ã

فلذات أكبادنا يجنون ثمار التنمية ويدفعون ثمنها

أطفال الصين، الذين يحتفلون هذا الشهر مع أطفال العالم بعيدهم، هم أكثر المستفيدين من ثمار التنمية الاقتصادية والسياسية التي تحققها الصين منذ نحو ثلاثين عاما. لقد أصبحت الأسرة الصينية قادرة على توفير احتياجات طفلها التي تضمن له نموا سليما، فكريا وصحيا. ولاشك أن التقليد الصيني القديم في الاهتمام بالتعليم وجد دعما قويا من الازدهار الاقتصادي الذي يسود الصين، وإن كان بدرجة تتفاوت من منطقة إلى أخرى. وانطلاقا من قناعتهم بأن الاستثمار في "مستقبل الطفل" خير من الاستثمار في أكثر بورصات العالم ربحا، لا يتوانى الصيني عن بذل كل ما لديه من أجل مستقبل أفضل لطفله، بل قد يصل الأمر إلى الاستدانة والتقطير على النفس من أجل تعليم فلذة الكبد "العزف على البيانو"، وفقا للتفاصيل الواردة في مقالتي "كل شئ يهون ليكون الابن عازف بيانو" و"آباء يكدحون وأبناء يعزفون". ولعل البعض يدهش عندما يعرف أن الصين بها حاليا عشرة ملايين طفل تنفق أسرهم ملايين الدولارات من أجل أن تستطيع أناملهم الصغيرة الضرب على البيانو؛ تلك الآلة الموسيقية التي يراها الصينيون رمزا للوجاهة ودليلا على ارتقاء الذوق.

هذا التوجه السخي في الإنفاق على الأطفال قد يبدو متناقضا مع ما هو معروف عن ولع الصينيين بالادخار، ولكن الصيني المعاصر لم يعد يكدس فلوسه، وإنما راح يوظفها بأشكال مختلفة ومنها الاستثمار في البورصة والعقارات، برغم أن الودائع في البنوك مازالت الاختيار الأول للمدخرين في الصين، كما توضح مقالة "الصينيون لا يضعون فلوسهم تحت البلاطة".

ولكن الطفل الصيني الذي ينعم بمستوى معيشة يرتفع يوما بعد يوم هو نفسه ضحية الوفرة الاقتصادية. وحسب دراسة أجريت عام 2005 يعاني مزيد من الصغار في الصين من السمنة، كما أن صحتهم البدنية تراجعت خلال السنوات العشرين الفائتة، فحسب هذه الدراسة هناك طفل من بين كل أربعة أطفال في الحضر يعاني من زيادة الوزن أو السمنة على الرغم من أن طول الصغار ما بين السادسة والثامنة عشرة في سنة 2005 زاد 2 سم تقريبا عما كان سنة 2000. والأطفال الصينيون حاليا أضعف بصرا وأقل تحملا بدنيا عما كان نظراؤهم أيام الحياة الشاقة. إنه ثمن الرخاء وإفراط الآباء في تغذية وترفيه أطفالهم. لهذا دشنت وزارة التربية والتعليم الصينية في بداية هذا العام حملة "تمرينات نور الشمس" التي تلزم المدارس الابتدائية بأن يمارس الطفل التربية البدنية لمدة ساعة يوميا، وتعيين مدرسي تربية بدنية مؤهلين، كما تحث الوزارة المدارس على تغيير الفلسفة التعليمية التي تنادي بأنه "لا صوت يعلو على صوت نتائج الامتحانات"، التي تهمش الاهتمام ببنية جسم الطفل.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.