ã

الفحص الطبي قبل الزواج

عبد الله فريح يان يويه

مع قسيمة الزواج

إعلان يدعو إلى إجراء الفحص الطبي قبل الزواج

في غرفة الفحص الطبي قبل الزواج

 

الزواج حدث هام في حياة الإنسان. ولكن، على الرغم من تطلع كل شاب وفتاة إلى يوم عرسه لا يتحمس كثير منهم لإجراء الفحص الطبي قبل الزواج.

قبل أول أكتوبر عام 2003 كان إجراء الفحص الطبي قبل الزواج والحصول على تقرير بعدم وجود موانع طبية للزواج شرطا ضروريا لاستخراج قسيمة الزواج في بكين، ولكن بعد هذا التاريخ بات إجراء الفحص اختياريا، وفقا للوائح الجديدة للزواج، وشهدت العاصمة تراجعا ملحوظا في عدد الذين يجرون الفحص الطبي قبل إتمام عقدة النكاح، حيث انخفض العدد نحو 160 ألفا كل سنة يشكلون %29ر99 من الذين يعقدون قرانهم، إلى %03ر5 في عام 2004، بل وصلت النسبة إلى %53ر2 في المحافظات ذات الأغلبية الريفية.

إذا كان الدافع إلى الزواج هو الحب، والهدف منه هو الحفاظ على النسل، فإن الفحص الطبي قبل الزواج هو صمام الأمان لتكاثر البشر، فبهذا الفحص يتم اكتشاف الأمراض المعدية والوراثية مثل التهاب الكبد والإيدز والعته الوراثي الخ، التي تنتقل إلى الأطفال، ويكون إنجاب طفل مريض كارثة  لأسرته وعبئا ثقيلا على المجتمع. حسب الإحصاء يولد في الصين سنويا من ثمانمائة ألف إلى مليون ومائتي ألف طفل مصاب بأمراض خلقية، أي بين 4% إلى 6% من إجمالي المواليد الجدد. وحسب الجمعية الصينية للرعاية الاجتماعية تبلغ التكلفة الشهرية لمعيشة الطفل المعاق بالجمعية بين 400 إلى 500 يوان (50 – 60 دولارا أمريكيا).

إذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت فوائد الفحص الطبي قبل الزواج للفرد وللدولة جلية إلى هذا الحد، فلماذا يعزف عنه الناس؟
ثمة أسباب كثيرة، منها أولا، ما قالته السيدة وي التي دخلت عش الزوجية قبل ستة شهور تقريبا: "الآن الحصول على قسيمة تسجيل الزواج أمر سهل، فالأمر لا يتطلب أكثر من أن يختار الخطيب وخطيبته يوما مباركا ويذهبان إلى مكتب الشئون المدنية ومعهما صورة شخصية لكل منهما". لم يكن الفحص الطبي قبل الزواج هو ما يشغل وي، وإنما، حفل الزفاف، الذي حرصت أن يكون فخما ضخما باذخا. حالة السيدة وي تعبر عن معظم الشباب والفتيات، فالشاب والفتاة بعد فترة تعارف وتواصل طويلة قبل الزواج يظنان أنه لا حاجة إلى فحص طبي إذا قررا الزواج رسميا، وإذا اقترح أي منهما فكرة الفحص، قد يسخر الآخر من ذلك، ظنا أن هذا فكر متأخر.

في الفترة من عام 1997 إلى عام 2003 كانت نسبة المواليد الجدد الذين ولدوا بأمراض خلقية تدور حول عشرة في الألف ولكنها ارتفعت في عام 2004، أي بعد مرور سنة على إلغاء شرط الفحص الطبي لاستخراج وثيقة تسجيل الزواج  إلى أربعة عشر في الألف، وبرغم ذلك مازال العزوف عن الفحص الطبي قبل الزواج مستمرا.

الحقيقة أن إجراء الفحص الطبي قبل الزواج لا يضر في شئ، ناهيك عن فوائده الجمة. ليس كل فرد يعرف حالته الصحية تماما، وكثير من الناس يجهلون الأمراض الوراثية التي تسكن أجسادهم وعجز الجينات فيهم. وفي تفسيرها لظاهر العزوف عن هذا الفحص، قالت رونغ هوا رئيسة اتحاد النساء ببكين: "الشباب يعتقدون أن صحتهم جيدة وأنهم ليسوا في حاجة إلى الفحص، وفي المناطق الريفية لا يقومون بالفحص الطبي لتخلف الظروف الصحية والطبية هناك. ولكن السبب الجوهري هو عدم الوعي بأهمية بل وضرورة الفحص الطبي قبل الزواج، وارتباطه بالحياة السعيدة بعد الزواج."

وذكرت رونغ هوا، قصة شاب وفتاة، كليهما حاصل على درجة الماجستير، تزوجا وكانا في صحة جيدة، ولكن الزوجة أنجبت طفلا مصابا بإعاقة عقلية وراثية. ظن الزوجان أن الأمر جد غريب، إلى أن كشف الفحص الطبي السر، حيث أن أحدهما يعاني من عجز جيني، ولم يجريا الفحص الطبي قبل الزواج. الآن يشعر الزوجان بندم شديد.

إلغاء شرط الفحص الطبي الإجباري قبل الزواج، أدى أيضا إلى تزايد عدد حالات الطلاق، بسبب إخفاء أي من الزوجين مرضه متعمدا. وقد فصلت محكمة حي دونغتشنغ ببكين في قضية من هذا النوع قبل أيام: فقد تعرفت سيدة اسمها وانغ، عمرها أكثر من عشرين سنة، برجل يكبرها بخمس عشرة سنة اسمه تشانغ، وبعد فترة تزوجا دون إجراء الفحص الطبي، ولكن وانغ أخفت حقيقة إصابتها بالفصام العقلي، أي الشيزوفرنيا، وأنها دخلت المستشفى للعلاج. بعد الزواج، عاود المرض السيدة وانغ، واضطرت إلى دخول المستشفى. بعد أن عرف السيد تشانغ بحقيقة مرض زوجته، أعلن على الفور أن زواجهما  باطل، مستندا إلى نص في ((قانون الزواج))، يقول إن "الزواج يكون باطلا إذا أصيب أحد طرفي الزواج بمرض لا يتناسب مع الزواج، أو لم يشف منه بعد الزواج". في النهاية قضت محكمة حي دونغتشنغ لصالح السيد تشانغ وأعلنت بطلان الزواج.

عدم الإقبال على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج يعكس ضعف الوعي العام  بأهمية الفحص الطبي، وظن كثير منهم أنهم بمنأى عن الأمراض.

 

أما السبب الثاني لانخفاض الإقبال على الفحص الطبي فهو الخجل، والخشية من أن يؤدي الكشف عن المرض إلى قطع وصال الحب.

والحقيقة أن هذا الهاجس لا مبرر له، فقد كان الهدف الرئيسي من إلغاء شرط الفحص الطبي لاستخراج وثيقة الزواج هو  الحفاظ على خصوصية الفرد وأسراره. وإذا اكتشفت المستشفى مرضا ما عند فحص الشخص المقبل على الزواج فإنها تحفظ سره وتتولى علاجه، طالما أنه ليس مرضا معديا، إما إذا كان المرض معديا فإن المستشفى تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الطرف الآخر، من أجل مصلحة الفرد والمجتمع.

لي يوان، رئيس قسم الفحص الطبي قبل الزواج في لمستشفى النساء شيوانوو للأمومة والطفولة ببكين، ألقى مزيدا من الضوء حول هذا الموضوع  موضحا أن هناك مفاهيم خاطئة عن الفحص الطبي بين بعض الناس. البعض يخشى أن يؤدي  كشف مرضه إلى قطع وصال الحب مع الطرف الآخر. ويظن البعض أن الأطباء يتعمدون إخبار الشخص بأنه مصاب بأمراض لا وجود لها، حتى يربحوا من علاجها. ولكن هذه كلها  مفاهيم خاطئة، ينبغي على الشاب والفتاة أن يواجها الحياة معا، بحلوها ومرها، ويتعاملا بالصدق والحب. إذا كانا يحبان بعضهما حقا، على كل منهما أن يراعي ظروف الطرف الآخر حتى وإن كان مصابا بمرض.

أما فيما يتعلق بالحفاظ على أسرار الفرد، فقد وضعت مستشفيات الأمومة والطفولة التي تجري الفحص الطبي قبل الزواج في بكين سلسلة من الإجراءات لحماية أسرار الفرد. الطبيبة تشانغ، في مستشفى شيوانوو للأمومة والطفولة، قالت: "من أجل الحفاظ على أسرار المريض، لا يخبر الطبيب حالة المرض إلى أي شخص حتى الخطيب أو الخطيبة والأهل، وإنما يقدم الطبيب اقتراحاته للعلاج، ويترك للمريض حرية تقرير إخبار الطرف الآخر وأهله ".

الفحص مجاني في بكين

يتفق المحامي تشان هان مع الرأي القائل بأن الحكومة استهدفت من ((لوائح تسجيل الزواج الجديدة))، التي ألغي فيها شرط الفحص الطبي، حماية أسرار المواطن. قال تشان هان: "إجراء الفحص الطبي اختياريا يعكس احترام الحكومة لخصوصية أسرار الفرد، ويعطي الفرد حرية أكبر في حياته الشخصية". ولكن إذا كان اختيار الشخص يؤثر على حياته وحياة الآخرين وحياة الجيل القادم، على الحكومة أن تتحمل مسئولية معالجة المخاطر المحتملة نتيجة عدم إجراء الفحص، فتلك المشكلة لا تتحملها الأسرة بل المجتمع والدولة.

وقد اقترح بعض نواب المجلس الشعبي المحلي ببكين، خلال دورته التي عقدت في أوائل عام 2006، إجراء  الفحص الطبي مجانا. وتعليقا على هذا، قال جين دا بنغ، رئيس مصلحة الصحة بكين، إن أعمال بحث واستطلاع شروط وظروف الفحص الطبي قبل الزواج تمت تقريبا، وتم تحديد تكاليف الفحص الطبي قبل الزواج بنحو 70 يوان (9 دولارات أمريكية) لكل فرد.

ولكن هل ستحقق مجانية الفحص الطبي المجاني قبل الزواج هدفها؟ البعض يعتقد ذلك. بدأ حي شيتشنغ في بكين تطبيق مجانية الفحص الطبي قبل الزواج في مارس عام 2005، حيث تتحمل حكومة الحي تكاليف الفحص الذي تجريه مستشفى  الأمومة والطفولة بالحي، وكانت النتيجة زيادة عدد من يقومون بالفحص بنسبة 30%. ولكن المجانية هي أحد السبل لحل المشكلة، والحكومة مطالبة بأن تشن حملة إعلامية للتوعية بالفحص المجاني وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الفحص الطبي قبل الزواج.

في هذا الإطار نظمت مصلحة الصحة ببكين سلسلة من النشاطات في الجامعات للتشجيع على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، كما أن العاملين بمكتب تسجيل الزواج ينتقلون إلى مستشفى هوايرو للأمومة والطفولة لإنهاء إجراءات استخراج قسيمة الزواج للشباب بعد إكمال الفحص الطبي. وأقام مكتب الشئون المدنية في حي دونغتشنغ ببكين، غرفة للاستشارات الصحية قبل الزواج، يقدم فيها أطباء من مستشفى الأمومة والطفولة المشورة والرأي للشباب والفتيات قبل الزواج.

وعن تجربتها في إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، قالت السيدة يانغ، التي تعمل في شركة،: "قمت بالفحص قبل الزواج مع زوجي، رغم أنه كان يرى أن الفحص غير مهم ولا حاجة لإجرائه، ولكنني أصررت على إجرائه، لاعتقادي بأن الاعتماد على النصيب والحظ في هذا الأمر غير صحيح، فالزواج يربط  بين طرفين، ويجب على كل منهما أن يفكر في نفسه وفي الآخر. وأعتقد أن حكومة بكين إذا قامت بدعاية جيدة للفحص الطبي المجاني قبل الزواج سيقبل عليه مزيد من الناس". ولكن السيد فنغ، وهو موظف في بنك، قال صراحة: "لن أجري الفحص الطبي قبل الزواج حتى وإن كان مجانا، فالبنك الذي أعمل به يوفر لنا فحصا طبيا شاملا كل سنة ، فلماذا الفحص مرة أخرى؟"

ما قاله السيد فنغ يكشف عن حقيقة أن الناس لا تهتم بتكاليف الفحص الطبي بقدر اهتمامهم بنوعيته، فإذا أرادت الحكومة تشجيع المواطنين على إجراء الفحص ينبغي عليها أن تجعل نوعيته أفضل وأن تجعله أكثر شمولا.

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.