ã

تخفيض نسبة رد ضريبة الصادرات

ليو تشيونغ

عدلت الحكومة الصينية في أول يوليو 2007، نسبة رد ضريبة الصادرات لـ2831 نوعا من السلع، تمثل 37% من إجمالي الصادرات الصينية.

نسبة رد الضريبة الجديدة خففت حرارة سوق الأسهم

أنطونيو لسبينا  Antonino Laspina ، المدير التنفيذي بمكتب الشؤون الصينية للجنة التجارة الخارجية الإيطالية

قررت الحكومة الصينية في أول يوليو هذا العام إلغاء رد ضريبة الصادرات لـ 553 نوعا من السلع، وخفضت نسبة رد الضريبة لـ 2268 نوعا، وبذلك يشمل هذا التعديل 2831 نوعا من السلع، تمثل 37% من إجمالي الصادرات المصنفة في قائمة مصلحة الجمارك.

  

المتضررون

ما شو جيه، فتاة عمرها 22 عاما، تعمل بشركة شينتيانلونغ للمنسوجات في محافظة شاوشينغ بمقاطعة تشجيانغ. من أجل إنجاز أكبر قدر ممكن من المنتجات قبل أول يوليو، كانت ما شو جيه تعمل ساعات إضافية كل يوم. يشار إلى أن وزارة المالية أعلنت في التاسع عشر من يونيو هذا العام أنها بصدد تعديل سياسة إعادة ضريبة الصادرات، والشركة التي تعمل فيها ما شو جيه من أكثر الشركات تضررا بهذا التعديل، لأن منتجاتها الرئيسية هي الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية. وفقا للسياسة الجديدة، انخفضت نسبة رد الضريبة لمنتجاتها من 11% إلى 5%، والنتيجة أن الشركة باتت تتكبد خسائر مع كل طلب شراء جديد. في محاولة لتجاوز هذا الأمر، طلب مدير الشركة من العاملين بإطالة وقت العمل في شركته من ثماني ساعات إلى أربع عشرة ساعة، مع مضاعفة أجور العاملين أيضا.

شركة شينتيانلونغ شركة عادية مثلها مثل آلاف شركات الملابس والمنسوجات الصينية التي تأثرت بالسياسة الجديدة، بالنظر إلى أن صناعة الملابس والمنسوجات في الصين تعتمد على التصدير رئيسيا، فوفقا لأرقام مصلحة الجمارك الصينية، ارتفعت قيمة الصادرات من المنسوجات في عام 2006 بنسبة 17.6% عن عام 2005، كما أنها احتلت نسبة 13.8% من إجمالي الصادرات الصينية في عام 2006. لذا، أصبحت صناعة الملابس والمنسوجات الصينية قوة هامة لتحقيق الفائض التجاري، لكن في نفس الوقت، هي نقطة الخلاف الأساسية والسبب في الاحتكاكات التجارية للصين مع شركائها.

تشانغ جيان شنغ، مدير عام شركة دوهان للمنسوجات بمحافظة شانشينغ، ينتقد الحكومة لأنها لم تخطر الشركات الصينية قبل تنفيذ هذا التعديل بوقت كاف، حيث قال: "في هذه المرة، فوجئت شركات كثيرة بإعلان الحكومة عن خفض نسبة رد الضريبة." وقال إن الحكومة في المرة السابقة لتعديل هذه السياسة أعلنت في  14 سبتمبر عام 2006، عن التعديل الذي بدأ تنفيذه في بداية عام 2007، أي قبل ثلاثة شهور، لكن في هذه المرة، أعلنت الحكومة في 19 يونيو عن تنفيذ التعديل في أول يوليو، أي قبل التنفيذ بعشرة أيام فقط. وقال: "لذلك اضطر كل العاملين بالشركة إلى العمل ليل نهار لإنجاز الكميات المطلوبة قبل أول يوليو. وبفضل جهودنا، أكملنا دفعة من الحجاب مصدرة إلى بعض الدول العربية".

وأوضح وانغ شياو هوا، نائب مدير إدارة سياسة الضرائب بوزارة المالية، أن تعديل نسبة رد ضريبة الصادرات هذا العام يعد جزءا هاما من حزمة سياسات السيطرة الكلية للتحكم في حجم الفائض التجاري. حسب المصلحة العامة للجمارك، وصل حجم التجارة الخارجية للصين خلال الفترة من يناير إلى مايو هذا العام 801.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 23.7% عن نفس الفترة من العام الماضي، وبلغ الفائض التجاري لصالح الصين في هذه الفترة 85.7 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 83.1% عن العام الماضي. نتيجة للزيادة السريعة للفائض التجاري، زادت الاحتكاكات التجارية بين الصين وشركائها الدوليين، وأدت إلى تكدس البضائع في الأسواق المحلية وشكلت ضغطا على الحكومة الصينية لكي ترفع قيمة رنمينبي (العملة الصينية). من أجل تحقيق التوازن التجاري وحل المشكلات التي سببها الفائض التجاري كان على الحكومة أن توظف عدة وسائط لتعزيز التنسيق والسيطرة الكلية.

بعد تنفيذ السياسة الجديدة في أول يوليو، انخفضت كمية الصادرات الصينية في شهري يوليو وأغسطس بشكل ملحوظ. وترى شي هونغ مي، الباحثة في قطاع المنسوجات ببورصة دونغفانغ، أن سياسة خفض نسبة رد ضريبة الصادرات ستحقق نتائج طيبة، حيث سيقل متوسط  سرعة زيادة صادرات الملابس والمنسوجات في النصف الثاني من هذا العام عن النصف الأول منه.

 

القيمة المضافة العالية هي الحل

لم يكن الأول من يوليو 2007، يوما أسود بالنسبة لشركة منغنا للمنسوجات والجوارب بمدينة إيوو بمقاطعة تشجيانغ. قال مديرها تسونغ قو ين: "نصدر 50% من إنتاجنا، لا مفر من أن تؤثر السياسة الجديدة على شركتنا في الأجل القصير، لكنها ستفيدنا على المدى الطويل، ستحثنا على أن نسرع خطى تعديل هيكل المنتجات".

في يونيو عام 2006، أقامت شركة منغنا أول مصنع لها في هونغ كونغ باستثمار 12 مليون دولار أمريكي، اليوم، وبات هذا المصنع قاعدة هامة لإنتاج البضائع التي تلبي احتياجات ومتطلبات العملاء في أمريكا وأوروبا. مقارنة مع شركات المنسوجات الأخرى التي هرولت لإنجاز أكبر قدر ممكن من المنتجات قبل أول يوليو واصلت شركة منغنا إنتاجها بأسلوب منظم، لأن السياسة الجديدة لا تشمل المنتجات التي تُنتج في هونغ كونغ.

وبفضل الاستثمار في هونغ كونغ، تجنبت شركة منغنا الحواجز التجارية الدولية بنجاح. وأوضح تسونغ قو ين أن الولايات المتحدة حددت حصة للجوارب الصينية التي تصدر إلى الأسواق الأمريكية، غير أن السلع التي تُنتج في هونغ كونغ لا تخضع للحصص كما ونوعا.

مقارنة مع بر الصين الرئيسي، إقامة مصنع منسوجات في هونغ كونغ أكثر تكلفة، خاصة في مجال الأيدي العاملة. وجد تسونغ قو ين أن إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة عالية في هونغ كونغ هو الحل. في السنوات الأخيرة، لجأت شركة منغنا إلى استخدام التقنيات الحديثة والمواد الجديدة في الإنتاج وابتكار سلع جديدة، منها الجوارب المقاومة للجراثيم وجوارب ألياف الكربون النشط الخ، التي تباع بسعر غال، يصل إلى عشرات الدولارات للزوج الواحد.

يرى تسونغ قو ين، وهو رجل ذو خبرة في تجارة المنسوجات، أن صناعة الملابس والمنسوجات أكثر صناعة في الصين تثير احتكاكات تجارية دولية، لذا، يعد خفض نسبة رد ضريبة الصادرات هو الحل، فلم يعجب تسونغ قو ين من إعلان الحكومة عن السياسة الجديدة. وهو يؤكد أن السياسة الجديدة ستؤثر على صناعة المنسوجات والملابس الصينية تأثيرا يختلف من منطقة إلى أخرى ومن شركة إلى أخرى، وستكون الشركات الصغيرة والضعيفة تقنيا والتي تكسب الأسواق بالاعتماد على الأسعار المنخفضة هي أكبر متضرر.

 

حماية البيئة وتوفير الموارد

أُلغيت الضرائب التي كانت ترد للصادرات العالية الاستهلاك للطاقة والشديدة التلويث البيئة ويبلغ عددها 533 نوعا من السلع. وهي ضربة شديدة لصناعة الأصباغ التي تعتمد على تصدير منتجاتها رئيسيا، فقد ارتفعت تكاليف إنتاج الأصباغ  بشكل ملحوظ.

قال وانغ بي شين، الناطق الصحفي باسم وزارة التجارة: "قرار الحكومة بتخفيض نسبة رد ضريبة الصادرات هذا العام جاء ضربة شديدة للشركات المتوسطة والصغيرة الحجم. من جهة أخرى، كان الدافع وراء خفض نسبة الضرائب هو رغبة الحكومة في تعديل هيكل المنتجات وتحويل نمط النمو الاقتصادي، وهذا يتوافق مع متطلبات التطوير الذاتي للشركات الصينية".

معظم شركات الأصباغ في الصين صغيرة الحجم وتفتقر إلى القدرة على معالجة المياه الملوثة. فحسب أرقام الجمعية الصينية للصناعات البتروكيماوية، كان عدد شركات الأصباغ في الصين 480 شركة حتى نهاية مايو عام 2007، منها 24 شركة فقط ذات قدرة إنتاجية تفوق عشرة آلاف طن سنويا. بعد أن نفذت الصين السياسة الجديدة لرد الضريبة، واجهت كل هذه الشركات تكاليف الإنتاج الباهظة، وأعلنت إفلاسها على التوالي.

الشركات الكبيرة الحجم في قطاع الأصباغ، مثل مجموعة لونغشنغ بمدينة شانغيو بمقاطعة تشجيانغ، تلجأ حاليا إلى الطريق المناسب للتطور الذاتي وبدأت بالفعل تعديل أنواع سلعها. كانت المجموعة تتخذ من الأصباغ ومشتقاتها البتروكماوية منتجات أساسية، ولكن نتيجة لسياسة رد الضريبة الجديدة، اضطرت المجموعة للتركيز على السلع القليلة الاستهلاك للموارد والخفيفة التلويث للبيئة مثل المركبات العطرية ورماد الصودا، ووضعت هدفا انتاجيا جديدا، بأن  تمثل مبيعاتها من السلع غير الأصباغ 43.7% من إجمالي مبيعاتها في عام 2009، مقارنة مع 28.53% فقط في عام 2006.

وقد حلل المسئول الحكومي لي شي يو، هذا الوضع قائلا: "كثير من المشروعات التي أقيمت في الصين في السنوات الأخيرة تستهلك موارد كثيرة وتلوث البيئة كثيرا. فبعض الصينيين، من أجل المصالح المؤقتة ساهموا في تقديم سلع عالية الاستهلاك للموارد للعملاء الدوليين، غير آبهين بأزمة الموارد في الصين، وحققوا أرباحا دفعت الموارد والبيئة الطبيعية ثمنها. في الواقع، هذا الأسلوب مكاسبه أقل من خسائره، ويهدد الموارد الوطنية والبيئة الطبيعية ويضر بالاقتصاديات المحلية. لذا، سياسة خفض نسبة رد ضريبة الصادرات سياسة هامة لها مغزى كبير في إرشاد الشركات لتعديل طريق الاستثمار وتجنب النمو العشوائي وتساعد الصين في التخلص من لقب (مصنع العالم للبضائع الأولية)، رغم أن هذه السياسة تؤدي إلى خسارة بعض الشركات بشكل مؤقت".

 

 

 بيئة تنافس أكثر عدالة

حاورت ((الصين اليوم)) الممثل الرئيسي والمدير التنفيذي بمكتب الشؤون الصينية للجنة الإيطالية للتجارة الخارجية، أنطونيو لسبينا (Antonino Laspina)، حول الفائض التجاري الصيني ورد الضريبة لسلع الصادرات

وقد أشار المسئول الإيطالي  إلى أن الكثير من الإيطاليين يظنون دائما  قبل القدوم إلى الصين أن النمو الاقتصادي الصيني يقتصر على بكين وشانغهاى ودلتا نهر اليانغتسي فقط وأن المناطق الأخرى فقيرة، لكنهم يكتشفون أن في الصين مدنا بمختلف المقاطعات تنمو بسرعة بقيادة المدن الكبيرة وسياسة تنمية غربي الصين. وقال: "لذا، أدعو المؤسسات الإيطالية التي تريد أن تستثمر في الصين إلى توسيع آفاقها إلى المدن الصينية الناشئة مثل تشنغدو وتشونغتشينغ وشيآن وغيرها".

 

((الصين اليوم)): حسب إحصاء أجرته مصلحة الجمارك الصينية العامة في 10 يناير هذا العام، بلغ  حجم تبادل التجارة الخارجية الصينية 1760 مليار دولار أمريكي في عام 2006. وحسب مصلحة الإحصاء للاتحاد الأوروبي، ازدادت قيمة الصادرات الصينية إلى أوروبا في 2006 بنسبة 25% عن العام السابق، بذلك تجاوزت الصين لأول مرة بريطانيا وأصبحت أكبر دولة مصدرة لمجموعة الدول اليورودولار. فكيف ترون الفائض التجاري الصيني؟

أنطونيو لسبينا: لا شك أن الفائض التجاري الصيني كبير، وهو دليل على أن البضائع الصينية ذات قدرة تنافسية، لكن تفوق الصين يعتمد إلى حد كبير على تكلفة العمالة المنخفضة. مع ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة الصينية تدريجيا، قد يزول هذا التفوق. لذا، الفائض التجاري الهائل مظهر مؤقت، على الصين أن تنقل ثقل ومحور إنتاجها من كمية الصادرات إلى جودة الصادرات. من جهة أخرى، مع ارتفاع مستوى معيشة الصينيين، بدأ المستهلكون الصينيون يشترون بضائع أوروبية عالية المستوى لم يكن بمقدورهم شراؤها من قبل، مثل الأثاث الإيطالي وغيره، وستدفع هذه الاحتياجات زيادة واردات الصين من أوروبا.

((الصين اليوم)): من أجل تقليل الاحتكاكات التجارية والفائض التجاري الصيني، عدلت الصين نسبة رد ضريبة بعض سلع الصادرات في أول يوليو 2007، لنحو 37% من الصادرات الصينية. كيف ترون هذا التعديل؟

أنطونيو لسبينا: نرحب بالخطوة التي اتخذتها الحكومة الصينية، ونأمل أن تهيأ بيئة تنافس أكثر عدالة، ليس في مجال التجارة الخارجية فحسب، بل في مجالات شتى مثل سلامة الأغذية.

((الصين اليوم)): يرجع تاريخ التبادل التجاري والاقتصادي الودي بين الصين وإيطاليا إلى العصور القديمة، ما هي التكامل الاقتصادي  بين البلدين؟

أنطونيو لسبينا: هناك قدرة تكاملية كبيرة لاقتصادي الصين وإيطاليا. إيطاليا ذات اقتصاد صناعي متقدم وناضج، حيث تمثل منتجاتها أعلى تكنولوجيا في العالم، فهي متفوقة في صناعة الأجهزة والآلات الميكانيكية مثلا؛ بينما الصين ذات سوق واسعة وأيدي عاملة رخيصة، وقد اعتبرنا سوق الصين أهم سوق في العالم.

وانطلاقا من هذا أقامت الجمعية الإيطالية للتجارة الخارجية (ICE) مكتبا لها في بكين منذ عام 1965، وهي جهاز حكومي مهمته دفع التبادل الاقتصادي بين البلدين ودعوة الشركات الإيطالية إلى التجارة مع الصين، ويساعد مكتب الجمعية في بكين المؤسسات الإيطالية على تسويق منتجاتها في الصين بينما تشجعها على الاستثمار في الصين والتعاون مع المؤسسات الصينية للاستفادة من تكاليف الأيدي العاملة المنخفضة في الصين، لا سيما بالنسبة للمنتجات التي يتم تصميمها في إيطاليا وتصنيعها في الصين. ويوجد حاليا مكاتب للجمعية في بكين وشانغهاى وقوانغتشو ونانجينغ وتشنغدو وهونغ كونغ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn