ã

عميد السلك الدبلوماسي الأفريقي ببكين

الحديث عن استعمار صيني لأفريقيا إهانة للأفارقة

أجرى الحوار: حسين إسماعيل                            عدسة: جيا بنغ

سفير الكاميرون لدى الصين إيليه إيليه إتيان، ليس فقط عميد السلك الدبلوماسي الأجنبي والأفريقي في بكين وإنما شاهد على تطور السياسة الخارجية للصين خلال العقدين الأخيرين، وخاصة تجاه القارة الأفريقية، فالرجل الذي يشغل منصب سفير بلاده منذ عام 1988، يعلم دقائق وتفاصيل العلاقات الصينية الأفريقية.

((الصين اليوم)) تحاورت معه وطرحت عليه الأسئلة الصعبة والشائكة في ملف علاقات الصين مع القارة السمراء وكان الرجل واضحا في ردوده، فقال إن الصين تحتاج إلى أفريقيا، بترولها، موادها الخام وأسواقها، ولكن أفريقيا أيضا تحتاج الصين لتنمية اقتصادها والارتقاء بمستويات المعيشة فيها.

 

الصين اليوم: لنبدأ بالحديث عما شهدته العلاقات الثنائية بين الصين والكاميرون منذ القمة الصينية الأفريقية في نوفمبر العام الماضي.

  إيليه إيليه إتيان: أعتقد أن أهم حدث في تلك الفترة هو زيارة الرئيس هو جين تاو من نهاية يناير إلى بداية فبراير هذا العام، للكاميرون، ليكون أول رئيس صيني يزور الكاميرون، وقد سعينا إلى الترحيب به بما يعبر عن تقديرنا للصين. وتم توقيع اتفاقيات هامة خلال تلك الزيارة، ومنها اتفاقية حول بناء المدارس واتفاقية لبناء عدة مستشفيات متخصصة، واتفاقية في مجال الاتصالات، لمساعدة شركات الاتصالات الكاميرونية لشراء أجهزة وتقنيات من شركة هواي وي الصينية. ومنذ ذاك كانت هناك زيارات لوزراء كاميرونيين للصين، ومن ذلك مشاركة وزير المالية في اجتماع بنك التنمية الأفريقية في شانغهاي، حيث التقى مع بعض القادة الصينيين في المجال الاقتصادي والتجاري، وزار الصين وزير الشباب الكاميروني، والآن هناك مزيد من الصينيين يذهبون إلى الكاميرون.

الصين اليوم: خلال فترة عملك الطويلة في الصين، هل لاحظت تغيرا في السياسة الخارجية الصينية، وخاصة تجاه أفريقيا؟

إيليه إيليه إتيان: لا أعتقد أن هناك أي تغير في العلاقات بين الصين وأفريقيا، ولا في السياسية الخارجية الصينية تجاه أفريقيا، هناك تحسن، إعادة تقدير وتكيف. الصداقة بين الصين وأفريقيا عريقة، فقد زار البحار الصيني تشنغ خه أفريقيا قبل ستمائة عام، وخلال حرب التحرير في العديد من الدول الأفريقية، استفدنا كثيرا من الدعم الصيني. وبلدي كمثال، كانت أول زيارة لرئيس كاميروني إلى الصين سنة 1973. ولا تنسى أن رئيس مجلس الدولة الصيني تشو ان لاي زار أفريقيا في الستينات. لكل هذا لا أحب إساءة البعض قراءة العلاقات الصينية الأفريقية والاعتقاد بأن الصين تعيد اكتشاف أفريقيا من جديد.

الصين اليوم: في رأيك، ما هو سبب اهتمام الصين بأفريقيا، ليس الآن فقط؟

إيليه إيليه إتيان: الصين وأفريقيا من دول العالم الثالث، وقد تعرضت الصين والعديد من الدول الأفريقية لتجارب مشابهة من الإذلال من القوى الاستعمارية. ولهذا فإن هناك من البداية تفهما دائما بين الصين والدول الأفريقية.. وما نعنيه بالتفهم هو أن الصين تعرف مشاكل أفريقيا، فعندما بنت الصين سكة حديد تنزانيا- زامبيا، أنشأتها لأنها كانت تعلم الحاجة إلى هذا الخط في ذلك الوقت. الصين وأفريقيا أشقاء في النضال، في التعرض للإذلال، فقد مررنا بنفس المعارك، ولذا هناك تفاهم بين الصين والدول الأفريقية. والآن الصين تفهم مشكلاتنا وحاجتنا للتقنيات والتمويل والأسواق. والصينيون أيضا لديهم مشاكلهم، هم يحتاجون النفط، هذا حقيقي، ونحن لدينا نفط في أفريقيا، هم يحتاجون موارد طبيعية لتنمية الصين، ونحن لدينا الموارد في أفريقيا، هم يحتاجون أسواقا لتصدير منتجاتهم ونحن لدينا الأسواق، هم يحتاجون تفهما ودعما لسياسة الصين الواحدة، ويمكنهم أن يحصلوا عليهما منا، وهم يحتاجون دعمنا في العديد من المحافل الدولية. ولكن كل هذا جاء بعد أن أصبحنا معا، بعد أن أصبحنا أصدقاء وعندما نكون أصدقاء نعرف مشاكل وإمكانات أصدقائنا.

الصين اليوم: ولكن هناك من يقول إن الأفارقة يريدون شريكا لا يطرح أسئلة؟

إيليه إيليه إتيان: لا أعرف، ربما هناك بعض الأفارقة يريدون صديقا لا يسأل، ولكن أنا لست من هؤلاء، أنا لا أفضل صديقا يقول لي دائما أنت الأفضل. وبالنسبة لبلدي الكاميرون، نحن نتحدث بصراحة شديدة مع الصينيين، عندما يكون لدينا مشكلة نسأل أصدقاءنا الصينيين النصيحة، وعندما يكون لدى الصينيين مشكلة، مثل تايوان أو حقوق الإنسان، يتشاورون معنا.

