ã

حمى الإنجليزية تدخل مرحلة جديدة

لو رن ساي

موجة الإنجليزية

يهتم امتحان الإنجليزية الجامعي بالقدرة الفعالية أكثر

يقول الطالب في الصورة :"أستطيع أن أنجح في الامتحان الكتابي وأخاف من الامتحان الشفوي

أصبحت الصينية اللغة الأجنبية الأولى لثلاثين مليون فرد في العالم. وتُدرس الصينية في 2300 جامعة في أكثر من مائة دولة. وفي الصين يتعلم اللغة الإنجليزية حوالي ثلاثمائة مليون فرد، أي نحو ربع سكان الصين، إضافة إلى من يتعلمون الإنجليزية خصيصا من أجل أولمبياد 2008.

قد لا يفهم الأجانب سبب إقبال الصينيين على تعلم الإنجليزية بهذه الحماسة. فهل يسعى الصينيون إلى الاندماج في المجتمع الدولي أم أن لهم أهدافا أخرى؟

 

ومازالت حمى الإنجليزية مستمرة

الآنسة تشانغ جينغ، خريجة تخصص الهندسة والبناء في الجامعة، تعمل بإدارة العلاقات الخارجية في شركة ببكين. وظيفتها هي تلقي المكالمات الهاتفية والرد على الرسائل التي تأتي من خارج البلاد. قالت تشانغ جينغ- 26 سنة- :"منذ طفولتي أميل إلى اللغة الإنجليزية وليس إلى الهندسة والبناء، وقد درست الإنجليزية بنفسي حتى حصلت على الشهادة الجامعية في تخصص الإنجليزية، وقبل أيام حصلت على شهادة في الترجمة التحريرية."

كل صيني يتعلم الإنجليزية له أسبابه الخاصة، معظمهم يدرسونها من أجل الحصول على عمل جيد أو السفر للخارج أو للالتحاق بالجامعة. لي تشيانغ يعمل في شركة استثمارية، يدرس الإنجليزية في وقت الفراغ، أما عن السبب فقال :"في شركتي يُنظر إلى من لا يعرف الإنجليزية على أنه متأخر." ويدرس البعض الإنجليزية برغم عدم حاجتهم لها اعتقادا بأن معرفة الإنجليزية تتيح لهم فرص عمل أفضل مع اندماج الصين في العالم يوما بعد يوم.

حسب استطلاع أجري في ثماني مدن، منها بكين وشانغهاي، شمل ألفا وخمسمائة فرد، قال 4ر55% منهم إنهم درسوا أو يدرسون الإنجليزية، وقال 2ر21% إنهم يستعدون لدراسة الإنجليزية في غضون الستة أشهر القادمة. أما أهدافهم من الدراسة فهي رفع المستوى في الإنجليزية والحصول على المعلومات والاستعداد للامتحان وحاجة العمل والاستعداد للبحث عن عمل. قالت ليو وي، نائبة رئيس معهد قياس الرأي العام بالصين :"الذين يتعلمون الإنجليزية لا يسعون إلى تحقيق هدف مادي أساسا، فقد جاء هذا الهدف في الترتيب السادس لأسباب دراسة الإنجليزية، في حين جاء هدف رفع مستوى الإنجليزية في المرتبة الأولى."

بالنسبة للأطفال والشباب، الهدف من دراسة الإنجليزية هو الالتحاق بالجامعات. حسب استطلاع عن وضع دراسة الإنجليزية في الصين لمن تقل أعمارهم عن 23 سنة، أجرته شبكة إنترنت www.netbig.com، جاء ترتيب أسباب دراسة الإنجليزية كما يلي، السفر للخارج، الحصول على شهادة، ثم رفع المستوى في الإنجليزية.

والظاهرة الملحوظة هي أن معظم الذين يمضون أوقاتا طويلة في تعلم الإنجليزية لا يحققون نتيجة مرضية. وفق استطلاع أجراه مركز استطلاعات الرأي لصحيفة شباب الصين وشبكة إنترنت www.tencent.com، شمل 9644 فردا، ، قال 5ر34% منهم إنهم يمضون من ساعتين إلى أربع ساعات في دراسة الإنجليزية كل يوم، وقال8ر14% إنهم ينفقون أكثر من أربع ساعات في دراسة الإنجليزية يوميا، وقال 9ر4% إنهم يتعلمون الإنجليزية أكثر من ثماني ساعات كل يوم. وقال بعضهم :" أنفقت وقتا طويلا في دراسة الإنجليزية عندما كنت طالبا بالجامعة، ولكن لا أستخدمها في عملي، لو كنت أعلم ذلك، كنت درست أشياء أخرى".

 

سوق الإنجليزية مزدهرة

بعد أن حصلت تشانغ جينغ على شهادة في الترجمة التحريرية، تتدرب حاليا على الترجمة الشفوية. قالت تشانغ جينغ :"الترجمة الشفوية أكثر صعوبة من الترجمة التحريرية، إذا نجحت وحصلت على شهادة في الترجمة الشفوية، سأحاول الحصول على شهادة المرشد السياحي، وهكذا يكون لدي فرص عمل أكثر." في الصين أكثر من 50 ألف معهد لتدريس الإنجليزية والتدريب على استخدامها، منها ألفان على الأقل في بكين. اختارت تشانغ جينغ معهدا تكاليفه رخيصة، خمسة آلاف يوان فقط كل شهر (حوالي 640 دولارا أمريكيا)، وهي تكلفة لا ترى تشانغ جينغ أنها غالية. معهد نيو أورينتال new oriental في بكين هو أشهر معاهد تدريس الإنجليزية وأغلاها. يدرس به أكثر من مائتي ألف فرد سنويا. على الرغم من وجود أكثر من عشرين فرعا له في مدن أخرى بالصين، اختار شياو تشاو أن يأتي من مدينته، ووهان، للدراسة بفرع بكين استعدادا لامتحان تمهيدي الماجستير. قال شياو تشاو :"سمعت أن مستوى المعلمين في فرع بكين أفضل، فأتيت إليها رغم أن هذا يعني صعوبات أكثر." يقيم شياو تشاو في سكن طلابي ببكين مع طلاب جاءوا من مقاطعات أخرى مثله للدراسة بنفس المعهد مقابل ثلاثمائة يوان (حوالي 38 دولارا أمريكيا) للفرد شهريا.

ولكن معاهد تعليم الإنجليزية في الصين أصبحت مهددة بعد دخول فروع لمعاهد التعليم الأجنبية، ففي ديسمبر العام الماضي أعلنت مؤسسة EF، وهي أكبر مؤسسة تعليم خاص للإنجليزية في العالم، أنها ستفتتح فروعا لها في الصين بمعدل معهد كل شهر. حسب استطلاع حول سوق تعليم الإنجليزية في الصين، أجراه معهد قياس الرأي العام بالصين، أفضل مؤسسات تعليم الإنجليزية هي معهد لي يانغ كريزي إنغليش Liyang Crazy English ومعهد new oriental ومعهد EF، ومعهد Cambridge ومعهد IELTS.

والآن تبلغ قيمة سوق تعليم الإنجليزية في الصين حوالي ملياري دولار أمريكي، وسيصل الرقم إلى أربعة مليارات في عام 2010. ومن المتوقع أن تتطور هذه السوق أكثر بسبب أولمبياد  2008 في بكين و معرض الإكسبو 2010 في شانغهاي.

 

درسوا الإنجليزية ولكن!

منغ بين- 22 سنة- درس الإنجليزية ثلاث سنوات خارج البلاد، وسيتخرج في الجامعة بعد شهور ويعود إلى الصين. قبل ثلاث سنوات درس الإنجليزية ونجح في امتحان IELTS من أجل السفر للدراسة في الخارج. قال منغ بين :"عندما خرجت من الصين اكتشفت أن مستواي في الإنجليزية متأخر. كنت قادرا بالكاد على التعامل مع  أهل البلد في مسائل الحياة اليومية، ولكن وجدت صعوبة بالغة في فهم  كلمات الأساتذة أثناء المحاضرات." لجأ منغ، مثل كثير من الطلاب الصينيين في الخارج، إلى الدراسة في دورات لغة للتدرب على الإنجليزية. ولأنه لم يستطع أن يتكيف مع الثقافة المحلية، ترك  كندا وذهب إلى بريطانيا، حيث تدرس أخته.

إذا كان الذين يستعدون للسفر إلى الخارج يشعرون بأن مستواهم في الإنجليزية متواضع، فإن الذين يستخدمونها في أعمالهم يعانون من مشكلة نفسية، فهم  حصلوا على شهادات متعددة في الإنجليزية، ولكنهم لا يستطيعون أن يستخدموا هذه اللغة في أعمالهم بشكل جيد. السيد رن، مدير قسم الموارد البشرية في إحدى دور النشر، قال :"الآن يحصل الطلاب الصينيون على نتائج عالية في الامتحان، ولكن مستواهم في سماع الإنجليزية والتحدث والكتابة بها متواضع. في السنة الماضية قبلت بعض خريجي تخصص اللغة الإنجليزية للعمل في السوق الخارجية، ولكن وجدت أنهم لا يستطيعون الرد على الهاتف من العملاء الأجانب ويبحثون في القاموس عندما يردون على رسائل العملاء." في النهاية أُضطر السيد رن إلى إجراء امتحان في الشركة، وكانت النتائج مؤسفة.

شن شي، على وشك التخرج في الجامعة ويبحث من الآن عن عمل. قال :"اشتركت ثلاث أو أربع مرات في امتحانات تجريها شركات استثمار أجنبي لقبول موظفين جدد، وفي كل مرة أفشل في اختبار التحدث بالإنجليزية." شن شي حاصل على شهادة في اختبار الإنجليزية للكليات من وزارة التعليم.

يوجد في الصين ستون ألف مترجم محترف للغة الإنجليزية في حين تحتاج سوق الترجمة بالصين إلى حوالي 500 ألف مترجم بالإنجليزية. حسب أرقام الجمعية الصينية للترجمة، يوجد حوالي ثلاثة آلاف شركة ترجمة في الصين، منها حوالي أربعمائة في بكين، ولكن معظمها شركات صغيرة الحجم، تستأجر طلابا للعمل لديها والنتيجة أن مستوى الترجمة يكون متفاوتا.

 

الامتحان هو السبب؟

من الثلاثمائة مليون صيني الذين يعرفون الإنجليزية أكثر من مائة مليون طالب.

النجاح في امتحان اللغة الإنجليزية شرط للحصول على الشهادة الجامعية في الصين. ويحرص الآباء على أن يؤدي أطفالهم الامتحان العام للإنجليزية منذ الصف الثاني أو الثالث الابتدائي، لتأهيلهم للالتحاق بمدارس إعدادية مميزة. نتيجة كل ذلك هي أن الإنجليزية أصبحت مرتبطة بالحصول على شهادة وليس بمستوى حقيقي أو حاجة فعلية في العمل.

السيد سون فو تشو- 70 سنة- الذي عمل بتدريس الإنجليزية في جامعة تشينغهوا أكثر من ثلاثين سنة، نشر العام الماضي مقالة على الإنترنت عنوانها ((دعوة من أستاذ قديم بجامعة تشينغهوا: امتحان الإنجليزية في الجامعة مجرد أداة، يجب إلغاؤه)). ويرى السيد سون فو تشو أن امتحان الإنجليزية الجامعي ميزان غير عادل.

وللتدليل على صواب رؤيته ذكر الأستاذ سون حالة طالب شاب عاش في الولايات المتحدة سنوات عديدة، ثم عاد إلى الصين والتحق بالسنة الثانية في إحدى الجامعات. الغريب أن الطالب فشل في امتحان الإنجليزية الجامعي، في حين حصل طالب آخر على درجات عالية في الامتحان مع أن مستواه الحقيقي سيئ.

في استطلاع شمل عشرة آلاف فرد حول مقالة الأستاذ سون، أجراه مركز استطلاعات الرأي لصحيفة شباب الصين قال 5ر87% منهم إنهم يتفقون مع رأي الأستاذ سون، وقال 8ر22% إنهم يعتقدون أن الغش موجود في امتحان الإنجليزية الجامعي. بالإضافة إلى ذلك لا يدرس كثير من الطلاب الإنجليزية بعد النجاح في الامتحان، فبالنسبة لهم، الإنجليزية أداة لاجتياز الامتحان.

ويعلق البروفيسور ما تشينغ تشو، الأستاذ بجامعة نانكاي على هذا الوضع بقوله :"تجرى اختبارات في الإنجليزية للمتقدمين للالتحاق بالجامعات والباحثين عن عمل والراغبين في الترقي بل وفي مسابقات الغناء. علينا أن نوضح أهداف تعليم الإنجليزية في المدارس والجامعات بشكل صحيح."

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.