ã

الأدب الصيني بعيون مصرية

حسانين فهمي حسين    مدرس مساعد بقسم اللغة الصينية – كلية الألسن

الكاتب الصيني الشهير لاو شه

للكاتب الصيني الشهير با جين

تمثال للكاتب الصيني الشهير لو شيون

             

حظي الأدب الصيني خلال رحلته في العالم العربي منذ مطلع القرن العشرين بترحيب كبير من قبل جمهور القراء المصريين، وحظي أيضا بتقدير كبير من أهل الفكر والأدب وأساتذة اللغة والأدب الصيني في مصر. فقد ذكر المفكر والأديب المصري الكبير طه حسين عام 1932 بالعاصمة اللبنانية بيروت، خلال حديثه عن العلاقة بين الأدب العربي والأدب العالمي، أن "ما يمكن أن نعده من الأدب العالمي ليس بكثير، بل ويمكن أن نحصيه في أربعة آداب، وهي الأدب الإغريقي القديم، الأدب الروماني القديم، أي الأدب اللاتيني، الأدب الفارسي والأدب العربي. ثم استدرك قائلا، "ولا يمكن أن نستثني من ذلك الأدب الهندي والأدب الصيني، علي الرغم من أنني ليس علي دراية بهذين الأدبين".                                           

  وقد أثني الأديب المصري العالمي الراحل نجيب محفوظ على الثقافة الصينية والأدب الصيني، فقد أبدى إعجابه الكبير بكتاب ((المحاورات)) الكونفوشي وبرواية ((الجمل شيانغ تسه)) للكاتب الصيني الشهير لاو شه، وذلك عندما قرأ محفوظ الترجمة العربية لهذين العملين. وذكر محفوظ أن رواية ((الجمل شيانغ تسه)) أعجبته كثيرا وأن بها الكثير مما يتفق مع المجتمع المصري. وقال محفوظ في كلمة له بعنوان "إلى القراء الصينيين"، تصدرت الترجمة الصينية لثلاثية (القاهرة): "إنني أتمنى التواصل والاستمرار لمثل هذه التبادلات الثقافية، وأتمنى أن أرى الكثير من أعمال الأدب الصيني الحديث على أرفف المكتبات المصرية، مما سيعمق بدوره من أواصر التبادل الثقافي فيما بيننا". وقد ترجمت الكثير من أعمال محفوظ إلى اللغة الصينية ونالت إعجاب وتقدير القراء الصينيين، ودرست أعماله بالمقارنة مع أدباء صينيين مثل لو شيون وبا جين وغيرهما.                                                                                       

       ويحظى الأديب الصيني الكبير لو شيون بمكانة كبيرة لدى أهل الفكر والأدب في مصر؛  فهو في نظر الكثير منهم من أهم رواد الفكر والثقافة والأدب الصيني الحديث، حيث ذكر الكاتب والمترجم المصري الكبير الدكتور شوقي جلال في إحدى مقالاته حول الثقافة الصينية: "لقد ظهر بالصين منذ مطلع القرن العشرين العديد من الرواد والتيارات العلمية، وكانت هناك آراء ووجهات نظر جديدة في مجال الإصلاح الاجتماعي، مما عجل بدوره بقيام حركة نهضة سياسية وفكرية، كان من روادها لو شيون (1880 – 1936 ) وتشن دو شيو ( 1879 – 1942 ) ولي دا تشاو ( 1889 – 1927 ).......".                                                   

   وتتربع أعمال لو شيون على عرش الأعمال الأدبية الصينية التي ترجمت إلى اللغة العربية، حيث كانت أعماله من أوائل الأعمال التي ترجمت إلى اللغة العربية وصدرت طبعاتها العربية في خمسينات القرن العشرين في مصر، وتركت انطباعات كبيرة لدى القراء المصريين. ومن أهم الأعمال التي ترجمت في تلك الفترة ((قصص آه كيو الحقيقة))، ((مذكرات مجنون))، (( الدواء))، ((ضحية العام الجديد))، ((البيت القديم)) و((الأسرة السعيدة)) وغيرها من الأعمال. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، ومع تطور الدراسة  بقسم اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس،  نالت أعمال الكاتب الكبير لو شيون تقديرا كبيرا من المختصين بدراسة اللغة الصينية والأدب الصيني والثقافة الصينية. وبدأت دراسة لو شيون وأعماله الأدبية في أبحاث الماجستير والدكتوراه بقسم اللغة الصينية، حيث كانت "الواقعية في قصص لو شيون القصيرة" موضوع رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها الأستاذة الدكتورة جان إبراهيم بدوي عام 1987. وبدأ المتخصصون في الأدب الصيني بالألسن يتناولون أعمال لو شيون بالدراسة والمقارنة مع كتاب مصريين أمثال طه حسين ونجيب محفوظ. وحظيت أيضا أعمال الكاتب الروائي والمسرحي الصيني الشهير لاو شه (1899- 1966) بتقدير وإعجاب كبيرين في مصر، حيث ترجمت بعض أعماله إلى العربية مثل روايته الشهيرة ((الجمل شيانغ تسه))، وترجم له الدكتور عبد العزيز حمدي، أستاذ اللغة الصينية بجامعة الأزهر، رائعته المسرحية ((المقهى)) والتي صدرت طبعتها الأولى عام 2002  ضمن المشروع القومي للترجمة بوزارة الثقافة المصرية. وفيما يتعلق بمكانة الأديب لاو شه، ذكر الدكتور عبد العزيز حمدي في مقدمة ((المقهى)) أن لاو شه يعتبر من أشهر أدباء الصين المعاصرين، ومن أعظم الأدباء الواقعيين في الأدب الصيني الحديث، ومن أعلام المسرح الصيني المعاصر، كما أنه يتمتع بمكانة مرموقة في عالم الأدب والفن وأكثر الكتاب الصينيين شهرة في العالم. وفيما يتعلق بإبداعات لاو شه المسرحية، ذكر الدكتور عبد العزيز أن لاو شه تربع على عرش المسرح التاريخي في الصين، ولا يطاوله في ذلك سوى الكاتب الصيني كو مو جو، وقدم لنا عشرات المسرحيات التاريخية الرائعة التي جسدت الكثير من الوقائع والأحداث التاريخية قبل وبعد تحرير الصين عام 1949. وكانت أعمال لاو شه موضوعا رئيسيا لأبحاث الأساتذة بقسم اللغة الصينية، فكان "الأديب لاو شه وقصة الجمل شيانغ تسه" موضوع رسالة الماجستير للدكتور مجدي مصطفي أمين عام 1988، وكان "مسرح لاو شه" موضوع رسالة الدكتوراه للدكتور حسن رجب عام 1995.                         

       وأعمال شيخ الأدب الصيني با جين (1904– 2005) من أهم الأعمال التي تناقلتها الألسن في مصر، وقد ترجمت بعض من أعمال با جين إلى اللغة العربية، ومن أهمها  ثلاثيته الشهيرة (الوابل)، التي تضم روايات ((الأسرة))، ((الربيع)) و((الخريف))، والتي تناولها المتخصصون في الأدب الصيني من الباحثين العرب بالمقارنة مع ثلاثية نجيب محفوظ. وترجم الدكتور وحيد السعيد، الأستاذ المساعد بقسم اللغة الصينية بالألسن، رواية ((حلم البحر)) لبا جين، وصدرت عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر عام 2004. كما تناول الباحثون في قسم اللغة الصينية أعمال با جين في رسائل علمية مختلفة، فكان "الأديب با جين وروايته  الأسرة  دراسة لغوية" موضوع الدكتوراه للدكتورة آمال كمال عام 1995. وفيما يتعلق بالمكانة الأدبية الكبيرة للراحل با جين، قال الناقد الصيني الكبير ليو تساي فو، في مقال له بعنوان "نجيب محفوظ لا ينتمي لمصر فقط، حيث ذكر البروفيسور ما يوا ران، الأستاذ بالأكاديمية الأدبية السويدية أن هناك تقاربا كبيرا بين واقع أعمال نجيب محفوظ وواقع أعمال با جين، بل وهناك بعض الأعمال التي إذا غيرنا أسماء شخصياتها أو أسماء أماكنها يصعب علينا تمييز ما إذا كانت لمحفوظ أو با جين". وذكرت الناقدة المصرية الدكتورة إخلاص عطا الله في كتابها (جائزة نوبل للأدب في مائة عام)، أن قرار لجنة نوبل عام ۲۰۰۰ بمنح الجائزة للكاتب الصيني جاو شين جيان اتهم بأنه قرار بدوافع سياسية غير معلنة، خاصة أن الجائزة تخطت با جين، الشيخ القديم في الأدب الصيني والذي يعد واحدا من أكثر الأسماء التي جرى الحديث حول أحقيتها لنيل هذه الجائزة". وذكر الأستاذ حسين إسماعيل، نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم أنه إذا كان نجيب محفوظ هو عميد الرواية العربية فإن با جين هو أحد أهم رموز الرواية الصينية".

 ومما لاشك فيه أن دراسات الأدب الصيني في مصر دفعت كثيرا عملية ترجمة الأعمال

 الأدبية الصينية إلى اللغة العربية، فقد صدر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر ترجمات مختلفة عن الأدب الصيني مباشرة من الصينية إلى العربية، سواء في مجال الرواية أو المسرح والشعر، بل ونالت هذه الأعمال المترجمة ترحيبا كبيرا من جمهور النقاد والقراء المصريين. ويجد

المترجمون للأدب الصيني كل الدعم والتأييد من وزارة الثقافة والأوساط الأدبية في مصر، مما يبشر بمستقبل مشرق لدراسة وترجمة الأدب الصيني، الأمر الذي يجعلنا نقول إن الفترة منذ تسعينيات القرن العشرين حتى الآن هي العصر الذهبي لدراسة وترجمة الأدب الصيني في مصر.

                            

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn