قبل سنوات، استقلت الأمريكية باربارا فريسي القطار من بكين باتجاه غرب العاصمة. اجتاز القطار جبالا وتلالا حتى وصل مركز بر آسيا وأخيرا إلى صحراء أردوس بمنطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم. اهتز قلب السيدة الأمريكية لهذه الأرض الواسعة، ودهشت لمشهد الرعاة وقطعان الأغنام، وتساءلت: كيف تتغذى تلك الحيوانات هنا على ذلك العشب والشجر المتفرق على التربة الصفراء والجبال الوعرة؟ ولاحظت باربارا فريسي أيضا أن مداخن مصانع تنتشر في كل أركان الصحراء، تستمد طاقتها من الغابات التي كانت هنا قبل مليارات السنين وقد تحولت إلى موارد فحم وافرة، فالصين هي ثاني أكبر دولة منتجة للفحم في العالم بعد الولايات المتحدة.

من الإعلانات المشهورة في الصين،"كشمير أردوس يدفئ الناس في كل أنحاء العالم"، ففي أردوس أكبر شركة لتصنيع الكشمير في العالم، وهي أول مدينة صينية يتجاوز حجم إنتاج الفحم الخام بها مائة مليون طن أيضا. كما أن بها مقبرة جنكيز خان ومنعطف النهر الأصفر الذي يعتبر منطقة سياحية ذهبية. إضافة إلى ذلك، تشكل أردوس وهوهيهوت وباوتو المنطقة الأسرع والأقوى تنمية اقتصادية بمنطقة منغوليا الداخلية.

تجاوز إجمالي الناتج المحلي لأردوس، في فترة الخطة الخمسية العاشرة (2001- 2005م) الرقم في كل السنوات الإحدى والخمسين السابقة منذ تأسيس الصين الجديدة بنسبة 90%، حيث بلغ معدل النمو السنوي في هذه الفترة 27%. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي ثمانين مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر7 يوانات) عام 2006، وبلغ الدخل الحكومي 58ر14 مليار يوان لتحقق أردوس بذلك أعلى دخل حكومي من بين مدن منغوليا الداخلية، كما أنها من أنشط مدنها في التنمية الاقتصادية. وفوق هذا وذاك، جاء ترتيب أردوس في المركز السابع والأربعين من حيث القدرة التنافسية الشاملة لمائتي مدينة صينية (من ضمنها المدن بمناطق تايوان وهونغ كونغ وماكاو) عام 2006، وتبوأت المركز الأول من حيث القدرة التنافسية للنمو والمركز الثامن من حيث القدرة التنافسية لأرباح الشركات.

قديما كانت أردوس معروفة لدى الصينيين بصوفها الفخم فقط، ولكنها الآن تثير انتباههم بما تحققه في قطاعات صناعة الفحم والطاقة الكهربائية والصناعة الكيماوية وصناعة توفير الطاقة. كانت البيئة الطبيعية بها سيئة، ومونغ (مديرية) يه جو، التي تقع بها مدينة أردوس، فقيرة، ولكن حواف الصحراء تحولت إلى مناطق سياحية تدريجيا، يأتيها الزوار من كل أنحاء العالم.

كيف حققت أردوس كل هذه التغيرات الهائلة؟ ما هي طموحاتها وآمالها للحاضر والمستقبل؟

دخلت ((الصين اليوم)) إلى هذه المدينة في فصل الربيع للبحث عن أسرار نجاحها وقصصها.