تعهدت الصين في نوفمبر العام الماضي بتقديم قروض تفضيلية قدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي للدول الأفريقية، وملياري دولار باعتمادات المشتري التفضيلية، وخلال اجتماع بنك التنمية الأفريقي في شانغهاي شهر يونيو هذا العام كشفت الصين عن حزمة من القروض لأفريقيا قدرها 20 مليار دولار أمريكي.

هذه الاتفاقات وجهت بانتقادات من أعضاء مجموعة الثمانية، باعتبار أن حجمها الكبير قد يضيف عبئا جديدا على الدول الأفريقية، وقد يسبب أزمة ديون جديدة لها، كما قد يعيق محاولات الدول الغربية لتخفيف الديون الأفريقية. كما أن العلاقات التجارية المتزايدة بين الصين وأفريقيا تواجه انتقادات على اعتبار أنها تقوض الجهود الغربية لتعزيز الحكم الرشيد وحل الصراعات في أفريقيا.

وقد قال البروفيسور لي باو بينغ، خبير الدراسات الأفريقية بجامعة بكين: "من غير المعقول للغرب ولصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أو أي منظمة دولية أخرى أن تعارض قروض الصين لأفريقيا".  

الصين ليست أكبر مقدم قروض لأفريقيا، ولا تضع الصين مطلقا أية شروط إضافية على القروض أو تفرض ضغوطا لسداد الديون، وقد أسقطت الصين معظم الديون الأفريقية، وعلى سبيل المثال أسقطت الصين ديونا قدرها 1,4 مليار دولار أمريكي عن 31 من الدول الأفريقية الأقل نموا، ومن ثم فإن هذا لا يضيف إلى عبء ديونها.

إلى جانب هذا، تذهب معظم قروض الصين ومعوناتها لأفريقيا رئيسيا إلى إنشاء البنية الأساسية والمزارع والمصانع والملاعب ومراكز المؤتمرات والمستشفيات والمدارس. وتلك الإنشاءات مفيدة لتعزيز قدرات التنمية الذاتية للدول الأفريقية، التي تحسن اقتصادها كثيرا في السنوات الأخيرة، حيث تفيد الإحصاءات أن أفريقيا تحقق نموا متواصلا منذ أكثر من عشر سنوات، وبمعدل 5% في المتوسط خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو الاقتصاد الأفريقي 6%، وهو أعلى معدل منذ ثلاثين عاما، كما يتوقع أن تساعد الزيادة في التجارة والاستثمار الصينيين أفريقيا لتصبح أكثر انخراطا في التجارة العالمية.

الصين ليست الدولة الوحيدة التي تقدم قروضا ومعونات لأفريقيا، فلماذا تتهم بأنها تهدد أفريقيا بمشاكل مديونية؟

الفرق الوحيد بين القروض الصينية والقروض من الدول الأخرى هو أن القروض الصينية لا تقترن بشروط، وهذا ما يجعل الأفارقة يفضلونها على القروض من الدول الغربية ومن البنك الدولي. ويقول جيرمي غولدكورن، وهو صحفي من جنوب أفريقيا مقيم بالصين: "نحن نميل إلى أخذ القروض ممن لا يضعون شروطا. في السنوات القليلة الماضية، كان ذلك هو الحال مع الصين". قروض الدول الغربية والبنك الدولي لأفريقيا تكون عادة مرفقة بشروط صارمة، ثبت أنها غير ناجحة في معظم الدول، وعبر سنوات، فشلت المعونات الغربية لأفريقيا في دفع نمو الاقتصاد وإنما أدت إلى الفساد والحكومات غير الفاعلة. لقد أضحت الصين أكثر قربا لأفريقيا من الدول الغربية، وهذا ما يقلقهم في الغرب، إذ يعتقدون أن الصين أفسدت جهودهم لفرض ما يسمى بالحكومات الجيدة في الدول الأفريقية وبانتزاع الوضع المميز للغرب في أفريقيا، وفقا للبروفيسور لي. ولكن ما تفعله بعض الدول الغربية لمعاقبة دول، وفقا لرؤيتهم، بها مشاكل في الديمقراطية، والحكم الرشيد، يضر فقط الشعب ولا يحل المشكلة. ويضيف البروفيسور لي قائلا: "الدول الأفريقية، منذ استقلالها، تتحسن سياسيا، لا ينبغي أن نحكم على هذه الدول التي لا يزيد تاريخ استقلالها عن أربعين عاما بمقارنتها مع الدول الغربية".

التعاون والمساعدات بين الصين وأفريقيا مبني على الاحترام المتبادل لشئونهما الداخلية وعلى التنمية الذاتية، وهذا أيضا من أسباب تفضيل الأفارقة للصين. وحسب غولدكورن، هناك حماس كبير بين النخب الحاكمة في أفريقيا، لانخراط الصين في أفريقيا، لأن كثيرين يرون الصين شريك تنمية غير ملطخ بتاريخ استعماري، شريك لا ينظر بدونية إلى الدول الأفريقية.

إن الانتقادات التي توجه لمعونات الصين لأفريقيا تأتي في وقت تتمتع في الصين وأفريقيا بشراكة تعاونية متنامية وتتوثق العلاقات الاقتصادية أكثر.

منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني الأفريقي عام 2000، حقق التبادل التجاري والاستثماري بين الطرفين زيادة هائلة، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما أربعين مليار دولار أمريكي عام 2005، بزيادة قدرها 35% عن عام 2004، ومن المتوقع أن يتجاوز الرقم 50 مليار دولار أمريكي هذا العام وأن يتضاعف في عام 2010.