ã

علاء الأسواني  في حوار مع ((الصين اليوم))

أقسام تعليم الصينية غير كافية ومطلوب آلية لدعم التعاون الثقافي مع الصين

أجري الحوار: محمد إسماعيل

بفوزه أخيراً بجائزة "جرينزان كافور" GRINZANE CAVOUR الإيطالية عن أفضل رواية أجنبية، وسط تظاهرة ثقافية دولية  بقلعة كاستلو بمدينة تورينو، يواصل الكاتب المصري الدكتور علاء الأسواني صعوده في سماء الأدب المصري والعربي والعالمي، بأسلوبه الشيق وتمكنه الأدبي من خلال قراءته المتنوعة لمختلف الآداب؛ العربية والروسية والصينية والفرنسية واللاتينية. وقد حققت روايته ((عمارة يعقوبيان)) أرقامً مبيعات غير مسبوقة وتوالت طبعاتها وترجمت إلى 19 لغة أجنبية، وحققت طبعتها الفرنسية مبيعات عالية.

((الصين اليوم )) أجرت معه هذا الحوار، الذي طالب فيه بضرورة إيجاد آلية لدعم التعاون الثقافي بين مصر، أكبر دولة عربية، وجمهورية الصين الشعبية، حيث تمتلك كل من مصر والصين أقدم الحضارات في العالم. و فيما يلي نص الحوار:-

قلت: كيف تري الأدب الصيني؟

قال: الصين دولة كبرى صاحبة حضارة قديمة، ولكن الأدب الصيني الحديث ليست له ترجمة إلى اللغة العربية باستثناء بعض الأعمال الأدبية الصينية القديمة والكلاسيكيات. وقد قرأت الكثير من الأدب الصيني وخاصة فلسفة "الطاو" وهو نوع من التراث الصيني الذي ترجمه إلى اللغة العربية الأديب علاء الديب.

لا توجد آلية

وقال الأسواني للأسف لا توجد آلية قوية للتبادل الثقافي وإنعاش حركة الترجمة من العربية للصينية والعكس، كما أن أقسام تعليم اللغة الصينية بالجامعات المصرية والعربية غير كافية، والنتيجة أنني أقرأ الأعمال الأدبية الصينية المترجمة بالإنجليزية عموما. الحضارة المصرية والصينية من أقدم الحضارات في العالم والتبادل الثقافي وزيادة حركة الترجمة سيفتحان الباب أمام دخول الأدب العربي المعاصر إلى الصين ودخول الأدب الصيني إلى القراء العرب. وقد  حضرت مؤخراً بالقاهرة ندوة حول كتاب "الرواية الغرامية الصينية "، لكاتب مصري يدعي فوزي، كما شاهدت بدار الأوبرا في بداية أغسطس فرقة الغناء والرقص الصيني لمنطقة شينحانغ والتي لاقت استقبالاً حافلاً بالقاهرة والإسكندرية والفيوم من الجمهور المصري الذي سعد كثيراً بالغناء والرقص الصيني.

قلت: هل كنت تحلم وأنت صغير أن تكون أديباً كبيراً؟

قال: بالفعل لم يكن لدي أي حلم آخر في  حياتي غير أن أكون أديباً، وذلك منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري، حيث نشأت وسط مكتبة والدي الأديب عبد الوهاب الأسواني. وكانت لي بعض المحاولات في كتابة القصص وأنا صغير وكان منزل الأسرة دائماً به أصدقاء والدي من كبار الأدباء والصحفيين. وقد تخرجت في مدرسة ليسيه باب اللوق، وتعلمت وأتقنت اللغة الفرنسية التي مكنتني من دراسة الأدب الفرنسي منذ صغرى، ثم قرأت بفضل مكتبة والدي وأستاذي التراث العربي والأدب الفرنسي والروسي، وهو مدرسة كبيرة في الأدب العالمي، حيث قرأت لكل من ليو تولستوي وفيدور دوستويفسكي وأنطوني تشيكوف ونيقولاي غوغول ثم تعلمت الإسبانية لأتمكن من قراءة الأدب الأسباني واللاتيني، وتعلمت من مقولة الأديب نجيب محفوظ: لابد أن يكون الأدب هو أهم شيء في حياة الأديب.

قلت: بالمناسبة، هل تأثرت  بالأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ ؟

قال: تعلمت وتأثرت من الراحل الكثير والكثير فهو صاحب مدرسة التأسيس والتطوير.

قلت: كيف؟

قال: عموماً، في تاريخ الأدب هناك من يؤسس لفن، وهناك من يطوره. فعلى سبيل المثال في مصر، الذي قام بوضع أسس القصة القصيرة المصرية هو الأديب يحيى حقي بينما الذي طورها هو الدكتور يوسف إدريس. أما الراحل الكبير نجيب محفوظ، فقد جمع بين الاثنين، حيث أسس الرواية العربية الحديثة، وهو أيضاً الذي قام بتطويرها على مدى الأربعين عاماً الماضية. الأدب المصري أدب رفيع المستوى، وهو أدب تعدى الإقليمية إلى العالمية، ولذلك ليس غريباً أن تفوز مصر بأدبها وأدبائها للمرة الثانية بجائزة الرواية الأجنبية في إيطاليا.

 

 رد بليغ وعملي على الحملات المسيئة للعرب

قلت: من وجهة نظركم، ماذا يعني أيضاً فوز أديب مصري عربي بجائزة دولية في هذه المرحلة التي تشهد حملات كاذبة ضد العرب بأنهم قتلة ولا يستحقون الديمقراطية ويريدون قتل الإسرائيليين؟

قال: الحمد لله فإن فوز مصر، ومصر تضم الدول العربية والأدب العربي، بجائزة دولية للمرة الثانية بشهادة لجنة تحكيم عالمية إنما يصب في الجانب الإيجابي لصورة الدول العربية ضد هذه الحملات الصهيونية الكاذبة والتي تدعي أننا صناع قنابل ونستخدم العنف. وهى أبلغ رد عملي على هؤلاء الصهاينة بأننا أصحاب فكر ومعرفة وأدب وحضارة ونؤمن بالحوار ونؤمن بالتعامل مع الآخر، وأن  أدبنا العربي وفكرنا التنويري قد ترجم لأكثر من 19 لغة أجنبية ليطلع كل العالم وبكل اللغات على قصة ((عمارة يعقوبيان))، حتى تتغير الفكرة الخاطئة التي تسيطر على بعض الجمهور الأوروبي عن العالم العربي. وفوز مصر يكشف ويفضح الحملات الكاذبة ضد العرب والمسلمين.

قلت: كيف ترى العلاقات المصرية العربية في أعمال الأدب؟

قال: مصر لها وزن كبير جداً، وهذا الوزن يفرض مسؤولية ولابد أن نكون منفتحين وأتمني أن ينفصل الأدب عن العلاقات السياسية، بمعنى أن تشعر مصر بأن عليها واجبا نحو كل من يكتب بالعربية لأن هذا يتوافق مع مكانة مصر.

وقال الأسواني إنه عندما يتقدم للحصول على جائزة دولية عن قصة مصرية، فهو كاتب مصري يعبر في النهاية عن كونه كاتب مصري عربي، وهذا يفتح الأبواب للأدب العربي، مشيراً إلى أن دور النشر الإيطالية، على سبيل المثال، طلبوا منه ترشيح أعمال أدبية عربية لترجمتها إلى اللغة الإيطالية، وهذا يساهم في فتح الباب أمام نشر الأدب العربي والأعمال العربية بصفة عامة.

و قال الأسواني إن انتشار الأدب العربي في أوروبا في الوقت الحالي بالذات، يرد على الحملة السيئة التي تقودها الصهيونية في أوروبا ضد العرب والتي تروج كذباً أن العرب لا يصلحون للديمقراطية وأنهم يريدون قتل الإسرائيليين، باعتبار أن هذا الأدب العربي الذي يحترمه الجمهور الأوروبي وحصل على جوائز دولية، يعطي صورة إيجابية ويكذب هذه المزاعم التي تروجها إسرائيل ضد العرب.

 

مطلوب دعم الدولة لتخفيض سعر الكتاب

قلت: وحول أسعار الكتب في مصر؟

قال: إن الدولة مشكورة ألغت الضرائب على حقوق الكاتب، وأعتقد أن الحكومة عليها أن تتنازل عن بعض المكاسب المادية حتى تشجع على القراءة وخلق عشرات الكتاب الموهوبين التي تزخر بهم مصر عندما يحصلون علي جوائز دولية، وهذا هو المكسب الحقيقي وذلك من خلال العمل على خفض سعر الكتاب ومن خلال دعم الدولة للكتاب.

قلت: وحول خلفياته الأدبية التي أثرت في إنتاجه الأدبي؟

قال: إن تعلمه للغة الفرنسية ساعده في دراسة الأدب الفرنسي منذ صغره بجانب قراءته لكل ما اشتملت عليه مكتبة والده عباس الأسواني من أدب عربي والتراث العربي والأدب الروسي وهو يعد مدرسة كبرى للأدب. هذا بجانب تعلمه للغة الأسبانية حتى يتمكن من قراءة ودراسة أدب أمريكا اللاتينية .

 

روشتة نجاح للأدباء الشبان

قلت: ورداً على سؤال حول النصيحة التي تقدمها للأباء الشبان في مصر حتى يصبحوا علاء الأسواني.

قال: أولاً، أن يظل الأدب له أولوية في حياته، وهذه كانت النصيحة التي تلقيتها من والدي ومن الأستاذ نجيب محفوظ، لأنه إذا كان الأدب مجرد هواية أو شيء مهمش فلن تخلق أديبا.

ثانياً: أن يقرأ كثيراً وفقاً لمقولة الدكتور لويس عوض، أن تقرأ مائة كتاب لكي تكتب كتاباً واحداً. وقال: إن هناك مقولة لأستاذنا الكبير نجيب محفوظ أثرت فيه ويمكن أن تكون شعاراً للأدباء الشبان وقد قالها بعد فوزه بجائزة نوبل وهي (لم أكن لأصل لما وصلت إليه لولا أن وطدت نفسي من البداية على أن الكتاب رسالة وعزاء، لأن كل ما يحزنني في هذا العالم تعزيني عنه الكتابة)

وهذه هي روشتة نجاح أقدمها للأدباء الشبان في مصر والعالم العربي.

قلت: وحول الأدباء المعاصرين الذين أثروا فيه بخلاف الراحل نجيب محفوظ.

قال: أخشى أن أنسى أحدا، وبالطبع في مقدمتهم الراحل توفيق الحكيم ويحيى حقي ولويس عوض وجمال الغيطاني وبهاء طاهر وأستاذي علاء الديب، وهو له الفضل الكبير في تشجيعي منذ كتابة أول قصة لي، كما شجعني أيضاً وكتب عن أعمالي لجمال الغيطاني ونشر لي الكثير.

قلت: وماذا عن أعمالك الأخرى بخلاف ((عمارة يعقوبيان))؟

قال: شيكاجو، وهي رواية كبيرة مثل يعقوبيان وهناك أيضاً قصة بعنوان ((الذي أقترب ورائه)) ويتم ترجمتها حالياً إلى اللغة الإنجليزية، وتمت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية في الصحف.

قلت: لمن تهدي جائزة جرينزين كافور؟

قال: هذه الجائزة أهديها لكل من وقف معي حتى وصلت إلى هذا النجاح. بعد توفيق ربنا سبحانه وتعالي، تأتي زوجتي التي ساعدتني كثيراً هي وأسرتي وأبنائي، وهناك ناس لها فضل علي مثل، د. جلال أمين وهو أول من قدمني، وأيضاً كل من علاء الديب وجمال الغيطاني وبهاء طاهر. كل هؤلاء الأساتذة وقفوا بجواري ولا يمكن أن أنسى فضلهم.

قلت: هذا بالنسبة للأشخاص وماذا عن مصر الدولة؟

قال: نحن جميعاً نحب مصر جدا،ً و كلنا نرى أن مصر تستحق أكثر وأفضل بكثير من واقعها. ويكفي أن المصري عندما يسافر إلى الخارج يرى الاحترام في عيون الأجنبي تجاهنا بمجرد أن يعرف أنك مصري.

 

تأثير الأدب الفرنسي

قلت: ما هو تأثير الأدب الفرنسي على مسيرتك الأدبية ومن هم الأدباء الفرنسيون الذين قرأت لهم؟

فال: أنا طبعاً درست أعمالهم أولاً ثم قرأتها مثل جان دي لافونتين، موليير (جان بابتيست بوكويلين)، وجان جاك روسو وكذلك لايوريير الذي أثر علي في مسألة الكاريكاتير، وهناك ألبير كامي.

قلت: كيف ترى علاقة الأديب بالسياسة وبالالتزام تجاه قضايا مجتمعه؟

قال: الإنسان لابد أن يكون ملتزماً بقضايا وطنه قبل أن يكون أديباً أو كاتباً. وأنا كمواطن مصري قُدر له أن يتعلم في الخارج ورأى المجتمعات المتقدمة، أتمنى وأعمل جاهداً ألا تقل بلادي عن البلاد الأخرى، وبالتالي فإن ذلك يفرض علي واجب أن أكون ناشطا مطالباً بالإصلاح. ومن المفترض أن يكون الأديب ملتزما التزاما إنسانيا أكثر منه سياسي.

 

انصراف عن المسرح

قلت: كيف ترى المسرح في مصر؟

قال: هناك للأسف "انصراف" عن المسرح لعدم الوصول إلى صيغة عمل مسرحي ممتع وأفكار مفيدة في نفس الوقت.

قلت: ما هي رؤية الكاتب المصري علاء الأسواني لأحوال العالم العربي؛ الموت في العراق، وفلسطين  ودارفور ولبنان والصومال. لماذا حال العرب هكذا بخلاف المناطق الأخرى؟

قال: نحن ندفع ثمن أشياء كثيرة؛ أولها، موقعنا الاستراتيجي الذي جعلنا مطمع منذ الإسكندر الأكبر حتى جورج بوش. لو كنا في منطقة معزولة لم يكن يتعرض لنا أحد، لكن موقعنا هام. ولكي تسيطر على العالم كله لابد أن تسيطر على العالم العربي. ثانيا، نحن ندفع ثمن النفط. والإمكانات الإستراتيجية التي يملكها العالم العربي لو وظفها سيتحول إلى قوة عظمى بعد عشرين عاماً فقط، وهذا غير مسموح به من أجل خاطر إسرائيل.

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn