ã

المخلفات الإلكترونية سموم خفية في ثنايا حياتنا

لو رو تساى

مخلفات إلكترونية في شارع ببكين

عمال يفككون النفايات الإلكترونية في بلدية قوييوي بمقاطعة قوانغدونغ

شركة كونكا تبدل التلفزيونات القديمة بأجهزة جديدة في مدينة تشنغتشو

 

السيد شيوى فنغ قرر أن يتخلص من حاسوبه القديم، واستبشر خيرا عندما أعلنت شركة DELL في نهاية عام 2006 أنها ستقوم بجمع أجهزة الكمبيوتر المهملة التي تحمل علامتها التجارية. اتصل الرجل بالشركة فورا، وردت DELL بأنهم سيذهبون إليه خلال أسبوع لأخذ الجهاز المهمل ولكن...بدون مقابل. جلس شيوى فنغ ونظر إلى الكمبيوتر. صحيح أنه قديم، ولكنه ليس تالفا، ويجدر بالشركة أن تدفع له شيئا، وهنا ساقته قدماه إلى محل يشتري الأجهزة الكهربائية القديمة، حيث باع الحاسوب بمائتي يوان (حوالي 28 دولارا أمريكيا)، وهو يعلم أن البائع سيعيد بيعه لشخص آخر بسعر أعلى، ولكنه عاد إلى بيته وهو يقول في نفسه: أفضل من لا شيء.

قد تتصور أن عدد الأجهزة الإلكترونية في بيت السيد شيوى فنغ قل بعد أن باع الحاسوب، بيد أن هذا ليس صحيحا بالمرة، فالرجل لديه كمبيوتر نقال، وكذلك زوجته، كما أن لديه هاتف محمول، وكذلك زوجته إضافة إلى هاتفيهما القديمين، وتلفزيون اشتراه قبل أن ينتقل إلى بيته الجديد. و السيد شيوى فنغ يعتقد أنه لن يتخلص من تلك الأجهزة قبل سنتين.

الأرقام التي أعلنتها مصلحة الدولة العامة لحماية البيئة تثير الدهشة، بل والرعب: يبلغ عدد الأجهزة التي تخرج من الخدمة سنويا 5 ملايين تلفزيون، 4 ملايين ثلاجة، 5 ملايين غسالة، 30 مليون هاتف محمول، ويصل حجم القمامة الإلكترونية في الصين ثلاثة آلاف طن كل يوم.

مع التحديث التقني المتسارع، تنخفض أسعار المنتجات الإلكترونية، وهذا هو أهم الأسباب تبديل الهواتف المحمولة وغيرها من الإلكترونيات. وحسب دراسة أجرتها شركة CBC لدراسة الأسواق، قام أكثر من 60% من مستخدمين للمحمول بتبديل هواتفهم منذ عام ألفين حتى الآن، ويحتل أبناء مدينة قوانغدونغ الصدارة في هذا المجال، إذ بدل كل فرد منهم ثلاثة هواتف محمولة في المتوسط في تلك الفترة. وحسب دراسة قامت بها شركة شينتشين لاستطلاع الرأي، بلغت نسبة تبديل الهاتف في المدن الصينية بين 30%--40%، منذ عام ألفين حتى الآن، وهذا يعني أن متوسط عمر الهاتف في يد المستخدم بين سنتين وثلاث سنوات.

 

القمامة الإلكترونية، إلى أين؟

تشغل يويه يي هوا، منصب مديرة مشروع مكافحة تلوث المواد السامة في مكتب بكين لمنظمة السلام الأخضر. تتابع يويه يي هوا، بحكم عملها، موضوع صرف القمامة الإلكترونية منذ سنوات، وبعد الدراسة، توصلت إلى أن المخلفات الإلكترونية في معظم المدن الصينية تنتهي إلى أيدي جامعي القمامة المتجولين، الذين ينقلونها بدورهم إلى أحزمة المدن، والتي تتحول بدورها إلى مراكز تجميع لتلك المخلفات، حيث يتم تصنيفها وإصلاح ما يمكن إصلاحه منها، فيعاد الصالح منها إلى أسواق الإلكترونيات أو يذهب إلى الأرياف، وما يتبقى  يُنقل إلى مجمع أكبر لتفكيكه قبل شحنه مباشرة إلى قوانغدونغ أو أماكن أخرى لتفكيكها بطرق بدائية.

حسب دراسة لمنظمة السلام الأخضر، يوجد عدد قليل من المصانع المتخصصة في معالجة المخلفات الإلكترونية. وتتم معالجة 90% من المخلفات الإلكترونية بطرق بدائية.

بلدة قوييوي بمقاطعة قوانغدونغ هي أكبر قاعدة لتفكيك المخلفات الإلكترونية في الصين. وحسب دراسة ميدانية قامت بها لاي يون، وهي متطوعة بمنظمة السلام الأخضر، يعمل 80% من المقيمين إقامة دائمة في قوييوي في مجال تفكيك المخلفات الإلكترونية، التي تأتي إليها من داخل الصين ومن خارجها. حسب تقرير للسلام الأخضر، ينتج العالم من المخلفات الإلكترونية حوالي 40 مليون طن سنويا، 70% منها يأخذ طريقه إلى الصين، ومعظمه يستقر في قوييوي.

