ã

تووا وقاناس والعجائب الثلاث

وانغ تسوه

قاناس كلمة منغولية الأصل تعني البحيرة في الوادي

قرية تووا في الشتاء

يستعد أفراد أسرة أونينغتسير لاستقبال ضيوف

عددهم ألفان ليس أكثر، يقطنون حول بحيرة قاناس في أعماق جبل ألتاي بمحافظة بورجين شمالي شينجيانغ، الرعي والصيد حرفتهم منذ قديم الزمان. إنهم أبناء قبيلة تووا الذين يرى البعض أنهم من سلالة الجنود الذين أتى بهم القائد المغولي جنكيز خان من آسيا الوسطى وأوروبا خلال غزواته في القرن الثالث عشر الميلادي. ويعتقد آخرون أنهم أحد بطون قومية توفا السيبيرية، التي تعيش حاليا في جمهورية توفا الروسة، انتقلوا إلى هذا المكان قبل خمسمائة عام.

قرية تووا

تمتد قرية أبناء قبيلة تووا في واد بين جبلين على شكل المستطيل. الثمانون أسرة بها تسكن في بيوت خشبية مربعة صغيرة ذات سقف يشبه الرأس، مبنية على نمط يشبه العمارة  السويسرية، ويحيط بها من كل الجهات مجموعات مكونة من شجرتين أو ثلاث أشجار صنوبر عالية مستقيمة وبينها أشجار بتولا ناصعة البياض وذات تويجات كبيرة تشبه المظلة. خلف القرية مباشرة تربض قمة يويي (الصداقة) الجبلية على الحدود الصينية الروسية، وهي القمة التي تعبرها الرياح القادمة من سيبيريا وتنخفض مع تضاريس الجبل فتقل برودتها وترعى بدفئها غابة الصنوبر والبتولا التي تتوسطها القرية.

أبناء تووا الذين يدينون بالبوذية التبتية (اللامية) يضعون منضدة بخور بجوار الحائط الشمالي للغرفة الغربية في البيت وعليها صورة بانتشان لاما من الجيل الحادي عشر، فهذا هو محراب أصنامهم، الذي يعلقون حوله جلود حيوانات طلبا للبركة والسعادة. وكان أبناء تووا يدينون قديما بالسامانية، ومازالوا متأثرين بطقوسها، فهم يؤدون رقصة تقديم القرابين للإله في الأعياد السامانية.

وهم قوم مضيافون، يحيون من يدخل بيوتهم بالنبيذ وشاي الحليب ومنتجات الألبان  والمقليات، ولا يجوز أن يرفض ضيفهم احتساء شاي الحليب الذي يمكن أن يضاف إليه الزبد وما يسمونه نابيتسي، وهو طعام مخمر يصنع من الحليب. ومن عاداتهم أن يقف رب البيت إلى جوار الضيف وهو يرتشف الكوب الأول، حتى إذا انتهى منه صب له كوبا ثانيا، فقد دخل الضيف البيت بقدميه ويخرج بقدميه أيضا ومن ثم لابد أن يشرب كوبين ضمانا للبركة والسلامة.

والرقم اثنان له مكانة خاصة لدى أبناء تووا، ولهذا عندما يتقاتل شخصان منهم يتفرجون فقط ولا يتدخلون حتى تخور قوى أحد المتصارعين ويسقط على الأرض، فمن العادات الغريبة لهؤلاء الناس أنه إذا تدخل شخص بين اثنين يتقاتلان فإنهما يتوقفان عن ضرب بعضهما وينهالان على الدخيل ضربا، وحجتهم في ذلك أن الصراع بين شخصين سباق يحدد البطل منهما وإذا تدخل أحد بينهما فإن ذلك يعبر عن نظرة استعلائية منه وعدم اقتناعه بأن أي منهما يمكن أن يكون بطلا.

ويرافق الرجل من قبيلة تووا حصانان طول حياته، فعندما يبلغ الفتى سن العشرين، وهو سن الرجولة لديهم، تهديه أسرته حصانا. وفي سن الأربعين يكون حصانه الأول صار عجوزا، فيتركه، ثم تهديه أسرته حصانا ثانيا يبقى معه حتى آخر العمر.

وعندما يبلغ الفتى في قبيلة تووا عمر الزواج، يمكن أن يتودد إلى فتاة واحدة ويعبر عن حبه لها، فإن لم يفلح يعاود المحاولة مع فتاة ثانية تكون فرصته الأخيرة، فإذا فشل في نيل رضاها وقلبها حكم على نفسه بالعزوبية طيلة حياته، انطلاقا من مقولة شائعة بينهم بأن الماعز الضعيفة  تصبح قوية بعد أن تصعد قمتين جبليتين، والصقر الذي ليس له طموحات عظيمة يمكن أن يطير في السماء بعد أن يجتاز قمتين جبليتين، والشخص البليد قد يفشل في المرة الأولى ولكنه ينجح في المرة الثانية. الآن يوجد في قرية أبناء تووا عازبان، أحدهما عمره ثماني وثلاثون سنة، والآخر عمره ست وأربعون سنة، ولأنهم يعتزون بالرقم اثنين لا يتوقعون أن يضاف إلى العازبين ثالث.

 

قاناس

قاناس، التي يكتبها البعض "كاناس"، كلمة مغولية الأصل تعني البحيرة في الوادي، تبعد البحيرة 150 كيلومترا عن حاضرة محافظة بورجين. تحيط بها الغابات العذراء، ويبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 1374 مترا، ومساحتها 78ر44 كيلومترا مربعا. لونها يشبه اليشم الأخضر في الوسط، ومن حوله حرير أزرق، وإذا تغير لون السحب تغير لونها أيضا، فعندما تتلبد السماء بالسحب السوداء يصير لونها أزرق رماديا. مياهها صافية لدرجة أنك ترى قاعها، وعلى سطحها تنعكس صور الجبال والأشجار والسحب.

منطقة بحيرة قاناس السياحية هي المنطقة السياحية الوحيدة في آسيا التي تحمل لقب المناظر السويسرية، وهي المحمية الطبيعية الوحيدة في الصين التي تتاخم ثلاث دول هي روسيا وكازاخستان ومنغوليا، وهي منبع نهر بورجين، أكبر روافد  نهر أرجيس، النهر الصيني الوحيد الذي ينتمي إلى النظام المائي للمحيط المتجمد الشمالي، وهي المنطقة الوحيدة في الصين التي تنمو بها نباتات وحيوانات سيبيريا الجنوبية التي تشمل أشجار الصنوبر المتساقطة الأوراق والصنوبر الكوري والأبيسة والتنوب الخ من أنواع الأشجار الثمينة وغابات البتولا.

في بحيرة قاناس ثلاث عجائب، الأولى هي حاجز الأشجار الميتة، الذي يقع في شمال البحيرة، ويبلغ طوله ألفي متر وعرضه مائة متر، وفي موسم الفيضان يطفو الحاجز على سطح البحيرة، وتسير الأشجار الميتة عكس التيار، وإذا تركت شجرة ميتة في المجرى الأسفل للبحيرة، فإنها تواصل طفوها حتى تصل إلى حاجز مدخل النهر بأقصى شمال البحيرة. بعد دراسة وتحقيق، توصل العلماء إلى أن سبب سير الأشجار عكس التيار هو الريح القوية التي تدفعها حتى تصل إلى المجرى الأعلى، وتتجمع هذه الأشجار في مصب نهر إلى البحيرة، وتشكل حاجزا يتحرك مع أمواج البحيرة.

العجيبة الثانية هي الحيوانات الغريبة في البحيرة. وحسب أسطورة لأبناء تووا، توجد حيوانات ضخمة غريبة في قاناس يمكنها أن تفجر الضباب وتطير في السحب، وتأكل المواشي التي على شاطئ البحيرة. وبعد دراسة ومراقبة تبين أن البحيرة بها أسماك ضخمة سوداء طويلة تسبح على سطح البحيرة. اكتشف ذلك في ثمانينات القرن الماضي شيانغ لي قاي، المتخصص في بحوث الحيوانات بجامعة شينجيانغ، وبعد يومين من ذلك رآها أيضا يوان قوه ينغ، الباحث بمعهد بحوث البيئة في شينجيانغ فصورها بالفيديو وفوتوغرافيا. يرى بعض العلماء أن هذه الأسماك من فصيلة Hucho taimen، المعمرة التي تعيش في مجموعات بالبحيرات العميقة الباردة، ويمكن أن تعيش مائتي سنة ويصعب صيدها لقدرتها على الاختفاء بسرعة.

لم يقتنع أبناء تووا بآراء العلماء، فتلك الحيوانات الضخمة، وفقا لأساطيرهم تأكل البقر على شاطئ البحيرة. وفي الماضي حاول أسلافهم صيدها ولكنهم فشلوا، ولذلك يمتنع أبناء تووا عن الصيد في البحيرة وتربية المواشي حولها .

يبلغ طول السمكة من نوع Hucho taimen في قاناس بين مترين وثلاثة أمتار، ووزنها مئات الكيلوجرامات، ولونها أحمر فاتح، وهي من أسماك المياه العذبة الباردة تتسم بالعنف وتأكل اللحوم، فقد عثر على بطتين بريتين وزن الواحدة منهما ستة كيلوجرامات في بطن سمكة منها. في عام 1984 اصطاد المتخصصون سمكة نادرة في البحيرة وزنها 38 كيلوجراما.

العجيبة الثالثة هي تغير ألوان البحيرة في الربيع والصيف. في الفترة من مايو، موسم ذوبان جليد البحيرة، حتى نوفمبر، موسم تجمد البحيرة، تظهر البحيرة ألوانا مختلفة، ففي مايو يكون لونها أزرق رماديا، وفي يونيو أخضر فاتحا أو أزرق، وفي يوليو، موسم الفيضان، يصب النهر كمية كبيرة من مياه الفيضان إلى البحيرة، فيصبح لونها لبنيا، وفي أغسطس، موسم المطر، يصير لون البحيرة أخضر قاتما، وفي الفترة بين سبتمبر وأكتوبر، حيث لا توجد كمية كبيرة من مياه النهر والمطر، تختلف ألوان النباتات حول البحيرة بينما يكون لون مياه البحيرة أخضر يشبه اليشم.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.