ã

تعليم الموسيقى بعيون تربوية

لو رو تساو ولوه يوان جيون

نيو نيو، 8 سنوات، يقدم عرضا

تلاميذ الأوركسترا السيمفونية التقليدية الصينية بالمدرسة المتوسطة التابعة للمعهد المركزي للموسيقى

معلمة ومتعلمة

درس شينغ وي كاي، مدير المدرسة المتوسطة التابعة للمعهد المركزي للموسيقى، في نفس المدرسة والمعهد الذي تتبعه منذ المرحلة الإعدادية حتى الحصول على شهادة الدكتوراه. ويعتقد المربي الموسيقي البالغ من العمر 44 عاما، أن ظروف تدريس الموسيقى حاليا أفضل كثيرا من أيامه عندما التحق بالمدرسة عام 1973. في ذلك الوقت لم يكن يلتحق بالمدارس الفنية المتخصصة سوى الأطفال الفائقين في أدائهم بالفرق الموسيقية وغيرها من الجمعيات الفنية بالمدارس الابتدائية، وكان شينغ وي كاي منهم.

يقول إنه بعد أن علمت أسرته بترشيحه للمدرسة الموسيقية، تعاملت مع الأمر برؤية واقعية، حيث كانت الصين مازالت في غمار الثورة الثقافية وكان على الشباب أن يعملوا في المناطق النائية ولا يستثنى من ذلك إلا المنتسبون للجيش والعاملون في مجال الأدب والفن. اختار شينغ وي كاي بنفسه تعلم العزف على البيانو في المدرسة، وهو يقارن ذلك بالوضع حاليا حيث يقرر الآباء ما يدرس أبناؤهم. غير أن شينغ فكر، بعد فترة قصيرة من بدء الدراسة، في ترك المدرسة الموسيقية من أجل تعلم الرسم، الذي شُغف به منذ طفولته.

عندما تقدم شينغ وي كاي للالتحاق بالمدرسة الموسيقية لم يكن يعرف شيئا عن البيانو، الآلة التي تخصص فيها، وإنما قبل بفضل إحساسه الموسيقي فقط، فلم يكن يرى البيانو الحقيقي إلا نفر قليل من أهل المدن، وكان كثير من الذين يدرسون الموسيقى يفعلون ذلك لأن مهنة آبائهم أو أقاربهم هي الموسيقى.

ويعتقد شينغ وي كاي أن تعميم تعليم الموسيقى في الصين حقق تقدما هائلا بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، وخاصة في السنوات الأخيرة. وقال: "معظم تلاميذ المدارس العادية بالمدن الكبيرة يتعلمون العزف على نوع من الآلات الموسيقية، بل إن لبعض المدارس أوركسترا سيمفونية، مثل المدرسة رقم 101 المتوسطة ببكين والمدرسة المتوسطة التابعة لجامعة بكين.

يعترف شينغ بأن السبب الرئيسي لانتشار تعليم الموسيقى في الصين هو اختبارات مستويات العزف التي تجريها المدارس والمعاهد الموسيقية، مشيرا إلى أن عدد المشاركين في تلك الاختبارات كل سنة أكثر من عشرة آلاف فرد/ مرة، برغم أن هدف بعض التلاميذ من الاختبارات هو إضافة بعض الدرجات إلى نتائجهم للالتحاق بمدارس أفضل. في السابق كان عدد قليل من تلاميذ مدارس ومعاهد الموسيقى لهم خلفية في الموسيقى، ولكن الآن زاد عدد التلاميذ الذين يتعلمون الموسيقى أضعافا مضاعفة.

مزايا أسلوب التعليم التسلسلي ونقائصه

معظم تلاميذ المدرسة المتوسطة التابعة للمعهد المركزي للموسيقى لديهم فرصة الالتحاق بالمعهد، وتقريبا ثلث الطلاب الذين يقبلهم هذا المعهد سنويا حاليا من خريجي تلك المدرسة، مقارنة مع أكثر من النصف في ثمانينات القرن الماضي، ولعل السبب هو أن كثيرا من خريجي المدرسة يختارون دراسة الموسيقى خارج الصين.

يبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة 120 فردا، وهو عدد لا يكفي السبعمائة وثلاثين تلميذا بها، إذ تطبق المدرسة أسلوب مدرس لكل تلميذ في المواد التخصصية، ولهذا تستعين المدرسة بمعلمين من خارجها.

وأوضح شينغ أن المدرسة تعمل بأسلوب التدريس لمعهد سان بطرسبرغ للموسيقى بالاتحاد السوفيتي السابق، الذي يختلف عن أسلوب التعليم الحر في المدارس الموسيقية بالدول المتقدمة، حيث يدرس الطلاب المناهج الدراسية العامة في المدارس العادية ويتعلمون المواد الموسيقية في مدارس الموسيقى المتخصصة. في الصين، إذا قرر الطفل احتراف الموسيقى منذ الصغر، يتلقى التعليم الموسيقي الخاص ويدرس المواد الأخرى ويقيم في المدارس المتخصصة في الموسيقى، التي يزيد عددها عن عشر مدارس في الصين، منها المدرسة المتوسطة التابعة للمعهد المركزي للموسيقى.

ويعتقد شينغ أن هذا الأسلوب يناسب حالة الصين كدولة نامية تمر بمرحلة تنمية اقتصادية وثقافية، ومن ثم ينبغي أن تركز قوة المعلمين المتفوقين والموارد المالية والمادية المحدودة لتنشئة وإعداد الأطفال المتميزين، وبذلك يمكن إعداد موسيقيين متفوقين. ولكن شينغ يعترف بأن لهذا الأسلوب أيضا سلبيات، ففي الدول الغربية لا يختار معظم التلاميذ احتراف الموسيقى إلا عند الالتحاق بالمعاهد والجامعات، ومن ثم يتلقى الجميع تعليما موسيقيا عاما وتكون النتيجة ارتقاء المستوى الموسيقي العام للشعب، وهو أمر تختلف فيه الصين عن الدول الغربية.

ويضيف بأنه فحص ودرس أسلوب التعليم الموسيقي الغربي، وخلص إلى عدم إمكانية تطبيقه في الصين حاليا، إذ لا يمكن الارتقاء بالمستوى الموسيقي العام للصينيين إلا بعد أن يتقدم تعميم التعليم الموسيقي من حيث الأساس. وأشار شينغ إلى نقطة هامة وهي أن تعلم الموسيقى يحتاج من الطفل وقتا طويلا ومن ثم فإن دارس الموسيقى لا يستطيع أن يجاري أقرانه في مواد المنهج العام الأخرى. ويعتقد أن أسلوب الدراسة الداخلية الشاملة للموسيقى لن يتغير إلا بعد تطوير نظام امتحان القبول بالجامعات في الصين.

الموسيقى ليست مجرد وسيلة استرزاق

وفقا لشينغ، يفتقر بعض الموسيقيين إلى المعارف غير الموسيقية نتيجة تركيز معظم وقتهم على دراسة الموسيقى وعدم إقبال تلاميذ الموسيقى على دراسة المواد الأخرى. ولأن الكثير من الآباء يعتقدون أن احتراف أبنائهم للموسيقى طول العمر يعفيهم من الاهتمام بالمواد الأخرى طالما أن التحاقهم بالجامعات يضمنه لهم مستواهم في الموسيقى.

في عام 2004، قررت الحكومة الصينية أن يكون القبول بالمعاهد الفنية من خلال المشاركة في امتحان القبول للجامعات واختبار القدرات بتلك المعاهد. ويرى شينغ أن هذا منعطف في تعليم المواد الثقافية للتلاميذ المتخصصين في الموسيقى. وعن الآثار السلبية لضعف طلاب الموسيقى في المواد الدراسية الأخرى، أشار شينغ إلى أن هؤلاء الطلاب الذين يجيدون العزف على الآلات الموسيقية يفشلون في الحصول على الدرجات الأكاديمية في الجامعات والمعاهد خارج الصين. وقد زار بعض أولياء أمور التلاميذ المدير شينغ مطالبين بضرورة الاهتمام بمواد المنهج التعليمي حتى لا يواجه أطفالهم المشاكل التي يواجهها التلاميذ الآخرون.

ويشعر شينغ بأسف شديد من حقيقة أن بعض الآباء يريدون من أبنائهم تحقيق الأحلام التي فشلوا هم في تحقيقها في شبابهم، وبعضهم هدفه من تعلم الأبناء الموسيقى هو نيل مكانة اجتماعية عالية في المستقبل. أما ما يحزن هذا المربي الموسيقي كثيرا فهو الأطفال في مدرسته لا يعلمون سببا لتعلم الموسيقى غير أنه رغبة الأب.

وينصح شينغ الآباء بأن يجعلوا أبناءهم يتعلمون الموسيقى بحب وسعادة لأن الموسيقى في حد ذاتها شيء مبهج وجميل. ولكن، يرى كثير من الأطفال أن الهدف من تعلم الموسيقى هو تعلم مهارة التشغيل ليس إلا، وإن كان كثير منهم يشغف بالموسيقى بعد إجادة العزف على الآلات الموسيقية إلى حد ما.

يثق شينغ وي كاي، مثل معظم شخصيات أوساط تعليم الموسيقى، بأن هناك آفاقا واعدة لسوق الموسيقى في الصين. فعلى الرغم من تباين الاحتياجات إلى الأكفاء الموسيقيين من منطقة إلى أخرى، وبرغم عدم وجود فرق أوركسترا سيمفونية جيدة في بعض المدن المتوسطة، يرى شينغ أن هذا الوضع سيتحسن. وقال: "يجب أن يكون في كل مقاطعة ثلاث فرق أوركسترا سيمفونية على الأقل، ولكن، معظم خريجي المعاهد الموسيقية يفضلون البقاء في بكين والمدن الكبيرة، مما يعني أن هذا الوضع غير المتوازن سيستمر لفترة".

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.