ã

أردوس.. عملاق الصناعية الكيماوية الثقيلة

هان لي

مشروع إنتاج الميثانول بلواء يوشين جو

مصنع النسج الآلي لمجموعة أردوس

محطة توليد الكهرباء في لواء دالاد

مقارنة مع كثير من المدن الصينية التي تخفف وتلغي شروط دخول الرأسمال، تتشدد مدينة أردوس في الشروط التي ينبغي أن يلتزم بها المستثمرون، ورفضت عدة مشروعات تجاوزت قيمة استثمار كل منها مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7.6 يوانا)، وهي مشروعات تتلهف عليها مدن صينية أخرى. إن أردوس لا تعطي الضوء الأخضر لأي مشروع في الطاقة والصناعة الكيماوية، مهما كانت قيمة رأسماله، إلا إذا بلغت نسبة تدوير النفايات له 50% على الأقل. أما بالنسبة للمشروعات التي تستخدم طاقة كثيرة والشديدة التلويث فإنها ترفضها تماما، أيا كانت الأرباح.

وبرغم هذه الشروط الصارمة، يتدفق رأس المال إلى أردوس، ففي السنة الماضية تجاوزت قيمة الاتفاقيات التي وقعتها أردوس ما وقعته بعض المقاطعات.

الذي يجعل المستثمرين يُقبلون على أردوس هو مواردها الطبيعية الغنية، إذ يقال إنك إذا حفرت في أي مكان بأردوس تجد فحما أو غازا. تبلغ مساحة أردوس 87 ألف كيلومتر مربع، تكمن تحت 70% من أرضها موارد الفحم، الذي وصل الاحتياطي المؤكد منه 149.6 مليار طن، أي سدس الاحتياطي في الصين. ووصل الاحتياطي المكتشف للغاز الطبيعي في أردوس 750.4 مليار متر مكعب، منها 500 مليار في حقل سوليقه، الذي يعد من حقول الغاز العالمية المشهورة. واكتشف حتى الآن في أردوس 33 نوعا من المعادن الصالحة للاستخراج إلى جانب النفط، منها الصودا الطبيعية وملح الطعام وملح غلوبر والحجر الجيري والجبس والكاولين (الطين الخزفي) وكلها ذات احتياطي ضخم.

حسب خطة الصين السنوات العشر المقبلة، سيصل حجم إنتاجها من النفط عن طريق إسالة الفحم 60 مليون طن سنويا، وهذا يجعل أردوس أكثر أهمية من أي مدينة أخرى في هذه الخطة بفضل تعدد مواردها، وبالفعل تم إنجاز عدد كبير من مشاريع إنتاج النفط بإسالة الفحم.

 

تنقية الهواء

تشكو معظم المدن المنتجة للفحم من الأدخنة والغبار. بعد زيارتها لمقاطعة شانشي، سجلت الأمريكية باربارا فريسي (Barbara Freese) في كتابها ((الفحم، تاريخ البشر)) الصورة التي رأتها لمدينة غارقة في جو خانق موبوء، بالكلمات التالية: "تحرق نفايات صناعة الفحم المكدسة تلالا على جوانب الطرق، وينتشر الدخان والغبار في الهواء مشبعا بسحابة سوداء، أما تمثال بوذا الجالس في معبد قريب فتغطي كتفيه وفخذيه طبقة كثيفة من غبار الفحم".

أردوس تختلف، فالسماء زرقاء والسحب بيضاء والهواء منعش والشوارع نظيفة وضوء الشمس الدافئ يدهش زائريها لدرجة تنسيهم أن أرض أردوس تكتنز سدس إجمالي احتياطي الفحم في الصين.

تقع مدينة أردوس في منعطف مجرى النهر الأصفر، حيث يحيط النهر الأصفر بها من ثلاث جهات. أنشأت حديقة منغشي الصناعية عند مدخل النهر الأصفر إلى المدينة وأنشأت منطقة دالوشين الصناعية عند مخرجه منها، وهناك حدائق صناعية أخرى على ضفتي النهر تشكل سلسلة صناعية جديدة وتبث في اقتصاد أردوس حيوية جديدة، وبنيت كل الحدائق الصناعية وفق مواصفات الاقتصاد الدوري.

خلال فترة "الخطة الخمسية العاشرة"، سجل إجمالي الاستثمارات في أردوس رقما قياسيا، 429 مليار يوان، منها الاستثمار في أول خط إنتاج بالعالم لاستنباط النفط بإسالة الفحم مباشرة، وأول خط في الصين لإنتاج النفط بإسالة الفحم بشكل غير مباشر، وخط لتحويل الميثانول إلى غاز طبيعي بقدرة مليون طن، ومشروع متعدد الوظائف لاستخراج الفحم ومشتقاته يوظف أعلى مستوى تكنولوجي في العالم. وتلتزم كل المشروعات والخطوط الإنتاجية بمبدأ واحد هو حماية البيئة.

قال يون فنغ، أمين لجنة الحزب بأردوس: "إن زمن البحث عن الرأسمال انقضى بالنسبة لنا، فنحن لا نوافق حاليا على دخول المشروع إلا إذا كان قليل الاستهلاك للطاقة وقليل التلويث للبيئة ويحقق قيمة مضافة عالية".

حاليا، تحث أردوس الخطى لتغير نمط النمو الاقتصادي، من الاعتماد على تصدير المواد الخام فقط إلى تنويع الاقتصاد، مع التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

وقال يون فنغ: "أردوس معروفة عند الصينيين بالاحتياطي الغني من الموارد الطبيعية، غير أن هذه المدينة خلال السنوات الماضية كانت تصدر المواد الخام فقط، وكان ثمن التنمية هو تدهور بيئتها. وقد وعينا تدريجيا أن السير على هذا الطريق القديم لن يحقق لنا مستقبلا مشرقا".

في بداية عام 2001، بدأت أردوس تنفذ خطتها الاستراتيجية لتحويل الطاقة، فتم تحديد أربع صناعات رئيسية، هي صناعة الفحم وتوليد الكهرباء بقوة الفحم والصناعة الكيماوية والاقتصاد الدوري. وعليه ظهرت في أردوس العديد من الحدائق الصناعية مثل حديقة منغشي الصناعية للمنتجات ذات التكنولوجيا العالية والجديدة ومجموعة تشيبانجينغ للطاقة الخ، مما أضاف حيوية جديدة لاقتصاد أردوس.

 

الاقتصاد الدوري

تعتبر حديقة منغشي للمنتجات ذات التكنولوجيا العالية والجديدة أول حديقة صناعية في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، وحديقة نموذجية للاقتصاد الدوري على مستوى الدولة. في عام 2005، أدرجت في قائمة أول ثلاثة عشر مشروعا تجريبيا للاقتصاد الدوري على مستوى الدولة.

تحويل الطاقة بالشكل الدوري جزء هام في عملية إنتاج الأسمنت في حديقة منغشي. حيث تُجمع مخلفات الفحم التي تُستخرج من مهملات توليد الكهرباء والخبث الذي يوجد في كل مكان وأُكسيدُ الألمنيوم الذي يُستخرج من رماد الفحم، ثم تُخلط وتُستخدم لإنتاج الأسمنت. في نفس الوقت، تستخدم تكنولوجيا جديدة لاستعادة الغاز الفاقد في عملية إنتاج الأسمنت. ويمكن لحديقة منغشي أن تساعد المناجم القريبة الأخرى في معالجة المخلفات الصناعية.

تستفيد أردوس من التكنولوجية الجديدة اقتصاديا وبيئيا، فكل زيادة قدرها نقطة مئوية واحدة في مخلفات الفحم في موارد إنتاج الأسمنت تعني تقليل 1.8 يوان من تكلفة الإنتاج. في حديقة منغشي تم رفع هذه النسبة من 25% إلى 35%، بذلك يمكن توفير 18 مليون يوان مع إنتاج كل مليون طن أسمنت.

يناسب الاقتصاد الدوري كل ألوية أردوس حتى الصحراوي منها، مثل لواء يوشين جو، حيث كانت أرضه جرداء وتحيط به الكثبان الرملية. وتعكف حكومة اللواء حاليا على بناء حديقة صناعية بيولوجية، وقد تم إنجاز وتشغيل خط لإنتاج الميثانول باستخدام الغاز الطبيعي بقدرة إنتاج سنوية 280 ألف طن ومولد كهرباء بالغاز الطبيعي. ويُبني حاليا خط لإنتاج الكحول المثيلي بقدرة إنتاج مليون طن سنويا، وانتهى إنشاء وتشغيل المرحلة الأولى منها بقدرة إنتاج 400 ألف طن.

أنشئت حديقة يوشين جو الصناعية باستثمار مشترك من الحكومة المحلية ومجموعة بويوان بمنطقة منغوليا الداخلية. إنها حديقة خضراء نموذجية، تُعالج فيها المياهُ المستعملة الصناعية وتتدفق بقناة معينة إلى بحيرة اصطناعية يسبح البط فيها. وقد تحولت خمسة كيلومترات من الأرض الجرداء حول البحيرة إلى واحة تغطي الخضرة 90% من مساحتها. تأسست مجموعة بويوان في عام 2004، بهدف تحسين البيئة الأيكولوجية وتحقيق مكاسب بيئية واقتصادية، حيث تم استصلاح 860 هكتارا من الأرض الجرداء، في نفس الوقت، يأتي الحديقة زوار كثيرون كل يوم، الأمر الذي يوفر للمجموعة إيرادات ثابتة سنوية.

منذ عام 2003، وضعت حكومة أردوس سلسلة من الإجراءات للسيطرة على المشروعات العالية الاستهلاك للطاقة والملوثة للبيئة والمنخفضة المستوى، ونتيجة لهذا، توقف بناء أكثر من مائة مشروع في إنتاج الكربيد والحديد الخليط وغيرها من المعادن، وأُلغي بناء أحد عشر مشروعا أجنبيا عالي الاستهلاك للطاقة، رغم أن قيمة هذه المشاريع بلغت مليارات اليوانات.

في عام 2005، وضعت حكومة أردوس "خطة ثلاثية" للإرشاد المعقول لاستخراج الفحم، وكان من نتيجتها أن عدد مناجم الفحم انخفض من 500 إلى 300 منجم، وارتفعت نسبة إعادة الاستخراج من 30% إلى ما بين 65% و75%.

تحتل أردوس موقعا متقدما بين المدن الصينية في جودة البيئة، حيث بلغت نسبة انطباق المواصفات في صرف الملوثات 90%، مقارنة مع المعدل في المدن الصينية وهو 86%، ووصلت نسبة إعادة استخدام المخلفات الصناعية 40%، مقارنة مع المعدل في منطقة منغوليا الداخلية وهو 20%.

وأكد يون فنغ أن التنمية الاقتصادية المستدامة تتطلب تنفيذ خطة استراتيجية للاقتصاد الدوري، فلا يمكن تحقيق الزيادة السريعة والمتواصلة في صناعة الطاقة والكيماويات الثقيلة إلا بالتركيز على التكنولوجيات العالية.

في حديقة منغشي، على سبيل المثال، بلغت قيمة الإنتاج ثلاثة مليارات يوان في عام 2006، وبلغت القيمة الصناعية المضافة 2.8 مليار يوان، ووصلت الإيرادات مائتي مليون يوان. واحتلت قيمة إنتاج شركات التكنولوجيا العالية والجديدة 62% من إجمالي قيمة الإنتاج للحديقة، واحتلت مبيعات شركات التكنولوجيا العالية والجديدة أكثر من 58% من إجمالي مبيعات الحديقة.

يهتم المؤسسون ورؤساء الحكومة بإقامة هيئات البحوث والتطوير والإصلاح. وكما أوضح سو جيا رونغ، عضو اللجنة الدائمة للحزب بأردوس، فإن حكومة أردوس تمنح مكافآت للأكفاء المبدعين في مختلف القطاعات، وترشحهم لتولى المناصب الهامة. وتم إنجاز ثلاثة معامل بمعامل لبحوث ما بعد الدكتوراه وثلاثة مراكز تكنولوجية على مستوى الدولة.

في ظل الاقتصاد الدوري، أنشأت في أردوس اليوم عدة سلاسل صناعية، تتزايد محتوياتها، وترتفع القيمة المضافة لمنتجاتها.

حسب الخطة الخمسية الحادية عشرة في أردوس، من المتوقع أن يبلغ حجم إنتاج الفحم مائتي مليون طن في عام 2010، وإجمالي سعة المولدات 15 مليون كيلووات، ويتجاوز حجم إنتاج الصناعة الكيماوية عشرة ملايين طن، ويتجاوز حجم إنتاج الغاز الطبيعي ومشتقاته ثلاثة ملايين طن.

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.