قرار الاتحاد الأوروبي في إبريل هذا العام بتشديد مواصفات الفحص لواردات أوروبا من الشاي الصيني، كانت له تداعياته على قطاع الشاي في الصين، فقد قال تشننغ تشون شيان، مدير عام شركة لاوهويتشو للشاي، وهو رجل له خبرة طويلة في تجارة الشاي: "انخفضت صادرات شركتنا من الشاي في الصيف بشكل ملحوظ، وهذا أمر يقلقنا كثيرا".

يعكف تشنغ تشون شيان حاليا على دراسة (( لوائح إدارة جودة الشاي المصدر إلى أوروبا)) في دورات تقيمها الغرفة التجارية الصينية للمنتجات الغذائية. الدورات تقدم أيضا معلومات حول كيفية رفع جودة الشاي وخفض نسبة المبيدات الكيماوية التي تظل عالقة بالمنتج.

 وقد صرح سون يوي، نائب أمين عام الغرفة بأن خفض نسبة المبيدات وضمان سلامة الشاي شرطان أساسيان لتطوير تجارة الشاي.

 

تصدير الشاي

أوقفت شركة لاوهويتشو تصدير شحنة من شاي تيهقوانين هذا العام، أما السبب فهو اكتشاف مصلحة فحص الصادرات والواردات بمقاطعة تشجيانغ أن نسبة المبيدات العالقة بالمنتج تتجاوز الحد المسموح به. وهناك شعور عام بين منتجي الشاي بأن شروط المراقبة أصبحت أكثر صرامة. ففي عام 2006، وجدت السلطات المعنية في مقاطعة تشجيانغ، التي تصدر 60% من الشاي الصيني، ألفا ومائتي طن من الشاي لا تتفق مع المواصفات القياسية.

ألغت الصين في عام 2006 نظام حصص المصدرة للشاي، وكثفت جهود لمراقبة وفحص الشاي، وحسب اللوائح الصينية لتصدير الشاي، لا يمكن تصدير الشاي إلا بعد اجتياز الفحص الذي تجريه الهيئات الوطنية الرسمية والذي يشمل الجودة والوزن والتغليف ومستوى النظافة وغيرها.

قال تشنغ تشون شيان إن الحصول على رخصة التصدير بعد اجتياز الفحص هو الخطوة الأولى، حيث تقدم الشركة بعد ذلك عينات من الشاي للشركات المستوردة، ولا يتم توقيع العقد الرسمي إلا بعد أن يتحقق المستورد من أن المنتج يتفق مع المواصفات. ويجتاز شاي شركة تشنغ تشون شيان مائتين وسبعة وعشرين نوعا من الفحوص لنسبة المبيدات المتبقية بالشاي قبل تصديره إلى أوروبا وفقا للوائح الأوروبية الجديدة منذ إبريل هذه السنة.

اليابان أيضا بدأت عام 2006 تطبيق نظام جديد لتحديد نسبة المبيدات المتبقية في المنتجات الغذائية، ومنها الشاي، وهو نظام يجعل نتائج الفحص تختلف كثيرا عن السابق.

بفضل الفحص الدقيق، ارتفعت نسبة المنتجات الصينية التي تتفق مع المواصفات بكثير خلال الفترة ما بين عامي 2004 و2007، حيث تجاوزت 99.8% في المنتجات المصدرة إلى أوروبا، و99.42% لليابان عام 2006، وهما نسبتان أعلى من المتوسط الأمريكي والأوروبي.

لكن الفحص الصارم سبب صعوبات لعدد من الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، فتراجع معدل زيادة صادراتها إلى السوق الأوروبية واليابانية. ولكن المواصفات الصارمة في السوق الدولية، صارت قوة لرفع جودة الشاي في الصين، وقد قال سون يوي: "إننا وضعنا مواصفات جديدة لتصدير الشاي، وننتظر موافقة الحكومة عليها".

 

المستقبل للشاي العضوي

أدى تشديد المواصفات القياسية لمنتجات الشاي إلى زيادة حصة الشاي العضوي في السوق الدولية، فذلك النوع من الشاي يزرع في بيئة خالية من التلوث ومن أي أسمدة أو مبيدات كيماوية، ويتم تصنيعه وتغليفه وشحنه بدون تلوث، ويحصل على تصديق من المركز الصيني لمراقبة جودة المزروعات، ومن ثم فإن مشكلة المبيدات العالقة لا وجود لها في الشاي العضوي.

يوي شيويه ون، صاحب شركة قنغشيانغ للشاي ببكين، التي افتتحت71 فرعا منذ إنشائها عام 1995، يشعر بالسعادة لنجاح تجربته في إنتاج الشاي العضوي السليم. بدأت شركته تجارة الشاي العضوي منذ ظهور هذا النوع من الشاي ولكنها لم تنجح في البداية. حاليا شركته تمتلك أكبر مزرعة للشاي العضوي بالصين، وتجاوز حجم الإنتاج السنوي لها 200 طن، يصدر نصفه إلى اليابان وأوروبا وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول.

قال يوي شيويه ون، إن تغيير عادات مستهلكي الشاي وإقناعهم بشرب الشاي العضوي ليس سهلا، ولكن تشديد المواصفات الدولية للشاي العادي يساعدنا في ذلك، لأن المستهلكين في الصين حاليا يولون اهتماما متزايدا لصحتهم وسلامة غذائهم. ويرى يوي أن الشاي العضوي له مستقبل واعد، حيث يتضاعف حجم مبيعات شركته سنويا، كما تزداد صادراتها إلى الخارج 20% كل سنة.

وقال سون يوي: "أنا على ثقة من أن شركات الشاي ستتجه إلى الشاي العضوي في المستقبل". حاليا يبلغ عدد الشركات الحاصلة على تصديق الشاي العضوي 300 شركة تنتج ثلاثة آلاف طن سنويا."

وسوف تواجه الشركات الصغيرة التي لا تهتم بجودة المنتجات مخاطر كبيرة أمام اللوائح الجديدة، أما الشركات التي تتخذ موقفا إيجابيا تجاه المواصفات الجديدة فستحصل على نصيب أكبر من السوق.

 

ضمان الجودة

رغم أن سوق الشاي العضوي له مستقبل واعد، ستكون مواصفات إنتاجه صارمة للغاية، الأمر الذي يزعج يوي شيويه ون كثيرا، ويزعجه أكثر اهتمام الحكومة الصينية البالغ بسلامة الأغذية، ففي الخامس والعشرين من يوليو أجيزت ((لوائح مجلس الدولة الخاصة حول تعزيز مراقبة وإدارة الأغذية)) في اجتماع برئاسة رئيس مجلس الدولة، ون جيا باو. ووضعت الصين خطة إقامة شبكة لمراقبة الأغذية، وتعيين مفتشين ومراقبين لضمان سلامة الأغذية في كافة مراحل الإنتاج والتصنيع والتغليف والشحن والبيع الخ.

قال سون يوي: "حسب المواصفات الأوروبية واليابانية، تم تحديد قائمة المبيدات الممنوعة، حيث نطلب من الشركات تقليل استخدام هذه المبيدات في مزارع الشاي". كما أشار إلى أنه يمكن للفلاحين أن يقاوموا ويعالجوا الآفات الحشرية باستخدام وسائط بديلة للمبيدات مثل زرع أشجار لحماية الحقول وزراعة حقول الشاي بشكل صحيح وتحسين البيئة الأيكولوجية الخ.

كما قال إن مواصفات الفحص الصارمة في السوق الدولية جعلت الصين تعي ضرورة رفع تقنية إنتاج الشاي وإقامة نظام للمراقبة الشاملة "من أرض المزرعة حتى كوب الشاي".

في السنوات الأخيرة، ذهب يوي شيويه ون إلى مقاطعة تشجيانغ كثيرا لمتابعة جودة التربة ومستوى الهواء بمزرعة الشاي التي تمتلكها شركته، التي استثمر فيها مليون وخمسمائة ألف يوان، فهو يعرف جيدا أن مشاكل المبيدات العالقة سببها تلوث المياه والتربة. ولكنه قال أيضا: "لا نستبعد احتمال أن يكون سبب التلوث هو المطر الذي يسقط من سحب محملة بعناصر كيماوية فوق مزرعة الشاي".

يسعى تشنغ تشون شيان لاتخاذ شركة قنغشيانغ قدوة في الإنتاج والإدارة، حيث أنشأت شركة قنغشيانغ قاعدة زراعية مساحتها 1330 هكتارا لزراعة الشاي الذي يُستخدم في البحث العلمي، لابتكار أنواع من الشاي ذات أذواق مختلفة. القاعدة مقسمة إلى مزارع صغيرة يزرع فيها الفلاحون وفقا لإرشادات من الشركة التي تشتري إنتاجهم من الشاي. يعتقد سون يوي أن هذا النمط من الإنتاج مفيد لتنظيم وتوحيد الفلاحين في كيانات أكبر بما يحقق النفع لهم.

ومع زيادة اهتمام أبناء الدول المتقدمة بصحة وسلامة الأغذية، تسعى الحكومة الصينية إلى تطبيق مواصفات أكثر صرامة. قال تشنغ تشون شيان إن اهتمام أجهزة المراقبة في اليابان وأوروبا بسلامة الأغذية شيء طبيعي من أجل مصالح المستهلكين، لكنه في نفس الوقت يفرض صعوبات أكثر على منتجي الشاي، ولكنه أكد أن المنتجين سيواجهون تلك الموصفات بموقف إيجابي مهما كانت الصعوبات، لأنهم لا يريدون أن تضيع منهم السوق الأوروبية الضخمة.