ã

العلامات التجارية القديمة تعود

ليو تشيونغ

كشك شركة جياهوا (JIahua) بشانغهاى في أحد معارض مستحضرات التجميل والمكياج

ماركة نيليانشنغ للأحذية القماشية ببكين، كانت أكبر ماركة من نوعها في الصين

ماركة وانغلاوجي لشاي الأعشاب ذات تاريخ 150 سنة، تلقى إقبالا لدى الأجانب

تتذكر يوي لي، السيدة التي تجاوزت الأربعين بخمس سنين، كريم ماكسام (Maxam) الذي كانت تستخدمه في ثمانينات القرن الماضي، عندما كان ماكسام أشهر اسم في عالم كريمات اليد بالصين. اليوم، ومع انفتاح السوق الصينية لكافة أنواع مستحضرات التجميل من كل الدنيا، تاه ماكسام في الزحام، ولكن يوي لي مازالت على حبها وتفضيلها القديم لمستحضرات التجميل المحلية. تقول: "الأفضل من مستحضرات التجميل هو ما يناسبني. وأنا أميل إلى المستحضرات التي أعرفها منذ زمان، ذلك أن استخدام ماركة قديمة خير من المخاطرة بسلامة بشرتي لتجربة سلعة جديدة."

عرفت الأسواق الصينية ماركة ماكسام سنة 1962، وخلال عشرين سنة تطورت مبيعاتها حتى وصلت القمة في نهاية ثمانينات القرن الماضي، إذ بلغت في عز مجدها ثلاثمائة مليون يوان، أي ستين مليون دولار أمريكي حسب سعر الصرف آنذاك. وتعتبر شركة جياهوا (Jiahua) بشانغهاى المالكة لهذه العلامة التجارية رائدة صناعة مستحضرات التجميل ورعاية البشرة في الصين، وهي شركة تتميز بقدرتها القوية على تطوير منتجاتها وتسويقها. وهي التي قدمت للسوق الصينية أول كريم لتثبيت الشعر وأول كريم لحماية البشرة من الشمس وأول كريم لليد. من أجل تعزيز قدراتها التسويقية، أنشأت الشركة أول مركز تجميل ومدرسة تجميل في الصين، ووضعت خطة للتسويق مستعينة بأساليب وأفكار أجنبية متقدمة مثل الاستعانة بخبراء التجميل للدعاية، وأقامت أول مسابقة للجمال في الصين.

في بدايات الانفتاح، في أوائل ثمانينات القرن الماضي، تعرضت الصناعة الوطنية لهجوم ضار من الماركات التجارية الدولية. وتجاوبا مع سياسة الدولة الهادفة إلى جذب رأس المال الأجنبي، دخلت جياهوا في استثمار مشترك مع شركة جونسون واكس (SC Johnson Wax) الأمريكية. ولكن رأس المال الأجنبي في الصين سعى إلى تملك أكبر حصص ممكنة في الأسواق الصينية لاحتكارها. وكانت النتيجة أن حصة ماكسام في السوق أخذت تتراجع حتى بلغت مبيعاتها ستة ملايين يوان (125 ألف دولار أمريكي) فقط عام 1991، وكادت علامة ماكسام التجارية تختفي من السوق، لدرجة أن السيدة يوي لي لم تكن تعثر عليها في تسعينات القرن الماضي إلا في متاجر السوبر ماركت الكبيرة.

في عام 2004، تراءى أمام عيون الصينيين اسم ماكسام من جديد، ففي سبتمبر من ذلك العام، بدأت محطة التلفزيون الصينية المركزية CCTV التي يشاهدها الملايين، بث إعلانات لكريم ماكسام في ست قنوات تابعة لها. وفي نوفمبر أعلنت شركة جياهوا أنها وقعت عقدا قيمته خمسين ملايين يوان ( ستة ملايين دولار أمريكي) مع CCTV لبث إعلانات ماكسام لمدة سنة، على أن يكون البث بعد انتهاء نشرة أخبار السابعة، التي تحقق أعلى نسبة مشاهدة في الصين. النهوض المفاجئ لجياهوا أثار جدلا في الأوساط الاقتصادية بالصين حول مدى صواب إنعاش العلامات التجارية القديمة.

 

ركود مبيعات الماركات القديمة في أسواق مزدهرة

كانت سبعينات وثمانينات القرن الماضي الفترة الذهبية لرواج المنتجات ذات العلامات التجارية الصينية. في تلك الأيام، كانت السوق متعطشة لكل شيء، وكان الناس يتدافعون لشراء السلع الصينية الصنع. ولكن هذا الزمن ولى بدون رجعة. منذ أن انتهجت الصين سياسة الانفتاح على العالم الخارجي وإستراتيجية إعادة تنظيم المؤسسات المملوكة للدولة في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ألغت الصين القيود المفروضة على استيراد البضائع الأجنبية، مما فرض تحديات كبيرة على الماركات الصينية القديمة، فلجأت الشركات الصينية إلى إقامة شركات باستثمارات مشتركة مع شركات أجنبية، بحيث تنتج هذه الشركات الصينية بضائع تحمل علامات تجارية عالمية مشهورة، بديلا عن العلامات المحلية القديمة.

الذي يحدث هو أنه عندما تدخل شركة أجنبية في استثمار مشترك مع شركة صينية، فإن الأولى لا تكون راغبة في الحفاظ على وتطوير العلامة التجارية الصينية. ويعتقد الخبير الاقتصادي لي قوانغ دو، أن استراتيجية الشركات المتعددة الجنسيات التي تدخل الصين هي أن تتفوق العلامات التجارية العالمية على العلامات الصينية التقليدية، فإن لم تستطع، تشتري تلك الشركات العلامات التجارية الصينية ثم تهملها حتى تموت تدريجيا موتا طبيعيا. ويستشهد الخبير الذي درس مسألة العلامات التجارية عدة سنوات بما فعلته شركة بروكتر آند غامبل (PROCTER & GAMBLE) وشركة فولكس فاجن (Volkswagen)، فبعد أن دخلت هاتان الشركتان في استثمار مشترك مع شركات صينية، كان همهما الأكبر هو ترويج منتجاتهما الأجنبية دون الاكتراث بالعلامات التجارية لشركائهما الصينيين، والنتيجة هي اختفاء علامات تجارية صينية مشهورة مثل مسحوق غسيل القوة Power 28 الذي تنتجه مقاطعة هوبي والمنظفات الصناعية القط الأبيض White Cat التي تنتجها شانغهاي.

في نهاية عام 2006، بلغ عدد العلامات التجارية الصينية المسجلة 27 مليونا و740 ألفا، أي أكثر من أي دولة أخرى، ولكن الواقع المحزن هو أن 90% من شركات الاستثمار المشترك الصيني- الأجنبي تنتج منتجات تحمل علامات تجارية أجنبية؛ فقد ابتلعت شركتا كوكاكولا وبيبسي، مثلا، سبعا من أكبر ثماني شركات مشروبات صينية، وابتلعت الشركات الأجنبية أيضا ثلاثا من أربع أكبر شركات صينية لمساحيق الغسل، ويبلغ نصيب العلامات التجارية الأجنبية 90% في سوق المشروبات الغازية بالصين، و75% في سوق مستحضرات التجميل والمكياج و30%- 40% في سوق القطاع الطبي.

أمام هذا الواقع شرع الصينيون يحاولون إحياء علاماتهم التجارية. في عام 1995، قرر قه ون يي، رئيس مجلس إدارة شركة جياهوا، استعادة العلامة التجارية لكريم ماكسام برأسمال وطني على أن تنتجه وتسوقه جياهوا بنفسها وليس من خلال الشركة المشتركة الاستثمار. لكن السوق كانت تغيرت جذريا خلال الأربع سنوات التي غابت فيها ماكسام عن السوق، حيث زاد حجم سوق مستحضرات التجميل من أربعة مليارات يوان (خمسمائة مليون دولار أمريكي) عام 1990 إلى خمسين مليار يوان (سبعة مليارات دولار أمريكي) عام 2004، وزاد حجم سوق مستحضرات رعاية البشرة إلى مليارين ونصف المليار دولار أمريكي، بمعدل زيادة 20% سنويا، بالإضافة إلى دخول علامات تجارية منافسة كثيرة، مثل بروكتر آند غامبل (PROCTER & GAMBLE) ويونيليفر( Unilever) ولوريل (L'oreal )، وعلامات تجارية محلية تسعى أن يكون لها نصيب من كعكة السوق المتوسط والمنخفض المستوى. ولكل هذا، شهدت ماكسام أسوا مبيعات لها في عام 2002.

هل إحياء ماكسام ضروري ويستحق هذه التكلفة الهائلة؟ هذه المسألة أثارت جدلا في مجلس إدارة شركة جياهوا، البعض رأى أن التكلفة عالية، وآخرون ومنهم وانغ تشوه، نائب مدير الشركة وغيره أيدوا فكرة الإحياء، حيث قال وانغ تشوه: "لا يمكن أن ننظر إلى الإصلاح على أنه تخلي عشوائي عن العلامات التجارية القديمة، فهذه الفكرة خطيرة وقصيرة النظر، ما زالت ماركة ماكسام تتمتع بشهرة كبيرة، ولها جمهورها من المستهلكين، ورغم أن مبيعاتها السنوية انخفضت، ما زالت تعتبر هائلة مقارنة مع الماركات المحلية الأخرى. وبعد نقاش مطول اتفق الجميع على تنفيذ خطة شاملة لتنمية وتسويق وترويج سلسلة من كريمات ماكسام، وبدأت حملة الترويج ببث إعلانات في محطة التلفزيون المركزية في عام 2004.

 

ماركات قديمة في عصر جديد

المستهلك الصيني بات أكثر نضوجا وعقلانية. كثير من الصينيين حاليا عادوا إلى استهلاك الماركات الصينية القديمة التي تخلوا عنها فترة من الزمن، ويعزز من هذا التوجه، مشاعر الفخر القومي وحب الوطن واسترجاع الماضي. صار إحياء الماركات القديمة موضوعا ساخنا في منتديات الإنترنت بالصين. لكن، من وجهة نظر المنتجين والبائعين، الاعتماد على المشاعر الوطنية في تسويق المنتجات الوطنية ليس الحل الناجع. في الواقع، هناك أمثلة كثيرة تدل على أن عراقة تاريخ الماركة قد تضر الماركة نفسها أحيانا. وكما أوضح تشنغ دان يانغ، عضو لجنة حماية العلامات التجارية الوطنية القديمة، فإن الماركات التقليدية لها نقاط ضعف كثيرة تتمثل في الأنظمة القاسية في الإنتاج والعائد المنخفض والتخلف التكنولوجي، مما يضع قيودا على إحياء وإنعاش تلك الماركات. كما أشار إلى أن الحل يكمن في الدراسة الكاملة للسوق والوعي الصحيح بآليات اقتصاد السوق وتطوير تكنولوجيا الإنتاج والاستجابة لمتطلبات مستهلكي العصر.

شركة نيليانشنغ لصناعة الأحذية القماشية ببكين تطورت من ورشة أحذية قديمة عمرها 150 سنة. كانت الشركة تستعين في الماضي بمصممين كبار السن، لكنها الآن تضم شبابا من خريجي الجامعات بهدف إضافة عناصر حديثة ومتجددة في تصميم الأحذية؛ أما ماركة وانغلاوجي لشاي الأعشاب فيرجع تاريخها إلى 180 سنة. وحسب الطب التقليدي الصيني، هذا الشاي يخفف الحرقة الداخلية في جسم الإنسان التي تسبب أمراضا كثيرة. هذا الشاي الذي كان يباع في الجرة، يعرض حاليا في السوق بشكل جديد تماما، فهو يباع في عبوات معدنية وفي علب ورقية كمشروب صحي طبيعي. وهناك إعلان عن هذا الشاي يحمل عبارة: "احذر من الحرقة الداخلية، اشرب شاي وانغلاوجي". ومع شيوع المفهوم الجديد لحماية الصحة، يباع هذا المشروب جيدا.

بعد صمت طويل، تعلي العلامات الصينية صوتها في السوق، من ماركة حذاء المحارب Warrior sneaker التي اشتهرت في سبعينات القرن الماضي بأنها "أديداس الصينية"، إلى مستحضرات رعاية البشرة مثل كريم قهلي، التي تلقى اليوم إقبالا لدى الفتيات. إن العلامات التجارية القديمة ثروة للصين، كما قال البروفيسور هوانغ قوه شيونغ، الأستاذ بمعهد التجارة بجامعة رنمين (الشعب)، الذي أضاف أن "هذه العلامات فيها قوة كامنة هائلة ثقافيا وتاريخيا، لكن هذه القوة لا تظهر إلا عندما تواكب تقدم العصر وتقوم بالتجديد الذاتي." مثل الصين نفسها، على الماركات القديمة أن تجمع خليطا من عناصر التاريخ وفي نفس الوقت تقبل الأفكار والمعلومات والتقنيات الجديدة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn