ã

مجانين جمع الخرائط

قو شيانغ

يانغ لانغ

البعض يجمع الطوابع، وآخرون يجمعون العملات، أما الأقل شيوعا فهي الهواية التي يشترك فيها يانغ لانغ وقو شيانغ.. جمع الخرائط!!

يانغ لانغ هو نائب مدير مجموعة إس إي  إي سي ميديا جروب المحدودة. خبرة العشرين عاما التي عملها في مجال الميديا، أي وسائط الاتصال، غذت موهبته التي ترجع جذورها إلى أيام طفولته، ألا وهي رسم الخرائط. وقد كتب يانغ ونشر أكثر من خمسمائة مقال في مدونته المعنونة "العثور على الخرائط". وقد تجاوزت الردود التي حصلت عليها تلك المقالات الردود التي يتلقاها أي موقع لمدونة (blog) في الصين. ولكن يبدو أن يانغ ليس حالة منعزلة في جنون الخرائط.

إن امتلاك يانغ ودراسته المتواصلة لآلاف من الخرائط أعطته الشهرة والسمعة المستحقة كخبير في هذا المجال. قبل أن يقيم مدونته عام 2004، كان ينشر مقالاته حول الخرائط في مجلات متخصصة، ومنذ ذاك يزداد عدد قرائه كثيرا. والآن لدى يانغ مدونتان بعنوان (العثور على الخرائط"؛ واحدة مخصصة لمقالاته والأخرى لصور الخرائط ومعلومات الخرائط ذات العلاقة بوسائط الاتصال. ويانغ هو كبير مستشاري إعلام الخرائط المحلي.

 

لماذا الخرائط؟؟

بدأ إعجاب يانغ بالخرائط عندما كان تلميذا بالمدرسة. بعد تخرجه في سبعينات القرن الماضي، تعاظم ولعه بجمع الخرائط ذات الطبيعة العسكرية، خلال فترة خدمته بوحدة القيادة العسكرية لمقاطعة يوننان. في بداية ثمانينات القرن الماضي، أصبح يانغ مراسلا لصحيفة شباب الصين اليومية. خلال مسيرته عمله الصحفي جمع العديد من الخرائط السياحية من كافة أرجاء البلاد. بيد أن مصيره كجامع مخلص للخرائط حدده والده وشقيقه. الأول، الذي عمل من قبل لدى البنك الدولي، أعطى يانغ الخرائط التي جمعها خلال زياراته التي لا يحصى لها عدد إلى الخارج، وشقيقه قدم له الخرائط التي استخدمها خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية عام 1989. ومنذ ذاك لم تعرف مقتنيات يانغ حدودا لها.

مجال الخرائط التي يدقق فيها يانغ يوميا يتراوح من تلك التي اكتشفت بمقابر أسرة هان الغربية الإمبراطورية في ماوانغدوي إلى مخططات المعركة الأكثر حداثة في ممر بينغشينغقوانغ. وبين هذا وذاك الخريطة الأولى لأوروبا التي يعود تاريخها إلى خمسمائة عام، وخريطة معسكرات الجيش الأمريكي خلال الحرب الكورية. وتشتمل مجموعته أيضا على خريطة شمالي الصين، اليابانية الصنع، والتي تحمل ملاحظات حول اليوم الذي تم فيه غزو كل مدينة.

وتكون أفضل اكتشافات يانغ في سوقي باوقوسي وبانجيايوان، اللذين يصل إليهما بمجرد افتتاحهما كل يوم سوق. وقد وصل إلى الخمسة أو سنة متعاملين جادين في الخرائط ببكين، وكلهم يعرفونه جيدا، ويكون أول شخص يتصلون به عندما يصادف أي منهم خريطة قديمة أو استثنائية. وفي المقابل يرسل لهم يانغ نسخا من كتبه، والتي تشتمل على كل أعماله المنشورة. وحسب كلامه، "يحتاج هواة الجمع إلى معاونة بعضهم البعض لتغذية دافعهم المشترك".

ويذهب يانغ أيضا إلى المزادات، ويعتبر نفسه محظوظا لحصوله على خريطة مسيرة الصين- اليابان الاستراتيجية، التي رسمت عام 1894، مقابل مائة يوان فقط. والمقالة التي كتبها بعد ذلك بعنوان "تاريخ الصحافة تقدمه خريطة قديمة"، موجودة في كتابه.

 

ثروة من الخرائط

آلاف الخرائط، قديمة وحديثة، كل منها لها قيمتها الخاصة، مخزنة بسلامة وترتيب في خزينة يانغ. في ذات الكومة التي تشتمل على خريطة سياحية من أيام عمله كصحفي مبتدئ في شباب الصين اليومية، توجد أيضا المجموعة المكونة من 24 صفحة لخرائط المقاطعات في أواخر فترة أسرة تشينغ، والتي تصل قيمتها عشرات الآلاف يوان. هذه الخريطة التي يرجع تاريخها إلى فترة تونغتشي من أسرة تشينغ (1862- 1875م) تتضمن دليلا للملكية الإدارية في شمال شرقي الصين قبل معاهدة آيهوي بين الصين وروسيا. السجل الآخر لهذا موجود في مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة. دفع يانغ 30 ألف يوان في هذه المجموعة، وتبلغ قيمتها اليوم أضعاف ذلك المبلغ، ولكن يانغ لن يبيعها بأي سعر. هو وآخرون مثله يجمعون مقتنياتهم وفقا لمبدأ "الباحث المقتني".

الخرائط العسكرية تشكل القسم الأعظم من مقتنيات يانغ. ويوضح أنه من بين الخرائط الموجودة حاليا من فترة الجمهورية (1912- 1949م) في تاريخ الصين، الأكثر فنية في الرسم خرائط يابانية. المقالة الأولى في كتابة المنشور حديثا بعنوان "الجمال يصادفه الحظ"، حول خريطة يونتياندونغ، التي أبدعت خلال فترة الاحتلال الياباني لكوريا، تلقي الضوء على الثلاثة أطياف، الأسود والأبيض والرمادي. يصفها يانغ كما يلي: "تصميمها الفني وخطوط تكفيفها تجعلها مؤهلة لتكون عملا فنيا".

ولع يانغ بالخرائط عمق معرفته بتاريخ الإدارة المدنية والجغرافيا. ويشتمل مجال اهتماماته على منتجي الخرائط ونواياهم المحددة ووظائف الخرائط التي ينتجونها. دراساته للخرائط، والتي يعتبر العديد منها ثروة قومية، هي طريقته في استكشاف قوى التاريخ التي أبدعت هذه السجلات الورقية القابلة للتلف.

 

الفتاة التي خلف بوبوماب، الخرائط البوهيمية

بدأت قو شيانغ جمع الخرائط لتعيين الأماكن التي زارتها، ومثل يانغ، تقدر قو الشكل الموجز للتعبير الذي تجسده الخريطة. تتكون مجموعتها رئيسيا من خرائط سياحية لبكين. وككل، تعتبر خرائطها سجلا للتغيرات التي شهدتها بكين خلال السنوات العشر الأخيرة. على الرغم من عدم تغير رموز الكتابة الغرافيك لخرائط بكين منذ سبعينات القرن العشرين، فإن هناك وجوها معينة، مثل خطوط الأوتوبيس، تغيرت كثيرا. في السبعينات كان يوجد عشرات فقط من خطوط الأتوبيسات، بينما اليوم يوجد ألف خط تقريبا.

كانت قو شيانغ في السابق أصغر مستشار في شركة عالمية للتوظيف. ولعها الشديد بالخرائط بلغ ذروته عام 2003، مما دفعها إلى الاستقالة من وظيفتها ذات الراتب الكبير والبدء في تأسيس مجلة بوبوماب.

"بوبو" بالإنجليزية، اختصار مقبول لكلمة البوهيمية. على الرغم من وفرة الموارد الإعلامية للمتخصصين في الحضر، فإنه حتى عام 2003، لم يكن ثمة مجلة تتضمن خرائط المدينة. كانت قو شيانغ بعيدة النظر لاستكشاف هذا الفراغ. بوبوماب، بمحتواها المتنوع والمحدث وتصميمها المعاصر تليق فعلا باسمها. توزيع المجلة المخطط بعناية بين القادمين الجدد في بكين، ومعظم الشركات المزدهرة جعل منها من المستلزمات التي لا غنى عنها في دوائر المتخصصين، بعد ثلاث سنوات بلغ توزيعها 30 ألفا.

ترى قو شيانغ أن العائد من جمع الخرائط لا حصر له. إنها تستمد سعادة هائلة من الصورة الأكبر لموضع معين ومحيطاته التي ترسمها الخريطة. الخرائط أيضا مؤشر للتاريخ والسياسة والأمة. والجغرافية السياسية الدولية، بعد كل شيء، متأثرة كثيرا بالجغرافيا. ومن ثم فإن الاقتراب الدقيق لقراءة الخريطة يمكن أن يكون مرشدا للهيكل السياسي والتاريخي والاقتصادي للمكان موضع الاهتمام.

ومن وجهة نظر أخرى، الخرائط وأساليب رسمها شكل من الفنون. أثمن شيء في مقتنيات قو شيانغ نسخة من خريطة غير منشورة لبكين في بداية القرن العشرين، بتصميمها الأصلي. وقد بدا لها أنه من المناسب أن تهدي هذا الكنز لجدتها، التي ولدت تقريبا في نفس فترة عمل هذه الخريطة.

وبالنسبة لأمثال يانغ لانغ وقو شيانغ، الخرائط هي اسكتشات تاريخية للتغيرات والتطورات. إنها قطع أحجيات توثق نمو وتطور الوطن كله.                           

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.