ã

سفير السودان لدى الصين، ميرغني محمد صالح

الدور الصيني في دارفور  متطور وعقلاني

سفير السودان لدى الصين، ميرغني محمد صالح

في حوارنا معه، أكد سفير السودان لدى الصين على محورية دور الاتحاد الأفريقي في حل أزمة دارفور، وأثنى على الدور الصيني في التوصل إلى الصيغة التوافقية لقرار مجلس الأمن رقم 1769 بشأن دارفور، وتوقع بأن يتم التوصل إلى حل لقضية دارفور قبل موعد أولمبياد بكين 2008.

وإلى تفاصيل هذا الحوار.

 

الصين اليوم: ما هو الموقف المبدئي للحكومة السودانية للتعاون مع المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية قضية دارفور ؟

الســـفير: المنهج المبدئي الذي تبنته الحكومة السودانية هو السعي بكل السبل المتاحة لتسوية مشكلة دارفور بالوسائل السلمية، وعن طريق المفاوضات المباشرة مع حاملي السلاح. وقد كان من رأينا أن الاتحاد الأفريقي هو الأقدر على معالجة الأزمة في جوانبها الأمنية السياسية في إطار البيت الأفريقي بحكم التشابه الثقافي والاثنى، وهو ما تحقق بالفعل بنشر القوات الأفريقية في دارفور والتوصل إلى اتفاق سلام دارفور. وقد وجدت القوات الأفريقية بدارفور تعاونا كاملا من الحكومة السودانية مكنها من القيام بمهامها بصورة جيدة، كما دعمت الحكومة جهود الاتحاد الأفريقي السياسية التي أفضت إلى توقيع اتفاق السلام في أبوجا. وعلى الصعيد الإنساني قدمت الحكومة كل التسهيلات اللازمة لانسياب الإغاثة إلى المتضررين وتسهيل مهمة المنظمات الإنسانية حيث يعمل اليوم في دارفور ما يقرب من 15 ألف من عمال الإغاثة الأجانب والسودانيين.

وتعاون السودان مع المجتمع الدولي لتسوية قضية دارفور يظهر جليا في قبول السودان بخطة كوفي أنان ذات المراحل الثلاث لدعم القوات الأفريقية بدارفور، والتي تم اعتماد المرحلة الثالثة منها، والمعروفة بالعملية الهجين، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1769 الصادر يوم 31 يوليو 2007م. وقد قبل السودان بهذا القرار الذي يقضي بنشر عملية مختلطة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور بعد مفاوضات جادة مع الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، تمكن السودان من خلالها إقناع هذه الأطراف بسلامة موقفه، وبالحجج التي ساقها لرفض المحاولات الأجنبية للهيمنة والمساس بسيادته ووحدة أراضيه، والسودان على استعداد تام للتعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتطبيق القرار في المراحل القادمة، خاصة فيما يتعلق بجوانب التفاوض مع رافضي اتفاق أبوجا عبر الوساطة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي عبر خارطة الطريق المعتمدة من المنظمتين، لتحقيق الأمن والاستقرار وتمكين النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم ومناطقهم، حتى يمكن إطلاق عملية التنمية الاقتصادية الشاملة للقضاء على جذور النزاع ومسبباته. إن مشكلة دارفور مشكلة تنموية في المقام الأول. ويبقي هنا الإشارة إلى ضرورة التزام المجتمع الدولي بتعهداته بشأن إعادة الإعمار والتنمية في دارفور لإنجاح هذه العملية.

الصين اليوم: ولكن هناك مشكلة تنمية في دارفور، وهنالك اتهام للحكومة السودانية بأنها تدعم عناصر معينة للسيطرة على عناصر أخرى؟

الســـفير: مشكلة التنمية ليست في دارفور وحدها، بل إن كثيرا من مناطق السودان في الشرق والشمال والوسط والجنوب ليست بأفضل حال من دارفور، إلا أن الحكومة بذلت جهودا كبيرة خلال السنوات العشر الماضية أثمرت عن إنشاء العديد من الطرق ومحطات الكهرباء ومشروعات تطوير القطاع الزراعي والحيواني من خلال برنامج النفرة الزراعية التي أعلنتها الحكومة مؤخرا.

فيما يخص اتهام الحكومة بدعم عناصر معينة فإن هذا الاتهام باطل ولا أساس له من الصحة، وقد روجت له بعض الدوائر الأجنبية لتأجيج الصراع بين مكونات مجتمع دارفور. والواقع أن مجتمع دارفور منقسم إلى مزارعين مستقرين ورعاة رُحل الأمر الذي تسبب في الماضي في خلق احتكاكات بين المجموعتين استخدمت فيها الأسلحة البيضاء ثم تطور الأمر إلى استخدام أسلحة نارية دخلت دارفور من الدول المجاورة بسبب الحرب الليبية التشادية ثم الحرب الأهلية في تشاد.

وأشير هنا إلى أن الحكومة ظلت تسعى لتطوير واقع دارفور بما يساعد في تحقيق التنمية والاستقرار وفي هذا السياق نناشد الدول العربية إلى المساهمة في إقامة مشروعات لتحقيق تلك الأهداف مثل حفر آبار ودعم مشروعات التنمية الزراعية والحيوانية والتي بدورها ستسهم مستقبلا في تلبية متطلبات الأمن الغذائي العربي.

الصين اليوم:  كيف ستتعامل الحكومة السودانية مع قرار مجلس الأمن بفرض قوات دولية في دارفور؟

الســـفير: لقد قبلت الحكومة السودانية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1769 لان النص الذي تم اعتماده بواسطة المجلس استجاب للعديد من تحفظات السودان وهواجسه، حيث صدر القرار بصورة توافقية، تبنت فيها الأطراف الأخرى نهج الحوار والتشاور خلافا لأسلوب التهديد والوعيد الذي يرفضه السودان. يضاف إلى ذلك، أن القرار أكد على التزام المجلس بسيادة واستقلال السودان وسلامة أراضيه، واستبعد الإشارة إلى الفصل السابع، وتلك اللهجة المعادية للحكومة السودانية ولغة التهديد بالعقوبات. كما أن القرار أكد على أحد مطالب السودان الهامة بالمحافظة على الصبغة الأفريقية للعملية الهجين بدارفور، وألزم الأمم المتحدة بتمويل هذه العملية.

وأكد القرار على أهمية التركيز على العملية السياسية، وإقناع الفصائل غير الموقعة على اتفاق السلام بالانضمام للعملية السياسية. كما احتوى القرار على فقرة هامة تدعو إلى إطلاق مبادرات في مجال التنمية وإعادة الإعمار، ولكل ذلك فان السودان سيعمل على تنفيذ ما يليه من القرار بكل جدية استنادا على المرجعيات المتفق عليها. ونرجو أن تقوم الأطراف الأخرى بإبداء ذات الاهتمام.

الصين اليوم:  إذن ننتقل إلى الموقف الصيني من قضية دارفور، وهو موقف يلقى ترحيبا عربيا وأفريقيا بل وأشاد به الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ولكن هذا الموقف يلقى معارضة غربية، فالبعض يقول إن الحكومة الصينية تقدم أسلحة للحكومة السودانية التي تقدمها بدورها للجماعات الموالية لها في دارفور، وإن الصين لا تستخدم نفوذها للضغط على الحكومة السودانية لقبول ما يقرره المجتمع الدولي، وتحديدا القوى الغربية، واتهامات للصين بأنها تؤيد الحكومة السودانية لأطماع أنانية، وخاصة الحصول على النفط فكيف ترى الحكومة السودانية الموقف الصيني من قضية دارفور؟

 

الســـفير: موقف الصين من الأزمة من دارفور يتماشى مع المبادئ العامة لسياستها الخارجية القائمة على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى واحترام سيادتها واستقلالها، وهو موقف متطور وعقلاني. ونحن نرى أن موقف الصين من قضية دارفور، ومساعيها الصادقة لإيجاد حل للأزمة ينطلق من مسئولياتها كعضو فاعل ومؤثر في مجلس الأمن الدولي. وانطلاقا من نظرتها الكلية للأسلوب الأمثل لصيانة السلم والأمن الدوليين، سواء كان ذلك في آسيا أو إفريقيا أو أي منطقة أخرى من العالم، عن طريق الدفع في اتجاه  اتخاذ القرارات الحكيمة والصائبة في المحافل الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن. ولقد تعاملت الصين مع قضية دارفور بإيجابية شديدة تمثلت في تعيينها لمبعوث خاص إلى دارفور ، كما نقلت الصين إلى السودان مقترحات بناءة ونصائح قيمة من خلال المشاورات القائمة على أعلى مستوى بين البلدين. ولقد مكن هذا المنهج الصين من لعب دور هام في التوصل إلى الصيغة التوافقية للقرار 1769 لإصرارها على إصدار قرار عمل يكون قابلا للتطبيق وإيجابيا يساعد على حل المشكلة وليس تعقيدها بعيدا عن الضغوط والأساليب القسرية التي أثبتت فشلها. أما الذين يعارضون الدور الصيني في دارفور ويشيعون المعلومات المضللة عن تسليح الصين للجيش السوداني فهم يفعلون ذلك انطلاقا من رغبتهم في تحجيم دور الصين على الساحة الدولية للحفاظ على مصالحهم وتحقيق أطماعهم الذاتية. ونحن ندعو هؤلاء إلى تبنى رؤية الصين لمعالجة جذور المشكلة بالتركيز على التنمية  وإعادة الإعمار، بدلا عن توجيه النقد دون مبررات منطقية

الصين اليوم: مع كل الضغوط التي تمارس على الصين حاليا من أطراف مختلفة، منها مطالبة البعض بمقاطعة أولمبياد بكين بسبب موقفها من مسألة دارفور، كيف تقدر مدى إمكانية ثبات الصين على هذا الموقف الداعم للموقف السوداني؟

الســــفير: الواقع أن محاولة ربط الألعاب الأولمبية بقضية دارفور هو موقف تبنته بعض جماعات الضغط الغربية ذات الأجندة الخاصة وليس موقف دول أو حكومات، كما أن أي محاولة لتسييس الألعاب الأولمبية أمر غير مقبول ومصيره الفشل لتناقضه مع الروح الأولمبية التي تسعى لتحقيق التعايش والتفاهم والسلام.

وبفضل التعاون الثلاثي بين حكومة الوحدة الوطنية في السودان مع كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وبدعم الأصدقاء وعلى رأسهم الصين فإننا على ثقة بأن قضية دارفور في طريقها إلى الحل قبل حلول موعد أولمبياد بكين 2008 والتي نتمنى أن تكون مناسبة تظهر فيها الصين مكانتها الحضارية والدولية.

 الصين اليوم: ما هو واقع العلاقات السودانية الصينية في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية حاليا، وكيف تطورت خلال السنوات الأخيرة؟

الســـفير: من الصعب الحديث عن العلاقات الصينية السودانية خاصة في المجال الثقافي والمجال التجاري في خلال السنتين الماضيتين، بدون الرجوع إلى العشر السنوات السابقة، التي بدأت في عام 1997 بدخول الصين شريكا أساسيا في مشروع النفط السوداني. لا شك أن دخول حكومة الصين في هذا المجال قد أعطى للسودان قوة اقتصادية وسياسية، إذ استطاع السودان من خلال هذه الشراكة توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين. في عام 2006، بلغ حجم التجارة بين الصين والسودان 3,9 مليارات دولار أمريكي، منها 2,6 مليار لصالح السودان، معظم الصادرات السودانية للصين هي خام البترول ومشتقاته. في العشر سنوات الماضية حدثت نقلة في العلاقات الاقتصادية بين الصين والسودان، من خلال دخول الشركات الصينية الكبرى في مجال توليد الكهرباء ومجال البنية التحتية وبناء السدود مثل سد مروي، ولا شك أن دخول الصين في مجال صناعة الكهرباء قد ساعد كثيرا في تحريك الاقتصاد ككل، والصين شريك أساسي في مشروع النفط السوداني، بجانب ماليزيا والهند، وفي السنوات الأخيرة حصلت الصين على عقود حقول جديدة في البحر الأحمر وتشاركها كل من ماليزيا وجنوب أفريقيا وبعض الشركات السودانية.

أما بالنسبة للعلاقات الثقافية، فقد تطورت في السنوات الماضية، من خلال تنفيذ وتوقيع البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي والعلمي، ومن بين هذه البرامج تدريب كوادر سودانية في مختلف المجالات خاصة في مجال البترول والإدارة الاقتصادية والكهرباء وتطوير الزراعة وتخضير الصحراء وزراعة الغابات. يوجد عدد كبير من الطلاب السودانيين يدرسون في الجامعات الصينية وهناك تواجد كبير للجالية السودانية في الصين، خاصة في كانتون (قوانغتشو) وإيوو، وأستطيع أن أقول إنهم يقومون بنشاط جيد، أما العلاقات التجارية والاقتصادية التي تقوم بين الشركات الصينية والسودان، فهي جيدة ومتطورة.

 

الصين اليوم: ما هو حجم الاستثمارات الصينية في السودان حالياً ؟

الســــفير: معظم الاستثمارات الصينية في السودان في مجال صناعة البترول وملحقاتها مثل البتروكيماويات وأنابيب نقل البترول، وحجم الاستثمارات في هذا المجال ستة مليارات دولار أمريكي، أما معظم الأنشطة الأخرى في مجال الكهرباء والبنية التحتية فالشركات الصينية تنفذ مشروعات وفقا للعقود الموقعة مع السودان.

الصين اليوم: بالنسبة لموضوع المقاولات، الشركات الصينية نفذت سد مروي وسوف تنفذ هذه الشركات سد كجبار، ويبدو أن هناك متاعب تواجه الحكومة السودانية والشركات الصينية في تنفيذ هذا المشروع، وتحديدا من جانب أبناء النوبة فما هي حقيقة الأمر؟

 الســـفير:  يجرى العمل في إقامة سد مروي في الولاية الشمالية وكذلك سيقام سد كجبار في ذات الولاية، وليس صحيحا أن أبناء النوبة أو شمال السودان يعترضون على قيام هذا المشروع، وأستطيع القول من واقع معرفتي اللصيقة بالمنطقة أن أبناء المنطقة مدركون لأهمية وحيوية المشروع وما يمثله من نقلة تنموية للمنطقة بما سيوفره من خدمات في مجالات الكهرباء والبنية التحتية. ولكن في مرحلة الدراسات الأولية للمشروع حدث سوء فهم تم استغلاله من قبل بعض دوائر المعارضة الداخلية التي دفعت فئة محدودة من أبناء المنطقة للتظاهر ضد المشروع إلا أن الجهات المسؤولة في حكومة المركز وحكومة الولاية بذلت جهودا كبيرة لتوضيح طبيعة وأهداف المشروع لأبناء المنطقة، وبالتالي تم إزالة اللبس وأصبح المناخ ملائما تماما للجهات الحكومية والشركات الصينية حتى تواصل دورها في تشييد هذا المشروع الهام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn