ã

برغم الحرب عليه ، لماذا يزداد الإرهاب قوة؟

ليو تشيانغ  مدير مركز مكافحة الإرهاب بجامعة جيش التحرير للدراسات الدولية

غضب شعبي بعد تفجير إرهابي في الجزائر

بعد عملية إرهابية في الدار البيضاء

في مقابر ضحايا السيارات المفخخة بالعراق

لا يكاد يمر يوم إلا ويشهد العالم أعمالا إرهابية، ولعل التفجيرات التي شهدتها المغرب والجزائر في شهر إبريل هذا العام، كانت تذكيرا بأن الإرهاب يزداد قوة وتتعاظم قدرته. والحقيقة أن مقارنة عدد العمليات الإرهابية التي شهدها العالم عام 2006 بعام 2005 تكشف عن توغل الإرهاب، فمن بين العمليات الإرهابية الكثيرة في عام 2006 كان 665 منها عمليات خطيرة، بزيادة نسبتها 74% عن العام السابق، وقد قتل 4900 فرد، بزيادة قدرها 60% عن 2005 وأصيب عشرة آلاف وخمسمائة فرد، بزيادة قدرها 39% عن العام السابق. وقد كان نصيب الشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا هو الأكبر من أعمال الإرهاب، أما العراق فهو الأسوأ، وجدير بلقب مركز النشاط الإرهابي.

إننا بحاجة إلى أن نفكر بعمق في الأسباب التي تجعل الإرهاب يزدهر مع أن دول العالم زادت من إجراءات مكافحة الإرهاب.

أولا وقبل كل شيء، تبقى آسيا أكثر منطقة تقع بها أعمال إرهابية، ويتصدر القائمة كل من العراق وأفغانستان. في هذين البلدين يبدو أنه كلما زادت إجراءات مكافحة الإرهاب زاد الإرهابيون حماسة وعنفا. ومن بعد العراق وأفغانستان يأتي في قائمة أكثر الدول تعرضا للإرهاب تركيا، إسرائيل، فلسطين، الهند، باكستان، تايلاند وسيريلانكا. ولكن العراق يعاني من الإرهاب الدولي أكثر من أي بلد آخر في العالم.

لقد حقق التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب تقدما هائلا منذ الحادي عشر من سبتمبر، حيث أصدرت العديد من دول العالم تشريعات  لمكافحة الإرهاب، وتتعزز المعركة ضد الإرهاب. الولايات  المتحدة فقط أنفقت خلال السنوات الخمس الماضية 430 مليار دولار أمريكي لمكافحة الإرهاب (دبلوماسيا وعسكريا)، منها 386 مليارا أنفقت مباشرة في الحرب على الإرهاب. كما أن "حربها على الإرهاب" في العراق مستمرة منذ أن بدأتها، وقد بلغ عدد قتلاها إلى الآن أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة فرد برغم شعار "الضحايا صفر" الذي رفعته للمعركة. وبرغم كل تلك الجهود يزداد عدد العمليات الإرهابية، مما يدعو الناس إلى التساؤل عما إذا كان ثمة شيء خطأ في فلسفة مكافحة الإرهاب أو في طريقة تنفيذها.

 كي أكون موضوعيا، أقول إن إجراءات الولايات المتحدة لمكافحة ومنع الإرهاب داخل حدودها حققت نتائج جيدة، حيث لم تقع حوادث كبيرة منذ الحادي عشر من سبتمبر، ولكنها قصة أخرى في العراق وأفغانستان، حيث أصبحت الهجمات الإرهابية طريقة حياة يومية.

وقد يكون ثمة تفسير واحد لهذه الظاهرة، وهو أن التدخل وسياسة القوة هما السببان الرئيسيان للإرهاب، بمعنى أن الحروب الإقليمية التي شنتها الولايات المتحدة فتحت صندوق شرور الإرهاب، واحتلال الولايات المتحدة للبلدين يحفز انتشار الإرهاب. لقد اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس بأن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء في حرب العراق، برغم أنها لم توضح ما هي تلك الأخطاء. ولكن بتلخيص التطورات نلاحظ أن الحرب على العراق ثم احتلاله أدى إلى إحداث خلل في التوازن الهيكلي للنظام السياسي العراقي ونسيجه الاجتماعي، مؤديا إلى صراعات ومواجهات بين الطوائف الدينية حول إعادة توزيع القوة، بل وبطريقة غير مباشرة، إلى اندلاع العمليات الإرهابية التي يبدو أنها انتقامية، هذه مقابل تلك. كل هذا أجبر المسؤولين الأمريكيين على إعادة التفكير في سياستهم تجاه العراق.

