ã

 المجتمع المتناغم وخطوة على طريق العالم المتناغم

تشين شياو ينغ

التنمية تتطلب بناء المجتمع المتناغم

إكمال نظام الضمان الاجتماعي يحقق السعادة لأبناء الشعب

حماية بيئة الإنسان بإقامة مرافق حماية البيئة

تعكف الصين حاليا، من أعلى سلطة إلى أدناها، على بناء مجتمع متناغم، في ظل الرؤية المستقبلية العلمية للتنمية. والحقيقة أن المجتمع المتناغم، وهو في جوهره أحد أوجه حقوق الشعب، يلتزم بمبادئ الحضارة البشرية ويتقيد بقوانين الطبيعة. ومن الطبيعي أن يكون للصين، بمساحتها الشاسعة وعدد سكانها الكبير، تأثير كبير على العالم سياسيا واقتصاديا وثقافيا. ومن هنا فإن تأثير سعي الصين لإقامة مجتمع متناغم، في رأينا، سوف يكون له صداه في العالم.  

إن مفهوم المجتمع الصيني المتناغم يمكن أن يكون مرجعية للولوج في عالم متناغم. وفي قلب هذا "العالم المتناغم" قسم من الأفكار السياسية لتسوية النزاعات.  يعتقد بعض المفكرين في الغرب أن اللجوء إلى وسائل متطرفة لتسوية التناقضات والنزاعات الاجتماعية هو سمة الجماعات الأصولية الدينية. ولكننا نرى أنه في فترة التصنيع كانت الدول الغربية، وبخاصة الدولة المتقدمة صناعيا، تفرق بين الصديق والعدو استنادا إلى القيم، واستغلت الدول الأخرى بالقوة العسكرية والاقتصادية ومحت ما اعتبرته "هرطقات" من خلال صراعات مميتة.

ينبغي أن نتذكر أن هذه العقلية كانت وثيقة الارتباط بوعي البشرية بالقدرات الهائلة التي أطلقها التصنيع. لقد أتاحت الثورات الصناعية والتجارية التي بدأت في القرن السابع عشر للبشرية، وللغربيين بخاصة، مدى غير مسبوق للانتزاع والاستيلاء. وقد أضلت الثقة في قهر الآخرين نمط تفكير البشرية إلى منطقة خاطئة. إن العلوم والتكنولوجيا اللتين تجعلان الإنسان لا يقهر تقريبا في مباشرة استكشاف واستخراج كل إمكانات الطبيعة، جعلتا البشرية أيضا تعتقد أن المشكلات الاجتماعية يمكن أن تُحل، ببساطة، بالقوة المادية. والنتيجة، أن نظرية التطور البيولوجي ومبادئ الديناميكا الميكانيكية طُبقت في  حقل الإدارة الاجتماعية. وقد ضاعف من هذا الرغبة الجارفة في تعظيم الفوائد  واللهفة لجمع أكبر ثروة ممكنة. كل هذا مهد الساحة لقانون الغابة للدارونية الاجتماعية، التي انبثقت منها لاحقا العنصرية وسياسة البوارج الحربية. ويمكن، حتى اليوم، أن نرى الصورة الفظة للاعبي مرحلة التصنيع، نراها في طريقة تعامل الشركات الدولية العملاقة والقوة العظمى الوحيدة، مع الشئون الدولية، السياسية والاقتصادية.

إن حقيقة أن الحزب الشيوعي الصيني، كحزب في السلطة في دولة كبيرة، يجعل الآن "بناء مجتمع متناغم" مبدأ مرشدا أساسيا، يشير إلى أنه تخلى عن مفهوم "صراع الطبقات"، وإلى أنه ينبذ ذهنية المجابهة ويتحول إلى أفكار الانسجام والتناغم. ويعتقد الصينيون أن الهدف النهائي للإنسانية ينبغي أن يكون عالما متناغما، يتم فيه حل النزاعات والخلافات الدولية من خلال الوسائل السلمية وأن تتشارك دول العالم في الاستقرار والرخاء. ويؤمنون أيضا بأن بناء المجتمع الصيني المتناغم سوف يساهم كثيرا في تحقيق عالم متناغم. ومن ثم فإن السعي إلى رؤية عالم متناغم سوف يمثل دعامة جديدة للدبلوماسية الصينية. وقد طرح الرئيس الصيني هو جين تاو فكرة "عالم متناغم" لأول مرة في  قمة منظمة شانغهاي للتعاون التي عقدت في شانغهاي العام الماضي.

إن إقامة مجتمع متناغم له مضامين أخرى أيضا، تغطي مجالات عديدة مثل تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مساعدة المجموعات الأقل حظا، تحجيم الاحتكارات، مشاطرة الثروة الاجتماعية وجعل توزيع الثروة أكثر عدلا. وتشمل أيضا الانتباه للبيئة والنظام الإيكولوجي من أجل التنمية المستدامة وتحويل أكبر قدر ممكن من الثروة العامة إلى مجالات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والتعليم، وتشجيع المشروعات الخيرية والمساعدات الثنائية بين الأفراد. إن كل هذا يمكن أن يقدم نموذجا لتضييق فجوة الشمال - الجنوب العالمية والمساعدة في تحقيق نظام اقتصادي عالمي أكثر رشادا.

 إن الحكومة الصينية لا تسعى إلى مجتمع خيالي ينكر كافة الاختلافات، فالصينيون يدركون الفوارق بين الأفراد، في دخولهم ومدى عدالتها في المجتمع وبين المناطق. وفي نفس الوقت يعلمون أنه عندما تتوسع الهوة والاختلافات لدرجة لا يمكن تضييقها، يصبح النسيج الاجتماعي مهددا. ومن هنا فإن هذا اختبار للقيادة العليا أن تترك الاختلافات موجودة وفي نفس الوقت تقلل فروق معينة، وبخاصة الفوارق التي تنذر بالخطر حتى يمكن الحفاظ على حيوية المجتمع مع ضمان تشغيله السلس. وهو أيضا اختبار لحماية البيئة والنظام الإيكولوجي مع تلبية احتياجات الناس المتزايدة للراحة والحياة الطيبة.

وقد يجادل البعض بأن كثيرا من محتويات بناء مجتمع صيني متناغم – حماية البيئة، الضمان الاجتماعي، التخلص من الفقر والتنمية المستدامة- موجود في ممارسات الدول الغربية التي تحكمها أحزاب اجتماعية. وقد يستنتجون أن "التناغم" مثل "المساواة" يجسد منذ زمن طويل آمال البشرية.

من وجهة نظرنا، أيا كان الأمر، المهم هو أن مليارا وثلاثمائة مليون نسمة على الأرض سوف يتحركون للعمل بهذا المفهوم للتناغم الاجتماعي. لقد شن آباؤهم وأجدادهم حربا على الأرض، ممثلة في حملات شاملة جارت على الموارد الطبيعية قبل عشرات السنين من أجل إطعام أنفسهم. الآن ودع المليار وثلاثمائة مليون صيني المفهوم الذي عفا عليه الزمن وشرعوا يهتمون بالطبيعة الأم. وإن تحرك مليار وثلاثمائة مليون نسمة باتجاه هدف إقامة مجتمع صيني متناغم سيكون له تأثير ضخم على العالم ككل. 

* باحث بالمؤسسة الصينية للدراسات الدولية والاستراتيجية.          

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.