ã

الصينيون لا يضعون فلوسهم تحت البلاطة

لو رو تساى مراسلة الصين اليوم

بورصة التجارة الآجلة بشانغهاى

مضاربو الأسهم

ارتفاع أسعار العقارات يؤدي إلى حمى الاستثمار في الأسهم

الصينيون معروفون بالادخار، والدليل على ذلك أن عدد حسابات ودائعهم المصرفية الفردية بلغ ثلاثمائة مليون. وحسب تقرير نشره مؤخرا ستيفين روتش (Stephen Roach)، كبير الاقتصاديين في مورغان ستانلي، تبلغ نسبة أصحاب الودائع 50% من سكان الصين، وتمثل الودائع الفردية 30% من دخل البنوك الصينية.

وقد دهش الجميع عندما أعلن بنك الشعب (المركزي) الصيني، في عام 2006 أن إجمالي مدخرات الأفراد في الصين وصل 16.42 تريليون يوان ( الدولار الأمريكي يساوي 7.71 يوانا)، بزيادة قدرها 2.09 تريليون يوان عن عام 2005، لكن حجم الزيادة انخفض 112.5 مليار يوان عما كان بين عامي 2004 و2005، لذا، أصدر بنك الشعب الصيني تقريرا يحذر من انخفاض سرعة الزيادة في حجم الودائع المصرفية. وهناك تراجع في الإقبال على الودائع المصرفية، برغم أنها لا تزال الوعاء الرئيسي لمدخرات الصينيين، فحسب إحصاء أجراه بنك الشعب الصيني في الربع الأول من عام 2007 في المناطق الحضرية، يفضل 59.4% من الذين شملهم الإحصاء الودائع المصرفية، مقارنة مع67.7% عام 2003. ولكن كيف تتصرف النسبة الباقية، وهي أربعون في المائة تقريبا، في مدخراتها؟

الاستثمار العقاري

عندما جاء هوانغ شياو جيون من مقاطعة تشجيانغ إلى بكين عام 2004 كان شابا فقيرا، استأجر شقة بسيطة بحي قديم بالقرب من مركز التجارة العالمي الذي يعمل به. صاحب الشقة مواطن بكيني عجوز يعيش على الإيجار الذي يحصل عليه من أربع شقق يملكها تقع في مواقع مميزة بجانب مدارس وفي مناطق تجارية، حيث يبلغ متوسط إيجار الشقة ألفي يوان في الشهر، يحصل عليها الرجل وهو جالس في بيته.

وعى الشاب الفرص الهائلة في سوق العقارات في عاصمة البلاد، وفي نهاية عام 2004 عندما كانت أسعار الشقق السكنية ببكين مازالت معقولة؛ حوالي خمسة آلاف يوان للمتر المربع وبدون مقدم، اشترى وحدتين سكنيتين بمعونة مالية من والديه، واستطاع أن يرد دين والديه بسرعة، بل واشترى شقة ثالثة بقرض من البنك. وفي عام 2006، باع الشقة الأولى التي اشتراها بثلاثمائة ألف يوان وقبض فيها ثمانمائة ألف يوان، فمساحتها 80 مترا مربعا ولا تبعد عن المنطقة التجارية المركزية ببكين إلا بضعة كيلومترات.

في العام الماضي أجرت مجموعة كريديت سويس Credit Suisse Group استبيانا في بكين وشانغهاى وقوانغتشو وشنتشن وشنيانغ وووهان وتشنغدو وشيآن حول هدف شراء المساكن، شمل 2700 فرد من ذوي الدخول المتباينة ويعتزمون شراء عقارات سكنية خلال سنة. قال 53% منهم إنهم يريدون تغيير مستوى معيشتهم، وقال 23% إنهم يشترون المسكن لأول مرة، بينما قال 13% إن هدفهم هو الربح، وقال 5% إنهم يشترون مساكن لأقارب لهم. وحسب استطلاع أجرته وكالة هورايزون ببكين، كان هدف 7.7% ممن الذين اشتروا عقارات سكينة منذ عام 2004 هو الربح، وترتفع النسبة في بكين إلى 12.4% وفي شانغهاى تصل 9.3%، وهي تقديرات يعتبرها البعض متحفظة، ويرون أن 40% من الذين اشتروا عقارات سكنية في وسط شانغهاي هدفهم هو الربح، وتصل النسبة في المدن المتوسطة 30%، علما بأن معدل الإنذار الدولي في هذا الصدد هو 20%.

وقد أوضح تشن تشانغ هوا، مدير قسم البحوث بمحموعة كريديت يويس بالصين أنه بالنظر إلى المستوى الحالي لدخول الصينيين، ينبغي أن تهبط أسعار العقارات السكنية، ولكن وفرة السيولة المالية في السوق الصينية وعدم وجود بديل آخر للاستثمار يجعل سوق العقارات المجال الرئيسي لاستثمارات المواطنين، ولهذا من الصعب أن تتراجع أسعار العقارات.

بيد أن سياسة السيطرة على الاقتصاد الكلي ورفع نسبة الفوائد على الودائع المصرفية حدت بعض الشيء من جنون الاستثمار في العقارات. وحسب مدير فرع تشاويانغ لشركة هووملينك (Homelink) للتسويق العقاري، الذي اكتفى بذكر اسم عائلته، تشانغ، ازداد عدد العقارات السكنية الجاهزة للبيع هذا العام ولكن نسبة المبيعات أقل من العام الماضي. وقد يكون السبب في هذه الظاهرة هو فرض مزيد من الضرائب على تجارة العقارات وارتفاع معدل الفوائد على القروض العقارية، مما يدفع المضاربين في سوق العقارات إلى البيع بسعر يزيد 11% فقط عن سعر الشراء خوفا من الخسارة.

وبرغم كل ذلك مازالت شهية الصينيين مفتوحة لشراء العقارات، وثمة توجه جديد بين أهل بكين هو شراء عقارات خارج المدينة، فحسب استطلاع أجرته شركة ماير (Mayer) للدعاية والإعلان العام الماضي، يرغب 46% من مواطني بكين في شراء عقارات في مدن أخرى، مقارنة مع 22% عام 2004. وحسب إحصاء لشركة سنتالاين (Centaline) الصينية للاستشارات جاء إلى العاصمة الصينية أكثر من 30 شركة عقارية من مختلف الأقاليم منذ يونيو عام 2006، لتسويق عقاراتها، وبعضها جاء من المدن الساحلية القريبة من بكين مثل ريتشاو وويهاى وبيدايخه بمقاطعتي شاندونغ وخبي.

 

البورصة ترتفع

في السابع والعشرين من فبراير هذا العام سجلت البوصة الصينية أشد هبوط لها في عشر سنوات. في اليوم التالي، توجهت السيدة تساو مين إلى سوق الأوراق المالية القريب من بيتها وفتحت حسابا خاصا لها للأسهم، عملا بنصيحة زميل لها قال إن هذا الوقت هو أفضل موعد لشراء الأسهم. وتعليقا على هذا قالت تساو مين إن صديقها حقق خلال عام 2006 ربحا وصل 100% من المضاربة في البورصة، وهو ربح من المستحيل تحقيقه بإيداع المدخرات في البنك، وإن كان هذا الزميل قد حذرها من مخاطر المضاربة في سوق الأوراق المالية.

خلال شهر فبراير هذا العام بلغ عدد المضاربين في البورصة الصينية أكثر من مليونين وأربعمائة ألف فرد، حسب أرقام المصلحة الصينية لتسجيل وتسوية الحسابات، وبلغ عدد الحسابات الجديدة في يوم التداول الواحد أكثر من مائة ألف، وفي أول مارس بلغ 170 ألفا مما سجل رقما قياسيا في تاريخ الصين، وفي شهر مارس أيضا بلغ عدد الحسابات الجديدة في شركات صناديق الاستثمار مائة وخمسين ألفا.

بعد خمس سنوات من الركود، شهدت البورصة الصينية منذ بداية عام 2006 صعودا متواصلا، مما جذب كثيرا من المستثمرين، وحاليا يبلغ إجمالي الحسابات بها أكثر من ثمانين مليونا. في نفس الوقت شهد قطاع الصناديق المالية ازدهارا غير مسبوق. في عام 2006 أقيم 87 صندوقا ماليا، منها 7 صناديق تتجاوز قيمة كل منها عشرة مليارات يوان. حسب استبيان أجراه البنك المركزي الصيني وشمل عشرين ألف مواطن في خمسين مدينة صينية خلال الربع الأول من هذا العام، 30.3% ممن شملهم الاستبيان يعتقدون أن الوقت قد حان لسحب ودائعهم من البنوك واستثمارها في الأسهم والصناديق المالية. وأشار تقرير البنك المركزي الصيني إلى أنه منذ مايو عام 2006، دخلت استثمارات كبيرة سوق الأوراق المالية التي تتسم بارتفاع أسعارها بسرعة والقيمة المتداولة الضخمة.

وعلى الرغم من نصائح الخبراء الاقتصاديين بأهمية التعامل بعقلانية في البورصة وعدم استثمار الرأسمال كله بها، فإن كثيرا من الصينيين يضربون بهذه النصائح عرض الحائط، ويستثمرون بقوة في البورصة طمعا في تعظيم أرباحهم. ومن هؤلاء الغارقين في سوق الأوراق المالية، هان جينغ رون، البالغ من العمر 31 عاما. استقال من وظيفته بشركة بريطانية للبرمجيات ببكين في بداية هذا العام ليدرس ويتعلم كيفية تداول الأوراق المالية في البورصة. قال هان: "في السابق لم أكن أحقق أرباحا كبيرة في البورصة لأن وقتي كان ضيقا، وكنت أشترى السهم أثناء العمل في مكتبي. بعد استقالتي انخرطت تماما في المضاربة على الأوراق المالية. والآن استثمر المائة وخمسين ألف يوان التي أملكها في البورصة، وأنا لست وحدي الذي يفعل ذلك، فكثير من الشباب يشترون الأسهم." والحقيقة أنه بفضل شبكة الإنترنت، يستطيع معظم المتعاملين في الأسهم من الشباب شراء وبيع الأسهم عبر الإنترنت، ومن ثم يتراجع عدد الذين يذهبون إلى البورصة تدريجيا.

ارتفاع أسعار البورصة خبر سار لقدامى المضاربين، الذين تعاملوا مع البورصة قبل ست أو سبع سنوات وخسروا كثيرا عندما شهدت سوق الأوراق المالية فترة هبوط لمدة عدة سنوات، ومن هؤلاء والد الشاب هان الذي تحدثنا عنه سابقا.

وحسب بنغ بوه، مدير في شركة لتحليل الأسهم، ليس لدى الصينيين وسيلة أخرى مناسبة لاستثمار أموالهم إلا العقارات والأوراق المالية. عندما اتخذت حكومة الصين إجراءات صارمة للسيطرة على سوق العقارات، تحولت رؤوس الأموال المتداولة إلى البورصة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم في عام 2006. بالنسبة إلى المضاربين الجدد فإنهم يفتقرون إلى الخبرة الواقعية ولا يدركون المخاطر الكامنة ولا يعرفون كيفية إنقاذ أنفسهم، فهم يثقون بأنهم سيربحون، لذا، قد يلحق بهم الهبوط الحاد للأسعار خسائر فادحة.

يعرف الصينيون من موقع إنترنت Tianya.cn، يانغ تشن الذي ينشر يوميا بهذا الموقع المخصص للمضاربين في البورصة، تحليله ورأيه حول التداول في البورصة في اليوم وتنبؤه بأسعار اليوم التالي والأسبوع التالي، ويجيب عن أسئلة المضاربين ويقدم نصائحه لمن يطلبها، مستفيدا من خبرته كمتخصص في الاقتصاد وموظف في شركة للأسهم. وعن هذا قال يانغ تشن: "يفتقر معظم مضاربي الأسهم الأفراد إلى المعارف الأساسية، ويتوهمون أن يصبحوا أثرياء جددا خلال ليلة. ليس ذلك فقط بل يشترون الأسهم عشوائيا واعتمادا على الأقاويل دون أن يعلموا شيئا عن شركة الأسهم وتاريخها ومنجزاتها. بل إن المتعاملين القدامى الذين خسروا كل رأسمالهم خلال فترة الركود الماضية قد نسوا هذا الدرس، ومن هنا جاءت مهمتي أن أطلعهم على مخاطر سوق البورصة."

لكن، معظم المضاربين يثقون بأن صعود الأسعار سيتواصل خلال عام 2007. في بورصة شانغهاى، ارتفع المؤشر من 1161 نقطة في بداية عام 2006 إلى أكثر من 3000 نقطة حاليا، تضاعفت الأسعار وأثبتت صواب رؤية المواطن العادي بأنك: "سوف تربح ما دمت تشتري."

 

دراسة الاقتصاد ضرورة

المحلل المالي بنغ بوه قال إن الصينيين لن يجدوا اختيارات كثيرة إذا قررت الحكومة الصينية فرض إجراءات سيطرة صارمة على البورصة، وستتجه الأموال إلى العقارات والودائع المصرفية، الأمر الذي سيؤدي إلى اشتعال سوق العقارات. من أجل تحقيق الثراء في ليلة واحدة يضارب كثيرون بدون دراسة، ومن هنا تأتي أهمية تعميم المفاهيم الصائبة لإدارة الأموال والتخلص من نزعة المغامرة.

تتنافس البنوك وشركات التأمين في تقديم خدمات متنوعة قصيرة الأجل لإدارة الأموال، مما يجذب كثيرا من المواطنين. حسب استبيان لشركة شنتشو (Shenzhou) لتحليل الأسواق بشانغهاى، 86.4% ممن شملهم الاستبيان قالوا إن توظيف الأموال توجه صحيح وقال 80.3% منهم أن إدارة الأموال يجب أن تتنوع باختلاف الأشخاص، و71.3% منهم يفضلون الودائع في البنوك بينما 33% يفضلون المضاربة في الأسهم.

ويخلص الخبراء إلى أنه في ظل نظام الضمان الاجتماعي غير المكتمل، لا تزال الودائع المصرفية الاختيار الأول للصينيين لإدارة أموالهم. لكن، هذا الوضع سوف يتغير مع تحسين الضمان الاجتماعي وتغير مفاهيم الصينيين.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.