في نفس الوقت، تعاني دول آسيوية أخرى من هجمات إرهابية متكررة كانعكاس عنيف لصراعاتها الداخلية وتشوهات اجتماعية- سياسية موروثة. 

ثانيا، مازالت القاعدة على رأس الأعمال الإرهابية في العالم. في عام 2006 كانت القاعدة أو بتأثير منها وراء معظم الهجمات الإرهابية في أنحاء العالم، وأصبح اسمها مدرسة للتسميم الفكري لعقول مبتلاة فعلا بالوحشية والجهل. ولكن القاعدة، كمدرسة متطرفة للفكر، لا يمكن التخلص منها بالقوة العسكرية. والحقيقة أنها تنتشر أسرع مع زيادة المجهود العسكري، وعليه فإن الطريقة الفعالة لاقتلاع القاعدة هي بذل جهود أكثر لبناء نظام سياسي عالمي ديمقراطي يضمن ويرعى التبادل والاختلاط المتناغم للحضارات المختلفة.

ثالثا، على الرغم من أن العام الماضي لم يشهد أعمالا إرهابية عالية التكنولوجيا، مازالت الهجمات بالسبل التقليدية تسبب نتائج خطيرة. ولكن حتى وإن وقعت أعمال إرهابية بأشكال تكنولوجية مثل الهجمات عبر الإنترنت، فإن ما يسمى بالتكتيكات التقليدية، مثل التفجيرات والاختطاف والاغتيال تظل مفضلة لدى الإرهابيين، إذ أنهم من أجل الوصول إلى أغراضهم ومثلهم الملتوية يحاولون قتل أكبر عدد ممكن من الناس وجعل عدد أكبر يشاهد المأساة.

رابعا، يبقى المدنيون الأبرياء الغالبية العظمى من ضحايا الإرهاب. فمنذ الحادي عشر من سبتمبر، ضحايا معظم العمليات الإرهابية من المدنيين الأبرياء، على الرغم من أن معظم الهجمات استهدفت أفرادا ومنشآت أمريكية وغربية. وهذا يبرز ليس فقط الطبيعة السياسية والفجائية والصادمة للإرهاب، وإنما أيضا الهوس الهمجي للإرهابيين لقتل الأبرياء.

خامسا، أصبحت حماية المواطنين الصينيين في الخارج أمرا مقلقا، ففي عام 2006 تعلم الصينيون أن أمنهم في الدول الأجنبية ليس مضمونا. فقد تعرضوا لهجمات في دول متعددة، من باكستان في آسيا إلى جنوب أفريقيا في أفريقيا، إلى فنزويل في أمريكا اللاتينيةا، برغم حقيقة أن الدافع لتلك الهجمات كان اقتصاديا وليس سياسيا.  وينبغي التنويه إلى أنه مع زيادة عدد الصينيين الذين يسافرون إلى الخارج ويتنافسون في السوق الدولية، تزداد احتمالات استهداف الإرهابيين لهم لأسباب اقتصادية.

وفي نفس الوقت فإن بعض القوميين المتطرفين والمتعصبين دينيا، مدفوعين بكراهيتهم السياسية للصين، قد يستهدفون أفرادا ومصالح صينية مع تنامي دور الصين في الشئون العالمية. علينا أن نتخذ الاحترازات الضرورية لنبقى آمنين. وقد أصبحت حماية الصينيين في الخارج قضية محورية لحكومتنا في وقت تسعى فيه إلى نشر قضية بناء عالم متناغم.

وعودة إلى عام 2006، نجد أن قتل أبو مصعب الزرقاوي، زعيم القاعدة في العراق، وأمير الحرب الشيشاني شامل باسييف فشلا في تثبيط حماسة الإرهابيين لشن مزيد من الهجمات على الرغم من جهود دول عديدة لدحرهم.

إن استمرار انتشار الإرهاب الدولي وتداعياته الكارثية على المجتمع الإنساني يجهل من المهم أن نبحث عن أفضل سبيل لاقتلاع جذور الإرهاب. علينا أن نحدد المسيرة الفكرية التي تقودنا إلى النجاح. بهذا فقط يمكننا بلوغ هدف إقامة عالم متناغم عاجلا أو آجلا. 

        

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.