دولة متفرجة سياسيا فعليها أن تمارس هذه الدور الإيجابي على المستوى الدولي. وعلى سبيل المثال لو أن للصين وجودا فعالا في أفريقيا لترددت القوى الأخرى في إثارة قضية دارفور بهذه الطريقة التي تتم بها حاليا. نحن نعلم أن القوى الكبرى لا تقدم الطعام للدجاجة كي تسمنها ولكن كي تأكلها في الوقت الذي تريده، ومع وجود الصين في هذه المنطقة سيكون ذلك عاملا مهما في حفظ الاستقرار والحفاظ على الدفء في قلوبنا، بالإضافة إلى أنه سيسهم في تطوير المجتمع الدولي الذي يتطلب من كافة الدول أن تؤدي دورا لنهضته ووضعه في الإطار الصحيح. فالدولة التي تقف موقف المتفرج تخرج من متطلبات اللعبة السياسية التي يفرضها المجتمع الدولي. وأعتقد أن الصين لا تريد أن تفرض عليها لعبة معينة تحاك في غيبتها، لذلك نريد وجودا أساسيا وفعالا للصين في الشرق الأوسط، ونريد أن تلعب دورا مهما في صياغة حركة المجتمع الدولي، لأن أي حركة يصيغها المجتمع الدولي في غياب الصين ستفرض عليها وعلى منطقتنا، الشرق الأوسط. وتعلم الصين أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط سينعكس على العالم بأسره لأنها منطقة محورية وهامة، لذلك كان حديثي مع القيادة الصينية خلال الزيارة التي قمت بها إلى بكين في نهاية أكتوبر 2007 يؤكد حرصنا على دعم الدور الإيجابي الذي نأمل أن تلعبه الصين في المجتمع الدولي لضبط إيقاعه وحركته. وحسنا فعلت الصين بأن أبدت رغبة في مزيد من التعاون مع الدول الأفريقية خلال العقد الحالي، لاسيما أن القارة السمراء تحتاج إلى التنمية وإحداث توازن بين القوى التي تريد أن تحرز نفوذا في القارة. وهذا ما أعتبره ذكاءً سياسيا من الصين بأنها لم تترك قضية دارفور في أيدي قوة واحدة.

 

  • ·                  ((الصين اليوم)): زرت الصين قبل ذلك عدة مرات، بماذا خرجت من زيارتك هذه المرة؟ 
  • ·       د.سرور: أشاعت هذه الزيارة عندي تفاؤلا بالمستقبل. ونتوقع أن يزيد الانفتاح على الصين، ومن الصين في المرحلة القادمة، وسوف يأتى ذلك بانعقاد اللجنة البرلمانية المشتركة بالقاهرة في أكتوبر 2008، بحضور الجانب الصيني. وستلعب اللجنة دورا مهما في تطوير العلاقات بين البلدين، حيث تتجمع في هذه اللجنة كل العلاقات الثنائية، ففيها جزء حكومي وآخر مجتمع مدني. والبرلمان يلعب دور الرقابة، ولهذا من اختصاصه متابعة تنفيذ المشروعات الثنائية التي يتولاها الجانبان المصري والصيني، وهذا ليس تدخلا في أعمال السلطة التنفيذية بل مزاولة للجانب الرقابي. والوحدة التي ننشئها هذه الأيام لتلحق باللجنة كي تخدم تحقيق أهداف اللجنة سوف يتجمع عندها كل ما يتعلق بالعلاقات الثنائية كي تحللها وتتابعها  حتى إذا ما أحيطت بها بالكامل عقدت اللجنة اجتماعها القادم بالقاهرة فتبحث الأمور عن علم ووعي وإدراك.

 

  • ·       ((الصين اليوم)): ترغب مصر والصين في تحويل العلاقة بينهما إلى شراكة استراتيجية فما دور البرلمان في تحقيق هذه الأهداف؟
  • ·        د.سرور: العلاقات الثنائية تشهد تطورا كبيرا لأنها مبنية على الثقة السياسية المتبادلة وتعززها الزيارات الرسمية التي يقوم بها رئيسا الدولتين وممثلو الحكومات والوفود البرلمانية والشعبية وحركة رجال الأعمال بين الجانبين. فحينما توجهنا إلى الصين لم تقتصر مناقشاتنا على الجانب البرلماني فقط بل تخطينا ذلك إلى الجوانب الاقتصادية، حيث تناولت المباحثات زيادة التعاون الاقتصادي بين الصين ومصر، ودول القارة السمراء، وضرورة إحداث توازن في الميزان التجاري مع دول القارة برمتها، بأن تفتح الصين أبوابها أمام البضائع الأفريقية، بالإضافة إلى قضايا تطوير ترسانة الإسكندرية وبناء مصانع جديدة للأسمنت، ودفع الحركة السياحية وحل مشاكل المصريين خاصة من مرضى الكبد والتعاون بين البلدين على المستوى الاجتماعي، باعتبار أن الإنسان هو الهدف الأسمى من وراء عمليات التنمية  مع التركيز على إرساء التنسيق في القضايا الدولية والساخنة بصفة خاصة، حتى يكون العالم متعدد الأقطاب، وأكثر أمنا. كما تطرقت المناقشات إلى ضرورة العمل على دمقرطة العلاقات الدولية، والعمل على إنجاح المؤتمر الوزاري لدول القارة الأفريقية مع الصين، المقرر عقده بالقاهرة عام 2009 الذي يهدف إلى رسم إستراتيجية للتعاون بين الصين ودول القارة تكون مثالا قابلا للتطبيق في مناطق أخرى.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn