الكارست كلمة سلوفينية لها وقع قوي مثل الصخور. عليك أن تكون عالما كي تفهم تماما طبيعة تلك التكوينات الجيرية الكلسية المحفورة في الصخور بفعل المياه، والتي تثير إعجاب أي شخص بالأشكال الطبيعية الخاصة التي تظهر بها. وهذا هو ما تدهشنا به الصين، التي يوجد بها، وفقا للخبراء، نصف الصخور الجيرية الناتئة في العالم.

يحتضن جنوبي الصين أكثر طبوغرافيا كارستية تنوعا على ظهر الأرض. التكوينات الكارستية، التي تغطي 600 ألف كم مربع، مركزها مقاطعة قويتشو، تمثل أكبر منطقة كارستية في العالم، ويقال إنها متحف عالمي للتكوينات الكارستية القارية في المنطقة الاستوائية والمنطقة شبه الاستوائية. إنها مجموعة شاسعة وفريدة من السهول والتلال والجبال والهضاب. وتلك الصخور ليست ذات قيمة جمالية عالية فحسب، وإنما من وجهة نظر علمية، تساعدنا في فهم نشوء الكون وتكوين نهر اليانغتسي، ذلك المجرى المائي القوي الذي يتدفق في جنوبي الصين والمضايق الثلاثة.

لقد أدت عملية طويلة ومعقدة من النشوء إلى ظهور تلك الصخور الاستثنائية، التي تشمل التكوينات الثلاثة الأنموذج في العالم، وهي: الأكواز المخروطية الفردية (فنغلين)، الأكواز المخروطية المتعددة ذات القاعدة المشتركة (فنغتسونغ)، وظواهر كارستية غير عادية مثل تيانكنغ (الحفر العملاقة) وديفنغ (الشقوق العميقة). من بين السبعين تياكنغ المعروفة على الأرض يوجد منها خمسون في الصين. المنطقة بها أيضا منظومة لافتة من الكهوف تحت الأرض.

ويتفق الخبراء الدوليون على أن للتكوينات الكارستية في جنوبي الصين قيمة استثنائية، فبعد زيارة المنطقة، قال د. ميجور سويتنغ، من جامعة أوكسفورد: "التكوينات الكارستية تتيح لنا الآن الإجابة عن أسئلة لم تكن لها إجابات في السابق". البروفيسور ديريك فورد من جامعة ماكماستر بكندا والبروفيسور بول وليامز من جامعة أوكلاند بنيوزلندة، وكلاهما عالم جيومورفولجيا، متخصص في الكارست، قالا: "إذا سألت متخصصا في الجيومورفولوجيا (علم دراسة شكل وتضاريس الأرض وتوزع اليابسة والبحار عليها) أن يضع لك قائمة بأفخم المناظر الطبيعية في العالم، سيكون جنوبي الصين على رأسها، وسوف تكون أول اختيار لنا لقائمة التراث العالمي".

في هذا السياق، ومن أجل حماية "تراث الكرة الأرضية" ، قررت الصين أن تتقدم إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بترشيح ثلاثة مواقع تجمع أفضل مزيج من التكوينات الكارستية: وولونغ (بلدية تشونغتشينغ)، بفضل مجموعتها الفريدة من الصخور والمنظومة التحتأرضية بها؛ ليبو (مقاطعة قويتشو)، بفضل تكويناتها المخروطية والتنوع البيولوجي للنظام الأحيائي للغابات الكارستية بها؛ وشيلين (مقاطعة يوننان)، بفضل تكويناتها ذات التشكيل الحاد. وتغطي المنطقة كلها 1460 كم مربعا، وجمالها لا مثيل له.