ã

الصينيون والعرب أهم شركاء القرن الحادي والعشرين؟

حسين إسماعيل

عقدت الدورة السادسة لغرفة التجارة الصينية العربية يوم 30 أكتوبر 2007 في بكين

وصل فريق "مسيرة الصداقة الصينية العربية" للسيارات مصر عام ‏2007‏‏

سفير الصين السابق لدى مصر وو سي كه في مقابلة صحفية بالقاهرة

 

قد يرى البعض السؤال الذي نطرحه على رأس هذا الموضوع ضربا من الوهم الجميل، ولكن كاتب هذه السطور ينطلق من حقائق مستمدة من الماضي وحقائق لصيقة بالمستقبل؛ مستقبل العالم ومستقبل الصينيين والعرب، وفي البداية والنهاية، هذا سؤال وليس إجابة قاطعة إيجابا أو إنكارا.

إن ثمة دواعي كثيرة، جُلها له علاقة بالمستقبل، لطرح سؤالنا، والجديد هنا، أو هكذا يبدو لي، أن الحديث عن العلاقات العربية الصينية، الذي تعودنا أن يلتفت إلى الماضي أكثر مما يستشرف المستقبل، يتخذ منحى جديدا واقعيا مستقبليا تفرضه التطورات العالمية والظروف الداخلية لكل من الصين والبلاد العربية.    

ولعل من نافلة الكلام التذكير بأن التجارة كانت الوشيجة التي ربطت بين العرب والصينيين قديما عبر طريق الحرير البري وطريق البخور البحري، وأن الإرهاصات الأولى للعلاقات العربية الصينية بعد تأسيس الصين الجديدة عام 1949 بدأت عبر بوابة التجارة أيضا، فقد كانت هناك علاقات تجارية (لخدمة أغراض سياسية) بين جمهورية الصين الشعبية وعدد من الدول العربية قبل إقامة العلاقات الرسمية بين الجانبين عام 1956، التي بدأت بمصر، وسورية واليمن، انتهاء بالعربية السعودية عام 1990. وقد أعفي نفسي من التذكير بالدعم السياسي المتبادل بين الصين والبلدان العربية في فترات مختلفة من تاريخ علاقاتهما، وأركز على جانب، يبدو أنه المحدد الأهم لإطار العلاقات الدولية، ومنها العلاقات الصينية العربية، في السنوات القادمة من القرن الحادي والعشرين، ألا هو علاقات الطاقة والموارد والأسواق في ظل حقائق تدعم وجهة نظرنا بأن تلك العناصر، المتداخلة، التي كانت ومازالت محور صراعات وتحالفات الدول، ستظل هكذا في المستقبل، وأن الصين والدول العربية يمثلان قطبين بارزين، إن لم يكونا الأكثر أهمية في ضبط زوايا اتزان وصياغة إطار تلك الصراعات والتحالفات والشراكات.

وبادئ ذي بدء أشير إلى عدد من الحقائق التي أثارت انتباه مؤسسات دولية، ودولا تراقب حركة الدول العربية والصين أيضا، ومن تلك الحقائق ما جاء في التقرير السنوي لعام 2007 لإدارة البحوث بصندوق النقد الدولي عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي تضم الدول العربية والإسلامية، المصدرة للنفط وهي‏:‏ الجزائر، والبحرين، والعراق، والكويت، وليبيا، وسلطنة عمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، وسورية، والإمارات العربية المتحدة، وإيران‏، بأن إجمالي صادرات هذه الدول من النفط في الفترة من عام 2003 وحتى 2008، بلغ أربعة تريليون دولار أمريكي، ‏وأنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة‏ وصلت عائدات النفط إلى تريليونين ومائة مليار دولار‏ أمريكي، (القائمة لم تشمل دولا مثل السودان واليمن ومصر، التي بها استثمارات صينية ليست قليلة في قطاع النفط وملحقاته)، وتوقع التقرير أن يصل العائد النفطي لتلك الدول 850  مليار دولار عام 2007.

مقارنة هذه الأرقام مع العائد الذي حققته الدول العربية كلها من النفط عام 1980 وهو 160 مليار دولار أمريكي، و150 مليارا في كل من عامي 1996 و1997، و6ر69  مليارا في عام 1998، أي قبل عشر سنوات، تضعنا أمام حقائق جديدة، يشير إليها تقرير الصندوق، حيث أن 60% من دخول الدول العربية المصدرة للنفط تذهب إلى تمويل أنواع مختلفة من الواردات، التي وصلت  قيمتها عام 2007 إلى ‏500‏ مليار دولار أمريكي وتوقع أن تصل إلى ‏600‏ مليار هذا العام، 2008‏. ونُذكِر هنا بأن الصادرات هي المصدر الرئيسي لإجمالي الناتج المحلي  للصين. ويذهب باقي دخول الدول العربية من النفط، حسب التقرير، إلى الاحتياطيات النقدية الحكومية،‏ التي يُقدر أنها وصلت عام 2007 إلى تريليون وستمائة مليار دولار، وهي احتياطيات تبحث عن أبواب استثمار، والصين هي ثاني أكبر دولة مستقبلة للاستثمارات في العالم، وفي بعض السنوات قفزت إلى المرتبة الأولى. وحسب التقرير، تضاعف نصيب الفرد في هذه الدول منذ ثورة ارتفاع أسعار النفط،‏ كما دفعت حكومات تلك الدول العربية كل ديونها،‏ وتضاعفت أسهمها في البورصات،‏ وانخفض الفقر بمعدل الربع. وينتهي التقرير إلى عبارة بالغة الدلالة في الموضوع الذي نحن بصدده.. :"العالم كله حاليًّا يطرق أبواب هذه الدول،‏ ويجعل منها لاعبًا رئيسيًّا يقرر مصير الاقتصاد العالمي".

وعلى الوجه الآخر من ذات العملة النفطية، تبرز الصين التي، وفقا للتقرير السنوي 2007 للوكالة الدولية للطاقة، ستكون أكبر مستهلك للطاقة عام 2010، أو بعده بقليل، بسبب التنمية بها، التي وصفها التقرير بالجامحة. وحسب التقرير سيزيد الطلب العالمي على الطاقة أكثر من 50 % من الآن وحتى عام 2030، وسيأتي 45% من هذه الزيادة من الصين والهند. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يواجه المستهلكون ارتفاعا في أسعار النفط في السنوات المقبلة، مع احتمال عدم كفاية الإنتاج لتلبية الطلب وتوقعات بأن يصل سعر برميل النفط  إلى 159 دولارا أمريكيا في عام 2030. وتشير الوكالة إلى نقطة غاية في الأهمية، وهي: "أنه برغم أن الطاقة الإنتاجية الجديدة الإضافية من مشروعات رائدة من المتوقع أن تزيد على مدى الأعوام الخمسة المقبلة إلا أنه من غير المؤكد ما إذا كانت ستكفي". وقالت الوكالة، في إشارة ذات مغزى للموضوع الذي نحن بصدده: " إن العالم سيبقى أسير الوقود الأحفوري حتى عام 2030". وتوقعت أن يمثل الوقود الأحفوري 84% من الزيادة الإجمالية في الطلب على الطاقة في الفترة من عام 2005 وحتى عام 2030 عندما يبلغ الاستهلاك العالمي من الطاقة 7ر17 مليار طن من مكافئ النفط، مقارنة مع 4ر11 مليارا في عام 2005.

الحقيقة الأخرى التي قد نضيفها هنا هي أن سوق الطاقة لم تعد سوق بائع فقط كما أنها ليست سوق مشتر خالصة أيضا، بمعنى أن ضوابط هذه السوق وشروطها لا يحددها أي من الطرفين، البائع أو المشتري وحده. وأحسب أن سعر برميل النفط لن يكون هو بحد ذاته المعضلة، وإنما تأمين إمدادات الزيت الأسود، الذي بدونه تتوقف حركة كل شئ.

والذي يقرأ صفحات العلاقات العربية الصينية خلال السنوات العشرين الماضية، لابد أن يلحظ تحولا، بدأ خجولا، في طبيعتها إلى روابط براغماتية  تنزع عنها سمة الالتحاف بالتاريخ النضالي والمواقف المشتركة. ولا غرو أن البعد الاقتصادي، إلى جانب أبعاد أخرى، هو الذي يقف وراء هذا التحول الذي تتسارع وتيرته في السنوات الأخيرة، لاعتبارات تتعلق بالتكاملية الواضحة في اقتصادات الجانبين، فهناك التكاملية  السلعية، ذلك أن الصين دولة مصدرة لمعظم الاحتياجات السلعية للمنطقة العربية، وهي منتجات تنافسية من حيث الأسعار. والتكنولوجيا الصينية الرخيصة توفر للدول العربية بديلا مقبولا للتكنولوجيا الغربية المتقدمة (حاليا)، كما أنها في بعض المجالات تحل مشكلات تقنية شبيهة لما تواجهه الدول العربية بالنظر إلى تقارب مستوى التقدم ونمط المعيشة في الجانبين. ثم والأهم ، هناك تكاملية الطاقة التي تؤكدها الحقائق السابق ذكرها، فالصين لكي تحافظ على دوران عجلة نموها الاقتصادي بحاجة إلى تأمين إمدادات الطاقة لها، ولكي يتحقق هذا، لا مندوحة لها عن الاتجاه أكثر إلى المنطقة العربية التي تعتبر الخيار الأمثل لتزويد الصين بالنفط. والصين التي تتبنى نهجا براغماتيا في علاقاتها الخارجية ترى أن المنطقة العربية تمثل فضاء واسعا للتعاون بين الطرفين في مجال مقاولة المشروعات والعمالة والاستثمار والتكنولوجيا.

