يحتل شهر أكتوبر مكانة خاصة في قلب كل صيني، ففي غرته سنة ألف وتسعمائة وتسع وأربعين ولدت جمهورية الصين الشعبية، التي نوضح في هذا العدد لماذا يسميها الصينيون "الصين الجديدة"، وفيه أيضا حققت الصين أبرز إنجازاتها، من تفجير قنبلتها الذرية سنة 1964 إلى إطلاق أول مركبة فضاء برائد فضاء في السنة الثالثة من الألفية الجديدة. لقد صار أكتوبر هو شهر الإنجازات الكبرى عند الصينيين. 

غير أن أكتوبر هذا العام شهر خاص لمجموعة خاصة من الصينيين، فقد أقبل والعشرون مليون وثلاثمائة ألف مسلم صيني، يحتفلون بشهر رمضان الكريم، وفي الثالث عشر منه سيحتفلون بعيد فطرهم، وفقا للجمعية الإسلامية الصينية، التي تحدد بداية الشهر ونهايته وفقا للحسابات الفلكية والتقويم القمري الصيني. ومسيرة رمضان في الصين الجديدة، التي تستعرضها مقالة "رمضان كريم ولو في الصين" ومقالة "رمضان في شمال غربي الصين"، رحلة في حياة المسلمين الصينيين وما شهدته من تغيرات تهز الأرض والسماء. لقد صار لرمضان في الصين نكهة خاصة وأصبح مناسبة فيها كثير من البهجة الروحية والمادية للمسلمين الصينيين مع ارتفاع مستوى معيشتهم وتحسن أحوالهم ومع حرية العقيدة وممارسة الشعائر التي باتت مكفولة لهم بالقانون والدستور، ومع العناية التي يخصهم بها قادة الصين وكبار مسئوليها.

التغير الذي شهده رمضان في الصين لا يقتصر على المسلمين الصينيين، بل يشمل ضيوف الصين من المسلمين الأجانب، فقد أصبح رمضانهم على أرض التنين مختلفا عما كان في سنوات مضت، كما تكشف مقالتنا "بيني وبين رمضان في الصين"، ليس فقط لأن عدد المسلمين الأجانب في بكين وغيرها من حواضر الصين الكبرى ارتفع بشكل كبير، وليس لأن وسائل الاتصال الحديثة جعلت  المسلمين خارج الصين يعرفون أكثر عن مسلمي الصين وعاداتهم وتقاليدهم في مناسباتهم وأعيادهم، وإنما أيضا لتنامي معرفة مزيد من الصينيين غير المسلمين بأهمية ومغزى هذا الشهر عند المسلمين، وتنوع وتوفر فعاليات إحياء الليالي الرمضانية في الصين، وفوق هذا وذاك احترام الصينيين، حكومة وشعبا، لعقائد الآخرين وشعائرهم، وهو أمر يحق للصين أن تفخر به في وقت تشهد فيه كثير من الدول تآكلا لقيم التسامح وقبول الآخر.