ã

نار الأسعار تحرق جيوب الصينيين والحكومة تتابع الأسواق

ليو لي

زيادة كبيرة في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء

برغم أنها ليست من المترددين على أسواق المواد الغذائية، وقليلا ما تدخل المطبخ، إلا أن تشانغ شياو جين، الموظفة بشركة تأمين، شديدة الحساسية لحركة أسعار كل ما له علاقة بالطعام. ولكن أسعار اللحوم ترتفع بشكل متواصل، وتقريبا تزيد بنسبة 10% شهريا، منذ شهر مارس هذا العام، حيث وصل سعر الجملة للكيلوجرام عشرين يوانا (الدولار الأمريكي يساوي حوالي 5ر7 يوانات)، أما سعر البيع للمستهلك فأكثر من هذا، مقارنة مع عشرة أو اثني عشر يوانا، قبل فترة، وفقا للسيدة تشانغ.

وحسب أرقام مصلحة الزراعة ببكين، فإن متوسط السعر المرجع للحوم البقر والغنم والدجاج والبيض والأرز والفواكه حاليا، هو الأعلى بالمقارنة مع نفس الفترة في الست سنوات الأخيرة. وبالمقارنة مع نفس الفترة عام 2006، زادت أسعار السمك بنسبة 55% وزيت الطعام 2ر37% والبيض 9ر35%. وقد انعكس هذا على ارتفاع الأسعار في المطاعم، وكما قالت تشانغ شياو جين: "تكلفة فطوري كل يوم زادت من يوانين ونصف إلى 2ر3 يوانات."

وزاد مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية أكثر من 3% شهريا في الفترة السابقة، ونسبة 3% هي خط الإنذار لحدوث التضخم المالي. وبالفعل بدأ المواطنون يشكون من الغلاء، رغم أن الحكومة رفعت في شهر مايو متوسط الفائدة على الودائع في البنوك وزادت احتياطي تغطية الودائع.

يتوقع تشن تشونغ تاو، كبير الاقتصاديين بالمركز الصيني لمعلومات الإمداد والتموين أن تصل الأسعار ذروتها هذا الشهر، سبتمبر، أو الشهر القادم، ثم تتجه للانخفاض تدريجيا، ويتوقع أن يصل معدل الزيادة لمؤشر أسعار السلع الاستهلاكية 4%.

وأشار مسئول من قسم الأسعار بلجنة الدولة للتنمية والإصلاح إلى أن ارتفاع الأسعار يؤدي إلى قوة دفع ذاتية تزيد الأسعار أكثر، متوقعا أن يتجاوز متوسط ارتفاع الأسعار عام 2007 نسبة 3%.

الحكومة والسوق

السيدة ليو جين أو، التي تحصل على معاش شهري يزيد قليلا عن ألف يوان، قالت: "سمعت في التلفزيون قبل فترة خبراء يقترحون طرح المخزون الحكومي من اللحوم للبيع في الأسواق، ولكن يبدو أن الحكومة لم تأخذ بكلامهم". السيدة ليو انتظرت طويلا أن تتخذ الحكومة إجراء لوقف سُعار الأسعار.

ولكن لماذا لم تأخذ وزارة التجارة بفكرة طرح المخزون الحكومي من اللحوم للبيع في الأسواق؟ يقول تشوانغ جيان، كبير الاقتصاديين ببنك التنمية الآسيوي لدى الصين: "إن علاقة العرض والطلب في السوق هي التي تحدد الأسعار، وعلينا أن نعتمد على تعديل السوق بشكل عام، وربما تخشى وزارة التجارة من أن يؤدي التدخل الحكومي إلى التقليل من دور تعديل السوق."

وأشار تشانغ لي تشيون، الباحث بمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة، إلى أن سبب ارتفاع أسعار اللحوم في الفترة الأخيرة هو تراجع حجم الثروة الحيوانية نتيجة لانخفاض دخل مربي المواشي، وهي مشكلة ذات علاقة بنقص إمدادات الحبوب الغذائية منذ عام 2006.

وأوضح ليو فو يوان، نائب رئيس معهد بحوث الاقتصاد الكلي بلجنة الدولة للتنمية والإصلاح، أن طرح المخزون الحكومي من اللحوم للبيع قد يحد من ارتفاع الأسعار لمدة قصيرة، بينما ينبغي أن تنظر الحكومة إلى المستقبل البعيد وتعمل من أجل التوازن بين العرض والطلب في السوق لمدة طويلة. وقال: "إن ارتفاع أسعار اللحوم بنسبة معينة ظاهرة طبيعية بالمقارنة مع مستوى الأسعار الكلي، وليس نوعا من التضخم المالي." وتساءل قائلا: "إذا كانت أسعار اللحوم ارتفعت حقا إلى درجة لا تحتمل، فلماذا مازال كثير من الناس يشترونها؟." وهو يرى أنه من الضروري أن ترتفع أسعار اللحوم مع ارتفاع تكلفة تربية المواشي ونقص الإمدادات من اللحوم.

ويرى بعض الخبراء أن عدم تدخل الحكومة يعني أن معدل ارتفاع الأسعار مازال ضمن الحدود المقبولة. وقد أكد وانغ شياو قوانغ، مدير مكتب بحوث الإدارة والتنمية الاقتصادية لهيئة البحوث الاقتصادية بلجنة الدولة للتنمية والإصلاح، أن اقتصاد الصين لا يواجه ضغوط التضخم المالي حاليا، فباستثناء الأغذية، مازال معدل التضخم المالي منخفضا نسبيا منذ فترة طويلة. وقد حققت الصين حصادا وافرا من الحبوب الغذائية في الثلاث سنوات الأخيرة، ولا يوجد اختناق الإمداد بالفحم والكهرباء والبترول، ولهذا ليس من المتوقع أن ترتفع الأسعار بمعدل كبير هذا العام.

غير أن الحكومة، برغم عدم طرح مخزونها من اللحوم للبيع، اتخذت بعض الإجراءات لمواجهة هذا الغلاء، فقد شكلت سبع وزارات ولجان على المستوى الوزاري، منها لجنة الدولة للتنمية والإصلاح ووزارة المالية ووزارة الزراعة، فريقا قياديا لمواجهة طوارئ ارتفاع أسعار اللحوم وغيرها من المواد الغذائية الرئيسية، ويعقد مسئولون من تلك الوزارات واللجان اجتماعا أسبوعيا لمتابعة السوق؛ كما بدأت الحكومة تقدم معونات مالية لمربي المواشي ومنخفضي الدخل.

هل التنمية الاقتصادية الصينية مفرطة؟

ارتفاع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية يعني أن عائد الفائدة على الودائع يقل عن الفاقد في قيمة العملة الناتج عن ارتفاع الأسعار. ولهذا فإن كثيرا من المواطنين يعزفون عن إيداع مدخراتهم في البنوك، ويفضلون استثمارها في قطاع العقارات والبورصة، والنتيجة في النهاية هي ما يسمى بالتنمية الاقتصادية المفرطة. وهذا بالضبط ما يحدث في الصين منذ شهر مارس هذا العام.

ترى تشو جيان فانغ، محللة الاقتصاد الكلي بشركة تشونغشين للسندات المالية، أنه مع الاتجاه الحالي لارتفاع الأسعار هناك ضرورة، بل وإمكانية، لرفع معدل الفائدة.

ويعتقد تشو باو ليانغ، نائب مدير قسم التوقعات الاقتصادية بمركز المعلومات الدولي، أن الوضع الحالي هو بالفعل يقترب من تنمية اقتصادية مفرطة، مستشهدا بأن الناتج الوطني الإجمالي للصين زاد بمعدل أكثر من 10% في السنوات الأربع الأخيرة، وفي الربع الأول لهذا العام، زاد بنسبة 1ر11%. ولكن تقدير إفراط أو عدم إفراط التنمية الاقتصادية يجب أن يحسب على أساس تجاوز متوسط زيادة الناتج الوطني الإجمالي للزيادة الكامنة المتوقعة وما إذا كان متوسط ارتفاع الأسعار يتعدى نسبة 5%. ويخلص إلى القول بأن التنمية الاقتصادية الراهنة تقترب من التنمية المفرطة ليس إلا، ويعكس مستوى مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية الراهن تضخما ماليا خفيفا.

ويرى وانغ شياو قوانغ أن التنمية الاقتصادية في الصين مفرطة نسبيا منذ عام 2003، ولم تشهد اتجاها حقيقيا نحو الانخفاض في السنوات الأخيرة، وقد أدت إجراءات التنسيق والسيطرة الكلية من جانب الحكومة إلى كبح جماح التنمية المفرطة إلى حد ما فقط.

ورغم أن تشو شياو تشوان، محافظ بنك الشعب الصيني، لم يستبعد إمكانية رفع سعر الفائدة مرات، لا تتوقف الشائعات بهذا الشأن في السوق. ولا يرى بعض الخبراء ضرورة لرفع معدل الفائدة، ومنهم ليو فو يوان، ومبرراته هي أن معظم القروض تذهب إلى الشركات الكبرى والمؤسسات الاحتكارية، ورفع سعر الفائدة سيرفع تكلفة القروض التي تحصل عليها الشركات المتوسطة والصغيرة فقط. وأوضح ليو فو يوان أنه مع عدم اكتمال نظام اقتصاد السوق في الصين، لا يكون مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية مفيدا في تقدير التضخم المالي، وزيادة مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 3% مقبولة، بالمقارنة مع زيادة الناتج الوطني الإجمالي بنسبة 10%، فالصين، حسب رأيه، لا بد أن تعاني من زيادة المؤشر بنسبة قدرها 3% أو 4% نتيجة التنمية السريعة.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.

فرع مجلة ((الصين اليوم)) الإقليمي للشرق الأوسط بالقاهرة
رئيس الفرع: حسن وانغ ماو هو
العنوان: 5 شارع الفلاح، المتفرع من شارع شهاب
- المهندسين- الجزيرة- مصر
تليفاكس: 3478081(00202)
  ص.ب208 – الأورمان – الجزيرة – القاهرة – مصر
   الهاتف المحمول: 0105403068(002)
البريد الإلكتروني: kailuofenshe@yaoo.com.cn