 كما أن الحقائق السكانية توفر إمكانات هائلة للتعاون الاقتصادي والتجاري العربي  فعدد سكان الصين والدول العربية معا أكثر من مليار وستمائة مليون نسمة، أي أكثر من ربع سكان العالم، وفي عام 2006 كان إجمالي الناتج المحلي للجانبين العربي والصيني حوالي أربعة تريليون دولار أمريكي، وبلغ حجم التجارة الخارجية لهما أكثر من 5ر2 تريليون دولار أمريكي.

وتتزايد احتياجات الصين من النفط بمعدل 15 بالمائة تقريبا كل عام، وهو ما يعني مزيدا من الاعتماد على النفط المستورد الذي يأتي القسم الأعظم منه من الدول العربية، وتتوقع الدراسات التي أنه بحلول عام 2015، ستستورد الصين 70% من احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط، ومعظمه من الدول العربية، التي تمتلك 60% من الاحتياطي العالمي للنفط و30 % من احتياطي الغاز.

 غير أن الزيت الأسود ليس هو كل ما يدفع بقوة الصين والدول العربية إلى الاقتراب أكثر، فهناك السوق العربية الهائلة التي تتميز في عدد غير قليل من الدول العربية بارتفاع القدرة الشرائية، وباتت محور اهتمام المنتجين الصينيين، وبالمقابل هناك السوق الصينية، ذات القدرة الشرائية المتنامية أيضا، والتي تمثل سوقا واعدة لصادرات السياحة العربية وصادرات المواد الخام والمواد الأولية، من رخام وفوسفات ومنتجات زراعية. فالصين مرشحة لأن تكون أكبر شريك تجاري لكثير من الدول العربية بحلول عام 2010 وربما قبله، وحجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية حاليا يفوق حجم تجارة الصين مع كل قارة أفريقيا. 

 وقراءة أرقام التبادل التجاري بين الصين والدول العربية خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة، يدرك ما وصفناه في موضع سابق بالتحول إلى روابط براغماتية، فمن 42ر2 مليار دولار عام 1992، و28ر5 مليار دولار أمريكي عام 1995 إلى نحو 37 مليار دولار أمريكي في عام  2004 وإلى 27ر51 مليار دولار أمريكي عام 2005 ثم  47ر65 مليار دولار أمريكي عام 2006، مع تقديرات بأن يصل إلى 80 مليار العام الماضي. وعلى الرغم من النمو الكبير في حجم التجارة العربية الصينية إلا أن واردات الصين من الدول العربية في حدود 4% من إجمالي حجم وارداتها، وبالمقابل لا تشكل واردات الدول العربية من الصين سوى أكثر قليلا من 3% من إجمالي الواردات العربية. معنى ذلك أن هناك مساحة كبيرة وفراغا هائلا يسمح لهما بالمزيد من توثيق الروابط.

إن الإنجازات التي تحققت في مجال التبادل الاقتصادي والتكنولوجي بين الجانبين لافتة حقا، ويعتقد لافشين مولاوي، الخبير الاقتصادي والباحث في مؤسسة أميريكان فاونديشن، أن تكتلا اقتصاديا عملاقا بين الدول العربية والصين تتشكل ملامحه الأولية، وهو تكتل، حال تحققه، يخلق فرصا بلا حدود للاستثمار والنمو الاقتصادي والاستقرار الداخلي في الدول المشاركة فيه ويزيد من التقارب السياسي بينها‏. ويؤكد مولاوي، مؤلف كتاب ((طريق الحرير الجديد))، أن الصين وليست الولايات المتحدة تمثل مستقبل النمو للصادرات البترولية العربية‏، ويدعم هذا التصور بتوقعه أن تستورد الصين بحلول عام ‏2025‏ ثلاثة أضعاف ما تستورده الولايات المتحدة من بترول دول الخليج‏ العربية، مشيرا إلي أن ما يطلق عليه اسم طريق الحرير الجديد سيكون شريانا للرخاء بين الدول المار بها‏، وهو نفس ما فعله الطريق التاريخي القديم‏.‏

وقد أضحى الصينيون يؤمنون على نحو متزايد بأنه ليست ثمة صداقة أبدية، وإنما هناك مصالح دائمة، وعلى ذلك فإن تمتين الصين لعلاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية يهدف، ضمن أهداف عديدة، إلى تعزيز وتوثيق روابطها السياسية مع تلك الدول، في إطار استراتيجية صينية لتعزيز العلاقات مع ما يسمى بدول الجوار الموسع والتي تشمل دول آسيا الوسطى ودول الشرق الأوسط. وعلى الجانب الآخر فإن الدول العربية تحقق فوائد استراتيجية جمة من توثيق علاقاتها مع الصين، اقتصاديا وسياسيا، فعلاقات عربية صينية أوثق وأعمق تعطي ثقلا ومجال مناورة أرحب يعظم من مكاسب الدول العربية في علاقاتها مع القوى الدولية الأخرى.

والحقيقة أن الدول العربية أدركت منذ فترة مبكرة أهمية الصين المتنامية وفوائد تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية معها، فقد أصدر مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية منذ عام 1998 العديد من القرارات التي تدعو الدول الأعضاء إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين.

ليس النفط وحده إذن، وإن كان هو العامل الأكثر ظهورا في النسيج الحالي للعلاقات العربية الصينية وهو نسيج متعدد الخيوط، فهناك حقيقة تحول الصين إلى بلد مُصدر للاستثمارات، حيث شهدت الاستثمارات الصينية في الخارج ازديادا سريعا خلال السنوات الأخيرة، وبلغ إجمالي الاستثمارات غير المالية المباشرة للصين في الخارج 1ر16 مليار دولار أمريكي في عام 2006، وتجاوز عدد المؤسسات الصينية التمويل في الخارج المسجلة لدى وزارة التجارة الصينية عشرة آلاف مؤسسة ووصلت استثمارات المؤسسات الصينية إلى أكثر من 160 دولة ومنطقة، وتتبنى الحكومة الصينية منذ فترة سياسة مشجعة لشركاتها للاستثمار في الخارج كما خففت القيود المالية فيما يتعلق بتداول العملات الصعبة وذلك في إطار جهودها ‏‏الرامية إلى تعزيز الاستثمار الصيني داخل البلاد وخارجها.‏‏ وقد شهدت حركة انتقال رؤوس الأموال بين الطرفين الصيني والعربي زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، ففي نهاية عام 2006، بلغت قيمة الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية مليار ومائة مليون دولار أمريكي، في حين بلغ عدد مشروعات الاستثمار العربية في بر الصين الرئيسي 423 مشروعا.

المجال الآخر، الذي نرى فيه مساحة واعدة للتعاون الصيني العربي فيه، هو التكنولوجيا، بمختلف صنوفها. وقد يكون مفيدا التذكير بأن التعاون التكنولوجي بين العرب والصينيين يرجع إلى أزمان بعيدة، إذ تذكر كتب التراث الصينية أن كثيرا من التقنيين العرب والمسلمين قدموا مساهمات تقنية بارزة للصينيين، ونشير هنا إلى الفلكي جمال الدين الذي تقدم سنة 1267م إلى بلاط أسرة يوان بـتقويم دائم، معتمدا على التقويم العربي، وفي ذات العام أنشأ جمال الدين مرصدا في بكين، وصنع سبعة أنواع من الأجهزة الفلكية، أشهرها الإسطرلاب. كما أن البلاد العربية كانت المعبر الذي انتقلت من خلاله المخترعات الصينية الأربعة (الورق والبوصلة والطباعة والبارود) إلى أوروبا والغرب. ومن هنا فإن التعاون في مجال التكنولوجيا له قاعدة تاريخية صلبة، وقد قطعت الصين شوطا طويلا على درب التقدم التقني في مجالات عديدة أبرزها مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا النووية، وتلك الأخيرة، نحسب أنها قد تكون أحد أهم أوجه التعاون المستقبلي بين الجانبين مع إعلان دول مثل مصر والسعودية والأردن والجزائر عن عزمها دخول مجال الطاقة النووية. ومما هو معلوم أن الدول الغربية، حتى تلك التي أعلنت استعدادها للتعاون مع الدول العربية في مجال المفاعلات النووية، لن تسمح بنقل تكنولوجيا متقدمة في هذا المجال إلى تلك الدول، لأسباب ليس هنا مجال الخوض فيها، وعليه فإن الصين التي باتت لديها خبرة جيدة في هذا الحقل هي الشريك الأفضل للدول العربية، خاصة وأن بكين تتبنى سياسة جديدة تقضي بنقل جزء من خبراتها التكنولوجية إلى دول العالم الثالث، ومنها الدول العربية، وهناك أمثلة ونماذج عديدة لاستعداد الصين ورغبتها في نقل جزء من خبراتها إلى الدول العربية.