تقول لاي يون: " في قوييوي، يتم تفكيك المخلفات الإلكترونية في ورش منزلية تفتقر إلى الأجهزة اللازمة والتكنولوجيا السليمة. ومن أجل الاقتصاد في التكاليف، يتم التفكيك بطرق بدائية، مما يلوث التربة والمياه الجوفية بشكل خطير".

 

تكلفة المعالجة

تقول وو يوي بينغ، وهي كبيرة باحثين بمصلحة الدولة العامة لحماية البيئة: إن الأمريكيين يبيعون المخلفات الإلكترونية للتجار الصينيين، لأنّ تكلفة تهريبها إلى الصين أقلّ من تكلفة معالجتها هناك. والشركات الصينية تواجه مشكلة التكلفة أيضا، حيث أن تلك الشركات يمكن أن تفقد تفوقها في حرب الأسعار إذا أضافت تكلفة جمع ومعالجة المنتجات المهملة إلى تكلفة الإنتاج. وفي ظل بيئة الاستهلاك الحالية في الصين، من المستبعد أن يقبل المستهلك تحمل تكاليف معالجة النفايات الإلكترونية من أجل حماية البيئة.

شركة هواشينغ المحدودة ببكين لتطوير حماية البيئة، واحدة من المواقع التجربية التي أنشأتها لجنة الدولة للتنمية والإصلاح في بكين وتيانجين وتشنغداو وهانغتشو كمشروعات نموذجية لمعالجة المخلفات الإلكترونية. مع أن الشركة مزودة بخط إنتاج متقدم، تفتقر إلى المواد الخام لتشغيلها. يقول وانغ يونغ، وهو من العاملين بهذه الشركة، إنهم يأملون أن يحصلوا على الأجهزة الإلكترونية المهملة من الشركات والمؤسسات لمعالجتها بطريقة لا تسبب أضرارا، مشيرا إلى أنهم لا يستطيعون منافسة الباعة المتجولين في جمع المخلفات الإلكترونية. وقد وقعت الشركة اتفاقا مع المراكز الكبرى لبيع الأجهزة الكهربائية لاستعادة المخلفات الإلكترونية منها، ولكن الشركة تحصل على معظم المخلفات من الباعة المتجولين.

وقال وانغ يونغ لا يوجد قانون ينظم عملية جمع القمامة الإلكترونية لكي نستند إليه، فبرغم صدور مسودة ((لوائح إدارة استعادة ومعالجة المخلفات الكهربائية)) عام 2004، فإنها لم تصبح قانونا تشريعيا حتى الآن بسبب عدم توازن المصالح بين المستهلك ومؤسسات الإنتاج والحكومة.

 

اللوائح وقوانين المعالجة

بعد DELL أعلنت شركة HP في سبتمبر 2007  عن جمع الأجهزة المهملة التي تحمل علامتها بدون مقابل، وكذلك فعلت LENOVO. ويعتقد يويه يى هوا أن هذا تطور جيد باعتبار أن "الجمع حلقة مهمة لدورة حياة المنتجات الإلكترونية، وتلعب دورا حاسما لتجنب التلوث."

غير أن المستهلك، فيما يبدو، غير معني بهذه العملية، فكيف يقدم جهازه القديم إلى المصنع بدون مقابل ولا يبيعه لبائع متجول حتى ولو بسعر زهيد؟

شركة DELL، تدفع تعويضا للشركات التي تجمع منها الأجهزة القديمة، بشرط أن لا يقل العدد عن 30 جهازا.

حث شركات الإنتاج على عدم استخدام مواد خام سامة أثناء مرحلتي التصميم والإنتاج خطوة مهمة لحل هذه المعضلة، ذلك أن جمع ومعالجة المخلفات الإلكترونية لن يزيل كل المواد. وقالت يويه يى هوا إن المعايير الواردة في ((لوائح إدارة السيطرة على تلوث الإلكترونيات المعلوماتية)) تنطبق على أجهزة الكمبيوتر والهاتف الخلوي والكاميرات الرقمية وأجهزة الفيديو الرقمية وغيرها من المنتجات الإلكترونية،، فتلك اللوائح تحدد الإجراءات الواجب اتباعها  في الإنتاج والتصنيع، وعلى الشركات أن تدون على منتجاتها أسماء المواد السامة المستخدمة في منتجاتها الإلكترونية.

من ناحية أخرى، بالنسبة لشركات معالجة المخلفات الإلكترونية، التي تنتظر وضع قانون ينظم عملية جمع هذه المخلفات، قال وانغ يونغ: "صناعة معالجة المخلفات الإلكترونية لها آفاق مشرقة، ولكن الطريق إليها متعرج. في ظل الوضع الراهن، حيث لا تريد شركات الإنتاج تحمل رسوم استعادة ومعالجة المخلفات الإلكترونية، نأمل أن تكون هناك سياسة لمنح معونات مالية للشركات التي تقوم بمعالجة المخلفات الإلكترونية كما هو الحال في دول أخرى".

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn