ã

وال مارت والموردون الصينيون

ليو تشيونغ

وال مارت في مدينة شنتشن

منتجات صينية في متاجر وال مارت

متجر وال مارت في مدينة نانجينغ

ذكرت تقارير صحفية صينية أن حجم الصفقات التجارية بين الصين وشركة وال مارت يفوق حجم التبادل التجاري بين الصين وروسيا. وقال التقرير إنه إذا كانت وال مارت، أكبر شركة في العالم للبيع بالتجزئة، دولة فإنها ستكون ثامن أكبر شريك تجاري للصين. وحسب الإحصاءات، وقعت وال مارت، حتى نهاية العام الماضي، عقودا تجارية مع ستة آلاف مورد، 80% منهم صينيون، وهذا يعني أن الصين هي أكبر دولة مزودة لوال مارت. بيد أن الشهور الأخيرة شهدت تراجعا تدريجيا في كمية البضائع التي توردها الصين لسلسلة متاجر وال مارت.

 

 

وال مارت قوة جذب لا تقاوم

السيدة جين (Jenn)، عجوز أمريكية تقيم في واشنطن. تعودت في السنوات الخمس الماضية أن تشترى جوارب صينية الصنع من ماركة لانغشا في أحد متاجر وال مارت، اقتناعا منها بأن الجوارب الصينية جيدة النوعية ورخيصة السعر.

ولكن، ربما قد لا تجد السيدة جين العام القادم جوارب لانغشا في وال مارت، حيث انتهى  في يوليو هذا العام، آخر عقد توريد الجوارب بين شركة لانغشا وشركة وال مارت.

قبل خمس سنوات، من أجل فتح أسواق جديدة في الولايات المتحدة، بادرت شركة لانغشا الصينية للجوارب القطنية والحريرية، حاملة لقب "أم الجوارب"، إلى التعاون مع وال مارت، وبالفعل تلقت طلبيات شراء منها.

كان الدافع وراء مبادرة لانغشا إلى التعاون مع وال مارت هو رغبة مدراء شركة لانغشا في فتح أسواق جديدة في الولايات المتحدة، ولم يكن ثمة أفضل من وال مارت، حيث يتردد نحو نصف عدد سكان الولايات المتحدة على متاجرها، التي لا يستغرق ذهاب الفرد إلى أي منها أكثر من خمس دقائق بالسيارة ولا يقطع أكثر من خمسة كيلومترات. ويتسوق مائة مليون أمريكي كل أسبوع في وال مارت.

لكن، بمرور الوقت أدرك مدراء شركة لانغشا أن التعاون مع وال مارت ليس سهلا، فشركة وال مارت تستطيع أن تكشف تكاليف المواد الخامة وأجور العمال وتكاليف الإدارة للشركات الموردة، وتساوم في أسعار البضائع بشدة، وغالبا تسمح وال مارت للشركة الموردة أن تحقق ربحا بين 2%- 5% فقط من تكاليف الإنتاج.

في عام 2007، كانت قيمة الصفقة التي وقعتها لانغشا مع وال مارت مليونين ومائتي ألف دولار أمريكي فقط، مقارنة مع مليونين ونصف مليون دولار أمريكي في عام 2006، وثلاثة ملايين دولار أمريكي في عام 2005.

ونغ رونغ دي، مدير شركة لانغشا، شرح عناصر وأسباب ارتفاع تكاليف الإنتاج قائلا: "قبل عدة شهور ارتفع سعر صرف الرنمينبي (العملة الصينية) مقابل العملات الأخرى مرة أخرى، في أول يوليو هذا العام انخفضت نسبة رد ضريبة صادرات المنسوجات 2% وارتفع سعر المواد الخام 5% وارتفعت مرتبات الموظفين 20%، لذا، تضطر الشركة المنتجة إلى أن ترفع أسعار سلعها بالنسبة 12% حتى لا تخسر."

لكن، وال مارت رفضت رفع سعر البضائع، بحجة أن ارتفاع الأسعار سوف يغضب المستهلكين، ولا يمكن رفع أسعار السلع بشكل ملحوظ وفي وقت قصير، بل إن وال مارت، من أجل جذب زبائن أكثر، طرحت شعار "خصم في كل يوم"، وطلبت البضائع من الشركات الموردة بأسعار أرخص، مما يؤدي إلى خسارة شركة لانغشا.

يرى تساو قوه شنغ، مدير قسم التجارة الخارجية بشركة لانغشا أن رفض طلبات الشراء من وال مارت يفيد الشركة، ففي النصف الأول من هذا العام، ازدادت صادرات لانغشا إلى أوروبا بنسبة 80% عن نفس الفترة من العام الماضي، وتتجاوز الأرباح التي حققتها مع الأوروبيين الأرباح التي حققتها في صفقات وال مارت بكثير. وأوضح تساو قوه شنغ، أن كمية الجوارب التي كانت تطلبها وال مارت من شركة لانغشا تمثل 5% من إجمالي إنتاج لانغشا، وأقل من 10% من إجمالي صادراتها، وهذا يعني أن رفض طلبات الشراء من وال مارت قد لا يؤثر على أرباح لانغشا بشكل ملحوظ، بل بالعكس، تستطيع لانغشا أن توفر وقتا وقوة إنتاج أكثر لتوظفها في مواجهة سوق أوروبا. لذلك، لم تتسلم لانغشا طلبيات شراء من وال مارت منذ إبريل هذا العام.

وقال إن أحد أهم أسباب قبول لانغشا لطلبات شراء وال مارت في الماضي هو رغبة لانغشا الشديدة في فتح سوق جديدة في الولايات المتحدة، وسوف تركز شركة لانغشا الجهود في تطوير سوق جديدة في أوروبا، أما بالنسبة للسوق الأمريكية، فترغب لانغشا في التعاون مع شركات بيع بتجزئة متوسطة وصغيرة الحجم، لأنها تعطي أسعارا أعلى من وال مارت.

 

إدمان وال مارت

تواصل وال مارت جلب البضائع الصينية بأسعار منخفضة، مما يقلل من أرباح الشركات الصينية، ويثير منافسات غير صحية بينها. من أجل الحصول على أرخص سعر، تجري وال مارت مناقصات علنية للحصول على أفضل سعر، وتجعل الموردين الصينيين يجلسون وجه لوجه ويتنافسون ويتدفقون لعرض أسعار أرخص من الآخرين، ومن أجل البقاء، يضطر بعض مدراء المؤسسات إلى عرض أسعار رخيصة للغاية، مع التضحية بمصالح العاملين.

أما المؤسسات الصينية الصغيرة والمتوسطة الحجم التي ليس لديها شهرة محلية أو خارجية، وليس لها أسواق واسعة، فتعتمد على وال مارت كثيرا، خاصة الشركات التي تبيع 50% من إنتاجها لوال مارت، وبالنسبة لها، تقليل الربح أفضل من عدم حصول على أي طلبيات شراء.

انخفاض الطلبيات من وال مارت يزعج شركة يونغشينغ للمنسوجات بمدينة نانجينغ بمقاطعة جيانغسو كثيرا، فقد تسلمت يونغشينغ هذا العام طلبيات شراء من وال مارت تعادل ربع طلبيات العام الماضي، وكانت النتيجة انخفاض الدخل 780 ألف دولار أمريكي عن السنة الماضية. شركة فورون للبيجامات بمقاطعة تشجيانغ التي تعتبر وال مارت أكبر عميل لها، كانت تبيع لوال مارت بيجامات قيمتها ثلاثة ملايين دولار أمريكي سنويا، ولكن وال مارت أوقفت الشراء منها. ونفس الحال يحدث مع مجموعة من الشركات الموردة لوال مارت في مقاطعات شاندونغ وتشجيانغ وجيانغسو، ومعظمها في قطاع الملابس والمنسوجات.

وقد حلل رجل أعمال هذا الوضع بأن شركات صينية كثيرة تتدفق إلى التعاون مع وال مارت وتعتمد عليها بشكل كبير، فتصبح كمن يدمن المخدرات ولا يستطيع التخلص منها. ما إن ينتهي العقد حتى تفلس هذه الشركات.

وشرح بعض الموردين القدامى لوال مارت استراتيجية الأخيرة في الشراء، بأنها عندما تستورد نوعا جديدا من سلعة جديدة، تطلب من الشركة الموردة كمية قليلة بسعر منخفض للغاية، من أجل تقييم ما إذا كان هذا النوع رائجا أم لا، فإذا لقيت البضاعة إقبالا، تزيد وال مارت كمية طلبياتها، من عشرات الآلاف دولار أمريكي إلى ملايين الدولارات، وتطلب من الشركة الموردة إنتاج الكمية المطلوبة في وقت قصير. وأمام هذا الوضع، تزيد الشركة الموردة حجم إنتاجها وترفض طلبيات الزبائن الآخرين، وتلك مخاطرة كبيرة، فإذا أوقفت وال مارت طلبيات الشراء لها، قد تواجه هذه الشركة الإفلاس.

 

من يرفض من؟

من أجل خفض التكاليف والأسعار، منذ بداية تسعينات القرن الماضي اتخذت وال مارت من آسيا مركزا لتوريد البضائع لها، فأصبحت الصين أكبر مورد. تدفقت الشركات الصينية المصدرة لعقد صفقات مع وال مارت، أكبر سلسلة متاجر للبيع بالتجزئة في العالم وثاني أكبر شركة في العالم. في ذلك الوقت، كان شيئا عظيما أن تصبح الشركة الصينية موردا لوال مارت، وبالفعل حققت مئات الشركات الصينية أرباحا لا بأس بها بفضل الصفقات الكبيرة مع وال مارت.

حسب مسئول بمكتب الشؤون الصينية في وال مارت، يقع مركز الشراء الدولي لوال مارت في مدينة شنتشن بمقاطعة قوانغدونغ، من خلال هذا المركز تستورد وال مارت حوالي ألف نوع من البضائع الصينية كل سنة، تشمل الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية المنزلية ولعب الأطفال والهدايا ومستحضرات التجميل واللوازم اليومية الخ. في العام الماضي استوردت وال مارت بضائع صينية الصنع ثمنها 18 مليار دولار أمريكي.

لكن، نتيجة لارتفاع سعر صرف الرنمينبي مقابل العملات الأخرى وارتفاع تكاليف الإنتاج وتأثير الحواجز التجارية، تنخفض كمية شراء وال مارت في الصين تدريجيا. وقد اعترف أحد مسئولي وال مارت بأنه يشعر بالفعل بصعوبة عند شراء البضائع الصينية حاليا، وقد ينتهي تفوق المنتجات الصينية المتمثل في انخفاض التكاليف والأسعار. وتتجه حاليا وال مارت إلى الشراء في فيتنام والهند ودول آسيوية أخرى، حيث تحل هذه الدول الناشئة المجاورة محل الصين شيئا فشيء.

وأوضح مسئول رفيع المستوى في وال مارت أن توقف وال مارت عن التعاون مع الموردين الصينيين له خمسة أسباب، الأول، أن البضائع لا تتفق مع احتياجات السوق، الثاني، أن حجم الإنتاج لا يكون كبيرا كما يجب، والثالث، أن سعر البضائع لا يهبط إلى الحد الأدنى، والرابع، أن بعض الشركات والمصانع الصينية لا تجتاز الفحوص الدولية الاعتيادية لحماية البيئة.

أما السبب الخامس، فهو أن وال مارت، في وقت الركود أو عندما تنخفض أرباحها، قد تلجأ إلى بيع المنتجات المكدسة في المخازن وترك بعض الموردين، وهذا الأسلوب يفيد في تقليل الخسارة.

يرى تساو قوه شنغ، أن ارتفاع تكلفة العمالة والمواد الخام وارتفاع سعر صرف الرنمينبي مقابل العملات الأخرى ليست الأسباب الرئيسية لمساومة وال مارت الشديدة، فأهم  سبب هو أن الموردين الصينيين لم تعد لديهم نية شديدة في التعاون. قال فنغ رونغ دي، مدير شركة لانغشا، إذا أرادت وال مارت أن تتعاون مع شركته في المستقبل، فلا بد أن يكون التعاون في مجال المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

في تعليقه على هذا الوضع قال السيد جيانغ هنغ جيه، نائب مدير الجمعية الصينية للملابس: "باختصار، على الشركات الصينية أن تعيد تقييم نفسها، وأن تعدل هيكل منتجاتها حتى تكسب الأسواق العالمية. بذلك يمكنها أن تتخلص من الاعتماد من طرف واحد على وال مارت، وتحقيق مصالح متبادلة بين الشركات الصينية ووال مارت."

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn