ã

الصين وأفريقيا .. شراكة حقيقية أم استعمار جديد؟

 

في مثل هذا الشهر، نوفمبر، من العام الماضي، استضافت بكين، مؤتمر قمة منتدى التعاون الصينية الأفريقي الذي تم الإعلان في نهايته عن حزمة من المعونات والمساعدات الصينية لأفريقيا، وعن إقامة شراكة استراتيجية جديدة بين الجانبين، وفي شهر يونيو هذا العام عقد بنك التنمية الأفريقي اجتماعه في شانغهاي. ولكن التعاون الصيني الأفريقي  يثير قلقا لدى البعض، لدرجة اتهام الصين بأنها قوة استعمارية جديدة في أفريقيا وأنها تزيد أعباء الديون الأفريقية بما تقدمه للقارة السمراء من قروض كبيرة.

ما هي حقيقة التعاون الصيني الأفريقي ولماذا ينزعج الغرب من هذا التعاون؟

((الصين اليوم))، تفتح هذا الملف من خلال استعراض الرؤيتين الصينية والأفريقية.

 

بعد عام من قمة بكين

هل الصين قوة استعمارية جديدة في أفريقيا؟

شو تشوه لان، باحث في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين

 

أدت زيادة استثمارات الصين في أفريقيا إلى إثارة مخاوف في بعض الدول الغربية. ومنذ العام الماضي تتزايد الاتهامات للصين بأنها تتطلع لتصبح "قوة إمبريالية" منخرطة في استعمار جديد بأفريقيا. تلك الاتهامات طرحتها، في نوفمبر العام الماضي، سكرتيرة البرلمان في وزارة التنمية الألمانية، التي قالت "على شركائنا الأفارقة أن ينتبهوا حقا كي لا يواجهوا عملية جديدة من الاستعمار".  كان ذلك بعد أن وقعت الصين اتفاقات تجارية جديدة قيمتها تسعة مليارات دولار أمريكي مع أفريقيا. وفي شهر يونيو هذا العام نشرت صحيفة ((هيرالد تريبيون إنترناشيونال))، مقالا بعنوان "أسمال الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا تنظر باتجاه الصين"، واصفة الصين بأنها خليفة فرنسا، وقوة استعمارية في تشاد، وقائلة إن "عملاء فرنسا السابقين يتحولون إلى الصين".

ولكن، هل الصين حقا قوة استعمارية أو إمبريالية جديدة كما يقول البعض؟

نوضح أولا أن مصطلح "الاستعمار الجديد" يشير إلى الترتيبات الاقتصادية الدولية التي استخدمتها القوى الاستعمارية السابقة للحفاظ على سيطرتها على مستعمراتها السابقة وعلاقات التبعية بعد الحرب العالمية الثانية. الملمح المميز للاستعمار الجديد هو استخدام سياسات اقتصادية ومالية وتجارية للسيطرة على الدول الأقل قوة، مع السيطرة العسكرية- السياسية.

الصين لم تكن قوة استعمارية في أفريقيا، ولن تكون في المستقبل، لا اقتصاديا ولا سياسيا، فكما جاء صراحة في سياسة الصين تجاه أفريقيا الصادرة عام 2006، فإن الصين سوف "تقيم وتطور نمطا جديدا من الشراكة مع أفريقيا، يقوم على المساواة السياسية، الثقة المتبادلة، التعاون الاقتصادي ذي المنفعة المتبادلة، والتبادل الثقافي"، وسوف تبذل قصارى جهودها لتقديم المساعدة لأفريقيا، وزيادتها تدريجيا دون شروط سياسية.

على النقيض من ذلك، تفرض الدول الغربية العديد من الشروط على الدول الأفريقية، وتكون قروض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الثمانية، دائما عبارة عن حزمة من برامج التعديل الهيكلي. هذه البرامج التي صدرت في ثمانينات القرن الماضي، تطالب الدول الأفريقية بتقليل الإنفاق العام (خاصة على الصحة والتعليم والغذاء)، إذا كانت غير قادرة على سداد  الديون. وعلى هذه الحكومات أن تزيد صادراتها من المواد الخام للغرب، وأن تشجع الاستثمارات الأجنبية وخصخصة شركات الدولة.

التهمة الرئيسية في "الاستعمار الجديد" تتناول زيادة الاستثمارات الصينية في الصناعات ذات العلاقة بالموارد، خاصة الطاقة. ولكن وفقا لإحصاءات العام الماضي، صدرت أفريقيا 36% من بترولها إلى أوروبا، و33% إلى الولايات المتحدة، بينما كانت حصة الصين 8,7% فقط، فمن إذاَ له النصيب الأكبر في نفط أفريقيا؟

قطاع الطاقة من أقوى القطاعات في أفريقيا، كما أنه العامل المحوري لنمو القطاعات الأخرى. وكما قال لي باو بينغ، أمين مركز الدراسات الأفريقية بجامعة بكين، "استثمارات الشركات الصينية في هذا القطاع سوف تحفز تنمية القارة وتحسن وضعها المالي". والواقع أن الاستثمار الصيني في صناعة النفط الأفريقية، مجرد جزء من الصورة. منذ عام 1958، شملت برامج المساعدات والاستثمارات الصينية العديد من المجالات، منها صناعات ذات علاقة بالموارد، البنية الأساسية، الزراعة، التصنيع، وغيرها. وفي نهاية العام الماضي، وصلت الاستثمارات الصينية في أفريقيا 11,7 مليار دولار أمريكي.

هذا الرقم أدى إلى اتهام الصين بأنها تستخدم إجراءات اقتصادية للسيطرة على الدول الأفريقية، وكدليل على "الاستعمار الجديد". غير أن الحقيقة هي أن الصين تستثمر أموالا كثيرة في البنية الأساسية، والتي من شأنها ليس فقط  تحسين مستويات المعيشة والبيئة في الدول الأفريقية، وإنما أيضا وضع أساس جيد للتنمية المستقبلية في تلك الدول. ويقدر البنك الدولي أن القروض من بنك الصادرات والواردات الصيني لدول أفريقيا جنوب الصحراء في قطاع البنية التحتية فقط وصلت 12,2 مليار دولار أمريكي في منتصف العام الماضي. وكما قال فيرمينو موكافيلي، الرئيس التنفيذي لنيباد (الشراكة الجديدة للتنمية الأفريقية)، فإن "الافتقار إلى البنية الأساسية يعيق مبادرات القطاع الخاص ويزيد تكلفتها الاستثمارية، والصين تقدم لأفريقيا بنية أساسية مثل السكك الحديدية والطرق وغيرها مما لا يقدمه بعض شركاء التنمية".

من بين الثمانمائة مشروع مساعدة أو أكثر التي نفذتها الصين بأفريقيا خلال العقود الخمسة المنصرمة، 137 مشروعا زراعيا، 133 مشروع إنشاءات بنية أساسية. ومنذ عام 2000 تعاقدت الشركات الصينية على بناء طرق عامة طولها أكثر من ستة آلاف كم، وسكك حديدية طولها أكثر من ثلاثة آلاف كم، وثماني محطات طاقة متوسطة وكبيرة الحجم.

لقد تجنب المانحون الأوروبيون لوقت طويل المساعدة في  تنمية البنية الأساسية بالدول الأفريقية، بل إن بعض الدول الغربية تبيع السلاح للقبائل الأفريقية .

وبعيدا عن البنية الأساسية، توفر شركات التصنيع الصينية في أفريقيا الوظائف وتقنيات الإنتاج للمحليين. وتسعى كثير من الشركات الصينية الخاصة إلى المشاركة مع شركات محلية، علما بأن الشركات الأفريقية تستطيع بسهولة التكيف مع الطرق الصينية في العمل التجاري، كما أن الأعمال الناجحة تكون عنصرا مؤثرا وجاذبا للنخبة الأفريقية للاستثمار في أوطانها.

إن الصين، كدولة نامية، تقدم الخبرة والسلع التي تناسب احتياجات المجتمعات الأفريقية، وليس المشورة السياسية والمنتجات التي تقدمها الدول الصناعية. الصين تهدف إلى بناء شراكة صحية سليمة مع أفريقيا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn