ã

تطوير مستشفيات الأحياء هو الحل

لوه يوان جيون

تكلفة العلاج في مستشفيات الأحياء أقل من المستشفيات العامة

في أحد مستوصفات الأحياء

في إحدى صيدليات الأحياء

 

في السادس من مارس هذا العام توجهت دو يوي لينغ، الطبيبة المسئولة عن قسم الأمراض العصبية في مستشفى الطب التقليدي الصيني بشانغهاى، ومعها ستة من أطباء مستشفى حي يونغتشينغ السكني، إلى بيوت المرضى بالحي لإجراء الفحص لهم، وذلك تدشينا لحملة تعزيز التعاون بين المستشفيات العامة الكبيرة ومستشفيات الأحياء في شانغهاى.

السيد لي، البالغ من العمر أربعة وثمانين عاما، أصيب بسكتة دماغية قبل خمس سنوات أدت إلى إصابته بشلل نصفي. بعد أن فحصته الطبيبة أوصته بنقاط هامة في العلاج وأساليب التمرينات اليومية. أثنى الرجل العجوز على جهود الطبيبة دو وقال: "لا أستطيع أن أذهب إلى المستشفى لتلقى العلاج بسبب صعوبة حركتي".

وفقا لنظام "الطبيب المسئول" الذي بدأ تنفيذه تجريبيا في مستشفى حي باوشان السكني بشانغهاى، ترسل المستشفيات العامة الكبيرة أطباء وخبراء منها إلى مستشفيات ومستوصفات الأحياء، للعمل كأطباء مسئولين مهمتهم هي صقل خبرة الأطباء المحليين ورفع مستواهم في علاج المرضى. في نفس الوقت، تم توقيع اتفاق تعاون بين المستشفيات العامة الكبيرة والمتوسطة الحجم والمستشفيات الصغيرة بالأحياء لانتقال المرضى بينها. حسب الاتفاق، يتم علاج المصابين بالأمراض العادية والأمراض الخفيفة في مستشفيات الأحياء، وعدم نقلهم إلى المستشفيات الكبيرة إلا إذا ساءت حالة المريض.

 

إعداد أطباء الحي

يعتقد معظم الصينيين أنه يجب الذهاب إلى المستشفيات الكبيرة إذا أصيب الفرد بمرض. وفي استبيان حول سبب عدم الذهاب إلى مستشفيات الأحياء أجرته شبكة sina في مارس هذا العام، قال 60% ممن شملهم الاستطلاع إنهم لا يثقون بمستويات الأطباء في الهيئات الصحية على مستوى الحي، فمعظم الأطباء الخبراء في الصين يفضلون العمل في المستشفيات العامة الكبيرة في حين يكون المستوى التعليمي لأطباء الحي أقل من الجامعي، باستثناء عدد قليل تخرج في الجامعات الطبية الرسمية. في مدينة قوانغتشو 60% من أطباء مستشفيات الأحياء السكنية تخرجوا في المدارس الثانوية الطبية، و20% منهم فقط يحملون شهادة جامعية.

أحد المعلقين الاجتماعيين على شبكة الإنترنت، اسمه لي مينغ، كتب "باستثناء الراحة والتسهيلات التي تقدمها للسكان لا تزال مستشفيات ومستوصفات الأحياء متخلفة كثيرا عن المستشفيات العامة الكبيرة من حيث نوعية الخدمات الصحية ومستويات العاملين والتجهيزات".

تفتقر الهيئات الصحية بالأحياء السكنية إلى العدد الكافي من الأطباء، حتى في العاصمة بكين، يوجد عجز حوالي ستة آلاف طبيب وممرض، فالمدينة تحتاج 27 ألف طبيب وممرض، لا يتوفر منهم إلا 21 ألفا، وفقا لنائب مدير مصلحة الصحة ببكين.

بسبب نقص الأطباء الخبراء والممرضين المهرة، يطلب من الطبيب الذي يعمل في مستوصف الحي أن يكون ممارسا عاما، يقدم للمرضى وأسرهم رعاية صحية أساسية وكاملة وبشكل إنساني ومتواصل. والحقيقة أن الطبيب الممارس العام ذا التجارب الثرية يفهم شعور المريض وملابسات المرض ويكون قادرا على مواجهة أي مرض. حسب إحصاء لوزارة الصحة، يحتاج الخمسمائة مليون فرد الذين يعيشون في المناطق الحضرية بالصين إلى 160 ألف طبيب ممارس عام، ولكن المتوفر منهم حاليا هو أربعة آلاف تقريبا، أي 2.5% فقط من العدد المطلوب، فكثير من المدن المتوسطة والصغيرة بالصين لا يوجد بها طبيب ممارس عام. وعلى الرغم من وجود 99 جامعة طبية في الصين منها عشرون جامعة فقط بها تخصص الممارس العام وهو اختياري.

تحاول مستشفيات ومستوصفات الأحياء حل مشكلة نقص الأكفاء بطرق مختلفة، منها التعاون مع المستشفيات العامة الكبيرة، ومنها نظام "الطبيب المسئول" الذي نفذه حي تشابي بشانغهاى. وتبعث المستشفيات العامة من وقت إلى آخر خبراءها وأطباءها إلى مستوصفات الأحياء المجاورة لإلقاء المحاضرات أو إجراء الفحص الطبي المجاني وتقديم الاستشارات الصحية، كما تقدم بعض الحكومات الإقليمية للأطباء المتقاعدين من المستشفيات العامة الكبيرة مكافئات مالية لتشجيعهم على العمل في مستشفيات ومستوصفات الأحياء. فحكومة مدينة ووهان بمقاطعة هوبي تخصص معونة ما بين 80 و 125 دولارا أمريكيا شهريا لكل طبيب في مستوصف الحي من المتقاعدين من المستشفيات العامة، حسب مستوى مؤهلاتهم.

 

وتتخذ الصين إجراءات أكثر فعالية لحل مشكلات الطبيب الممارس العام. في مارس عام 2007، دعا اقتراح قدم إلى الدورة السنوية للمؤتمر الاستشاري السياسي، إلى وضع خطة وطنية لإعداد وتدريب الأطباء الممارسين العامين وزيادة التمويل في هذا المجال، وأكد الاقتراح على ضرورة افتتاح أقسام الطبيب الممارس العام في الجامعات والمعاهد الطبية، وأهمية قيام الجامعات بإرسال طلبتها إلى الأحياء السكنية للتطبيق الميداني.

 

مزايا الرعاية الصحية في الحي السكني

على الرغم من نقاط الضعف، تتحلى مستشفيات ومستوصفات الأحياء بمزايا عديدة تتمثل في إجراءات التسجيل السهلة ووقت الانتظار القصير والتكلفة المنخفضة والرعاية الفردية الملائمة لمختلف المرضى، مقارنة مع الوقوف في الطوابير الطويلة في المستشفيات العامة الكبيرة الذي قد يصل إلى ثلاث ساعات.

إضافة إلى العلاج الطبي، تقدم مستشفيات ومستوصفات الأحياء السكنية لمواطنيها خدمات صحية شاملة، تتضمن تقديم استشارات علاجية للمرضى وللوقاية من الأمراض وتقديم معارف طبية لهم وتعميم أساليب تنظيم الأسرة. وفي معظم الحالات يقيم أطباء مستشفيات الأحياء علاقات شخصية مع المواطنين، ويقدمون لهم رعاية طبية في أي وقت وبأي أسلوب، بزيارتهم في بيوتهم أو عبر الهاتف.

تجتذب مستشفيات الأحياء بعض السكان بفضل تكلفة العلاج المنخفضة. وحيث أنها لا تهدف للربح تعتمد رواتب العاملين بها وتكلفة العمليات الطبية على ميزانية الحكومة المحلية، الأمر الذي يجعل تكاليف إدارة مستشفيات الحي منخفضة. في نفس الوقت، تحوّل مستشفيات الأحياء إيراداتها بالكامل إلى الحكومة. في مستشفيات بعض الأحياء، التسجيل ونفقات العلاج مجانية، وتقوم بعض المستوصفات بالفحص الطبي مجانا.

وتباع الأدوية في مستشفيات الأحياء بسعر يقل 20% عن سعرها في المستشفيات العامة الكبيرة، على سبيل المثال في بكين، تشتري حكومة المدينة أدوية الأمراض الشائعة وتوزعها على كل مستشفيات الأحياء، وتحظر الحكومة على تلك المستشفيات رفع سعرها. في ديسمبر عام 2006، كانت الأدوية في صيدليات مستشفيات الأحياء تباع بسعر المصنع، وانخفضت أسعار 312 نوعا من الأدوية، حيث وصل متوسط الانخفاض 36.1%.

يرجع الفضل في زيادة عدد مستشفيات ومستوصفات الأحياء السكنية إلى السياسة الحكومية التفضيلية. من قبل، كان المواطنون يشكون من مشكلات عديدة تتمثل في نفقات العلاج الباهظة والإجراءات الصعبة، من أجل حل هذه المشكلة، أدرجت الحكومة الصينية تطوير مستشفيات الأحياء ضمن قائمة الخطط الهامة لإصلاح المنظومة الطبية والصحية، ورفعت شعار "تعزيز الخدمات الصحية في الأحياء السكنية" في بداية عام 2006، وأعلنت الحكومة هذا الشعار مرارا في مناسبات مختلفة.

أشار تشو تشينغ شنغ، نائب وزير الصحة السابق، إلى الدور الهام الذي تلعبه مستشفيات الأحياء في تحسين المنظومة الطبية والصحية في الصين، حيث قال: "نعرف جيدا المشكلات المزمنة التي تواجه كل المستشفيات الصينية، وحل هذه المشكلات صعب ويحتاج إصلاح المستشفيات العامة الكبيرة إلى فترة طويلة، لذا، يمكننا أن نبدأ بتطوير مستشفيات الأحياء أولا، من أجل وضع أساس للمستقبل."

في عام 1992، بادرت مدينة تيانجين بتطبيق إصلاح المنظومة الصحية في الأحياء السكنية. تدفع حكومة تيانجين لكل سكانها تكاليف الخدمات الصحية، وتمنح إعانات مالية خاصة لكل الأحياء السكنية حسب عدد سكانها ومعيار الخدمات الطبية، التي تشمل بحوث وعلاج ارتفاع ضغط الدم والسكر والدرن الرئوي، وأنشأت شبكة خدمات طبية تغطي 75 مركزا صحيا و499 محطة طبية في الأحياء السكنية. في نفس الوقت، من أجل تشجيع المرضى على الذهب إلى مستشفيات الأحياء قررت شركات التأمين تحمل 90% من نفقات علاج المؤمن عليهم طبيا في مستشفيات الأحياء، مقابل 86% من نفقات العلاج في المستشفيات العامة الكبيرة. وقد حقق الإصلاح الطبي في تيانجين نتيجة جيدة، ومنذ عام 1998، لا تقل نسبة ذهاب المرضى إلى مستشفيات الأحياء عن 40%.

 

طريق طويل لتطوير مستشفيات الأحياء

قال قاو تشيانغ، وزير الصحة، إن الصين وضعت خطة شاملة لتطوير الخدمات الصحية، في عام 2010 سيكتمل بناء منظومة للخدمات الصحية لكافة المستويات والتجهيزات ومواصفات الأطباء وأنماط الإدارة المتعددة في الأحياء السكنية، وتعزيز التعاون بين المستشفيات العامة الكبيرة ومستشفيات ومستوصفات الأحياء وانتقال المرضى بينها، من أجل وضع أساس جيد لقطاع الخدمات الطبية العامة في المدن الصينية.

لكن حجم قطاع الخدمات الطبية العامة ما زال ضعيفا، فعدد مستشفيات ومستوصفات الأحياء 8.9% من جميع الهيئات الطبية في الصين، ونسبة أطباء الأحياء 2.7% فقط من الأطباء الصينيين، بالإضافة إلى الافتقار إلى المنشآت والتجهيزات الجيدة.

يفضل كثير من المواطنين العلاج في المستشفيات العامة الكبيرة على مستشفيات الأحياء لعدم ثقتهم بنوعية العلاج في الأخيرة، والبعض لا يذهب إليها لعدم معرفته بوجودها من الأصل. حسب بيانات مصلحة الصحة ببكين، يبلغ عدد مستشفيات الأحياء في بكين 2600 مستشفى، لكن 56.9% فقط من مواطني بكين يعرفون بوجودها، وكانت نسبة ذهاب المرضى لمستشفيات الأحياء حوالي 6.7% فقط قبل ديسمبر 2006.

وحسب المصلحة، 70% من المرضى الذين يذهبون إلى المستشفيات العامة الكبيرة مصابون بأمراض عادية يمكن علاجها أيضا في الهيئات الصحية بالأحياء السكنية. ولهذا فإن الحل الجوهري هو كيفية جذب المرضى وتحويلهم من المستشفيات العامة الكبيرة إلى مستشفيات ومستوصفات الأحياء. إن تطور قطاع الرعاية الطبية في الأحياء السكنية على نحو شامل وسليم أمامه درب طويل، ونجاحه يتوقف إلى حد كبير على تقدم مستشفيات الأحياء من جهة، ومن جهة أخرى يحتاج إلى الدعم الحكومي.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.