ما ذكرناه آنفا من حقائق يرجح أن يكون العرب والصينيون من أهم شركاء القرن الحادي والعشرين، وإن كان ذلك يتطلب من الجانبين وعيا متزايدا بالأهمية الاستراتيجية لشراكته مع الآخر، وكل منهما مطالب باتخاذ مزيد من الخطوات التي تعضد رؤيتهما المشتركة لعالم متعدد الأقطاب يسوده السلام ولديمقراطية العلاقات الدولية والنهج السلمي في تسوية النزاعات. ويستلزم ذلك اتخاذ إجراءات عملية، فواقع التبادل التقني العربي الصيني، الذي يسير في اتجاه واحد إلى الآن، يقضي بأن يسعى الطرفان إلى المشاركة في البحوث العلمية والتكنولوجية، وأن تسعى الصين بجدية إلى نقل جانب من خبرتها التكنولوجية إلى الدول العربية، وفقا لخطة برنامج عمل منتدى التعاون العربي الصيني التي أكدت على أهمية نقل التكنولوجيا الصينية إلى الدول العربية، ووضع آلية محددة لنقل الخبرة التكنولوجية في المجالات المختلفة إلى الدول العربية، وزيادة فرص التدريب والبحث المتاحة للدارسين والباحثين العرب للاستفادة من الخبرة التكنولوجية الصينية، وإقامة مزيد من المشروعات التكنولوجية المشتركة وتعزيز التعاون بين مراكز البحث العلمي والتكنولوجي لدى الجانبين، وإقامة مشروعات بحثية يشارك فيها علماء من الجانبين. والصين مطالبة بتيسيرشروط نفاذ المنتجات والسلع العربية إلى أسواقها، بل ومنحها شروطا تفضيلية من خلال تخفيض الرسوم الجمركية وتوجيه الشركات الحكومية لاستيراد المنتجات العربية، كي يساهم ذلك في تقليل فجوة العجز في الميزان التجاري غير النفطي العربي الصيني والذي يميل بشدة لصالح الصين. وهذه الخطوة من جانب الصين سوف يكون لها أثر إيجابي على رواج منتجاتها في الدول العربية وتجنب الانتقادات التي توجه إليها بإغراق الأسواق العربية وتهديد صناعات عربية معينة.

وعلى الجانبين تعزيز التعاون في مجال الاستثمار، وذلك تفعيلا لاتفاقات تشجيع وحماية الاستثمار الموقعة بين الصين ومعظم الدول العربية، حيث أن ذلك يمكن أن يكون أيضا عاملا موازنا يخفف من العجز التجاري العربي مع الصين، كما أن الاستثمار الصيني في مشروعات بالدول العربية يمكن أن يمثل قاعدة للمنتجات الصينية تنطلق منها إلى مناطق أخرى، بالاستفادة من المزايا التنافسية للمنطقة العربية واتفاقيات الشراكة والمناطق التجارية الحرة بين الدول العربية والتكتلات الاقتصادية العالمية وخاصة أوروبا والولايات المتحدة. وعلى الدول العربية أن توجه استثماراتها نحو الصين أكثر وتنوع مجالاتها، فمازالت الاستثمارات العربية في الصين محدودة وتحتل نسبة ضئيلة من حجم الاستثمارات الأجنبية في الصين، وغالبيتها في قطاعات الغاز الطبيعي والأسمدة الكيماوية والعقارات، وقد يكون من المفيد تبنى آليات مؤسسية لتنظيم التعاون الاستثماري ولا سيما بين مؤسسات ومنظمات القطاع الخاص في الدول العربية والصين كمجالس الأعمال المشتركة وغير ذلك من المؤسسات الداعمة والمشجعة على التبادل التجاري والاستثماري وتوفير الأطر المناسبة التي تنظم هذه العلاقات.

إن هذه الرؤية التي لا تتطرق كثيرا إلى العلاقات السياسية تنطلق من قناعة بأن علاقات المصالح الصينية العربية تمثل سياجا قويا يحمي علاقات الجانبين السياسية، والتي هي علاقات أقل ما توصف به أنها جيدة. 

 

husseinismail@yahoo.com

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn