ã

رعاية الكنيسة اختيار وليس مهنة

القسيسة قاو ينغ في مكتبها

الصلاة الصباحية في معهد جينلينغ للاهوت

الطالبة يانغ مين بالصف الثالث في معهد جينلينغ للاهوت تستعد للامتحان السنوي

ينقسم المسيحيون في الصين إلى صنفين، الأول هم من ينتمون إلى أسر مسيحية أصلا، والثاني، وهم الأكثرية، من اعتنقوا المسيحية بعد انتهاء "الثورة الثقافية" بالصين التي استمرت من عام 1966 إلى عام 1976. من الصنف الثاني، القسيسة قاو ينغ، التي تتولى منذ مارس عام 2003 منصب نائبة رئيس معهد جينلينغ للاهوت، فهي ابنة أسرة كادر شيوعي كبير، لا يؤمن بأي دين.

في فترة الثورة الثقافية، مارست قاو ينغ الزراعة في الريف مثل غيرها من المثقفين، وعندما عادت إلى بكين عملت في مصنع، حيث كان أحد زملائها قسيسا في كنيسة، وهناك بدأ اتصالها مع المسيحية، في فترة كانت العلاقات فاترة بين الصينيين نتيجة للإساءات الكثيرة روحيا ونفسيا التي تعرضوا لها خلال فترة الثورة الثقافية.

بدأت تشترك في أنشطة الكنيسة عام 1980، فتأثرت كثيرا بالمساواة والمودة والثقة المتبادلة والروح الإنسانية فيها، وبعد وقت قليل تم تعميدها وانضمت إلى الكنيسة، فلاقت معارضة هائلة من أسرتها. قالت قاو ينغ إن أفراد أسرتها، وخاصة أمها، لم يفهموا مشاعرها في ذلك الوقت، لاعتقادهم أن الأديان متخلفة وخرافية ورجعية. لقد أسفت الأم  لاختيار ابنتها طريقا يختلف تماما عن عقيدتها السياسية. كان قرارها اعتناق المسيحية ضربة موجعة لأمها، التي ظنت أن ابنتها ضلت الطريق.

أضافت قاو ينغ: "بعد فترة قصيرة من ذلك أعلن معهد اللاهوت عن قبول طلاب جدد، فتقدمت لامتحان القبول به. رفضت أمي قراري بالالتحاق بالمعهد، لدرجة كادت العلاقات بيننا تنقطع. تركت البيت وفي داخلي أمل أن تفهمني تدريجيا." عندما التحقت قاو ينغ بمعهد جينلينغ للاهوت عام 1981 كان عمرها 26 سنة، وبقيت فيه تدرس علوم اللاهوت 11 سنة.

كانت قاو ينغ من الدفعة الأولى للطلاب الذين التحقوا بمعهد جينلينغ للاهوت بعد توقفت الدراسة به 15 سنة. كان معظم الطلاب ينتمون إلى أسر مسيحية، بل من أسر زعماء الكنائس، وكان فرق السن بينهم كبيرا، كان عمر أكبرهم 36 سنة، وأصغرهم 17 سنة.

في الفترة من عام 1987 إلى عام 1991، درست قاو ينغ بكلية اللاهوت في جامعة بيركيلي الأمريكية، وفي تلك الفترة بدأت العلاقة بينها وبين أمها تتحسن. عندما اندلعت أحداث تيان آن من في بكين عام 1989، كانت أخبار تلك الأحداث تتصدر اهتمامات أجهزة الإعلام الأمريكية، وقد قلقت قاو ينغ على والدتها، فحاولت الاتصال بها هاتفيا ولم تنجح لعدة أيام. قالت:" أخيرا اتصلت برئيس معهد اللاهوت بنانجينغ، بواسطته اتصلت بوالدتي، وأثناء حديثتا، بكينا، هي وأنا، فتحقق الصلح بيننا." توفيت والدتها عام 1991 قبل أن تعود قاو ينغ إلى الصين.

بدأت قاو ينغ عملها كقسيسة في كنيسة تشونغونمن، ورقيت إلى درجة راعية كبيرة في تلك الكنيسة التي تعتبر أول كنيسة بروتستنتية في بكين بل في شمال الصين، وكانت تسمى في الأصل Asbury Church. هذه الكنيسة التي أقامتها كنيسة أمريكية عام 1879تحولت إلى قاعة اجتماعات لإحدى مدارس البنات أثناء الثورة الثقافية وأعيدت عام 1982، وحاليا هي أكبر كنيسة بروتستنتية في بكين. بعد ذلك تولت قاو ينغ منصب رئيس الجمعية المسيحية في بكين ومناصب اجتماعية كثيرة. قالت: "لأني دائما مشغولة، وأمضي وقتا كثيرا في تنسيق الأعمال بالكنيسة. في كنيسة تشونغونمن أكثر من 200 متطوع، تقام نشاطات كل يوم. وعلي أن أشترك في كثير من النشاطات الاجتماعية." ولكنها، أيا كانت مشاغلها تواظب على دروس يوم الأحد بالكنيسة.

بعد أن تولت منصب نائبة رئيس معهد اللاهوت استفادت قاو ينغ من سنوات خدمتها الطويلة في الكنيسة وتجربة دراستها خارج الصين، في وضع أفكار جديدة للمعهد، الذي تختلف ظروفه حاليا عن سنوات دراستها به، حيث كانت أعمار الطلاب كبيرة نسبيا وكانوا جميعها ينتمون إلى أسر مسيحية، ومن ثم أساس عقيدتهم راسخ. أما معظم الطلاب حاليا فينتمون إلى جيل الطفل الواحد وإلى أسر غير مسيحية، فهم أكثر تأثرا بالأفكار الدنيوية، وأساس عقيدتهم ليس راسخا.

وفي ناحية التدريس، معظم المعلمين بمعهد جينلينغ للاهوت من خريجي هذا المعهد الذي يعتبر معهد اللاهوت المسيحي الوحيد على المستوى الوطني بالصين. النتيجة أن معظم المعلمين به متفوقون في الاستمرارية، ولكن مستواهم في النواحي الأخرى مقيد. ولا تزال  هناك فجوة بين المعهد وبين المعاهد المماثلة له في الخارج. يعمل حاليا فيه 40 معلما، 80% منهم قاموا بزيارات تبادل إلى الخارج، وسدسهم درس لفترة في الخارج، وفي يناير هذا العام عاد إليه أحد خريجيه بعد أن حصل على درجة الدكتوراه في علوم اللاهوت من الولايات المتحدة الأمريكية. يوجد بالمعهد 5 معلمين أجانب، منهم أمريكيان وكنديان وألماني.

يقع المعهد في زقاق ضيق بمدينة نانجينغ حاليا، لذلك يجري بناء منطقة جديدة له في مكان آخر هذا العام، بعد انتهاء البناء سيصبح المعهد قادرا على قبول خمسمائة طالب، مقارنة مع 170 طالبا حاليا، وهو الأمر الذي يتطلب زيادة عدد أعضاء هيئة التدريس. وتسعى القسيسة قاو إلى أن يكون المعلم بالمعهد حاصلا على درجة الماجستير على الأقل. وسوف يواصل المعهد إرسال طلابه إلى الخارج للدراسة وإرسال الباحثين الزائرين، وتعزيز التعليم والبحوث الأكاديمية.

منهج التعليم المطبق في المعهد مماثل لما في معاهد اللاهوت الأجنبية. وبينما يعزز المعهد مقرر (( الكتاب المقدس)) وغيره من المقررات الأساسية، يولي المعهد اهتماما بالغا لخدمة الكنيسة من خلال المقررات، ليحصل الطلاب على مزيد من التجارب.

ولكن كيف يمكن أن يكون الإنسان قسيسا جيدا؟ قالت قاو: "في الفيلم الأمريكي العامل المعجزة، أحب شاب الفتاة هيلين كيلر، وأراد أن يتزوجها  لكن والديها عارضا زواجهما، وقالت والدتها إن الفتاة المتميزة، تحتاج إلى شخص يتخلى عن كل مصالحه ويكرس نفسه تماما لها، وهو أمر يصعب على أي شخص غير والديها. بالنسبة لي، العمل كقسيسة يحتاج مني عطاء روحيا وبدنيا. العمل كقيس أو قسيسة اختيار وليس مهنة، إذا اعتبره أي مسيحي مهنة، لن يحقق شيئا في طريقه، ولا يمكنه أن يستمر، بل سيتوقف."

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.