من بين الثلاثة مواقع التي تقدمت بها الصين لتدرج في قائمة التراث العالمي، وولونغ هو الذي يفرض التحدي الأكبر.. بالنسبة للشخص العادي وبالنسبة للمتخصص. حاضرة هذا الحي تقع في المجرى السفلي لنهر وولونغ، على مسافة 170 كم من جنوب غربي تشونغتشينغ. وهذا يتطلب رحلة طويلة وبطيئة على طول الطريق المتعرج من الجروف فوق نهر اليانغتسي، حيث تحسنت مرافق البنية الأساسية كثيرا. قبل ست أو سبع سنوات كانت الرحلة من تشونغتشينغ إلى وولونغ تستغرق من سبع إلى ثماني ساعات، ولكنها الآن تستغرق ثلاث ساعات فقط. بيد أن العظمة الطبيعية للتكوينات الكارستية داخل الكهوف، التي تكونت قبل 65 مليون سنة، والتي تصافح العين عند الوصول تجعل الوقت والصبر للوصول إليها مستحقا. إن وولونغ بدون شك مكان ذو جمال استثنائي.

يمكن تقسيم وولونغ إلى ثلاث مناطق، هي كهف فورونغ الجنوبي الغربي ومنطقة النهر التي يوجد بها 30 موقعا تغطي 280 كم مربعا؛ المنطقة الوسطى ذات الثلاثة جسور الطبيعية والتي تضم 22 موقعا تغطي 62 كم مربعا؛ ومنطقة تيانكنغ هووبينغ (نوع من الحفر الكارستية) وبها ثمانية مواقع تغطي 38 كم مربعا.

اكتشف كهف فورونغ الكلسي سنة 1993. يبلغ طوله 1,8 كم وبه ممر عرضه 30 مترا وارتفاعه 50 مترا. في الغرفة الرئيسية به، والتي ينتصب داخلها عمود ارتفاعه 70 مترا، تبلغ مساحتها 30 ألف متر مربع. وتكويناتها المعدنية التي ليس لها مثيل في الصين، تشمل مجموعة من "زهور" الكالسيوم في منتصف بحيرات الكهف التحتأرضية، ونوازل نادرة معلقة بالجدران وعددا هائلا من الصواعد الكلسية والأعمدة والتكوينات التي تشبه الستائر. في ممر طوله كيلومتران بالكهف يرى الزائر بسهولة الثلاثين منظرا بديعا به، منها عشرة لا مثيل لها في العالم. إن وولونغ هي قبلة دارسي ومكتشفي المغارات والكهوف، وحسب مجلة "الجغرافية الصينية الوطنية"، كهف فورونغ هو الأكثر قيمة جمالية في الصين.

الثلاثة جسور الطبيعية؛ هيلونغ، تشينغلونغ وتيانلونغ، تقع في مضيق طوله 1,5 كم، وبهذا فإنها تعتبر أكثر مجموعة جسور عجيبة في العالم. وهي تتدرج من ارتفاع 223 مترا إلى 281 مترا، وقناطرها يتراوح طولها بين 96 و116 مترا، وعرضها من 107 أمتار إلى 168 مترا. إن السير على طول هذه التكوينات الصخرية الهائلة يجعل الزائر يدرك مكانتها الليليبوتية، تلك الجزيرة التي يسكنها الأقزام كما وصفها سويفت في كتابه. أما شلالات المياه القريبة ذات الأبعاد المتعددة فهي أيضا موقع لا نظير له ومتعة لعشاق التصوير.

البروفيسور تشو شيوي ون، من معهد بحوث الكارست في قويلين، هو أول من اكتشف تكوين تيانكنغ، وأعطاه هذا الاسم. وتيانكنغ الصين اسم معروف في دوائر دارسة واستكشاف المغارات والكهوف لوفرته وعظمته ولقيمته الجمالية والعلمية. وعلى سبيل المثال فإن تيانكنغ تشونغشييوان، به أكبر مدخل في العالم. وهووبينغ موقع ذو ثلاثة تيانكنغ نشأت نتيجة للحت. ويعتبر تيانكنغ، هو الوحيد المعروف من نوعه.

إن كثافة الغابات وندرة السكان في وولونغ تجعلها موئلا مثاليا للحيوانات والنباتات. وقد اكتشف الباحثون في كهوفها صنوفا نادرة من أنواع السمك الأعمى والخفافيش. ومنطقة كهف فورونغ خاضعة للحماية تحت البرنامج الوطني لحماية التنوع الأحيائي.

أثناء زيارتنا لفورونغ، أدلى البروفيسور أنتوني والتهامن من جامعة نوتنغهام ترنت، بتعليق قال فيه: "المضايق، الثلاثة جسور الطبيعية وتيانكنغ، لها أهمية ومغزى علمي عالمي. وإلى اليوم، عدد قليل من الناس خارج الصين يعرف بوجود مضايق وولونغ الكارستية. إنها ظاهر ينبغي أن يأتي إليها ويراها العامة والعلماء".