هوهيهوت مدينة ذات تاريخ عريق وسمات قومية واضحة، ينعم ناسها بحياة رغيدة هادئة. وهي بوتقة تنصهر فيها ثقافة المروج وثقافة تشاوجيون والمعابد اللامية، إضافة إلى الثقافة المنغولية. وهوهيهوت لها من النمو الاقتصادي نصيب وافر، فعلى مدة ست سنوات متتالية، تقدمت على سبع وعشرين من حواضر المقاطعات، في معدل النمو الاقتصادي، وجاءت في المرتبة الأولى من بين اثنتين وأربعين مدينة مهمة في الصين. وتعلق هوهيهوت على صدرها أوسمة وطنية عديدة، فهي حاملة لقب "المدينة الممتازة للسياحة" و"المدينة الصحية" و"عاصمة منتجات الألبان في الصين". إنها مدينة تفخر بهواء ذي جودة عالية لمدة ثلاثمائة وثلاثة عشر يوما في السنة، وبالسحب المعلقة في فضائها التي تكاد تلمسها بيدك وبمياهها الزرقاء التي تشعر بأنها تناجي السماء.

قد يظن من لم يزر هوهيهوت، عاصمة منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، أنها ليست أكثر من جزء من صحراء غوبي. بيد أن الحقيقة هي أن هوهيهوت، هي ثاني أقرب حاضرة مقاطعة إلى بكين، لا يسبقها سوى شيجياتشوانغ، عاصمة مقاطعة خبي. تقطع السيارة المسافة بين هوهيهوت وبكين، وهي 478 كيلومترا، في أربع ساعات ونصف. وسوف يختصر وقت السفر بين هوهيهوت وبكين إلى ثلاث ساعات بعد إنجاز بناء سكة حديدية سريعة بين المدينتين خلال فترة الخطة الخمسية الحادية عشرة (2006- 2010).

تقع هوهيهوت في سهل تشيله القديم، الذي يسمى حاليا  "سهل توموبشوان" في منطقة تتمتع بموقع استراتيجي إذ ترتبط  بالمناطق المتقدمة الاقتصادية؛ بكين – تيانجين – تانغشان وبالموانئ الواقعة على بحر بوهاي شرقا، وتتصل مع الجسر الأوراسي غربا، وتجاور جمهورية منغوليا وروسيا شمالا. وتتمتع هوهيهوت بشبكة مواصلات برية وجوية عصرية، كما أنها عقدة المواصلات بين المنطقة الحدودية المفتوحة في شمالي الصين ومنطقة التنمية الاقتصادية للنهر الأصفر، وتعتبر أيضا رأس الجسر للتبادل التجاري بين الصين وجمهورية منغوليا وروسيا ودول شرقي أوروبا.

هوهيهوت التي يعني اسمها "المدينة الخضراء"، سكنها البشر قبل خمسمائة ألف سنة، وأبدعوا حضارة عريقة. يعيش في هذه المنطقة أبناء 36 قومية، منهم المغول وهان وهوي ومان وداهور وكوريا وأونك وألونتشون وغيرهم، تحتضنهم بطبيعتها الخلابة وتغذيهم بأرضها الخصبة. ربيعها جميل، وصيفها مشمس ولكنه شمس المتوهجة بدون حرارة، وخريفها معتدل منعش، أما الشتاء فهو فصل الثلوج، ولكنه ليس قارس البرد. في قلب المدينة جبال شاهقة وأنهار بديعة وبحيرات رقراقة. ترك التاريخ لها ثروة نفيسة من الكنوز الأثرية الثقافية، ومنها "أطلال حضارة داياو" وأطلال سور الصين العظيم الذي بني في فترة الدويلات المتحاربة (475 – 221 ق.م). متحف تشاوجيون بها رمز للتضامن القومي، إضافة إلى المعبد اللامي الأول جنوبي الصحراء، والمسجد ذي الخمسة أبراج، ومنطقة مشاهدة النهر الأصفر، والحديقة الوطنية للغابات.

 

الهوية القومية لعاصمة المروج

يفخر أبناء المدينة بالتحولات والتغيرات التي تطرأ على هذه المنطقة التي تجذب الأنظار يوما بعد يوم، ويقولون إن المرء إن لم يخرج من بيته لمدة أسبوع، يصعب عليه أن يعين المكان الذي كان فيه.تتسع الشوارع وتكثر البنايات العالية وتزداد المشاهد الجديدة. تتحول محطات القمامة إلى منتزهات جديدة، وتصير المصانع القديمة بساتين تحيط بها الأزهار والأشجار.

بمناسبة مرور ستين عاما على تأسيس منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم هذه السنة 2007، استثمرت حكومة هوهيهوت 46 مليار يوان لبناء المدينة خلال سنتين احتفالا بهذه المناسبة الكبيرة. في هذا العام مثلا، تم بناء مائة ونيف من البنايات الجديدة في المدينة. وحسب ما قال الأمين العام لمجلس نواب الشعب للمدينة، إن هوهيهوت تبرز بحماسة عالية وإرادة قوية  سماتها وهويتها الخاصة، من خلال مبدأ "التاريخ وثاقنا والثقافة روحنا" وذلك ببناء عاصمة المنطقة على أساس الثقافة المنغولية، مع وجود ثقافات أخرى بحيث يبرز التنوع الثقافي في كل المباني وتصبح البنايات متوالية من الرموز المميزة بالتنوع الثقافي للمدينة. وقد تم بناء شارع جنكيز خان ومنطقة مشاهد التنوع الثقافي لتقديم صورة جامعة شاملة للقادمين من خارج المدينة للتعرف عليها. ولا يمكن أن تخطئ العين الجهود الجبارة التي يبذلها صانعو القرار في المدينة لتحويلها إلى مرج جذاب جميل مفعم بالمشاهد ذات للقوميات المختلفة، ومنها شارع المشاهد ذات الخصائص الإسلامية وشارع عادات وتقاليد قوميتي منغوليا والتبت.

 

بناء مدينة في خمسة أعوام، ليس أسطورة

في عام 2000، كانت مساحة هوهيهوت 83 كيلومترا مربعا وكان عدد سكانها مليونا وستون ألف نسمة، وكانت تعد من أصغر عواصم المقاطعات والمناطق في الصين. الآن تبلغ مساحة المدينة 159 كيلومترا، ووصل عدد سكانها مليونا ونصف المليون نسمة، فكأن مدينة جديدة بنيت في خمس سنين.

شارع جنكيز خان المكون من ثماني حارات في الاتجاهين بطول 13 كيلومترا، مقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الغربي والأوسط والشرقي، تعبر عن ثلاثة مضامين، هي الثقافة والمناظر والتجارة. في الجزء الغربي، تتركز المرافق الرياضية ومقرات الأجهزة الإدارية الحكومية، ويعتبر الجزء الغربي المركز الرئيسي للشارع. ويصطبغ تصميم الشارع بالسمات الثقافة المنغولية من أجل إبراز الهوية القومية والأسلوب المحلي وتعزيز التأثير البيئي، وإبراز موضوعي الجبل والنهر، بحيث يُهيأ لك أنك تقف بين رُبى خضراء ومياه زرقاء، وتلوح في طيف خيالك صورة جنكيز خان وهو يطلق السهام، بينما تتناهى إلى مسامعك نغمة طويلة كأنها قادمة من السماء. أما جرأة المدينة وجسارتها فتتجسد بوضوح في إستاد جنكيز خان الجديد في شارع جنكيز خان وإستاد هوهيهوت والمسرح الكبير المقام على الطريق الدائري الثاني والمركز الدولي للمعارض.

يبلغ إجمالي مساحة المبني الجديد لمتحف منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم 50 ألف متر مربع. يتكون الهيكل الرئيسي له من أربع طوابق وتتكون الأجزاء الأخرى من ست طوابق. طول المتحف 287 مترا وعرضه 120 مترا. هذا المتحف الذي يجسد تصميمه السمات القومية بوضوح، ويعد بناية نموذجية في منطقة منغوليا الداخلية وتكلف 430 مليون يوان، سيصبح نافذة مهمة لعرض وتعميم ثقافة منغوليا الداخلية وثقافة القومية ومتحجرات الكائنات القديمة والموارد الطبيعة الحديثة.

إستاد هوهيهوت، الذي ستقام به الاحتفالات بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، وتكلف 600 مليون يوان، يتسع لستين ألف متفرج.

بالقرب من مبني مجمع المصالح الإدارية للحزب والحكومة ومقر الحزب والحكومة بمدينة هوهيهوت، يقع المركز الدولي للمعارض لمنطقة منغوليا الداخلية الذي بلغ الاستثمار فيه 490 مليون يوان وتبلغ مساحته 900 مو (الهكتار الواحد يساوي 15 مو). وقد أقيم به في السابع من يوليو عام 2007، المعرض التجاري الوطني للسياحة الشمالية، وفي الثاني من أغسطس، أقيمت به الدورة الأولى للمعرض التجاري القومي.

 

العاصمة الخضراء بألوان جديدة

إضافة إلى إنشاء منطقة المركز التجاري ومنطقة المركز الإداري ومنطقة مناظر ثقافة قومية منغوليا وأسرة يوان(1271 – 1368م) ومنطقة الخصائص الثقافية والتاريخية والمركز الرياضي ومركز الفنون والثقافة وحديقة الأحياء البحرية، أنشئت في السنوات الأخيرة أيضا حديقة العادات والتقاليد المنغولية، حديقة الأراضي الرطبة في بحيرة الجنوب وحديقة الحيوانات البرية، الخ.

تم بناء عدد من الأحياء السكنية على مساحة أكثر من 200 ألف متر مربع وأكثر من عشرة فنادق أربعة أو خمسة نجوم. في أواخر عام 2008، وستختفي من المدينة المساكن الشعبية بطابق واحد وتحل محلها أحياء جديدة مزودة بمرافق كاملة وذات بيئة جيدة. بعد الانتهاء من بناء الوحدات السكنية المحدودة التكاليف للأسر المتوسطة الحال وبنايات شقق الإيجار، سيعيش أهل المدينة في طمأنينة ويعملون ببال مستريح.

هذه السلسلة من المنشآت الرئيسية والعمارات الرمزية نجحت في صياغة معالم المدينة وتوسيع حيزها ورفع درجتها وإثراء مضمونها.

لا شك أن ملامح المدينة ومعالم الشوارع الجديدة وتبلور وتمثل الثقافة والسياسة والموقع والقومية والتاريخ والمجتمع في هوهيهوت— العاصمة الخضراء، مما يجعلها تشع بنور إنساني أكثر إبهارا!