الصين اليوم: أنت تعلم بأن هناك بعض الدوائر الغربية التي تروج لما تسميه باستعمار صيني جديد لأفريقيا، كيف ترى هذه الاتهامات؟

إيليه إيليه إتيان: أولا الحديث عن الاستعمار إهانة لأفريقيا. لقد ناضلنا من أجل استقلالنا، وأعتقد أننا على وعي كاف لنرى ما إذا كان هناك من يريد استعمارنا مرة أخرى، لدينا عيوننا وذكاؤنا لنعرف، لسنا أغبياء لنسقط في أحضان الصين إذا كنا نعلم أن الصين تريد استعمارنا. الذين يقولون لنا، خذوا حذركم، الصين سوف تستعمركم، لا يهينون الصين وإنما يهينوننا نحن (الأفارقة). نحن ناضجون وراشدون بما يكفي لنميز بين الصواب والخطأ، بين الأصدقاء الحقيقيين والذين يتظاهرون بأنهم أصدقاؤنا. الذين يقولون اليوم إن الصين تريد استعمار أفريقيا هم الذين استعمروا أفريقيا بالفعل في الماضي، وربما لم يتخلوا عن نواياهم لاستعمار أفريقيا، ولكن أفريقيا لن تستعمر مرة ثانية، فشبابها سوف يدافعون حتى الموت للحفاظ على استقلال أفريقيا إلى الأبد.  

الصين اليوم: وماذا عن اتهام الصين بأن قروضها لأفريقيا تفاقم مشكلة ديون القارة السمراء؟

إيليه إيليه إتيان: بالنسبة للقروض، سوف أتحدث عن الكاميرون. منذ إقامة سفارتنا في بكين عام 1972، الصين دائما تلغي ديونها عنا، ولهذا لا أدري من قال لهم إن القروض الصينية سوف تكون عبئا على أفريقيا. فكل القروض التي أخذناها من الصين في الماضي أعفيت، وكل هذه القروض ساعدتنا في تنمية الكاميرون. في عام 2000 أقمنا منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وتعهدت الصين بإعفاء الدول الأفريقية الأقل نموا من ديون قدرها 4ر1 مليار دولار أمريكي، وقد تم ذلك. وفي قمة العام الماضي تعهدت الحكومة الصينية بتقديم قروض ميسرة لأفريقيا بمبلغ ثلاثة مليارات دولار‏ أمريكي، بالإضافة إلى قروض ائتمانية بملياري دولار، وتأسيس صندوق صيني ـ أفريقي للتنمية برأسمال خمسة مليارات دولار لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في أفريقيا‏، وإلغاء الديون المتراكمة بسبب فوائد القروض التي حصلت عليها الحكومات الأفريقية حتى نهاية عام‏ 2005‏  وفتح الأسواق الصينية أكثر للمنتجات الأفريقية‏ وإلغاء التعريفة الجمركية عليها‏.‏

الصين اليوم: دعنا نتحدث عن موضوع آخر، بشأن النزاعات في أفريقيا، هل يمكن أن تلعب الصين دورا بناء وفاعلا في حل المشكلات في أفريقيا، مثل مشكلة دارفور مثلا؟

 إيليه إيليه إتيان: أعلم أن الصين ملتزمة تجاه أفريقيا، عندما زار الرئيس هو جين تاو الكاميرون تحدث عن السودان مع رئيس الكاميرون، وعينت الصين مبعوثا خاصا لأفريقيا، مهمته الرئيسية المساعدة في حل قضية دارفور، التي هي مشكلة معقدة للغاية وليست بهذه البساطة التي قد تبدو عليها. ولكن علينا أن نتذكر أن دارفور مشكلة سودانية، أفريقية، وعلى السودانيين أن يجدوا حلا لها وعلى أفريقيا أن تساعد السودان في ذلك. إن الصين، الرغم من أنها لا تتدخل تدخلا مباشرا غير مقبول وغير مريح في الشئون الداخلية للسودان، تعهدت على مرارا، للمساعدة في أي جهود من جانب السودان أو أفريقيا أو المجتمع الدولي لحل هذه المشكلة.

الصين اليوم: كيف ترى مستقبل العلاقات بين الصين وأفريقيا وإلى أي مدى يمكن أن تستفيد أفريقيا من علاقاتها مع الصين، وهل تعتقد أن الغرب سوف يقبل باستمرار هذا التنامي في العلاقات الصينية الأفريقية؟

إيليه إيليه إتيان: نحن ملتزمون بتحسين علاقاتنا، وندعو الأوروبيين والآخرين لوضع أيديهم في أيدينا من أجل بناء عالم متضامن يعمه السلام والمودة والتفاهم.

لقد ظلت الصين معنا في أوقات اليسر والعسر. الصين ساعدت الكاميرون، مثلا، في بناء السدود والمستشفيات، ويكفي هذا كمثال فقط لمشاركة الصين في تحسين أحوال الناس وتخفيف الفقر. الصين تصدر منتجات تلقى قبولا واسعا في الكاميرون، برغم أن الجودة أحيانا ليست عالية، ولكن الصينيين يعملون على تحسين الجودة للمنافسة مع السلع من مناطق أخرى. الصين تقدم منحا دراسية للطلاب الكاميرونيين. كل هذا يساهم في نضالنا ضد الفقر، وهذا حقيقي بالنسبة لدول أخرى في أفريقيا.     

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn