بعد 20 سنة من الجهود والعمل الشاق، أصبحت مدينة النسيج الصينية التي تقع بمحافظة شاوشينغ واحدة من أسواق النسيج المتخصصة الأكثر تأثيرا في العالم. وتساهم صناعة النسيج بأكثر من 70% من إجمالي الناتج الصناعي في شاوشينغ. إن مدينة النسيج الصينية، وهي من القواعد المهمة في الصين لإنتاج المنسوجات، منفذ بالغ الأهمية لتسويق منتجات النسيج المحلية وإطلاق العنان لقدرات الإنتاج الكبيرة لهذه المدينة. في عام 2006 بلغ حجم صفقات النسيج التي أبرمتها مدينة النسيج الصينية خمسين مليار يوان (الدولار الواحد يساوي نحو 5ر7 يوانات)، مقارنة مع خمسة وأربعين مليارا في نفس الفترة من العام السابق، محققة زيادة سنوية قدرها 11%، هذا على الرغم من الزيادة الكبيرة في أعداد أسواق النسيج والملابس المتنوعة بالصين والمنافسة الشديدة في هذا المجال.
السيطرة على السوق بيد خفية
في 2001، عاشت صناعة النسيج الصينية (شهر عسل) قصيرا عقب انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية. وبرغم التحذيرات التي أطلقها الاقتصاديون الصينيون والأجانب بأن الخطر بات وشيكا، نظر المضاربون إلى الأرباح الهائلة التي تأتي بها هذه الصناعة، غير مدركين للغيوم السوداء التي تحلق فوق رؤوسهم، وتحمل إليهم النزاعات التجارية الدولية. وفي هذا الحال اجتاحت عاصفة "بناء مدن نسيج جديدة" الصين، فظهرت مدن عديدة للمنسوجات والملابس الجاهزة مختلفة.
في منطقة دلتا نهر اليانغتسى وحدها، ظهرت عشر مدن للمنسوجات والملابس بلغ رأسمال كل منها عشرة ملايين يوان، وهذا لا يشمل المقاطعات والمدن المعروفة تقليديا بتفوقها في مجال النسيج مثل شاندونغ وتيانجين. وحسب بيانات شبكة معلومات اقتصاد النسيج الصينية، كان العمل يجري في بناء 23 مدينة منسوجات في الصين في الفترة من فبراير 2004 إلى سبتمبر 2005، وكان يتم بناء مدينة منسوجات جديدة واحدة على الأقل كل شهر. كل ذلك فرض تحديات جمة على مدينة النسيج الصينية في شاوشينغ، التي قطعت عشرين عاما من التطور ولكنها باتت تواجه ضغوطا غير مسبوقة. في هذا الوقت لعبت الحكومة المحلية دورا قياديا حاسما، مفعمة بالثقة بتطوير مدينة النسيج الصينية. وكما قال نائب محافظ شاوشينغ، سون تشه جيون: "بناء المدينة سهل ولكن تحقيق ازدهارها صعب، ومدينة النسيج الصينية سوق متخصصة تعتمد على صناعة النسج، وتلك مزية لا تنافسها فيها المناطق الأخرى." ويقدم قطاع الصباغة الذي تتفوق فيه شاوشينغ دعما قويا لأسواق القماش والأزياء بها. كما أن الموصلات السهلة لمحافظة شاوشينغ تقدم الضمان اللوجستي لوصول بضائع مدينة النسيج الصينية إلى أنحاء العالم. وتلعب سياسة "الاقتراب من التجار وبقاء التجار في المدينة والعناية بالتجار" التي تنتهجها مدينة النسيج الصينية دروا فاعلا في جذب التجار والاستثمارات، وهذا يوفر دعما سياسيا لازدهار السوق بها. بفضل خطة الحكومة الطويلة المدى ومساهماتها واستثمارها وإدارتها العامة، انخفضت الكلفة التجارية للمدينة، وتشكلت منظومة لانضباط السوق فيها، ومن ثم ارتقت مدينة النسيج إلى درجة أعلى.
كان ثمة قلق من أن يؤدي دور الحكومة وتخفيض الكلفة التجارية إلى انخفاض قيمة ممتلكات أصحاب العمل السابقين، ولكن مدينة النسيج الصينية انتهجت في عملية إصلاحها سياسة تنويع الأسواق وعدم تكرار البناء، وفقا لقول سون تشه جيون، نائب محافظ شاوشينغ، الذي أوضح أنه بعد إكمال بناء الأسواق الجديدة، لن تجبر الحكومة التجار في الأسواق القديمة على الانتقال إليها، بل ستجذب التجار الجدد للعمل فيها وتحقق ازدهارها، لجعل مدينة النسيج الصينية عاصمة عالمية للنسيج ومدينة تجارية عصرية التكلفة التجارية بها أقل وأنواع البضائع أكثر والخدمات أفضل.
"مجموعة
الصناعة" سلاح
النجاح السحري
يعتقد محافظ شاوشينغ أن العامل الرئيسي وراء الوضع المميز والرائد لمدينة النسيج الصينية في الصين هو أنها مدعومة بأكبر مجموعة لصناعة النسج والغزل بالصين، حيث يوجد فيها أكثر من عشرة آلاف شركة، ويتم فيها تداول نصف كمية الأقمشة المصنوعة من الألياف الكيماوية في الصين، وتستوعب المنتجات المكملة لأربعين في المائة من شركات قطاع الغزل والنسج بالصين، وهذا هو سر تفوق هذه المدينة، التي تحمل لقب"مدينة بدون جذر".
من أجل رفع مستوى مجموعة الصناعة، أسرعت المدينة بتطوير الأسواق في المناطق الجنوبية والشمالية والوسطى والغربية فيها، لتتحول مدينة النسيج الصينية إلى أكثر سوق دولية متخصصة تأثيرا. لتحقيق هذا الهدف تتمسك المدينة بالدور الحكومي الإرشادي وتعزز التخطيط والإرشاد السياسي وتعزز قدرة التعديل لموارد السوق، وتزيد قوتها في وضع معايير موحدة لإقامة منافذ البيع والمستودعات للأسواق واللوجستيات، وفي انضباط السوق، والسيطرة على الكلفة التجارية، وذلك من أجل تهيئة بيئة تجارية ذات قدرة تنافسية من حيث الكلفة، وإقامة آلية إدارة فعالة للنظافة والأمن والإطفاء، وإقامة نظام لسمعة السوق. كل ذلك لرفع مستوى تحديث مدينة النسيج الصينية بإنشاءات السوق من الدرجة الأولى والوظائف المتكاملة الممتازة والخدمات والإدارة الرائعة وأسلوب التجارة الحديث.
إلى جانب ذلك تعمل مدينة النسيج الصينية على رفع مستوى تدويلها من خلال تشكيل العلامات المشهورة بقوة، وتعزيز التخطيط العام، والترويج والدعاية، ورفع القدرة التنافسية لعلامة مدينة النسيج الصينية، وإدخال الشركات التجارية الدولية وأجهزة التمثيل الأجنبية، وبناء المرافق المتكاملة لأجهزة الوساطة الأجنبية والإنشاءات العامة، وبناء قاعدة دولية لشراء المنسوجات. وتعمل المدينة أيضا على إقامة المعارض بمفهوم جديد، وتعزيز التعاون مع شركات المعارض الدولية المتخصصة بغرض تحويل "معرض المنسوجات الدولي الصيني (شاشينغ) إلى معرض دولي كبير ذي تأثير ضخم ومستوى عال للمنسوجات. وتسرع المدينة أيضا بتطوير أعمال الضمان بالسمعة واستشارات المعلومات وتدريب المتخصصين والتدقيق المالي والخدمات القانونية وغيرها من نظم خدمات الوساطة، لتحويل المدينة إلى مركز دولي لتجارة المنسوجات وللتطوير العلمي والتكنولوجي ولنشر المعلومات.
مع تطوير وتحديث مدينة النسيج الصينية، يتحول أسلوب التجارة فيها من "التجارة بالنقود والبضائع الجاهزة والتجارة الميدانية" إلى "التجارة بين الشركات ومن خلال الطلبيات وبأسلوب العولمة".
