ã

جينتشنغ الخضراء تتطلع إلى المستقبل

باميلا لورد

تشنغ لين (الوسط) رئيس مجلس إدارة منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية يتفقد مصنعا للأدوية

عمدة المدينة شيا تشن قوي (الثالث إلى اليسار) في لقاء صحافيين صينيين وأجانب

مقابلة صحفية بين لي يان هونغ (الأول من اليسار) أمين حزب مدينة جينتشنغ والصحفيين بمجلة ((الصين اليوم))

مقاطعة شانشي الواقعة في قلب هضبة اللوس هي مهد الأمة الصينية. ومدينة جينتشنغ التي تقع في جنوب شرقي شانشي، في المجاري العليا والوسطى للنهر الأصفر، هي المكان الذي أُنقذت فيه البشرية من الفناء، وفقا لأسطورة صينية  تذهب إلى أن معركة عنيفة نشبت بين إله النار وإله الماء في المكان الذي يسمى حاليا جينتشنغ. في تلك الأثناء، ونتيجة لضربة من رأس إله الماء المهزوم، انهار جبل بوتشو الذي يسند السماء، التي مالت بدورها باتجاه الجنوب الغربي، في حين تحولت الأرض نحو الجنوب الشرقي، وتبدلت أماكن محيطات وبحار العالم مما ألحق دمارا وخرابا بالبشرية. أسفت الإلهة نيوي وا لهذه المأساة المهلكة وأصلحت السماء في خمس طبقات من الحجر، مما أنقذ البشرية من الانقراض المائي.

إن تاريخ جينتشنغ البالغ خمسة آلاف عام وفر لها ذخيرة من الكنوز الثقافية والتراثية، فهي المكان الذي ساعد فيه إله الزراعة شن نونغ، أسلاف الصينيين على التحول من طريقة حياة البدو الرحل إلى الزراعة. وهي مسرح أحداث قصة يو قونغ يي شان- العجوز الأحمق الذي حرك الجبل، والتي تعني أنه حيثما وُجدت الإرادة وُجد الحل، وهو ما جعلها مفضلة لدى ماو تسي تونغ.

رائدة شانشي في الصناعة والعلوم والتكنولوجيا ومعالجة المنتجات الزراعية 

جينتشنغ، التي تتكون من ست محافظات، تغطي مساحة 9494 كم مربعا، ويبلغ عدد سكانها 2ر2 مليون نسمة، هي في الحقيقة مدينة جديدة، تم رفع مستواها الإداري من محافظة عام 1985.

وجينتشنغ، كما هو الحال في أي مكان بشانشي، غنية بموارد الفحم، حيث يتوفر في نصف مساحتها مخزون من فحم الإنتراسيت يمثل ربع إجمالي الاحتياطي الصيني. وقد كانت الأسرة الملكية في بريطانيا تتدفأ بفحم جينتشنغ خلال الحرب العالمية الثانية، قبل اختراع التدفئة المركزية.

وجينشتنغ لديها أيضا وفرة من الحديد والفولاذ والذهب والنحاس، ومنتج رئيسي لمواد بناء جديدة تسمى اختصارا إتش إي بي HEP والمسبوكات الدقيقة والآيبود ipodes  . وهي قاعدة وطنية رئيسية للكيماويات الفحمية وصناعة تكنولوجيا المعلومات، كما أنها مركز سياحي. وتمد محطة الطاقة بها، التي تبلغ طاقتها 300 ألف كيلو وات، بلدية شانغهاي ومقاطعة جيانغسو بالكهرباء.

وجينتشنغ بها أيضا زراعة مزدهرة وصناعة معالجة المنتجات الزراعية، وتحديدا الخضراوات والحبوب والمكسرات ومكونات الأدوية الصينية التقليدية، إضافة إلى وفرة من موارد الثروة السمكية والحيوانية، كما أنها منتج رئيسي للحرير والقنب.

وأكاليل الغار التي تتوج جينتشنغ عديدة، منها أنها المدينة الوطنية المتحضرة في شانشي، مدينة حديقة العلوم والتكنولوجيا، المدينة الوطنية الممتازة في الإدارة الشاملة والنظام العام، المدينة الوطنية المتقدمة في التقدم العلمي والتقني، المدينة النموذجية في حماية البيئة بمقاطعة شانشي، المدينة السياحية الممتازة، المدينة الأكثر جاذبية بين المدن المتوسطة والصغيرة لعام 2007 (من حيث جذب الاستثمار) ومن بين أقوى مائة مدينة صينية في الاستثمار عام 2006.

 

اقتصاد مزدهر

جينشتنغ دائما الجبهة الأمامية للانفتاح والإصلاح

إن الطبيعة البدائية والتنمية الريفية تلقي بثقلها على كاهل حكومتها المحلية، التي يقودها عمدة المدينة، شيا تشن قوي. لقد أدى التركيز على الاقتصاد في حقبة ثمانينات القرن الماضي إلى خلق صعوبات للفلاحين، الذين يمثلون 70% من سكان جينتشنغ. وقد أدى إغلاق العديد من الصناعات الصغيرة إلى خلق مشكلة بطالة أعاقتهم بدورها عن تحصيل التعليم والحصول على الخدمات الصحية والمياه الصالحة للشرب. في اجتماع عقد عام 1996 للتصدي لتلك المشكلات، تمت الموافقة على رصد 9ر7 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي حاليا 7,6 يوان)، كانت مخصصة أصلا للصناعة، لاستخدامها في دعم الزراعة. وعلى هذا تم إعفاء التلاميذ من الرسوم المدرسية منذ عام 2005. وخلال العام الماضي فقط كانت هناك تسعة مشروعات هدفها تحسين مستويات المعيشة في الريف.

التنمية الصناعية ازدهرت أيضا في جينتشنغ في السنوات الأخيرة. في عام 2006 حققت جينتشنغ إنتاجا صناعيا إجماليا قدره 3644 مليار يوان ووصل عائدها المالي إلى 9ر7 مليار يوان.

وكمثال للمؤسسات المحلية التي استفادت من الرؤية العالمية لجينتشنغ، فإن شركة تيانتسه للكيماويات، حققت مستوى وطنيا عاليا في الأرباح من خلال تصنيع الأسمدة النتروجينية، مستخدمة فحم جينتشنغ كمادة خام. والمثال الآخر هو شركة شنغقو جينغقونغ (شانشي) المحدودة، التي دخلت منتجاتها السوق الدولية.

إن الدينامية الصناعية لجينشتنغ وبيئتها الاستثمارية الواعدة أتت لها بثلاثة آلاف مشروع استثماري من الخارج. وبتطبيق سلسلة من السياسات التفضيلية تم تبسيط  الإجراءات التي كانت معقدة في السابق وأوجدت بيئة استثمارية لينة تحتضن المشروعات وتعزز التجارة. وتتبوأ جينتشنغ حاليا المركز الأول في المقاطعة من حيث نجاحها في جذب الأكفاء من الخارج، حيث وقعت 60 عقدا في هذا الإطار. وهذا جعلها جديرة بأن يقال عنها "هونغ كونغ المصغرة".

الإجراء الآخر، ومع وضع في الاعتبار مبدأ التنمية العلمية المتناغمة، هو مشروع إعادة التوطين، الذي يضمن التحول الحضري للقرى وتدريب الفلاحين على مهارات جديدة في الصناعة الكيماوية. وحتى الآن تم بناء 2288 قرية إدارية من الستة آلاف قرية للمشروع.

 

منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية

منطقة جينتشنغ للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية التي تقع على مسافة كيلومترين فقط شرقي مدينة جينتشنغ، بنيت في أغسطس عام 1992. على طرقاتها الواسعة تتراص المصانع وبالقرب منها العديد من الجامعات والكليات. منذ اكتمالها، جذبت المنطقة مستثمرين في كافة المجالات، ومن أبرزها تصنيع الإلكترونيات الفوتوغرافية، الماكينات والأدوية البيولوجية. وحتى الآن بلغت استثمارات الملياردير التايواني قوه تاي مينغ في حديقة فوكسكون جينتشنغ الصناعية التكنولوجية 500 مليون دولار أمريكي. ويتوقع أن توفر المنطقة 30 ألف وظيفة، وقد تحمل مسئولو المدينة صعوبات جمة من أجل ضمان تقديم سياسات تفضيلية للمنطقة التي أقيم داخلها مكاتب للضرائب، وفحص البضائع والتجارة والصناعة والأمن العام، من أجل راحة المستثمرين. ويوجد بها أيضا مركز خدمات يتولى إنجاز الإجراءات الرسمية مثل تسجيل المؤسسات ومنح موافقات المشروعات وشراء الأرض وتأجير العمالة.

 

تنوع سياحي

إن فوائد الإستراتيجية الصناعية لجينتشنغ متعددة، بيد أن السياحة هي أكثر خيوط اقتصاد جينتشنغ إثارة للدهشة. وتأثير السياحة ينعكس في متوسط دخل الفرد المدهش بها، فالفرد من سكان قرية هوانغتشنغ (المدينة الإمبراطورية) المبنية حديثا، يحقق دخلا يصل إلى ثلاثين ألف يوان سنويا، وهو رقم يعادل الرقم في بكين وشانغهاي والمدن الصينية الكبرى. هذا الإنجاز العظيم، الفضل فيه يرجع إلى السياحة. 

تشانغ تشونغ قوان وزوجها وابنتهما، أسرة من بين ألفي قروي تم نقلهم من قصر رئيس الوزراء السابق إلى الستمائة وأربعين وحدة سكنية في هوانغتشنغ.

يتكون كل بيت في القرية من ثلاثة طوابق؛ بدروم للتخزين، مساحة معيشة في الطابق الثاني والطابق الثالث يؤجر للسياح. البيوت نظيفة وواسعة ومزودة بكل ما يمكن أن يحتاجه السائح المحلي أو الدولي خلال فترة إقامته القصيرة.

إن زائر جينتشنغ لديه وفرة من الاختيارات لما يريد أن يرى أو يفعل. إذ يمكنه أن يستمتع بجمال الطبيعة في محمية مانغخه الطبيعية، وفي جبل تشيتسي وموقع وانغمانغلينغ للمناظر. وجينتشنغ أيضا موطن أكبر تكوين جيولوجي لكهوف الحجر الجيري في شمالي الصين.

ويوجد في متحف جينتشنغ لفنون العمارة القديمة معروضات يرجع تاريخها إلى عام 110. والمدينة بها أيضا معابد بوذية بنيت في العام السادس الميلادي وتحتوي على منحوتات بوذية. كما أن مقرات إقامة المسئولين خلال فترة أسرة مينغ (1368- 1644) وبيت أسرة ليو، مفتوحة للعامة.

 

مشروع السماء الزرقاء

الخضرة الواضحة في جينتشنغ تتغلب على صناعة الفحم بها، فنسبة الغطاء الأخضر 6ر33% من مساحتها ومتوسط نصيب الفرد من الأرض الخضراء 5ر15 مترا مربعا، وفي المنطقة الحضرية نسبة الغطاء الأخضر 35%، وترتفع النسبة إلى 45% في وسط المدينة، مقارنة مع المتوسط العام في الصين وهو 18%.

والفضل في هذه الخضرة يعود إلى عمدة المدينة شيا تشن قوي، وهو ابن أسرة فلاح في جينتشنغ، وهو من أول دفعة من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني درست بالخارج بعد اجتياز امتحان القبول بالجامعات عام 1979. عندما كان طالبا في سنغافورة أدرك أن زراعة الأشجار والزهور أكثر أهمية من غرس العشب فقط.

 وقد طبق العمدة شيا تشنغ قوي إجراءات حفظت جينتشنغ من وحل صناعتها الرئيسية. في جينشتنغ، سيارات الأجرة تعمل بالغاز الطبيعي وليس بالبنزين، وهذا قلل كثيرا من انبعاث عادم السيارات، وإمدادات المدينة من الغاز والفحم قللت من استخدام الخشب كوقود، ويتم تدوير ومعالجة مخلفات الفحم مثل ماء الفحم ليستخدم في الري وتستخدم رواسب ميثان الفحم في تسخين الماء. كل هذه الإجراءات قللت من استخدام الموارد الطبيعية. وتشترط جينتشنغ في المشروعات الصناعية أن تكون صديقة للبيئة وأن تتوفر فيها المعايير الرسمية. وقد أثمرت هذه الإجراءات نتائج إيجابية، ففي عام 2006 حققت جينتشنغ 293 يوما بنوعية هواء من الدرجة الثانية، مقارنة مع 28 يوما فقط عام 2001.

 

شخصيات وعروض

جينتشنغ لديها نصيب أكثر من وافر من أبنائها الموقرين، من جينغ هاو، رسام المناظر الطبيعية المشهور في فترة الدويلات الخمس (386- 589)، إلى كاتب العصر الحديث تشاو شو لي (1906- 1970)، الذي أقيم في ضاحية بالمدينة متحف لتخليد ذكراه.

وينتمي 80% من سكان جينتشنغ إلى أحفاد نفس الجيل، مثل تشن تينغ جينغ، الذي كان رئيس وزراء الإمبراطور كانغ شي لأسرة تشينغ الإمبراطورية (1644- 1911)، خلال سنواته الإحدى والستين على العرش.

كتب تشن تينغ جينغ الشعر وهو في سن التاسعة وكان أستاذا بمعهد الآداب. وخلال سنواته الثلاث والخمسين كمسئول حكومي في 28 منصبا رسميا، كان واحدا من كبير محرري معجم كانغ شي المشهور.  قصره المتواضع بالنسبة لشخص في مكانته، محاط بمساكن أصغر لعامة الشعب.

قصر رئيس الوزراء، كما يُسمى، كان مسرح أحداث مسلسل الإمبراطور كانغ شي وملكة تشي دان التلفزيوني، الذي شارك فيه طاقم من مئات الممثلين بأزياء ذلك الزمان، ويتناول اللقاء بين الإمبراطور كانغ شي ورئيس الوزراء تشن تينغ جينغ لمناقشة عمل معجم كانغ شي. في الفناء الخلفي للقصر يوجد عرض موسيقي لأوبرا جينتشنغ المحلية المعروفة باسم شاندونغ باينهوي، حيث تعزف فرقة باينهوي الموسيقية للشباب على ثماني آلات موسيقية محلية تنتمي إلى شاندونغ. عرضهم متعة سمعية وبصرية تجعلهم جديرين بجولة عالمية.      

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.